د.سعد العبيدي
الاعلام العراقي، وأقصد به وسائل الاتصال المقروءة والمسموعة والمرئية التي تتناول موضوع العراق ومنشئها عراقي، بعضه فاسد غير منصف، يضع العوامل الذاتية والطائفية قبل المصلحة العامة للعراق الذي يفترض أن يكون هو جزء منها.
الحال البرلماني بوضعه الراهن، وحتى قبل الراهن، بعض أركانه متهرئه، لم يضع القابعون فيها من البرلمانيين، بعض البرلمانيين المصلحة العامة للعراق الذي يفترض أنهم يمثلون أبناءه.
ما ينطبق على الاعلام والبرلمان يمكن تعميه على الحكومة، التي لم يضع بعض أعضائها المشاركين في العملية السياسية بأعتبارهم مصلحة العراق الذي يفترض بأنهم يخدمونه، اذ يقدمون مصالحهم عليه في جميع الاوقات.
المصلحة العامة معنى من المعاني الشاملة لمعطيات العمل والمشاعر والاراء والاتجاهات، لا نريد الخوض في كل تفاصيلها، بل بجزء من هذه التفاصيل الكثيرة تتعلق بالعسكر العراقي، الذي يتعرض الى النقد والتجريح وتقليل الشأن "من قبل أولئك البعض" بشكل مقصود، يزيد في كثير من الاحيان عن حدود التقصير الموجودة بالفعل في السلوك والاداء العسكري، وهم يخوضون معارك شرسة، وحرب شبه مستمرة مع الارهاب.
قتال الارهاب أعقد أنواع القتال وأخطرها نفسيا، والعسكريون الذين يقاتلون، مضحين، مجازفين، يعطون أكثر مما يأخذون، يعيشون الخطر ليوفرون الامان، يقدمون حياتهم ثمنا ليستمر غيرهم بالحياة، خصائص في النفس وظروف عمل في بيئة صعبة، تسبب جملة ضغوط يقع تحت وطئتها العسكريون كل العسكريين في العالم، بينهم العراقيين بالوقت الراهن، فتكون حياتهم بسببها صعبة.
من هذا وبسبب هذه الصعوبة، خصصت كل جيوش العالم دعما خاصا لعسكرييها وأعارتهم دولهم ومجتمعاتهم كل الاهتمام، ووضعتهم بمنزلة وطنية رفيعة يعتزون هم بها، ويتعز المواطن بهم من خلالها، ومنحتهم حقوق تفوق أحيانا حقوق المواطن العادي، سواء بالراتب والمخصصات أو بالحقوق التقاعدية وضمان العيش الملائم بعد أنتهاء الخدمة، وهذه اجراءات عامة لجميع جيوش العالم، ليست حديثة اذ تبين وقائع التاريخ أن حمورابي قد رفع من مكانة جنوده فوضع بالمادة (27) من شريعته، ما نصه ( إذا أُسرَ أحد الجنود من حملة السلاح الخفيف أو الثقيل، وأُعطيت أراضيه أو بساتينه الى شخص آخر لإدارتها، فعندما يعود الجندي ويستقر في بلدته، تعود اليه أراضيه وبساتينه ويتولى إدارتها) وأضاف بالمادة (37) ما نصه ( إذا إشترى أحد مزرعة الجندي أو بيته أو بستانه، وكان الجندي من حملة السلاح الخفيف أو الثقيل، أو من جنود الإقطاعية، تُفسخ المقاولة المحررة، وتكسر الصحيفة المكتوبة، ويستصفى المال، وتعود المزرعة أو البيت أو البستان الى صاحبها).
انه تقدير للمحارب أو في الحقيقة لجهد المحارب، في ذلك الزمان، وهناك مثيله بل ويفوقه في هذا الزمان من غالبية الدول، فالعسكري عند الدول المتمكنة والمتحضرة مواطن
محترم، تقدره الحكومة تضعه في الصفوف الاولى، تمنحه الدعم، تسهل له، ولعائلته العيش، لان الدولة قائمة على أركان بينها الركن العسكري اذا ما تهدم تتهدم الدولة بكل اركانها. لهذا تعلي من شأن عسكرييها، ليس لسواد العيون، وانما للحيلولة دون هدم أركان الدولة، لتدفعهم الى الاعتزاز بالذات المهنية العسكرية التي تجعلهم:
مقاتلين أشداء يحمون الدولة.
مرفوعي الرأس بمعنويات عالية تعتز بهم الدولة.
يبذلون أقصى جهدهم لحماية الوطن والدولة.
يتصرفون برفعة نفسية تجاه الوطن، كما يتصرف الوطن بذات الرفعة معهم في مسعى مشتركا لازدهار الدولة.
فهل هذا موجود في دولتنا التي تسعى لبناء جيشها الجديد؟.
والبعض من اجهزة الاعلام والبرلمان، والبعض من أعضاء الحكومة يجرحون بعسكرهم.
ينحرون رقابهم ليل نهار.
يذلونهم عندما يناقشون قوانينهم، وعندما يشترون الاسلحة المناسبة لقتالهم، وعندما يضعون ميزانيتهم.
وفوق هذا يريدون من عسكرهم أن يموتون، ليعيشون هم بأمان.
انه توجه لا يبني جيشا، ولا يقوي الركن الاهم من أركان الدولة. وهو على وجه العموم توجه خاطئ لا يدرك أصحابه حقيقة أن لا قيمة للديمقراطية التي يقولون أنهم ساعون لاقامتها في العراق، اذا لم يكن هناك جيش بمعنويات ومشاعر وطنية وكفاءة عالية قادر على حماية أسوارها الهشة.
من هذا لا يمكن التغاضي عن قول لازم في وقتنا الراهن قوامه: أعلو شأن عسكركم.
3/7/2013
741 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع