فارس الجواري
دخول الايرباص أي ٢٢٠ لاسطول الخطوط الجوية العراقية... حل أم تفاقم لمشاكل الشركة المزمنة
تعرضت صناعة النقل الجوي في بلدنا وتحديدا ناقلنا الوطني الوحيد (شركة الخطوط الجوية العراقية) خلال الفترة الاخيرة الى أنتكاسات خطيرة أدت الى تراجع الخط البياني لنشاط الشركة وخصوصا بعد الحظر الاوربي عليها والمستمر لأكثر من 6 سنوات أضافة الى تقليص عدد الوجهات المقصودة لها الى دول أمريكا الشمالية والجنوبية وكذلك دول شرق أسيا , ناهيك عن مرحلة أنتشار جائحة كورونا , كل هذا وغيرها من الاسباب المعروفة لدى أغلب أصحاب الاختصاص دون وجود أي رؤية واضحة للحل خصوصا من قبل الادارات المتعاقبة للشركة والتي كانت تتغير خلال السنة الواحدة أكثر من مرة وهو ماأعتبره سبب أضافي أخر من أسباب هذه الانتكاسة .
من أيام أحتفلت الخطوط الجوية العراقية بدخول أول طائرة من طراز الايرباص A220 الاوربية الى أسطولها من أصل 5 طائرات من هذا النوع تم التعاقد عليها سابقا اضافة الى 15 طائرة أخرى منتظر دخولها من طراز ومنشأ مختلف عن الايرباص ضمن نفس العقد الذي تم توقيعه قبل اكثر من 12 سنة , حيث ستكون الوجبة الثانية من الطائرات من طراز البوينغ الامريكية تضاف أكثر من 30 طائرة ذات طرزات مختلفة ايضا منها الامريكي والكندي والاوربي وهذا الاختلاف في انواع وطرازات الطائرات شخصتها سابقا اللجان العالمية الخاصة بأجراءات الاصلاح والتطوير لعمل الشركة وأقصد هنا لجنتي الاتحاد الدولي للنقل الجوي ( الاياتا) عامي 2016 و 2019 بأنها أحد اسباب تراجع عمل الشركة , كون أن هذا الاختلاف سيولد تعقيدات في أجراءات السلامة والجودة للشركة كما سيؤثر على كفاءة عمل الطواقم مما سيعمل على خلق صعوبات من ناحية توفيرمتطلبات التدريب الدوري المتقدم للطواقم الذي يجري كل 6 أشهر وهذا يعني ارسال طواقم تعمل على طراز معين من الطائرات لجهة تدريبية تختلف عن الطواقم العاملة على طرازات اخرى , بالاضافة الى سبب أخر مهم يتعلق بموضوع الكلف المالية لصيانة الطائرات والتي ستكون مكلفة لتعدد جهات الصيانة سواء الطائرات أو على معداتها مما سيتسبب بصرف مبالغ أكثر بكثير لو كان هناك طرازات طائرات من منشأ واحد , أضافة الى التفاوت في ساعات طيران الأنواع المختلفة من الطائرات وهو ما سيتسبب في انتهاء إعمار اجزاء من نوع معين لطائرة على حساب طائرة أخر وبالتالي ستتوقف اكثر من طائرة عن العمل بسبب وصولها الى العمر الذي يجب من خلاله أجراء الصيانة عليه وهو ماسيكلف الشركة الكثير من الاعباء المالية التي كانت ستدخرها بوجود طائرات المنشأ الواحد .
لقد وضعت هذه اللجان عدة توصيات في تقاريرها النهائية كحلول لهذه المشكلة التي كانت ومازالت احد عوائق تطوير عمل الخطوط الجوية العراقية ( والتي لم يلتزم بها أي من الادارات المتعاقبة التي نوهنا عنها في بداية المقالة ) وأراها شخصيا تصب في اتجاه حل هذه المشكلة , حيث طلبت ضمن توصياتها بضرورة إعادة تشكيل أسطول الشركة خلال ٥ سنوات القادمة وفق رؤية تقلل هذه التعددية في أنواع وطرازات الطائرات من خلال التوجه لبيع أو ايجار الطائرات الموجودة في الشركة , مع الاسراع بتشكيل لجنة تخصصية تدرس عقود شراء الطائرات التي تمت في مرحلة سابقة بهدف التعديل عليها بما يحقق الالتزام بتلك التوصيات حتى لو تطلب الامر إلغاء بعض طلبيات الشراء أعتمادا على نتائج التحليلات المالية الأفضل في عملية إعادة تأهيل أسطول شركة الخطوط الجوية العراقية ( وهو مايناقض خطط الشركة المستقبلية التي يعلن عنها حاليا ) .
أن الجهود الحثيثة التي يسعى لها اصحاب الاختصاص في تطبيق توصيات هذه اللجان أصطدمت بواقع غياب الرؤى لاعداد الخطط المستقبلية التي تسعى لأخراج الشركة من أزمتها الحالية , كون ان اعتماد اساليب الادارة الحديثة المدعومة بالمهنية والتخصصية ستقودها الى أرساء قواعد وأساليب علمية في اعادة تأهيل الشركة للعودة الى ريادتها المفقودة ويدعم عملها حاليا ومستقبلا للوصول الى وجهات توقفت منذ قت ليس بالقصير شرط وجود الادارة المؤهلة وهو ماتفتقر له الشركة .
فارس الجواري
باحث واستشاري طيران
20/1/2022
1092 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع