فرح تركي
قراءة في رواية.. شظية في مكان حساس للروائي وارد بدر السالم..
صدرت رواية شظية في مكان حساس الطبعة الأولى عن دار خطوط عدد صفحاتها ٢٢٩ بطبعة راقية وغلاف مميز لغة واضحة وسهلة وانسيابية في السرد وتنظيم الأجزاء التي تضمنتها الرواية والفصول بشكل يلقي الضوء على إمكانيات السالم وهذا لا يختلف عليه أثنان
ومن خلال القراءة الأولى أتضح لي بأننا جميعاً قد لمستنا الحروب واصبحنا اعداد مؤلفه من ضحاياها ولذلك اصبح هذا السؤال ضروري...
_ ما الذي تفعله الحروب؟ أنها تقلع الخيمة التي فوق رؤوسنا.. التي تستر امورنا الشخصية.. والشخصية جداً.. لنحض بخصوصيتنا التي هي أبسط حقوقنا..
وتأتي تلك التعرية في أستباحتها للجسد الذي هو كيونة الإنسان الظاهرة.. فلولا الجسد لكنا ارواح شفافة تتنقل دون أثبات وجود
وقد تختلف تلك الأساليب التي تستهدف الجسد لتصل بنا إلى إلى غايتها وغاية من شنها الا وهي الفساد والقتل والدمار..
الذي يموت ينجو بنفسه للعلا والسمو ويبقى من بعده يعانون فراقه ولكن كيف الحال اذا كان الموت بطيء المفعول.. ليدس كسم في الدم..
ننتظر أن يصل بنا إلى الاختناق..
إلى شهقة الموت.. ربما لنتلوى ونتوسل الموت.. الذي تأخر..
تطرق السالم في جراءة غير مسبوقة إلى سرد قصة زوجان عانيا تحد غير مطروق.. في هذه الرواية... بعد تعرض "نور" بطلة الرواية إلى عدد من الشظايا حين تواجدها في منطقة أخر انفجار حدث في توقيت الرواية.. انها رواية الفضيحة لانظمة الحروب.. ومن يؤيدها ومن ينتفع بتجارتها.. تمثل ادانه لكل من يشرع في قتل الناس والروح التي أوجد الله....
لكن المؤسف والمؤسف جداً ان الذي سببوا هذا لا يقرأون..
نحن من نقرأ لنعيش الوجع الواقعي مرة والألم.. لمن واجهوا تلك المعاناة مرة ثانية..
نحن مخدرون بالبؤس... معلقون بكلاب خفي.. وحياتنا قد جمدت..
تأخذ نور شوطا من المراجعات والعلاجات في المشافي والعيادات في محاولة اخراج تلك الشظايا من جسمها.. نجت لكن مع وقت التنفيذ...
فقد سببت لها تلك الشظية الوحيدة التي بقيت حالة غريبة لها أسس جسدية ونفسية..
نور تلك القروية الخجولة الهادئة تتحول إلى كائن يتولى خوفاً من تلك الواقعة وما جرر ورائها
احتلت وتمكنت تلك الشظية جسد نور.. لتحاول التشبث بزوجها الذي كان يراها ويبقى دون حيلة.. ليس لديه اي من الحلول الا من المراجعات والجراحة والطبيبة النفسية
تغير نظام حياته.. تمرض معها وتشوش ذهنه...
نعم مرض.. فهو كان يطلق على حالة نور مرض ليبعد نفسه عن سلسلة من الشرح.. والتفسيرات
الخاصة به وبها..
كانت الكلمة تصدر منه ولكنه يفكر في صداها داخل نفسه. أنها مريضة بالخوف من مجهول باغتها منذ ذاك الانفجار الذي نجت فيه بأعجوبة
كان السالم وكأنه ينظر في مرآه وهو يقتنص الكثير من الدواخل والحالات التي تكونت في المجتمع من ضحايا محتملون للحروب
ومن تلك الصور في فصول مراجعات عيادة الطب النفسي ومنها الفتاة التي لاتنام والسيدة التي تضحك وتخاف من شيء ما أو الطفل الذي يبكي دون انقطاع وكثير من الحالات التي قد تسبب بها الحروب
لم تنحصر شبكة الشخصيات على تلك العائلة الزوج ونور وابنتيهما ميس الصغيرة ولبنى الجامعية بل تخطتها إلى دائرته
ومديره وبعض الموظفات
المأخذ الذي قد يبادر عن السالم وهو الشكوك حول الأرامل حين أتى على الحديث حول مديره السبعيني
لكن الروائي هنا يتحدث من عقل وأفكار الشخصية وانسكابات المجتمع وافكاره والا الحالة الاجتماعية للمرأة هي ليست حصناً في حال امتلاكها زوج او عدمه فالشرف والالتزام ينبع من الصميم من خلال التربية وتدعيم الخلق بمخاوفه الله
فلا الزواج ولا الطلاق ولا كون المرأة ارملة هو محط اتهام أو تنزيه
تضمنت شخصيات الرواية الطبيبة النفسية والمراجعين في عيادتها الذين برع في وصفهم ووصف امراضهم التي قادتهم نحو هذه العيادة
الرواية بجرائتها تعتبر انتفاضة قلم ضد الأنقلاب الذي قلبتنا له الحروب كما نقلب سمكه على النار لتنضج
تكون نهاية الرواية بعبارة هذه هي الحرب حبيبتي نور تقص فينا أعز ما نملك
1170 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع