مثنى عبيدة
في شهر الخير والبركات شهر رمضان المبارك تسمو النفوس وتهدأ الخواطر وتسعى الأرواح إلى بلوغ مراتب التقوى والصلاح والعمل الجاد في تقويم السلوك الشخصي والعام في تعاملاتنا وعلاقاتنا ويجتهد ُ المرء في صون لسانه ونفسه ، نحاول أن نتجه إلى السكينة والاطمئنان علها تــُــسهم في نشر ربوعها في كل المكان والبلاد ،
في هذا الشهر الرائع تجد الأطفال وبكل براءة يحرصون على مشاركة الكبار في صيام نهار رمضان كله أو جزء منهم وحسب قدراتهم وصبرهم على ترك الحلويات والعصائر ، أما النساء تراهن َ ينشغلنَ في أعداد طعام الفطور والسحور للعائلة وان يكون الغذاء ساخناً حتى تــُرضي أفراد العائلة والله يكون في عونهن وهن يواصلن النهار كله في شؤون البيت أما الموظفة منهن فالجهد عليها مضاعف جزاهن الله خير الجزاء ، ترى المساجد عامرة ممتلئة في أوقات الصلاة وفيها الصفوف مكتملة والكل بين ساجدٍ وقائم بين يدي الله تعالى يرجوه العفو والغفران .
معاني جميلة راقية يُسبغها حلول هذا الشهر الكريم على حياتنا وفيه من المعاني مما لا يحصى في كتبنا ومقالاتنا والله وحده يعلمها وهو عز وجل من يجزي الصائم على صيامه وتحمله كل المشاق فأنظر أخي الكريم وأختي الكريمة لأهمية الصيام وتهذيبه للنفوس وتحجيمهٍ للإسراف في الأكل والبذخ طوال النهار مما يتعب المعدة والجيب معاً ،
شهر رمضان المبارك ينتظره الجميع بلهفة وترحاب واشتياق ومن أراد المزيد من الخيرات وقبول الطاعات وسلوك طريق الأعمال الصالحات هناك أبواب مفتوحة ومسالك معلومة ودروب موصولة وخيوط تحاك بالبذل والعطاء نعم أيها السادة هذا شهر العطاء والخير حيث تترقبه عيون الفقراء والمحتاجين وعيونها ترنو إلى السماء راجية ربها عز وجل أن يسخر لها من يسعى لمساعدتها وتذليل الصعاب وحمل المتاع من اجل أن يملأ أفواه جائعات ويرسم ضحكات بريئات على وجه ناصعات وأيادٍ مرفوعات بالدعوات لكل محسن كريم تبرع ببعض دراهم أو دولارات .
هم أخوتي وأخوتك هم أخواتي وأخواتك هم أهلنا الفقراء الطيبون الذين يمضي عليهم العام تلو العام وهم لم يتذوقوا لحم زكياً ولم يتناولوا فاكهة نظيفة بهية هم الجالسون حول موائد يتم فيها تقطيع رغيف الخبز إلى قطع ٍ صغيرة وصحن الرز غير مكتمل الامتلاء بل حتى التمر قد يكون غائباً عن الحضور والإشباع ، هم المقتطعون من طعامهم لقيمات من أجل سحورٍ قادم ٍ أو فطور عند المساء وسط لهيب صيف ٍ لأهب ٍ قائظٍ يجعل الشفاه ممزقة من العطش والافتقاد .
هؤلاء يا سادتي ينتظرون طرقات على الأبواب تحمل لهم ما يعينهم في أيامهم القادمات هؤلاء البسطاء من أبناء بلدي ينظرون إلينا يتطلعون بعيون مفتوحة فيها من الرجاء الكثير الكثير ومن الحزن الكثير الكثير فيها الأمل وفيها الاعتزاز بالنفس لدى المتعففين الذين تحسبهم أغنياء من التعفف الذين يصعب عليهم مد اليد والسؤال هؤلاء الكرام الذين مالت بهم الأحوال وتغيرت عليهم الأيام فأمسوا مشردين بالبلاد أو ماكثين خلف الجدران تنشر عليهم ثوب الستر دون أن يعرف بحالهم جار أو صديق أو قريب متخم بالخيرات يرمي الفضلات التي تصلح أن تطعم عائلة أخيه أبن عمه أو خاله أو مواطن يشترك معه في أسم البلد والعنوان ،
هم الأيتام الذين تجاوزت أرقامهم الملايين ولا معين لهم إلا الله عز وجل الأيتام يا أهلي الكرام ومن منا لم يجرب اليتم أو فقدِ أخ ٍ أو أخت ٍ أو صديق ٍ ترك أطفاله يسألون عن الأعمام من الأرحام أو الأصدقاء الذين كانوا يوماً يؤمون هذه الدار ، الأيتام الذين تسربوا بالشوارع تاركين القلم والأوراق والمدارس ، الأيتام الذين تراهم عند أشارة المرور يحملون ما يستطيعون حمله لكي يشتريه سائق المركبة والمارين على الأقدام ، الأيتام الذين قطرات عرقهم ودموعهم تجعل الكلام هراء ونفاق أن لم يقترن بفعل ٍ يـُبددُ أحزانهم ويرسم لهم صورة عن المستقبل أجمل مما يتوقعون الأيتام الذين سوف يسألون أهل الحل والقرار حينما يقف الجميع عند الملك القهار ويقولون لهم ماذا فعلتم من أجلنا أين حقوقنا أين أموالنا ؟؟ الأيتام وأمهاتهم الكريمات اللواتي أصبحن يحملن لقب الأرامل وهن في ريعان الشباب ولهن حقٌ إنساني كبير على ولاة الأمر والأرحام وأهل البلاد المقتدرين الذين أكرمهم الله بالمال الحلال .
المعاقين الذين افتدوا تراب البلاد بالأرواح والأجساد التي ما عادت تحملهم ويفتقدون إلى أبسط الخدمات إلى كرسيٍ متحركٍ أو عكاز أو مواد الضمادات أو تداخل جراحي قد ينقذ حياتهم ويغير أحوالهم إلى الأفضل.
أهل الخير والإحسان لن أزيد لأننا جميعا نعرف حجم المشاكل التي تحيط بنا وبأهلنا وأوطاننا وهذه المشاكل بعضها من الممكن إيجاد الحلول الفردية لها من خلال تبرع بسيط قد يـُسهم في كفالة يتيم وأرملة من خلال توفير دخل إضافي لهم بتبرعك أيها المحسن الكريم والذي قد يوفر كرسي متحرك لمعاق محبوس بين أربع جدران لافتقاده لهذا الكرسي أو العكاز .
إخوتي وسادتي وسيداتي أنتم دوماً كنتم دعاة للخير واليوم أدعوكم للقيام بفعل الخير ونشره من خلال أصدقاءكم ومعارفكم وكل وسائل الاتصال الحديثة لكي نقوم بحملة للخير في شهر الخير ، الأمر ليس صعباً والفقراء والمحتاجون موجودون بيننا وقرب دارنا وفي إحياءنا أو في بلادنا التي تسكن فينا وأن غادرنها طائعين أو مُكرهينا ....
هذا شهر الرحمة والتراحم تتسابق أيامه لذا علينا أن نتسابق بفعل الخيرات وان لم نستطع لنكن أدلاء للخير نتحدث به ننشره ونوصي به ننشر المحبة والرحمة والسلام بين أفراد الشعب الواحد نذكرهم بكل ذكرياتهم وتاريخهم المشترك نحثهم نحو مستقبل أفضل فيه الأخوة والمحبة التي نستمد منها قوتنا ووحدتنا ، أخوتي ليكن قضاء وتمضية أوقات هذا الشهر ليس بالعبادات وحدها وإنما بالإعمال الصالحات التي يتلمسها الفقراء والمحتاجون ، أن كل ما نقدمه من خيرٍ هو لأنفسنا فلا نبخل ولا نضعف ولا نتخاذل عن واجبٍ هو في أعناقنا جميعاً ، بادر ألان للاتصال بالمنظمات الخيرية والجمعيات الإنسانية التي تثق بها أو أن تمشي هذا المشوار بمفردك ومعك طفل ٍ من أطفالك نحو جارك وقريبك وأبن منطقتك ذلك لان دروب الخير كثيرة كثيرة جداً واترك ُ لك حرية اتخاذ القرار والخطوة الصحيحة نحو طرق وفتح أي باب والذي حتماً ستجد خلفه من ينتظرك بكل ترحاب ولهفة وانتظار أنهم أهلنا الفقراء الأحبة الكرام ...
دعاة الخير هيا إلى خير الفعال ِ والأعمال ِ هيا هيا ولا تنتظروا غدٍ قد لا نكون فيه هناك ونحرم من قبلة يطبعها يتيم ٍ على الوجنات أو دعوة أم ٍ تفتقد أبناءها وتغلبها العبرات.كانوا هناك تجدون أنفسكم هناك... والله من وراء القصد
875 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع