مسرحية الانتخابات هل (فسروا الماء بعد الجهد بالماء؟!)

                                                           

                  الاستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد الدليمي

مسرحية الانتخابات هل (فسروا الماء بعد الجهد بالماء؟!)

اخيرا فسروا الماء بعد الجهد بالماء،انتهت الصفحة الاولى من مسرحية الانتخابات ،بما اطلقوا عليه افتراءا بالديمقراطية، في وقت اصبح جميع المخططين والمنفذين الذين صمموا العملية السياسية المبوءة وألمأبونة،على يقين من ان الشعب الذي سبق وان ضحكوا عليه وغرروا به ،بعد نيسان 2003،لم يعد مراهقا سياسيا،بل اصبح على قدر من الوعي والادراك يمكنه من فهم حيثيات مايحاك ضده من مؤامرات مستمرة خائبة تسعى بكل مخرجاتها لأزالة الحقيقة المطلقة التي اسمها العراق.

المواطن العراقي الذي سبق وان تم أغراقه بالشعارات والممارسات المناطقية والطائفية والعنصرية وتعرض الى حملات التضليل التي شملت حتى أولئك الذين يتمتعون بقدر وافر من الفهم والوعي والذين كان يعتقد بقدرتهم على سبر اغوار وفك طلاسم ماخطط له اعداء العراق ،اكتشف (ولو متأخرا) بانه كان هدفا" سهلا لمخطط دولي اقليمي محلي متناغم في المصالح بين جميع اطرافه القذرة ،فكثير من العراقيين بما فيهم اناس كانوا يعتقدون انهم على قدر من ما يمكنهم من ، وترسخت في أذهان وضمائر السواد الأعظم من أبناء الشعب العراقي لاسيما الشباب منهم ان تجربة 19 عاما عجافا من الظلم والاستبداد وعمليات الهدم والتخريب والقتل والنهب والتهجير والتغييب كان جميعه عملا منظما تم تنفيذه بدقة، فالهدف من احتلال العراق ليس (بناء للدولة وتحقيق للديمقراطية )كما يحاول بعض المتخلفين والدجالين والآفاقين تمريره على العراقيين والعالم ، بل هو مشروع ديني صهيوني طائفي قديم جديد حال دونه العراق المستقل القوي المتقدم علميا والذي كان يمثل عقبة في طريق تنفيذه.وهذا مايفسر حجم المشكلات والحروب المفتعلة التي زج بها العراق الوطني مرغما والتي جسدت مفردات المخطط الصهيوأمريكي والذي تم تنفيذه بحماس وأندفاع منقطع النظير من قبل نظام الملالي في أيران الذي فتحت له أبواب السلطة ليشرع على وجه السرعة أطلاق شعارات تصدير الثورة كجزء أساسي في مسار المهام المناطة به.
المؤمرات مستمرة
في كتابه *المنظمات السرية التي تحكم العالم*،عرض الكاتب العراقي ”سليم مطر”(( أخطر أسرار الإستراتيجية الأمريكية في العراق والشرق الأوسط ويكشف خطر المنظمات السرية وشبه السرية الفاعلة خصوصاً في أمريكا والغرب وباقي دول العالم نقلاً عن ما يسميه : *الحكيم الأمريكي* الذي كان على فراش الموت ، وهو أحد زعماء فيدرالية الأخوة العالمية *IFB* ، وهي المنظمة السرية التي تتحكم بالعالم من خلال سيطرتها على قيادات أمريكا والكثير من الدول الغربية .
يقول : طبعا أننا ما بلغنا هذه النجاحات الكبرى في تدمير العراق خصوصا كنموذج لبلدان الشرق الاوسط إلا لأننا إستعنا بخلاصة تجاربنا السابقة التي نفذناها في العالم والتي أطلقنا عليها تسمية *سياسة الراية الخداعة**(False Flag)*والتي تعني قيامنا نحن أنفسنا بعمليات إرهابية ضد مصالح بلادنا وننسبها إلى خصومنا لكي نعطي التبرير لإعلان الحرب عليهم ، وقد أنجزنا عمليات ناجحة كثيرة في هذا الخصوص ، ومن أبرزها : هجومنا نحن ضد أسطولنا *(Pearl Harbor) عام 1941* الذي منحنا الحجة لمهاجمة اليابان وإلقاء القنبلتين الذرتين عليها ثم إحتلالها كذلك التخطيط لعملية *(Operation Northwoods)*
عام 1962 بتكوين ميليشيات كوبية تقوم بعمليات إرهابية ضد قاعدتنا في كوبا من أجل إعطاء الحجة لمهاجمة كوبا وإحتلالها . لكن الرئيس كندي إعترض ثم إعترض كذلك على مشروع مهاجمة فيتنام , فأضطررنا للتخلص منه ونسبنا إغتياله إلى شخص معتوه .
كذلك تجربتنا بتنظيم ميليشيات سرية في أنحاء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية تحت إسم :
*Stay Behind* من أجل مكافحة النفوذ الشيوعي وتنفيذ عمليات إرهابية تنسب إلى اليسار المتطرف, فتمنح حجة لتدخلنا وتجبر الحكومات الأوروبية للإعتماد علينا .وضمن هذا السياق في أعوام الستينات والسبعينات ، طبقنا خصوصا في إيطاليا وتركيا سياسية أسميناها *ستراتيجية الإضطراب ـ Strategy of Tension* التي أوجدت التوتر والعنف من خلال العمليات السرية ودعمت أنصار أمريكا وبررت تدخل العسكر لتحجيم اليسار وقمعه .وكانت ذروة نجاحاتنا في تطبيق سياسة *الراية الخداعة* في الشرق الأوسط ، هي عملية تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001 وإيجاد إسطورة *بن لادن والقاعدة .*ثم نجاحنا الفائق في العراق بتأجيج الحرب الطائفية ونشر العنف والأحقاد من خلال فرضنا سياسة *إجتثاث البعث* التي كانت لإجتثاث الدولة العراقية نفسها .
لهذا ، أقنعنا عملائنا وحلفائنا بتبني سياسة الإقصاء والإجتثاث ، ثم تنفيذ عمليات الإغتيال للكوادر والعلماء والقادة العسكريين والحزبيين من خلال *فرق الموت السنية والشيعية* تحت أسماء مختلفة سياسية وغيرها وأحيانا تحت مسمى *مقاومة الإحتلال)* المدعومة من قبلنا ، لأننا لن نجد في كل العالم أغبى وأحقد من الطائفيين في العراق لتنفيذ مخططاتنا كما نريد .وبذلك ، تهيأت الأجواء الكاملة لكي تلعب دورها الإرهابي المطلوب وقد ساعدنا *حلفائنا الأكراد* كثيرا في تنفيذ سياستنا هذه لقاء فرضنا على *الإرهابيين* عدم شمول المنطقة الكردية بعملياتهم التخريبية ...)).

ملامح الوضع مابعد مسرحية الانتخابات
يعلم الجميع ان النظام القائم في العراق منذ أحتلاله عام 2003 مكبل بسلسلة من القيود والتعقيدات التي فرضها الاحتلال وذيوله المتوحشة وذلك لضبط مسارات حركته وفقا لما تم التخطيط له ،فكل خطوه وبأي اتجاه هي عبارة عن لغم جاهز للانفجار، وينطبق هذا حتى على العملية الانتخابية الجديدة ، وكلهم يعلم مسبقا انها لم ولن تحقق اية نتائج تتصل بآمال وطموحات الشعب حتى ولو بالمستويات المتواضعة جدا قياسا بما يطالب به العراقيين ويحتاجون إليه بشدة،والملفت ان اكثر ما يركز عليه مطبخ الدعاية المسمومة للاحتلال وعملائه في العملية السياسية الفاشلة هو اقناع الناس والزامهم قسرا بأكذوبة ان عليهم ان أن يخفضوا من سقف من التوقعات حول ما يمكن أن تحققه هذه الانتخابات او غيرها، وان يتعايشوا مع كونها الوسيلة الوحيدة لمن يفكر بالسعي إلى التغيير على قاعدة (أذا تريد غزال خذ أرنب) وبالوسائل السلمية،بمعنى انهم يجب ان يستلسموا لفكرة الأستمرار بقبول تدوير هذه النفايات القذرة من عملاء الاحتلال والى يوم الدين، فمسرحيات الأنتخابات قد طبعت بذات الممارسات والآليات كالمال السياسي ومايرافقها من شراء المرشحين للأصوات وهيمنة المليشيات الوقحة المتوحشة التي لاتقيم أي وزن لأي شيء يتعلق بنظام ومؤسسات الدولة ولانهم لايؤمنون بالدولة فهم لايحترمون حتى الكيان الذي كان سببا في وجودهم، اضافة الى ان جميع من يتم اختيارهم من الموظفين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لديهم ولاء لأحزابهم ، عدا التعمد في عدم تحديث الملايين للبيانات أو امتلاك بطاقات بيومترية ،ناهيك عن التخويف والتهديدات لمراكز الاقتراع ، فضلا عن أستثمار المناطق ذات التركيز العشائري والطائفي التي تمنح هذه الجهة او تلك من احزاب السلطة العميلة ميزات تنتهي بأعادة تدويرهم من جديد، فالانتخابات الاخيرة جرت في بيئة وظروف تفتقر حتى الى الحد الأدنى من الشروط الديمقراطية الصحيحة وانتهت بعزوف شبه كامل عن المشاركة ليشكل دليل قاطع على عدم ثقة الجماهير في الأحزاب السياسية والقادة والحكومة والعملية الانتخابية المشوهة والمشبوه في البلاد بشكل عام.
شهود الزور
غير خاف على اي عاقل عراقي او غيره ان الامم المتحدة هي احد اهم ادوات تنفيذ اهداف ومصالح الولايات المتحدة الامريكية ، وادت هذه المنظمة المحسومة الولاء لامريكا دورا سئ الصيت ليس في شرعنة احتلال العراق وحسب بل واستمرارها بتنفيذ ما خطط من مؤامرات ضد بلدنا ،ودعم اختيار اكثر الاشخاص قدرة ورغبة في تنفيذ ما توجبه صفحات المخطط الذي وضع لتدمير العراق وانهاء وجوده كدولة وشعب قدم اعظم الانجازات الحضارية للبشرية، فقد قرر مجلس الأمن الدولي تعزيز دور الأمم المتحدة في الانتخابات من خلال المساعدة الفنية والمراقبة،وكان لدى الأمم المتحدة 130 مراقبًا وخبيرًا بالإضافة إلى مئات آخرين جاؤا من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى ومنظمات دولية،لكن كل هذه (الهلمة) من مسؤولي المراقبة لن يتمكنوا من منع التزوير في الغالبية العظمى من مراكز الاقتراع البالغ عددها 8000 مركز في جميع أنحاء البلاد،وهذا يفند أدعاءات حكومة الكاظمي من قيام مايسمى بالمجتمع الدولي بأتخاذ خطوات لتحسين نزاهة ومصداقية العملية الانتخابية وطمأنة الناخبين ، وهي قد باءت بالفشل الذريع المحتوم والمعروف سلفا ،حيث كان الاقبال شبه معدوم،بل ومن المفارقات المضحكة ،ان عدد الموظفين في المراكز الأنتخابية كان اكثر من عدد المقترعين.ورغم الكذب الواضح والمخزي لممثلي مايسمى بالمجتمع الدولي ومعهم مفوضية الانتخابات ومحاولتهم تدليس الحقائق وتزوير الوقائع، وتجميل اعداد المشاركين ،فأن الحقيقة اشارت الى ان نسبة الإقبال لم تزد عن 10% ولم تنفعهم كما حدث بالمسرحيات السابقة الاتكاء على بعض رجال الدين من جميع الاطياف الذين بدأت مصداقيتهم وشعبيتهم تتراجع بسبب دفاعهم وتبنيهم لأشخاص وأحزاب نفرهم الشعب وأسقطهم من حساباته،وهي أشارة واضحة وراسخة في دلالاتها على ضرورة أبتعاد رجال الدين عن السياسة نظرا لفشلهم الذريع في الدفاع عن القيم الوطنية والأخلاقية ومساهمتهم الفاعلة والمقصودة أحيانا في دعم كل سياسات ومخططات هدم دولة العراق .
الى اين تسير الامور؟
بريطانيا وامريكا ونظام الملالي
هذه الاطراف هي من خططت واوعزت وقسمت الادوار لمن سيسهم في تنفيذ مسرحية الانتخابات الفاشلة ، سواء بعلم هؤلاء المنفذين او بأستغلال قصر نظرهم وحماقتهم واندفاعهم لتنفيذ اي شئ يطلب منهم حتى ولو أستوجب ذلك ألحاق الضرربالعراقيين او تدمير ماتبقى من العراق وهم أمر دأبو عليه وبرعوا فيه ،ويبلغ الأمر أقصاه أذا مارافق ذلك شعورهم بأن ثمة مايهدد مصالحهم المادية او الاعتبارية وتحديدا فيما يتعلق باستلام المسؤليات العليا بالدولة!،ولذلك فأن كل ماحدث وسيحدث سيكون ضمن ماخطط له،فالصدر يعرف حجم ومساحة وحدود حركته ويعلم ان هناك خطوط حمراء بريطانية امريكية سيحرص على عدم التقرب منها،اما عملاء نظام الملالي،فهم يعرفون ويدركون ان (همبلتهم )وتهديدهم باستخدام السلاح حتى ضد دولة الامارات التي يتهمونها بالتدخل في الانتخابات وتناسوا تدخل نظام الملالي والكل يعلم ان استعراضات القوة ليست سوى جعجعة فارغة وان قدرتهم في تنفيذ الجرائم تنحصر ضد العراقيين فقط او وفقا لما تأمرهم بها طهران أي ان فعلها ومظاهرها يرتبط بمدى قربها وبعدها عما مطلوب منهم القيام به من ادوار ضمن المسرحية وهم قد تمرسوا عليه منذ أن تم استيرادهم كبضاعة رديئة سيئة ساهمت في أغراق المجتمع العراقي بملوثات خيانتهم وجرائمهم..ومحاولة نسخ تجربة لبنان في العراق لاتزال صعبة وقاصرة،وبريطانيا المتمرسة والخبيرة بكل شعوب المنطقة هي الان مسؤولة عن الملف العراقي وكل خيوط اللعبة بيدها وبالتنسيق مع الادارات الامريكية(والكيان الصهيوني)،وهاتان الدولتان لم تحتلا العراق وتضحيان بعشرات الالاف من جنودهم ناهيك عن انفاقهما تريلونات (الدولارات والجنيهات الاسترلينية) من اموال دافعي الضرائب في دولهم ليكون غنيمة لغيرهم،نعم الملالي مكلفين بجزء مهم من تنفيذ المخطط الاحتلالي ،وهم يتحركون في اطار ما رسم لهم في العراق وباقي الدول في المنطقة بدون المساس بمصالح بريطانيا وامريكا والصهاينة وعدا ذلك فهو مسموح وقد استغلوا ذلك بفطنة ،اما المشاكل المتعمد حدوثها خلال الفترة القادمة (ثلاثة اشهر وربما اكثر) وقد سيرافقها مسرحيا خروج منتسبي الحشد بالاحتجاج بالملابس المدنية (لان الحشد هو كل ماتملكه ذيول الملالي في العراق علما ان 90% من منتسبي الحشد لجئوا للتطوع فيه بحثا عن مصدر رزق لعوائلهم ولا علاقة لهم بالاهداف والخطابات العقائدية الطائفية وسيتركوه اذا وفرت لهم الحكومة القادمة مصدر مناسب للعيش بدلا من هذا الحمل الثقيل عليهم وعلى سمعتهم)مع بعض المناوشات هنا او هناك وتصفية بعض خصومهم (وربما مستويات عليا من الخصوم)وتكميم افواه الاصوات الشريفة ومع ذلك فهدفها بالدرجة الاولى الهاء الناس وتعميتهم بمتابعتها ،لتنتهي حوارات الغرف المغلقة (تحت اشراف وتوجيه الملالي) الى توافقات تنتج نفس تركيبة اللصوص والسراق والقتلة ،الذين دأبوا على تنفيذ سياسة(شيلني واشيلك)،مع ملاحظة مسألة مهمة وهي ان نظام طهران سيستغل كل مايحدث في العراق وباقي دول المنطقة كعوامل ضغط في مباحثات الملف النووي مع امريكا وحلفائها!!.
الشعب العراقي اثبت بغالبيته انه فهم اللعبة،وقد توالت صفعاته للاحتلال وعملائة ،الا ان قضية العراق لاتزال كبيرة وتستلزم فعلا وطنيا منهجيا، وهذا يقتضي الاهتمام بالشباب والعمل على توحيد جهودهم بالحوارات الوطنية البناءة نحو الاهداف المركزية والسعي لترسيخ فكرة تغليب مصلحة العراق على كل ماغيرها،والاستمرار بدعم وتطوير مفاهيم ثورة تشرين وأدامة زخمها فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.وعلى العراقيين أن يدركوا حقائق ماحصل ويؤمنوا بقدراتهم في أمكانية تصويب كل مالحق بالعراق من أخطاء وأنحرافات ويستلهموا الأرادة من تاريخهم في تطهير مالحق به من أدران .فالذين يخططون لاستهداف العراق ليسوا اذكى من العراقيين،فالحقيقة الساطعة التي لاسبيل الى أنكارها أن هذا الشعب هو من علم البشرية الحضارة ورسخ القيم الأخلاقية وأزال الظلمات بنور العلم،اما ذيول الملالي فلم يعد يهمهم انفضاح اهدافهم قد اثبتوا في مرات عديدة انهم خدم قم وان حشدهم غير المقدس هو حفاظا على مصالح الملالي في العراق، ولا علاقة لهم بأكذوبة الدفاع عن العراق او شعبه او سيادته المزعومة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

987 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع