كلٌّ يغنِّي على «لايكاه»!

                                            

                                دلع المفتي

في أيامنا هذه اختلفت طرق التواصل بين الناس، فقلّ السلام، وندرت الزيارات، وانقرضت القبلات أو كادت، وتخفف الناس من ثقل الواجبات الاجتماعية، كالعزاء والمواساة ومشاركة الأعياد والأفراح، بعد أن حلت محلها أزرار التكنولوجيا السهلة والخفيفة كــ «اللايك، الريتويت».

«اللايك» زر له مفعول السحر، يعرفه «الفيسبوكيون» ويستعملونه للسلام والعتاب والتهنئة والعزاء، أو حتى لمجرد «عُلم». كلمة «لايك» تعني «أعجبني»، ويعني كل شيء آخر أيضاً، فما عدا كل الاستخدامات السابقة تضطر - أحياناً - الى ضغط زر «اللايك» تحت التهديد أو الترغيب، مثل: «ان كنت تحب رسول الله اضغط لايك»، «اضغط لايك واضمن الجنة»، «أمانة في عنقك لا تترك الصفحة قبل ضغط لايك... وقد تضطر الى استخدامه أيضاً كي تتجنب السؤال المحرج «ليش ما حطيت لي لايك؟».

إلا ان المفارقة ان «اللايكات» غير منصفة ابداً، ففي حين ان موضوعاً طويلاً عريضاً لكاتب مهم ينال «لايكين» أو ثلاثة، تحصد فتاة بكلمتين من بوحها الشعري شلال «لايكات»، أما ان رافقت الكلمات صورة شخصية للآنسة.. فيا سلام! ستسبح في بحر من «اللايكات» اللهم لا حسد!..

نأتي الى «لايك» الانستغرام.. هو الزر نفسه بالخاصية نفسها، مع فارق بسيط.. فهنا لا تحتاج لكبس زر، فبمجرد ملامسة شاشة الايفون تنفجر «اللايك» في الصورة. وباعتبار الانستغرام موقعا لنشر الصور فقط، فهنا يمكنك نشر أي صورة تخطر على بالك، من صورة غدائك اليومي.. إلى لون مانكير أظافرك، إلى آخر خناقة حصلت في مجمع. لكن اللايكات هنا أسهل.. واستدرارها أبسط. فكلما انعوج الشاب أكثر «تليك» أكثر، وكلما أظهرت الفتاة المزيد من «تقاطيعها».. وكلما كانت صورة أظافرها، أصابع قدميها، حذائها، فستانها أوضح.. كثر «مُليّكوها». فكلّ يغني على «لايكاه»!

وأخيرا، نصل إلى التويتر.. هنا، لم تضعف ادارة تويتر أمام ثقافة «اللايك»، ولأن الموقع يعتمد على تبادل الافكار المكتوبة، فلقد جعل عملية «اللايك» تحصل عبر «الريتويت» أو إعادة نشر التغريدة. فإن أعجب أحدهم بتغريدتك يعيد التغريد بها، وهنا تجلس لتحسب كم ريتويت حصدت مقابل الدرر التي خرجت من تحت أصابعك.. أو بمعنى آخر، كم شخصاً أعجب أو «لايك» كلامك؟! وإن كنت من المشاهير من فئة: فنانين، مطربين، مذيعين أو شيوخ دين فضائيين، أصحاب ملايين المتابعين، فأي همسة تخرج من فمك تصبح مقولة مهمة ويعاد التغريد بها مئات المرات، وحتى إن كانت مجرد «هاي»، فوجودك وحده على مواقع التواصل الاجتماعي، «بركة» لنا نحن البسطاء، ولهذا نحن نبجل ونبارك أي نفس تتنفسه، ونعيد التغريد والتغني به وبك.

نسيت ان أخبركم انه يمكنك شراء «لايكات» على جميع مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة عدد المعجبين بدررك.. يعني ببساطة، يمكن ان تكذب الكذبة وتصدقها.

أعزائي.. أمانة في أعناقكم، لا تتركوا هذه المقالة قبل أن تضغطوا «لايك»!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1209 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع