في ذكرى رحيل الأديب الدبلوماسي نجـدة فتحـي صفـوة وقفة استذكار من أخيه نجيد فتحي صفوة

                                                        

                          نجيـد فتحـي صفوة

في ذكرى رحيل الأديب الدبلوماسي نجـدة فتحـي صفـوة وقفة استذكار من أخيه نجيد فتحي صفوة

لم تكـن خسارة الأدب العربي هيّـنة لِمـنْ يعرف نجـدة فتحي صفوة رحمه الله، بعـد أن فارق الحياة مساء يوم 18/12/2013، إذ كان من ألمع الدبلوماسيين العراقيين منـذ تسنّمه الوظيفة في وزارة الخارجية عام 1945، وتدرّج في عمله حتى وصل لمنصب وكيل وزارة بالنيابة ثم رئيساً للدائرة السياسية، التي تُعنى بعلاقات العراق مع غيرها من دول.

وخلال مهامه في الخارج كانت له مواقف ومبادرات مشهودة في أهم العواصم ومنها لنـدن وباريس وواشنطن وموسـكو وأنقرة أضافة الى دول عربية هي القاهرة والسعودية والمملكة الأردنية الهاشمية التي فيها منحه الملك عبد الله الأول بن الحسين وسام الاستقلال الأردني، عنـد انتهاء مهام أعماله.
وفي عام 1967، أعتزل الخـدمة وهُـيّء لـه أن يبـدأ مسيرة جديدة وافرة العطاء من البحث والتدقيق، حيث أخرج أسفاراً قيّمة في الشـؤون الدولية والتاريخ المعاصر وألّف ما يزيد عـن عشرين كتابا كان من أمتعها (حكايات دبلوماسـية) الذي طُبع خمس مرات و(خواطر وأحاديث في التاريخ) طبع ثلاث مرات وكل من (العراق في مذكرات الدبلوماسيين الأجانب) و(من نافـذة السـفارة) مرتين، كما حقق مذكرات لشخصيات عراقية وعربية كان لها دور في الأحداث التاريخية. وخلال أقامته في لندن القى العديد من المحاضرات الثقافية في المركز المعروف بدار الحكمـة، وكان منها عن الشاعرين الكبيرين جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي، وعـن أزمة الأدب في العالم المعاصر وغيرها من المواضيع التي كانت تشـد المثقفين العرب هناك، حتى صار يُلقب بـ (أديب المؤرخين) بينما وصف آخرون أسلوبه في الكتابة بـ (كاتب التاريخ بروح أدبية)!
في تلك الفترة أيضا رفعت الحكومة البريطانية الحظر على الاطلاع على الوثائق البريطانية بعد أن مـرّ عليها ثلاثين عاما، فأخذ ينقّب في المراسلات التي كانت تجري بين السفارات البريطانية ومراجعها في لندن وخاصة ما يتعلق منها بالعراق والجزيرة العربية، فالّف كتابه (العراق في الوثائق البريطانية) كما وضع موسوعة عن الجزيرة العربية من خلال تلك الوثائق التي صدرت بسبعة أجزاء ضخمة عنوانها ( الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية) وتعتبر أغزر مرجع تاريخي لدور بريطانية في الخليج العربي، وهو بذلك يسّرَ للباحثين كشف الأسرار السياسية والاجتماعية لفترة حساسة من التاريخ العربي المعاصر.
وفي مسعى علمي آخر دأب على كتابة عمود يومي خصّصته له صحيفة الشـرق الأوسط اللندنية أستمر في تحريرها ست سنوات (1988 ـ 1995) وكان تحت عنوان ـ هذا اليوم في التاريخ ـ تضمنت (2520) حلقة عن أحداث تاريخية صادف حصولها في نفس ذلك اليوم ومنها سير لشخصيات لعبت أدواراً مهمة في الأحداث التي دارت في العالم، وبعد وفاته بادرت دار الساقي للنشر، طبعها بمجلدات من أثني عشر جزء صدر منها حتى الآن ستة أجزاء.
وتقديـراً لجهوده المتميزة قرر اتحاد المؤرخين العرب عام 1995، منحه وسام المؤرخ العربي الذهبي (تثميناً للإبداعات الفكرية والتاريخية والثقافية التي حققها) كما ورد في حيثيّات القرار.
وبعـد أن تجاوز نجدة فتحي صفوة التسعين من العمر أنتقل الى رحمة الله تاركاً آثارهِ التي بقيت في متناول الباحثين والمثقفين لتجـدد ذكراهُ العطرة لِما قدّمه في حياته من أعمال، والمرء بما تركه من أثر هو الحديث الذي يدور بعد انتقاله الى رحمة الله.
أسكنه الباري عز وجل فسيح جناته وعطر بالطيب ثراه.

   

نجيد مع شقيقه المرحوم نجدة، في أخر صورة جمعتهما

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

948 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع