المساجلات الكلامية بين الفنان والمعمم

                                                   

                              علي الكاش*

المساجلات الكلامية بين الفنان والمعمم

قال النبي صلى الله عليه وسلم ((ألا لا فضل لعربي على عجميٍّ، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)).

لقد سعت الأحزاب الولائية الى نقويض الدولة وإجهاض الديمقراطية، كما وطدت نزعة التمرد على الإنتقال السلمي للسلطة، وظلّ التشبث بالحكم في تنامي وارتفاع، حتى حجب حقيقة مفادها أن هذه الأحزاب لم تستكمل مطلقا بناء مفاهيم االديمقراطية وكيفية إدارة الدولة وفق منهجها بكل ما تضمه من مضامين وسمات، لأن الديمقراطية بما لا يقبل الشك تتعارض مع فلسفتها ونظرتها الشرعية التي تكبح الحريات الأساسية المطلقة وتنتهك حقوق الإنسان.
من كان يماري في مستوى عالِ الغثاثة والهزال المتأصلة والمتحشدة في مواقف الأحزاب الدينية من الديمقراطية والتي انعكست بعدم إحترام معاير الحياة الكريمة للشعب العراقي، تجده اليوم يتباكى بدموع التماسيح عما آلت اليه الأوضاع العامة في العراق، وهي غير قادرة على التوفيق بين أطرها المتخلفة الراسفة في أغلال الكذب والدجل ومآلات التصنع والتكليف. فلا يمكن أن يؤول إلأمر الى غير مرجعية النجف ومن يسير خلفها من رجال الدين والسياسة.
بعد إحياء الفنان المصري محمد رمضان حفلة غناء في العراق لاقى فيها نجاحا متواضعا، ربما كان يحلم به الفنان المصري نفسه، لأنه عرف عنه كممثل ناجح ومطرب غير ناجح ربما من الطبقة الشعبية اي الثالثة او الرابعة، ولا يهمنا هذا الموضوع فقد يحقق مطرب الأغنيات الهابطة نجاحا جماهيرا اكثر مما يحقق مطرب الأغاني المتزنة، وهناك عدة ظواهر يمكن رصدها على المستوى العربي، سيما في مصر والعراق. وجهت لرمضان إنتقادات شديدة من قبل أحد المعممين العراقيين، وسرعان ما انتشر داء القرود الى السياسي العراقي نوري المالكي، فإنضم الى خطباء المنبر الحسيني، ووصفها المالكي" هذه حفلات ماجنة" متناسيا انه سبق ان رعى حفلا غنائيا خلال رئاسته السوداء في يوم الصحافة العراقية، أحيته المطربة اللبنانية (مادلين مطر)، وتقاضت المطربة (200000) دولار ما عدا الهدايا التي قدمها المالكي وكبار حزب الدعوة للمطربة. وقالت مطر ان " 200 ألف دولار التي تقاضيتها من الجهة الراعية لحفل عيد الصحافة الذي احييته في بغداد سابقآ، اشعرتني بقيمتي الفنية، وانا ممتنة للجهة الراعية للحفل ولبت دعوتهم مباشرة، لا سيما وانهم من الشخصيات المرموقة في الحكومة العراقية، المتمثلة برئيس الوزراء السابق نوري المالكي والذي كان الحفل برعايته، ومدير مكتبه ونجله أحمد المالكي".
كانت المطربة تلبس كما قال عادل إمام فستانا يكشف اكثر مما يخفي، ومرٌ الأمر بسلام وهدوء، ولم يتطرق أحد من خطباء المنبر الحسيني الى الحفل ويعتبر الحفل عاهرا او تهجم على المطربة او وصفها بأوصاف تخلوا من الأدب والذوق كما فعل المعمم جعفر الابراهيمي. الذي اعتبر نفسا وصيا الهيا عن الاخلاق والتقاليد وعلى العراقيين ان يأتمروا بأمره، ويتناغموا مع توجهاته البليدة. المشكلة ان خطباء المنبر الحسيني هم في الحقيقة ليسوا برجال دين، بل صعد هذا المنبر كل من له بذاءة لسان ويجيد السب والشتم ولعن رموز اهل السنة وزوجات النبي المصطفى، ويروج الى قتل النواصب كحازم الأعرجي، او يؤجج الفتنة الطائفية، علاوة على نشر الخزعبلات عن معاجيز أئمة الشيعة، وبسبب وصول عدد الأميين والمتهربين من الدراسة بحوالي (7) مليون عراقي، فقد وجد هؤلاء المعممن إذان صاغية من الجهلة وجيشا جرارا من الحمقى والمستحمرين، وسرعان ما تحول الخطباء الى زعماء مافيات عناصرهم هم من المتابعين لهم في الحسينيات، سيما ان الحسينيات خارج سيطرة مرجعية النجف والحكومة العراقية، ولا توجد مقاييس لإختيار هؤلاء الخطباء، لذا فقد حولوا الدين الشيعي الى مهزلة تثير الشفقة اكثر منها السخرية.
وصارت ظاهرة التجمع للصلاة أمام مسارح الإحتفالات بدلا من الحسينيات عادة عند هؤلاء المعممين وعناصرهم من المافيات المذهبية، لمنع الجماهير من حضور الاحتفالات في دولة تدعي الديمقراطية وحرية التعبير حسب الدستور الذي غالبا ما يضعه المسؤولون في سلة المهملات ان وقف عائقا أمام تحقيق مصالحهم، انه دستور اصله من المطاط المطاوع، يمكن مطه وتقليصه حسب قوة المسؤول. حصلت هذه الظاهرة خلال حفل مدينة بابل وتكرر في (مدينة السندباد لاند).
وجه المعمم الابراهيمي اوصافا بذييئة للمطرب المصري منها (داعر، مخنث، اسود، مكشوف الصدر امام النساء) قبيح. وتعجب المطرب المصري من وصفه (اسود)، وهو محق كل الحق، فسواد البشرة طلاء رباني مقبول، وليس طلاءا إنسانيا مذموم، وان كان السواد عاهة برأي هذا المعمم الأمعي، فأئمة الشيعة ومنهم الكاظم كانوا سوداء البشرة، وينطبق عليهم وصف الابراهيمي، لعله لا يعرف هذه الحقيقة، كما ان ام إمامهم المزعوم المهدي نرجس سوداء البشرة.
قال الجاحظ" كان عبد الله بن عباس أدلم ضخما. وآل أبي طالب أشرف الخلق، وهم سود وأدم ودلم". (الرسائل السياسية). هذا الجاحظ موالي لأئمة الشيعة، ويصفهم بالسود والأدم والدلم. الأدم تعني قباحة الخلقة، والدلم يعي شدة السواد. زذكر ابن السكيت" يقال رجل حفيسا وحفيتا إذا كان ضخما ضخم البطن إلى القصر ما هو. وأنشدنا الفراء لعلباء بن أرقم:
يا قبح الله بني السعلات ... عمرو بن يربوع شرار النات
ليسوا أعفاء ولا أكيات
ذكر البلاذري " كان علي شديد الادمة، ثقيل العينين، ضخم البطن، أصلع، ذا عضلات ومناكب، في أذنيه شعر قد خرج من أذنه، وكان إلى القصر أقرب". (الأنساب). نسأل الإبراهيمي هل هذه صفات جمال أم قبح كما وصف المطرب بالقبح؟
وذكر المجلسي" قال جعفر مصنف هذا الكتاب: فقد رويت عن والدي رحمة الله عليه أنه قال لهم: قوموا بنا إلى إمامي وإمامكم علي بن الحسين، فلما دخل ودخلوا عليه أخبر خبرهم الذي جاؤوا لأجله، قال: يا عم لو أن عبدا زنجيا تعصب لنا أهل البيت، لوجب على الناس موازرته، وقد وليتك هذا الامر، فاصنع ما شئت فخرجوا وقد سمعوا كلامه وهم يقولون: أذن لنا زين العابدين عليه السلام ومحمد ابن الحنفية". (بحار الأنوار45/365).
بل ان هذا الوصف كأسود، عنصري النزعة، ويعاقب عليه القانون العراقي، ولكن رجل الدين في العراق له حصانة فهو فوق سلطة القانون، ونستذكر قيام الرائد البطل علي شياع المالكي الذي القى القبض على تاجر مخدرات معمم في البصرة، القضاء العراقي المسيس حكم على الضابط واطلق سراح تاجر المخدرات المعمم، بل طالب المعمم بتعويض!!! كتبنا في وقتها مقالا عن الموضوع تحت عنوان (العمامة فوق القانون) يمكن الرجوع اليه في عدة مواقع.
أما موضوع ان المطرب ظهر مكشوف الصدر، فيبدو ان المعمم أعمى البصر والبصيرة معا، فمناسبة عاشوراء تشهد مواكب من اللطامين مكشوفي الصدر يستعرضون أنفسهم أمام النساء، وليس من حرج من كشف الصدر في عاشوراء على الرغم منه انه مناسبة مذهبية ويفترض احترام النساء فيها اكثر من تقاليد الإحتفالات الغنائية. دائما يكيل مراجع الشيعة بمكيالين، اما موقف وزير الثقافة وهو من قادة ميليشيا عصائب أهل الحق، فقد التزم الصمت كالعادة.
أما وصف المطرب بأنه مخنث من قبل المعمم الشيعي، فهذا أمر مثير للغاية، فكيف علم المعمم بهذا الأمر؟ هل لا سامح الله مارس او شهد بأم عينه ما يثبت كون المطرب مخنثا؟ هذا الأمر يحتاج الى توضيح، لإزالة سوء الفهم عند البعض، الا يعلم المعمم ان ايران التي يدين لها بالولاء التام هي من اكثر دول العالم في تغيير الجنس؟ وان التخنيث له عدة معاني، فأي منهم يعني المعمم؟
إتقوا الله يا خطباء المنبر الحسيني في الناس، فما تتحدثوا عنه لا يمثل شرع الله ولا شرع أئمتكم، فمن أين تأتوا بهذه الترهات؟ لعن الله من إفترى على الله ورسولة وأئمتكم. لقد دمرتم الإسلام وشوهتم صورته، فما فرقكم عن أعداء الإسلام من الغربيين، كلاكما توأم الآخر.
كلمة أخيرة لهذ المعمم ومن يدور في فلكه، اليس الفقر والبطالة والارامل والايتام وتدني مستوى الخدمات وسرقة ثروات البلد وانتشار الميليشيات الولائية وحالات الرشاوي والتزوير والفساد الحكومي لا تستحق الحديث عنها، ويمكن التغاضي عنها، وان مسألة المطرب المصري لا يمكن تجاوزها! مع ان الأحزاب الدينية هي التي تشرف على تجارة المخدرات والملاهي الليلية وصالات القمار.
ليقرأ المعمم الابراهيمي هذا الخبر" كشفت مفوضية حقوق الإنسان عن وجود 1775 مدرسة آيلة للسقوط مع 820 مدرسة أخرى طينية وكرفانات وعلى شكل مخيمات في عموم محافظات البلاد، مع وجود ألف مدرسة متجاوز عليها بشكل كلي أو جزئي في عموم البلاد من قبل بعض الأشخاص المتنفذين".
سؤال غير بريء للأبراهيمي
لماذا لم يهتز ضميرك عندما قتل (3000) وجرح (25000) متظاهر سلمي، واهتز لحفل غنائي بسيط؟
اقتراح
أقترح ان تتحول السندبادلاند الى الحسنيات لاند، وتقام حفلات شيعية بمشاركة باسم الكربلائي وبقية قراء الحسينيات، وكفانا الله شر أصحاب العمائم والميليشيات المسلحة.

* هذه احدث صورة للأخ المفكر الأستاذ علي الكاش.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

794 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع