مرجل الحرب المذهبية

                    

                          د. مهند العزاوي *

افرز الواقع السياسي همجية فريدة تمارسها قطعان القتل المذهبي , وبإسناد قوات رسمية الملبس وهمجية المعتقد في سوريا والعراق ولبنان , باستخدام عقيدة حرق التاريخ والتبشير المسلح لترسم خارطة ملتهبة بالصراعات والنزاعات لعقود قادمة... الكاتب

يفتقر العالم العربي والإسلامي لكوابح صارمة , ومحددات قانونية مقرونة باليات تطبيقية , تحفظ البشرية والمجتمعات من الفناء الزاحف , ونشهد اليوم التلاعب بالألفاظ الاعلامية والخطاب المزدوج المنادية بالديمقراطية وحقوق الانسان والمواطنة والتعايش , ويعد تضليلاً منظماً تمارسه وسائل الاعلام ومنظومات الدعاية والساسة لطمس الواقع الخطير وحقيقة الحرب المذهبية التي تدار عن بعد في العراق وسوريا ولبنان , بعد اغتيال الدول , ونشر الفوضى ومخرجاتها النازفة , وصعود الاصولية المذهبية الى سدة السلطة لتشغل مرجل الحرب المذهبية , وقد افرز الواقع السياسي همجية فريدة تمارسها قطعان القتل المذهبي , وبإسناد قوات رسمية الملبس وهمجية المعتقد في سوريا والعراق ولبنان , باستخدام عقيدة حرق التاريخ والتبشير المسلح لترسم خارطة ملتهبة بالصراعات والنزاعات لعقود قادمة.

فيلق ايران الاجنبي

تطرق الخبير الاميركي " مايكل نايتس " في مقالته على موقع معهد واشنطن بعنوان "فيلق إيران الأجنبي : دور الميليشيات الشيعية العراقية في سوريا " 1وقد ذكر فيها ( وفقاً للخبير المستقل المعني بعمليات "لواء أبو فضل العباس " فيليب سميث ، يتراوح عدد المقاتلين الشيعة العراقيين في سوريا بين 800 و 2000 مقاتل. وينتمي هؤلاء المقاتلون بشكل يكاد يكون حصرياً إلى ثلاث مجموعات عراقية. والمساهم الرئيسي في اللواء هي مجموعة "عصائب أهل الحق " التي يتراوح قوامها بين 2000 و 3000 مقاتل كانت قد انشقت عن حركة مقتدى الصدر في عام 2006 بدعم من "قوة القدس " التابعة لـ "الحرس الثوري الإيراني " و «حزب الله » اللبناني. والمساهم الثاني هو "كتائب «حزب الله »"، وهم نخبة قوامها 400 رجل من المقاتلين الشيعة العراقيين المتمرسين يقدمون تقاريرهم مباشرة إلى قيادة "قوة القدس " التابعة لـ "الحرس الثوري ". أما المساهم الثالث فهو "كتائب سيد الشهداء "، وهي قوة قوامها 200 رجل يقودها أبو مصطفى الشيباني (المعروف أيضاً باسم حميد شيباني)، وهو شيعي عراقي عمل تحت قيادة "قوة القدس " منذ أواخر الثمانينيات. وتشير التقارير أيضاً إلى وجود شيعة عراقيين من "منظمة بدر " و"لواء اليوم الموعود " التابع لمقتدى الصدر. وبغض النظر عن تكوينه الدقيق ، يبدو أن "لواء أبو فضل العباس " قد استوعب نسبة كبيرة من الكوادر القتالية المتشددة المدعومة من إيران والتي ضايقت الجيش الأمريكي في العراق) كما وقال وفقاً لفيليب سميث ، بدأ المتطوعون الشيعة العراقيون الوصول إلى سوريا بدءً من ربيع 2012 فصاعداً ، وأصبح وجودهم أكثر وضوحاً بشكل تدريجي. وقد دخل بعضهم البلاد عن طريق مطار دمشق الدولي على متن طائرات الرحلات الجوية الإيرانية. ودخل آخرون براً من العراق ، أو استقلوا حافلات الحجاج أو الشاحنات التجارية ؛ وقد تعرضت بعض تلك القوافل للهجوم من قبل العناصر الجهادية السورية والعراقية داخل العراق قبل أن تتمكن من عبور الحدود. ويتناوب الآن معظم هؤلاء المتطوعين داخل سوريا وخارجها ، ويقال أن بعضهم يقوم بتأدية عدة مهمات. وبالنسبة لمن يلقون حتفهم أثناء القتال ، تعمل إيران بسرعة على نقل جثثهم إلى العراق لدفنها على الفور-- ولعل ذلك هو المؤشر الأكثر وضوحاً عن مسؤولية طهران عن المتطوعين العراقيين الشيعة , وهنا لماذا يقتل العراقي لأجل مشروع ايران السياسي ؟ .

ظاهرة الاصولية المذهبية

نشهد اليوم صعود الظواهر المذهبية المسلحة الى سدة السلطة ضمن فلسفة عسكرة المذاهب , تعد وقودا بشريا لتهديم المجتمعات العربية والإسلامية بوهم الدفاع عن المذهب والطائفة واستعداء وشيطنة الشريك الديني والمجتمعي , بل وتخطت ذلك باستخدام حرب الافكار العابرة للقيم الدينية والتعاليم الاسلامية والعادات المجتمعية ومنظومات التلاحم الوطني , لتعبر عن نفسها بشكل همجي هدام , وهذه الجاهلية الوافدة تقودها نخبة من المتعلمين وتجار المناصب والمتمذهبين الجدد , رافعين شعار "اقتل لتنتفع " مستخدمين شعارات مذهبية ترتكز على اساس الكراهية وشيطنة الاخرين , وبلاشك ان مسالة حشد مليشيات مذهبية من اليمن والخليج والعراق ولبنان لتقتل الشعب السوري والعراقي بدوافع مذهبية امرا في غاية الخطورة .

يبقى السؤال لمصلحة من توسيع حرب الابادة الطائفية من العراق الى سوريا الى لبنان ؟ وما هي الرقع المحتملة للانفجار ؟ وما هو دور المنظمات الدولية المعنية بإنهاء النزاعات والصراعات وهي تمارس دور الحطاب لمرجل الحرب ؟ , وما هو دور العقلاء والمفكرين والساسة والأنظمة في انهاء هذه الحرب المذهبية التي هدمت نسيج مجتمعات ثلاث دول عربية محورية هي العراق وسوريا ولبنان , وكلنا نعلم من يذكيها بالوقود العربي ! ولا من رادع صلب او ناعم سواء كان قانوني او فكري او دولي لهذه الحروب المجنونة التي تنتهي بالفناء .

*مفكر عربي من العراق

الإثنين، 01 تموز، 2013

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

749 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع