فارس حامد عبد الكريم
الدُب ومنطق الحياة
هناك الكثير من الروايات حول سبب اختيار الدب كرمز لعيد الحب، فعلى الرغم من أن الدب الذكر يخوض معارك دموية مع الذكور الاخرى ليفوز بالانثى التي اختارها، ليقضى معها شهراً واحداً فقط ويتركها وينتقل بعد ذلك الى غابة اخرى، وهكذا دواليك ، على أية حال اذا بدا لكم ان الامر غير منطقي بالمرة فيمكن التبرير بأن مانتحدث عنه هو عيداً للحب وليس عيداً للزواج!!! ...
اقول ربما يعود ذلك الى ان الدب عندما يتقدم لإلتهام ضحيته، وخاصة اذا كان انساناً أو دباً مثله فأنه يحتضنه ابتداءاً كما يحتضن العشاق معشوقيهم ومن ثم يضغط عليهم بقوة لدرجة ان تتكسر عظامهم ... ومن ثم يبدأ بإلتهامهم وهكذا قيل بلامنطقية مفرطة إن (من الحب ماقتل) ...
المعلومة هنا (الإحتضان) صحيحة ولكن الاستنتاج قد يكون غير منطقي وبحاجة الى مراجعة ...
ولكن هناك سؤال تاريخي مثير للجدل، هل الحياة دائماً منطقية؟
أو بطريقة اوضح
هل ان وقائع الحياة والتاريخ كانت ولازالت تسير بتسلسل منطقي؟
إذا كانت الإجابة بنعم او ب لا فما هي نسبة التسلسل المنطقي لوقائع حياتنا قياساً الى الوقائع العبثية او الصدفة التي تتحكم بحياتنا كما نلاحظ؟ وماهو دور الصراع بين الخير والشر في التأثير على المنطق؟
في الواقع ان وقائع الحياة وتجلياتها لاتسير وفق قواعد المنطق إلا ماندر!!! ولوكانت تسير وفق قواعد المنطق لأصبح توقع المستقبل القريب والبعيد ممكناً من خلال تحليل سلسلة الوقائع المنطقية التي تؤدي إليه.
اليك بعض الأمثلة التي تجسد اللامنطق في حياتنا؛ ولنكتفي بمثالين؛
هل يتم البحث من قبل عامة الناس عن الرجل المناسب ليضعوه في المكان المناسب؟
في الواقع، في اغلب الأحيان، هذه أكبر كذبة يكذبها الناس على انفسهم، بقصد او بدونه، فهم يقولوها ويرددوها بكل أريحية في المجالس والمقاهي وعند تناول الشاي والبسكويت ومن صورها المنطقية جداً (إن المجرب لايجرب) ولكن حين يجد الجد يتركون منطقيتها ويختارون اقاربهم ومريدهم ولو كانوا يعلمون علم اليقين انهم افسد وأحقر وأخبت الناس!!!!
المثال الآخر عن عدم منطقية الحياة هو الحرب
فالحرب هي دائماً خيار غير منطقي، بل هي خيار مأساوي نعرف مقدماً انها ستسبب في مقتل الآلاف بل الملايين من البشر، ولكنها كانت ولازالت تقع بنسب أعلى كلما توقعنا انها لن تقع ابداً بعد اليوم .... ومع ذلك فإن المنطق لايترك بالمرة هنا
فالحروب الغربية تقع من أجل اعادة تنظيم المصالح الإقتصادية التي تعرضت للخطر بسب تصرفات تلك الدولة او هذه.
اما الحروب الشرقية فليست منطقية في الغالب، وتحدث اما بالنيابة عن الحروب الغربية، او لإثبات القوة والمكانة او الإنتقام، وعلى سبيل المثال هل من المنطق ان يدفع شعب تعويضات مقدارها 52.4 مليار دولار كتعويضات لدولة احتلها فرد واحد دكتاتور واخرى قصفها بالصواريخ في لحظة تهور آني وغير مدروس؟
الامر بالنسبة لمن استلموا التعويض (الكويت، اسرائيل، ....) يعتبرونه منطقياً جداً ولذلك لم يتنازلوا عن دولار واحد من مبلغ التعويض المبالغ به لدرجة كبيرة ولو مجاملة لشعب العراق الذي كان هو المبتلى الحقيقي باللامنطقية.
الشئ المنطقي المتسلسل في الموضوع فقط بالنسبة لنا هو ان الاعلان عن تاريخ انتهاء دفع التعويضات تم بتاريخ 2022/2/22.
1359 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع