منى سالم الجبوري
جدية التهديد الايراني للمنطقة
ليس هناك من أي خلاف بشأن إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومنذ تأسيسه لم يشکل صداع مزمن لبلدان المنطقة بل وحتى إنه قد کان ولايزال واحدا من التحديات غير العادية المحدقة بالامن القومي لبلدان المنطقة، والذي يزيد ويضاعف من هذه الحالة هو إنه کلما يمر الزمن يزداد التهديد الذي يمثله هذا النظام للمنطقة ويصبح جديا أکثر من أي وقت مضى، ويبدو إن جدية التهديد الايراني لبدان المنطقة صار أمر يأخذه المجتمع الدولي على محمل الجد خصوصا بعد الردود اللاذعة لطهران على المطالب الدولية بوضع حد لتدخلاتها في المنطقة أو حتى تخفيفها وکذلك رفضها القاطع لوضعها في جدول محادثات فيينا.
بلدان المنطقة التي تتوجس ريبة من محادثات فيينا والسياق الذي تجري وفقه وخصوصا في ضوء المرواغات التي يقوم بها النظام الايراني وسعيه من أجل الخروج بإتفاق مماثل لإتفاق عام 2015، بحيث يضمن له مواصلة مساعيه السرية في برنامجه النووي من أجل التوصل لإنتاج السلاح الذري وکذلك ضمان بقاء دوره ونفوذه في المنطقة، وإن وضع النظام الايراني لمطلب شطب حرسه الثوري من قائمة المنظمات الارهابية بحد ذاته أکبر دليل على إنه يريد أن يقوم بتنشيط دوره في المنطقة وتوسيع وترسيخ دائرة نفوذه فيها.
عدم جدية الولايات المتحدة الامريکية والبلدان الاوربية في التصدي للتدخلات الايرانية المستمرة في المنطقة ومرونتها ازاء ذلك ولاسيما بعد ماقد تمخض عن الاتفاق النووي للعام 2015، والذي راحت ضحيته بلدان المنطقة، قد جعلها تقف موقفا غير المواقف السابقة من الولايات المتحدة والدول الاوربية في المواضيع والامور التي تهمها، وإن الموقف العربي الفاتر من الغزو الروسي لأوکرانيا ورفضها لإدانة روسيا والتصرف وفق ماتريده الدول الغربية، يمکن إعتباره بمثابة تذکير لهذه الدول بأن عليها أن تقوم بواجباتها تجاه الدور المشبوه للنظام الايراني في المنطقة وليس أن تتصرف وفقا لمصالحها الخاصة فقط، بل وإن الملفت للنظر إن البلدان الغربية لم تضع حتى في إعتبارها موقف الشعب الايراني نفسه من النظام ورفضها للتوجهات العسکريتارية له وإهداره المبالغ الطائلة جدا على البرنامج النووي والصواريخ الباليستية وعلى حرسه الثوري المستخدم أساسا في قمع الشعب والحيلولة دون تحقيقه لأهدافه وغاياته بل وحتى عدم تإييد ودعم نضاله من أجل الحرية بالصورة المطلوبة.
جدية التهديد الايراني للمنطقة والتي صارت تشکل خطرا على أمنها وإستقرارها، هي التي تدفع بدول عربية للقيام بإجتماع في إسرائيل وفي الوقت الذي تقوم فيه وسائل الاعلام التابعة للنظام الايراني أو التي تسايرها وتمشي على نهجها بالتهجم على هذا الاجتماع ووصفه بأسوأ النعوت، فإن الاولى بهذا النظام أن يعلم بأن جدية تهديده لأمن واستقرار هذه الدول وتدخلاته المستمرة فيها هي التي نجمت عن وصول الامر الى هذا الحد وإنه هو المسٶول عنها أولا وأخيرا.
1345 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع