فوزي البرزنجي
منذ مدة طويلة كنت أروم كتابة هذه المقالة كلما أطلعت على خبر منشور في القنوات الفضائية أو المواقع الالكترونية على حيازة وزير أو مدير عام في وزارة أو مسؤول سياسي على شهادة جامعية عليا مزورة من سوق مريدي أو عسكري حائز على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية ويحمل شارة الركن وهو لم يحوز على شهادة الاعدادية بل المتوسطة..
لكن كنت مترددا لكي لا أكتب في موضوع ليس من أختصاص مهنتي / أعتدت يوميا على التحدث مع أحفادي في الصباح الباكر عبر الانترنيت بعد أداء صلاة الفجر وعودتي من المسجد لان فرق الوقت بيننا 8 ساعات اليوم 4 تموز دار حوار مع أبنتي حول الصعوبات التي تواجهها بسبب أداء الامتحان من أجل حيازة شهادة البورد الامريكي في الطب بعدها ذهبت لأخذ قسط من النوم ساعة او ساعتيين / بعد وقت قصير رن منبه موبايلي تناولته شاهدت أسم أبني المقيم في الخليج بعد التحية قال بابا تفضل معاك فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي تبادلنا التحيات والسلام ودعاني لزيارته في الامارات قلت له أنشاء الله / هذه المكالمة مع فضيلة أستاذي الدكتور أحمد الكبيسي والحوار الذي سبق المكالمة مع أبنتي أشعلت في نفسي جذوة كتابة هذه المقالة...
عند تأسيس الجامعة المستنصرية الدراسات المسائية خاصة كانت الغاية فسح المجال أمام من لم تسنح له الفرصة أكمال الدراسة الجامعية من الطبقة المتوسطة من كبار السن من الموظفين والعسكريين
1.كانت رئاسة الجامعة حريصة كل الحرص على قبول أكبر عدد من الراغبين بالدراسة وتوفير كتب المواد المقرره باسعار رمزية .
2.الكادر التدريسي من خيرة الحاصلين على شهادة الدكتوراه من أشهر جامعات العالم بمختلف الاختصاصات بالقانون.
3.الطلاب من مختلف الشرائح موظفين مدنيين من مختلف الاعمار
عسكريين من مختلف الرتب العسكرية رجال شرطة من مختلف الاختصاصات .
4.كان الطلاب أكثر حرصا وألتزاما من أجل المواضبة على الدوام قسم كبير من الطلبة يقطعون مسافات طويلة يوميا من مدن الديوانية والكوت من أجل الحضور الى الجامعة.
5.كان الطلبة يقتطعون ألاجور الدراسية من رواتبهم القليلة في حينها من أجل الايفاء بالتزاماتهم أتجاه الجامعة .
6.لم أشاهد في حينها المحسوبية سواء في القبول او في الامتحانات او نتائج الامتحانات كل طالب يأخذ حقه حسب جهوده..
ما نسمع ونشاهد اليوم في الفضائيات والانترنيت بعد الاحتلال تدني مستوى التعليم في العراق الى درجة مخيفة أما السلبيات الموجودة ممكن ان أجمل جزء منها:
1.تفشي ضاهرة المحسوبية وسطوة الاحزاب السياسية والدينية على القبول في الجامعات .
2.أدارة الجامعات ضعيفة تسودها الفوضى الخلاقة في ادارة شؤون الطلبة
3.الغش في الامتحانات بطرق حديثة بل الاسئلة تباع من قبل الاساتذة الى الطلبة .
4.مستوى الاساتذه متدني جدا بسبب هجرة وتصفية العقول العلمية.
5.اما الدوام في الجامعات حسب الرغبة بسبب الوضع الامني والعطل الدينية التي تستمر لمدة بين 7- 10 يوم
6.ظاهرة تواجد المليشيات في الحرم الجامعي مستشرية وطبيعية
7.اما النخبة السياسية المتنفذة الذين انتخبوا من قبل الشعب المغلوب على أمره الجالسين في مقاعد البرلمان او المتبوئين مناصب وزارية سيادية او غير سيادية او كلاء وزارات او مدراء عامين تشتري الشهادة العلمية من أرقى جامعات العالم من سوق مريدي المتخصص بتزوير أي شهادة وحسب رغبة المشتري و أمكانياته المالية .
أما فترة دراستي في الجامعة المستنصرية أكتبها لكي يطلع عليها القراء
بغية تقييم مستوى رغبة الانسان العراقي في الحصول على شهادة جامعية من خلال جهوده ومثابرته التي يبذلها من أجل الارتقاء بمستواه العلمي لتحقيق هذه الرغبة...
في أذار1970 صدر أمر نقلي من مدرسة قتال الفرقة الاولى في أربيل الى منصب أمر فصيل طلاب في الكلية العسكرية ( معلم ) في أيلول 1971 قبلت في كلية القانون الجامعة المستنصرية الدراسات المسائية كانت في حينها الدراسة على النفقة الخاصة طبيعة الدوام في الوحدات العسكرية المتواجدة في بغداد وخاصة الكلية العسكرية يبدأ قبل الضياء الاول نغادر متوجهين الى الكلية العسكرية في الرستمية وأنتهاء الدوام الساعة الخامسة مساءأ كنت انا ومجموعة من الضباط في الكلية العسكرية مواضبين على الدوام في الجامعة المستنصرية في ذاكرتي منهم 6 أسماء ومن أعز أصدقائي نرتدي الملابس المدنية في باص نقل الضباط ونترجل قرب باب الجامعة بعد انتهاء الدوام في الجامعة نعود الى بيوتنا بعد الساعة 9 ليلا كانت مدة الدراسة في حينها 5 سنوات الصف الاول والصف الثاني جرت الامور بدون مشكلة كانت مدة الخدمة في الوحدات الثابتة في بغداد لمدة 4 سنوات بعدها ينقل الضابط الى الوحدات الفعالة في نيسان 1974 نقلت من الكلية العسكرية الى الفوج الاول لواء المشاة 14 في هذا التاريخ بدأت الحركات في الشمال التحقت الى الفوج وكان في حينها في منطقة (قوره تو) شمال خانقين 40 كيلومتر على الحدود مع ايران الطريق اليها غير معبد المنطقة شبه جبلية معزولة ودرجة الحرارة عالية ولايوجد كهرباء تكثر الحشرات ليلا كانت كتب القانون في حقيبتي والقراءة على الفانوس طبعا بعد ان قضيت شهر في الفوج حان موعد أجازتي الدورية صادف معي في الفوج ضابطين ايضا هم طلاب في الجامعة المستنصرية
هما الشهيد المقدم الركن أسماعيل عواد الكبيسي والمرحوم المقدم الركن مطلك عبد الله الجبوري توفى عندما كان معاون ملحق عسكري في فرنسا لاصابته بسرطان الدم رحمة الله عليهما الاول معي في كلية القانون والثاني في كلية السياسة طلبنا من أمر الفوج ترتيب أجازاتنا الدورية مع بداية أمتحانات الجامعة المستنصرية في منتصف شهر أيار وبداية شهر حزيران ومنحنا أجازة أعتيادية لاكمال فترة الامتحان عند ظهور النتائج نجحت الى الصف الرابع في بداية شهر تموز أشتد وطيس الحركات صدرت أوامر بحركة الفوج الى كويسنجق تحرك الفوج الى كركوك مرورا بمدينة بعقوبة ثم الى كويسنجق كلف بمسك عارضة هيبت سلطان مكث في العارضة لفترة قليلة بعدها تحرك الى رانية وأنيط اليه واجب مسك قمم جبل ( كوه رش ) من جهته الشمالية الغربية المشرفة على حوض بلنكان..
هذه العارضة الجبلية طبيعتها معقدة تتكون من صخور نارية لايوجد تراب فيها الراقم الذي كلفت السرية الرابعة الفوج الاول التي كنت أمرها للدفاع عنه ارتفاعه 2013 متر مقر اللواء عمل لنا هياكل غرف حديد على شكل خيمة تكفي منام لشخصيين نقلت الى الاعلى بواسطة السمتيات تم ركم الجدران بالخشب ورصف ارضيتها بالخشب ايضا كي تقينا البرد في موسم الامطار والثلوج افترشنا أنا والضابط الراصد أرضية الغرفة في 6 كانون ثاني 1975 ترقيت الى رتبة نقيب بهذه الرتبة يسمح لنا باداء امتحان القبول في كلية الاركان كنت أضع كتب القانون على يسار المخدة والكتب العسكرية على يمين المخدة...
كان العرف السائد تقدم هدية متواضعة من مقر الفوج الى الضابط عند ترقيته الى رتبة أعلى خيرني مساعد الفوج بالتلفون عن ماذا ارغب من هدية أخبرته رغبتي شراء (فانوس لوكس نوع كولمن) لكي أستطيع الرؤيا عند القراءة ليلا بشكل أفضل من الفانوس كان الوقت المستغرق للتسلق الى الراقم 2013 أكثر من 6 ساعات كانت ظروف الحركات في غاية الصعوبة والظروف الجوية أصعب من حيث أنخفاض درجات الحرارة الى دون 20 درجة مئوي وتساقط الثلوج والصواعق التي تفرغ شحناتها الكهربائية في أعلى القمم الجبلية والراقم 2013 هو الاعلى..
كنت أتناوب على القراءة كلما ضجرت من كتاب عسكري أنتقل الى كتاب قانون وبالعكس في شباط 1975 أديت أمتحان القبول لكلية الاركان وتفرغت الى قراءة كتب القانون في أذار صدر أمر بحركة الفوج الى كركوك ثم الى جمجمال لاداء واجب بعدها الى اربيل ثم خليفان كانت الواجبات تتطلب تسلق قمم الجبال مثل قمة كورك الكتف الايمن لمضيق كلي علي بك الذي ارتفاعه 2027 متر لم يكن طريق مفتوح في جبل كورك كما هو عليه الان بعد ذلك تحرك الفوج الى منطقة رايات التي تبعد عن حاج عمران على الحدود العراقية الايرانية مسافة قريبة أعتقد من 5- 10 دقيقة بالعجلة في بداية أيار 1975 صدر أمر بحركة السرايا الرابعة لواء المشاة 14 الى الديوانية لتشكيل فوج المشاة الالي الثامن في الديوانية طلبت أجازة اعتيادية لغرض أداء أمتحان الصف الرابع قانون بعد أداء الامتحان
نجحت الى الصف الخامس قانون في الدور الثاني لم تمضي الا بضعة
أشهرعلى تشكيل الفوج الجديد صدرت الاوامر بحركة الفوج الى منطقة الورار في الانبار عسكر الفوج على ضفة نهر الفرات الشرقية كانت المهمة الرئيسية تدريب الفوج على عجلات القتال المدرعة كنت أقدم ضابط في الفوج وتقع جميع المسؤوليات على عاتقي لان بقية الضباط أحداث ، عند الحركة صدرت تعليمات بتأجيل أمتحان الترقية والدورات الحتمية كنت مستحق الترقية الى رتبة رائد وبينما كنت أتهيأ لامتحانات السنة الاخيرة الصف الخامس على اساس ان الظروف أفضل من السنتين الاخيرتين في القاطع الشمالي صدر أمر من رئاسة أركان الجيش بوجوب أداء أمتحان الترقية لمستحقي الترقية في جدول تموز وجدول كانون الفرقة الاولى فتحت مركز أمتحاني في ثكنة اللواء الثامن في الورار كان موعد الامتحان قبل أمتحانات الجامعة المستنصرية بل تزامن أمتحان أخر يوم من أمتحان الترقية صباحا مع أمتحان أول مادة من أمتحانات الجامعة المستنصرية مساءأ هذه مهمة ليست سهلة حيث تشتت فكر الانسان في الدراسة وحفظ المادة بعد ظهور نتائج أمتحان الترقية كنت ناجحا بتفوق ولكن بعد ظهور نتائج أمتحان الجامعة المستنصرية كانت النتيجة معيد بثلاث مواد المصادفة الاسوء كان تزامن موعد أمتحانات الدور الثاني في ايلول 76 مع وجوب أشتراكي بدورة حتمية في مدرسة المشاة في الموصل كان معي أحد أبناء دورتي في صفي أيضا بالقانون تحاورنا كيف نقنع أمر المدرسة بمنحنا أجازة لأداء الامتحان قابلنا أمر المدرسة تفهم الامر ولكن لم يوافق على منحنا أجازة طيلة أيام فترة الامتحان بل حل وسط مثلا اذا كان الامتحان يوم الاثنين يسمح لنا بالنزول الى بغداد يوم الاحد بعد الدوام الرسمي يوم الاثنين نؤدي الامتحان مساءا ونلتحق الى الموصل بنفس يوم الامتحان ثلاثة أمتحانات في الجامعة المستنصرية نقطع مسافة 400 كيلومتر بالذهاب و400 كيلومتر بالعودة خلال ثلاث أمتحانات قطعنا مسافة 2400 كيلومتر هل هذه مهمة سهلة أم صعبة ولكن كما يقول الشاعرالتونسي ابو القاسم الشابي ( من لم يحب صعود الجبال يعيش أبد الدهر بين الحفر) ومثل أخريقول (من طلب العلى سهر الليالي ) هكذا كان طموحنا بالرغم من كل ظروف الواجبات الاعتيادية والقتالية والجغرافية والمناخية التي تواجه الوحدات العسكرية لم أتحدث عن ظروف القتال ولكن ذكرت الاماكن الجغرافية فقط وملابسات تزامن الامتحانات في الجامعة المستنصرية مع أمتحانات الترقية والدورات الحتمية وكانت النتيجة النجاح في أمتحان الترقية والنجاح في الدورة الحتمية والنجاح في أمتحان الصف الخامس قانون وحيازتي على شهادة القانون وترقيتي الى رتبة رائد وتأهيلي لاستلام منصب أمر فوج ألي
صورة تذكارية في قمة جبل كوه رش في رانية 1975
تحية أجلال وأحترام الى أساتذتي في كلية القانون في الجامعة المستنصرية الذين أناروا لنا الطريق وفتحوا لنا أفاق واسعة من العلم والمعرفة الذين تسعفني الذاكرة بذكر أسمائهم هم الشيخ الجليل الدكتور أحمد الكبيسي والدكتور مالك دوهان الحسن والدكتور منذر الشاوي والدكتور هشام الشاوي والدكتور سامي النصراوي والرحمة على روح الدكتور حسن علي ذنون والرحمة على روح الدكتور حمد الكبيسي ومعذرة من الذين لم تسعفني الذاكرة بذكر أسمائهم وهم أستاذ القانون الدولي العام وأستاذ القانون الدولي الخاص وأستاذ القانون التجاري وأستاذ المنظمات الدولية وأستاذ علم المالية وأستاذ علم الاقتصاد
كما أتقدم بالشكرالجزيل وفائق التقدير الى الدكتور خالد عتيشه مدير شعبة أمراض الحساسية في مستشفى الرشيد العسكري ومدير مركز أمراض الحساسية في بغداد سابقا الذي يعود له الفضل في تأسيس هذا المركزالذي وقف الى جانب أبنتي الدكتورة أسيل البرزنجي وأزرها من خلال إيجاد فرصة عمل تدريسية لها في مجال اختصاصها في احدى الكليات العلمية
كما أهيب بأبنتي وكل الجالسين على مقاعد الدراسة في الجامعات العراقية أو الموفدين للدراسة في مختلف جامعات دول العالم وأشجعهم على المثابرة والجد في الحصول على العلم بجهودهم الذاتية مهما بلغت الصعوبات من أجل الارتقاء بسمعة العراق والعراقيين أينما وجدوا..
فوزي البرزنجي
8 تموز 2013
1205 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع