اين احفاد ثورة العشرين من ثورة ملايين المصريين؟!

                                              

                               رزاق عبود

مرت يوم 30 حزيران 2013 الذكرى 93 لثورة الشعب العراقي الخالدة يوم 30/6/1920 ضد المحتل الانجليزي، وصلفه، وتجاوزاته، واعتداءاته، وخططه الاستعماريه، وتعاليه على شعبنا، وعدم احترام قواته لعادات، وتقاليد شعبنا، وقيمه الرفيعة.

يوم حارب ابناء العشائر العراقية جيوش اكبر، واقوى امبراطورية في ذلك التاريخ عسكريا، واقتصاديا. حاربوها باسلحة بدائية بسيطة، لكن بعزيمة، واقدام، وشجاعة، وتكتيكات اذهلت المحتلين، وقادتهم العسكريين. يوم هتف الثوار، بعد كل انتصار يحرزونه هوستهم المشهورة "الطوب احسن لو مگواري"! الهوسة التي تلقفها الشاعرالعراقي الكبير عبدالله گوران وهو يتحدى الظلم في العهد الملكي بقصيدة مجهولة الاسم، ولعله تقصد ذلك:"كردي .. وكيس تبغ.. حفنة زبيب .. وبندقية .. ثم صخرة .. وليأت العالم كله.. كل العالم.."! اعتقد ان الشاعر الخالد، لو كان حيا، لا نتفض، وجاء الى ساحة التحرير، وسط بغداد، كما فعل بعد ثورة 14 تموز 1958 واستبدل كملة "كردي" ب "عراقي" ليستنهض كل شعبنا من شماله الى جنوبه. لقد اجبرت ثورة العشرين، واتساعها، وازدياد خطرها على مشاريع الامبراطورية البريطانية الاستعمارية على اعادة حساباتها، وتيقنت من عدم امكانية "الحكم المباشر" للعراق، كما في الهند، ومستعمراتها الاخرى. فتشكلت الدولة العراقية الحديثة، وعكست حكومتها الاولى طبيعة الانفتاح، والتعايش، والتآخي. فلم يهمش اي مكون، ولم تعزل اي كفاءة.

لم يحتفل الحكام الاسلاميون الحاليون بالثورة، ولم يعتبروها عيدا وطنيا، ولم يجعلوا ذكراها السنوية عطلة رسمية. لانهم حاقدون على الثورة التي قدمت عراقا متسامحا، لا طائفيا. عراقا موحدا من الشمال الى الجنوب، ومن الغرب الى الشرق. شارك الشيعة، والسنة، المسيحيون، واليهود، والصابئة، والايزيدية، العرب، والاكراد، والتركمان، والارمن، والشبك، وغيرهم باشكال مختلفة. الكردي محمود الحفيد زحف بقواته من السليمانية الى الفرات الاوسط ليقاتل كعراقي شريف ضد الانجليز الذين حاربوه، واعتقلوه، ونفوه. بالامس لم يحتفل القادة القوميون الاكراد، ولا الطائفيون العرب بذكرى ثورة العشرين، لانهم لا يريدون شيئا يذكرهم بوحدة العراق ارضا، وشعبا. ولا يريدون ازعاج اسيادهم القدامى، والجدد بذكرى تلك الثورة الجبارة التي مرغت تاج "الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" بالوحل. امس توقعت ان تزحف الملايين العراقية المحرومة من الكهرباء، والماء، والغاز، والنفط، والدواء، والسكن، والمدارس، والعمل، والخدمات البلدية والصحية، والامن، والامان، و... و...و! لتطالب بحقوقها، تعلن تجديد ثورتها. اغنى بلد في الارض، وافقر شعب في لعالم. بينما زحفت الملايين المصرية الى الساحات، والشوارع لتخلع الرئيس الاسلامي محمد مرسي. ملايين "السنة" ضد رئيس "سني" وجماعة "سنية". ملايين الشعب المصري بكل طوائفه، واحزابه، وقواه، وشبابه، نساءا، ورجالا زحفوا مرة اخرى ليزيحوا ديكتاتور اخر بعد سنة من حكم الاخوان، الذي لم يحسن اوضاعهم المعيشية، وسرق منهم الحرية التي ثاروا من اجلها. العراقيون يعانون منذ عشرة سنوات من كل انواع الحرمان، والاذلال، والارهاب، والفساد، والسرقات، والخيانات، ومصادرة الحريات، لكنهم يخرجون لاعادة انتخاب من يعاملهم كالعبيد، ويسوقهم كالخراف، ويسترخص دمهم في شوارع، واسواق المدن، ويقتل المتظاهرين، ويعتقل، ويغيب المحتجين، ويحارب، ويغتال المعارضين. يهتفون "هيهات منا الذلة" ويسكتون على الضيم. اين رفض الذلة من اعادة انتخاب من يذلكم، ويسترخص دمائكم؟ تمجدون ثورة الحسين من اجل الحق، والحرية، والعدالة، وانتم تعيدون انتخاب يزيد جديد، يقتحم بيوتكم، ويسرق اموالكم، ويتصدق

عليكم بنصف كيلو عدس في ارض السواد، التي سلموا اسواقها، ومصائرها للمضاربين الجشعين، والمسؤولين الفاسدين.

في مصر حاول "الاخوان" افتعال حرب بين المسلمين، والاقباط، وفشلوا، ثم سحلو بالحبال زعيما شيعيا على طريقة ذبح الاطفال في سوريا ليشغلوا الناس بحرب طائفية ضد مجموعة صغيرة لتبرير تحالفهم مع اسرائيل ضد سوريا، وفلسطين. المتظاهرون المصريون اجبروا الجيش المصري على الانحياز لهم، ولثورتهم. فمتى يتحرك قادة القوى الوطنية، والثورية، واليسارية، والقومية، وكل من يدعي الديمقراطية والاعتدال، وعبور الطائفية ليقود الجماهير لتغيير الاوضاع بالعراق؟!

في شوارع مصر مئات المتظاهرين، ثم الاف، ثم ملايين المتظاهرين، ضد نظام تدعمه اوربا، وامريكا، واسرائيل، وكل قوى الظلام في العالم. لكن الثوار داسوا باقدامهم ما يسمى بالشرعية المزيفة. فمتى يدوس العراقيون بوحدتهم، وهوساتهم، ومگاويريهم، ودبكاتهم، و"چوبياتهم"، ومظاهراتهم على المحاصصة الطائفية، والاستبداد، وانشاء حكم وطني يخدم الشعب، لا دول الجوار، والاحتلال، والمضاربين؟!

ان الشعب المصري، وقواه الديمقراطية الموحدة اخرجت 33 مليون مصري (حسب تقديرات جوجول) ليقولوا للرئيس الاسلامي، ونظامه الاخواني: "ارحل"، وكسبوا الجيش الى جانبهم! ثلاثة ملايين يزحفون الى كربلاء بين الحين والاخر، "لاحياء" ثورة الحسين. ثلاثة الاف منهم فقط يمكنهم الزحف على المنطقة الخضراء، لتحقيق اهداف ثورة الحسين، واعادة البهاء لعراقنا، والصفاء، والاخاء لشعبنا!

لقد سرق الانجليز ثورة العشرين، بعد ان، حولوا شيوخ العشائر الى اقطاعيين، فتحالفوا مع المستعمر ضد شعبهم، ووطنهم، وحولت امريكا، وبريطانيا "المعارضين" القدامى لديكتاتورية صدام الى حكام طائفيين فاسدين، فتحولوا الى جلادين لشعبهم، وعصابات لنهب اموال، وطنهم، وقوت ابناء شعبهم. تفرعنوا على اهلهم. هل ننتظر عبد الكريم قاسم جديد ليخلصنا من الحكومة العميلة، ام نزحف نحو المنطقة الخضراء، ونجبر العسكر على الانضمام لنا، وحمايتنا بدل قتلنا، كما تفعل ميليشيات حزب الدعوة المالكي المسماة "سوات"؟!

هل تكون ثورة الشعب المصري الجديدة محفزا لثورة شعب العراق المحروم، مثلما كانت ثورة العسكر المصري عام 1952 ملهما لثورة تموز 1958؟! ام سيظل السياسيون يطالبون ب"التهدئة" فيما بينهم في حين يصطلي الشعب العراقي بنيران الطائفية، والارهاب، والفساد، والخيانة الوطنية؟!

رزاق عبود

1/7/2013

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

987 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع