محنة ضحايا غزو العراق واحتلاله

                                             

                            أحمد صبري

على مدى نصف قرن شهد الأردن عدة موجات لجوء إلى أراضيه من دول الجوار وتحول بموجب ذلك إلى أكبر حاضنة استوعبت الملايين على مدى العقود الخمسة الماضية.

ووفر الأردن الملاذ الآمن للملايين الذين تقطعت بهم السبل ووجدوا في الأردن الأمن المفقود في بلادهم، وتحمل على مدى العقود الخمسة تبعات وأعباء موجات اللجوء من دون أن يغلق أبوابه أو يجبر أحدا على مغادرة أراضيه، وهذا الموقف الإنساني لم يلقَ الدعم المطلوب من المجتمع الدولي لمساعدته على تحمل أعباء وجود اللاجئين على أراضيه.
وعندما نتحدث عن معاناة اللاجئين نتوقف عند أكبر موجة شهدها الأردن وسوريا ودول أخرى بعد غزو العراق واحتلاله وما تلاه من حرب طائفية، وما ترتب على ذلك من تبعات من دون مساعدة أو دعم حقيقي من المجتمع الدولي، وقبل ذلك من السلطات العراقية التي تسببت في هجرة ملايين العراقيين بعد أن عجزت عن توفير الحماية والأمن لهم في بلادهم.
وأمام محنة اللاجئين العراقيين ينبغي أن نحدد المسؤول عن هذه المحنة ليتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية لتداعيات هذه المحنة المتواصلة.
ومثلما كان العدوان الأميركي البريطاني على العراق عام 2003 خروجا عن إرادة المجتمع الدولي وميثاق الأمم المتحدة أدى إلى احتلال دولة ذات سيادة فإن تبعات هذا الاحتلال تتحمل مسؤوليته الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية لا سيما المتعلقة بدعم الدول التي تحتضن اللاجئين العراقيين على أراضيها، ناهيك عن طلب التعويضات جراء ما سببه الاحتلال بعد أن تكشف بطلان أسبابه ومشروعيته يضاف إلى ذلك رعاية ومساعدة من تقطعت بهم السبل جراء الغزو والاحتلال.
إن دعم ورعاية اللاجئين العراقيين في دول الشتات رغم أنه مسؤولية أخلاقية وقانونية تلزم الدول التي تسببت في دفعهم إلى هجرة بلادهم، إلا أنه بذات الوقت يلزم المسؤول عن هذه المحنة أن يجد حلولا لإنهاء معاناتهم، وأن يقدم للدول الراعية لهم الدعم المالي ليتمكن من استمرار رعايتها للاجئين.
إن حجم المعونات التي حصلت عليها الدول المضيفة وخاصة الأردن جراء احتضانه لملايين العراقيين على مدى العقد الماضي، ومن بعدهم اللاجئون السوريون شحيحة ولا تلبي حاجاتهم الصحية والمعاشية والسكنية والتعليمية.
وطبقا لواقع حال اللاجئين العراقيين أصبح لزاما على الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية أن تطالب الدول التي تسببت في محنة اللاجئين العراقيين وتفاقمها أن تفي بتعهداتها طبقا للقانون الدولي الذي يلزمها بتقديم العون والرعاية لضحايا الاحتلال، وفي مقدمة هذه المطالب تخفيف وطأة اللاجئين، وتقديم الدعم المالي للدولة الراعية للاجئين باعتباره حقا لا يمكن التفريط به مهما كانت الذرائع.
إن تخلي الدول التي تسببت في محنة اللاجئين العراقيين معروفة مقاصدها السياسية، لكننا نتوقف أيضا عن الموقف العربي الذي ما زال غير مكترث بمحنة اللاجئين العراقيين وآثارها على الأردن جراء الأزمات والحروب والعواصف التي ضربت المنطقة والإقليم العربي والذي تحمل قسطها الأكبر من دون أن يقدم الأشقاء ما يعينه على مواجهة تبعات موجات الهجرة رغم مخاطرها على أمنه.
لقد آن الأوان أن يدرك المجتمع الدولي وخاصة أميركا وبريطانيا أن محنة اللاجئين العراقيين تتفاقم، وأن تخلي الدول التي تسببت في هذه المحنة الإنسانية سيزيد من معاناتهم، فضلا عن خسارة العراق لخبرات أبنائه لتوظيفها في البناء وإعادة الإعمار.
فليس من الإنصاف أن يدير العالم ظهره لمحنة اللاجئين العراقيين، ويسكت عن مطالبة الدول التي تسببت في هذه المحنة بتحمل مسؤوليتها لتقديم الدعم والرعاية لهم رغم أن مسؤولية السلطات العراقية كبيرة في هذا المجال في رعاية هذه الشريحة، وأيضا توفير الملاذ الآمن للمساعدة في عودتهم إلى الوطن.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع