علي المسعود
لماذا إنتحرت الكاتبة الراحلة عنايات الزيات ؟
تزوجت عنايات الزيات رجلًا سيء الطبع والخلق، وأنجبت منه ولدًا ثم طُلقت، وظل ابنها معها حتى انتقلت حضانته لأبيه بعد سبع سنين، كان ابنها يزور أباه وزوجة أبيه الجديدة باستمرار فكانوا دائمًا يقلبونه على أمه “عنايات"، يعود الولد لأمه مشحونًا بالكلام شحنًا زائدًا مخيفًا.. يخرج من بيت أمه على خير، ثم يعود لها كارهًا، لدرجة أنه كان يرفض أن يناديها ” ماما" ، كبر ابنها بعد انتقال حضانته لأبيه قليلًا، لكنه كبر على البوح بالكراهية. رجع مرة من عندهما، وقابلته أمه فاردةً ذراعيها لتحتضنه فقال لها بتهكم: إزيك يا طنط ! ، دخلت بعدها في مرحلة اكتئابٍ مريرة وكتبت في إحدى يومياتها
نحن لا نملك أحدًا ولا يملكنا أحد..
الحياة تتغير، والأشخاص، ولا شيء يبقى حتى الأبناء…
حتى الذين تكوَّنوا بداخلنا
وتغذوا على دمائنا،
ودفعنا ثمنهم آلامَ المخاض المروعة..
حتى هذا الذي ورثَ بعض صفاتي.. وملامحه ملامحي،
حتى هذا الذي ابتسامته ابتسامتي..
وإصبع قدمه الصغيرة المعوجة..
مثلها بقدمي..
حتى هذا الذي أرضعته مع اللبن حبي..
حتى هذا الذي أرقتُ لينام..
حتى هذا يتغير..
حتى هذا ينكرني..
رغم إنه لم يرَ الحياةَ بعد
ثم انتحرت بعد فترة قصيرة إثر هذه الكلمة التي قالها لها ابنها “ إزيك يا طنط" ، بالاضافة الى عوامل عدة تداخلت وتكثفت وساعدت في تكوين مشهد الانتحار في حياة عنايات الزيات؛ أوّلها زواجها الذي سلبها سعادتها، وبعدها صراعها مع زوجها في المحاكم لحصولها على الطلاق؛ إذ كانت القوانين في وقتها منحازة لسلطة الرجل، ففي حال لم تقتنع المحكمة بأسباب طلب الزوجة الطلاق من زوجها، يحقّ للزوج طلبها في بيت الطاعة، "يتمّ القانون جبرياً، وعلى الزوجة أن تنصاع أو تذهب إلى السجن مثل المجرمات . تقول عنايات في إحدى يومياتها: "إنني أحسّ بانفصال عن الكلّ، وأنظر من نافذة عينيّ إلى الناس، والأماكن حولي، لكنّني لا أتفاعل معهم، وفجأة أجدني قد انفصلت عن وجودي، وخرجت من داخلي، أتفرج وأسمع، وكأنّ ليس لي جسد جالس يتحرّك ويعيش، أحسّ أنّني قد عشتُ حياتي من قبل، فلماذا إذاً أوجد من جديد؟!".
هذه قصة الكاتبة الراحلة عنايات الزيات كاتبة مصرية التي لم تنشر غير رواية واحدة اسمها “الحب والصمت”.. ونُشرت بعدما ماتت بسنة ، وتم إنتاج فيلم سينمائي ومسلسل إذاعي مستوحان من الرواية .
2156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع