٢. أحداث خلفية وقعت خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية

                                               

                اللواء المتقاعد فوزي البرزنجي


٢. أحداث خلفية وقعت خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية

1.المقدمة

أ. عند نشر أي مقال في هذه المجلة الغراء لغرض توثيق حركات الجيش العراقي تأريخياً خلال مراحل تمرد البارزانيين من العهد الملكي إلى العهود الجمهورية المتعاقبة ، يعلق البعض من الأخوة الكورد بإمتعاض و يتهمون الجيش العراقي بإرتكاب مجازر بحق الشعب الكردي ويدعون بإن الجيش العراقي قتل وهاجم قرى كردية و أبادها ، لقد عاصرت مراحل تمرد البارزانيين منذ عام 1967 حتى سنة 1991 ، وقد وثقت أحداث عسكرية حيث كنت مشاركاً في العمليات العسكرية وشاهداً عليها وسوف أعيد نشرها تباعاً بعد صياغتها مجدداَ لكي يطلع عليها المثقفون خصوصا والشعب العراقي عموما ، أئمل أن تنال رضا الجميع لما فيها من حقائق وتم تدوينها بمهنية وحيادية عالية .
ب. الحادثة الثانية وقعت أيضا في النصف الأول من سنة 1984 لكن لا أتذكر وقت حدوثها بشكل دقيق لمرور أكثر من 37 سنة على وقت حدوثها
أرجو من القراء الكرام خاصة متابعي صفحة أبطال الجيش العراقي الباسل في الفيس بوك أن يلتزموا بمعايير شروط هذه الصفحة أثناء كتابة التعليقات
لما يرد من معلومات صادمة لهم في هذا المقال .

   


2. طبوغرافية منطقة عربت

القادم من إتجاه دربندخان الذي يروم الذهاب إلى مدينة السليمانية أو سيد
صادق أو بنجوين يشاهد في جهة اليمين على المدى البعيد سلسلة جبال هورمان التي تشكل خط الحدود العراقية الإيرانية وعلى المدى القريب يشاهد الضفة الغربية لبحيرة دربندخان وإلى جهة اليساريشاهد منطقة سهل شهرزور طبيعة هذاا السهل الأرض مفتوحة نسبياً تتخللها بعض التلول وهذا السهل أخصب منطقة زراعية في العراق يشتهر بزراعة الحنطة ، نهاية طريق دربندخان مدينة عربت تم تأشريها على الخريطة بدائرة بلون أحمر في داخلها كورس ، يتقاطع الطريق مع طريق ( السليمانية- سيد صادق) ، يسير هذا الطريق بمحاذاة إمتداد سلسلة جبل أزمر من جهة الشمال ، الذي يروم الذهاب الى مدينة السليمانية يتجه الى جهة اليسار ، الطريق الذي يتجه الى جهة اليمين جهة سيد صادق يتفرع من هذا الطريق عدة طرق أول هذه الطرق يتجه الى جوارته ، ثاني طريق يتجه الى مدينة برزنجه مؤشرة أيضا بدائرة حمراء داخلها كورس ، ثالث طريق يتجه الى نال باريز تم شق هذا الطريق كطريق بديل عن طريق (سيد صادق – بنجوين) لحماية تنقل القطعات المتجهة الى قاطع بنجوين من القصف المدفعي الإيراني ينتهي طريق السليمانية بمدينة سيد صادق المؤشرة على الخريطة بدائرة حمراء داخلها كورس ، الطريق الرابع هو طريق
(سيد صادق – بنجوين ) الرئيسي ، مقر فرقة المشاة السابعة مؤشر بمربع أزرق مقابل (قرية سيران ) بعد حركة فرقة المشاة السابعة الى قاطع البصرة خلال معركة الفاو سنة 1986 أصبح هذا المقر لفرقة المشاة 27 .
3. مجرى الأحداث
أ. طبوغرافية مكان الحادث : ذكرت الطريق الثالث أنفاً هو الطريق البديل عن طريق (سيد صادق – بنجوين ) الرئيسي منتصف المسافة تقريباً بين تقاطع طريق عربت بإتجاه نال باريز يوجد وادي عميق فيه مجرى مياه يسمى ( أف حفان ) يسير من تقاطع الطريق بإتجاه (قصبة برزنجه ) يحاذي مجرى المياه طريق نيسمي يسمح بحركة العجلات ، هذا الوادي محاط بسلاسل جبلية مرتفعة كما توجد بيوت متناثرة في هذا الوادي مؤشر على الخريطة بسهم أزرق قلب السهم باللون الأبيض مكان الحادث مؤشر على الخارطة بمستطيل أحمر ، المنطقة غير أمينة يتواجد فيها متمردين من عناصر البيشمركه جماعة الإتحاد الوطني الكوردستاني .
ب. في مساء أحد الأيام أعتقد أما في شهر حزيران أو شهر تموز سنة 1984 وردت رسالة من حركات قيادة فرقة االمشاة السابعة مضمونها تكليف لواء المشاة التاسع عشر بقيادة آمر اللواء المقدم فوزي جواد هادي شخصيا بالتحري عن مجموعة من منتسبي آمرية مدفعية ميدان فرقة المشاة السابعة مع عجلة كلفت بواجب مسح الوادي المذكور أنفاً بدون حماية لمجموعة الواجب ولم تعود المجموعة إلى معسكر مقرآمرية المدفعية مساء ذلك اليوم .
ج. بعد الإطلاع الدقيق في الرسالة وجدت مكان الحادث يقع خارج قاطع مسؤولية لواء المشاة التاسع عشر ، إذ ً لماذا إتخاذ مثل هكذا قرار غير صائب قد يؤدي بحياة آمر اللواء وقد يحدث أثناء تنفيذ الواجب قيام العدو بعمل تعرضي على الموضع الدفاعي للواء ومن يقود اللواء بهذه الحالة :
أولاً. يوجد إحتياط مركزي لدى مقرالفرقة لمعالجة حالات االطوارئ .
ثانياً. لماذا الواجب بقيادة آمر اللواء شخصياً ، كنت حينها أقل رتبة عسكرية لا يحمل شارة الركن يعين بمنصب آمر لواء مشاة ضمن الفرقة . ثالثاً. حوار مع نفسي إذ لا يمكن مناقشة الأوامر التي تصدر من المقر الأعلى حتى ولو كانت خطأ ، صدر الأمر لغاية في صدر يعقوب.
رابعاً. إذً كان التكليف بهذا الواجب بمثابة إختبار لكفاءة المقدم المشاة فوزي جواد هادي آمر لواء المشاة التاسع عشر .
د. كنت واثق بنفسي لأن المؤهلات العسكرية التي أتصف بها من خلال خدمتي العملية السابقة بعد الإطلاع عليها من قبل القائد العام للقوات المسلحة حصلت موافقته على تعييني بهذا المنصب كما تم إخباري من قبل مديرية صنف المشاة لا حقاً ، من هذه المؤهلات :
أولا. إشتغالي بمنصب معلم في جناح التعبية والحروب الجبلية في مدرسة قتال فرقة المشاة الأولى .
ثانياً. إشتغالي بمنصب معلم طلاب في الكلية العسكرية لمدة 4 سنوات .
ثالثاً. إشتغالي بمنصب آمر سرية مشاة في الفوج الأول لواء المشاة / 14 طيلة فترة حركات سنة (1974- 1975 ).
رابعاً. إشتغالي بمنصب آمر فوج المشاة الآلي الثامن لواء المدرع / 34 لمدة أربع سنوات .
خامساً . إشتغالي بمنصب آمر مدرسة قتال فرقة المشاة / 15 لمدة سنتين .
ه. قلت في نفسي أنت لها ، لذلك أصدرت آمر إنذاري إلى سرية مغاوير اللواء وسرية هندسة الصولة للواء وفصيل الدفاع والواجبات في مقر اللواء زائد المفرزة الطبية بقيادة طبيب مقر اللواء مع عجلة إسعاف ومفرزة تصليح اللواء لتأمين عجلة إنقاذ زائداً إحدى بطريات كتيبة مدفعية الميدان / 80 التي كانت بالإسناد المباشر للواء لإسناد العملية بالمكان وأصدرت آمر حركات لا حقاً تضمن وضع خطة على كيفية تنفيذ الواجب وشرحت الخطة للآمرين على الخرائط في غرفة حركات اللواء ليلاً في الليلة التي سبقت يوم تنفيذ الواجب .
و. تضمنت الخطة التنقل من تقاطع الطريق العام مع الوادي راجلاً وإتباع إسلوب المراباة في الحروب الجبلية خلال التقدم في الوادي تقوم به سرية مغاوير اللواء ، تقوم سرية الصولة بفحص الطريق النيسمي وخلوه من الألغام ومصائد المغفلين ، يقوم فصيل الدفاع والواجبات بتأمين حماية مقر القوة ، يقوم فصيل مخابرة سرية مقر اللواء بإعداد شبكة لاسلكية خاصة بالعملية و تأمين الإتصال بين مقر القوة ومقر الفرقة ، يرافق آمر بطرية مدفعية الإسناد المباشر آمر اللواء ، تكون عجلة الإسعاف والمفرزة الطبية وعجلة الإنقاذ في مؤخرة القوة .
ز. صباح اليوم التالي حال وصول القوة إلى تقاطع الوادي المذكور إسمه أنفاً مع الطريق العام ترجل الجميع من العجلات وأتخذ تشكيل التقدم حسب الخطة التي وضعتها كما في الفقرة (واو) أعلاه آمرت آمر بطرية الإسناد المباشر تسجيل الوادي بالعتاد الدخان للتأكد من صحة المعلومات على الخريطة في موقع القيادة في مقر كتيبة المدفعية .
ح. تمت المباشرة بالتقدم لكن ببطأ خشية الوقوع في كمين مع رصد وتفحص الوادي بالنواظير الشخصية وبعد مسير أكثر من ساعتين شاهدنا عن بعد العجلة ينبعث من عجلاتها دخان أسود كانت من نوع كاز 66 وكلما إقتربنا من العجلة كنا نشتم رائحة شواء تنبعث من أجساد الشهداء ، كان عددهم إثنان في قمارة العجلة وإثنان في بدي العجلة ، كانت مقدمة العجلة بإتجاه الطريق العام مما يدل على تنفيذ المهمة المكلفين بها وخلال عودتهم تم فتح النار عليهم وقتلهم وهم في العجلة وبعد الإستلاء على أسلحتهم الشخصية تم حرق العجلة مما أدى هذا الفعل الشنيع إلى حرق جثث الشهداء وعدم التعرف عليهم لأن جثثهم كانت متفحمة بالكامل ، تم
فحص العجلة من قبل عناصر هندسة الصولة خشية ربط مصائد مغفلين
وبعد التأكد من خلو العجلة من مصائد المغفلين قامت العناصر الطبية بإستخراج جثث الشهداء من العجلة بصعوبة خاصة الموجودين في قمارة العجلة ووضعها بأكياس بلاستيكة .
ط. تم إخبار مقر الفرقة بالجهاز اللاسلكي بالعثور على المفقودين والعجلة
بعد ذلك تم نقل جثامين الشهداء بعجلة الإسعاف إلى مركز جمع الخسائر في معسكر مقر الفرقة ، وتم إخلاء العجلة بواسطة عجلة الإنقاذ وباشرت القوة
بالإنسحاب دباخياً والعودة الى الطريق العام ثم إلى الموضع الدفاعي بدون حادث وتم تقديم تقرير مفصل بالمهمة إلى مقر الفرقة .
ي. للتأريخ وثقت هذه الحادثة بعد مضي 37 سنة على وقت وقوعها بأمانة
هذه إحدى جرائم الحرب التي كانت ترتكب بحق منتسبي الجيش العراقي من قبل البيشمركه جماعة حزب الإتحاد الوطني الكوردستاني بالوقت الذي كان الجيش العراقي يدافع عن حدود العراق الشرقية في قاطع السليمانية كان ظهير الجيش العراقي يطعن من الخلف من قبل المتمردين ، ليطلع الذين يدعون بإن الجيش العراقي كان يهاجم القرى الكردية ويقتل الساكنين فيها ، بينما هو العكس صحيح حيث لم تنتقم القوة من القرى التي كانت موجودة في مكان وقوع الحادث كما يدعي البعض من الكُتاب المأجورين .
ك. تعليق : قرأت معارك تأريخ الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية ومعارك الحروب العربية الإسرائيلية في سنوات ( 1948 – 1967 – 1973 ) لم أسمع أو أشاهد قيام اليهود بمثل هذا العمل الشنيع ضد أي جندي من جنود الجيوش العربية ، إن هؤلاء الجنود ، كانوا في مهمة ليس قتالية ولم يتعرضو لأي بشر من أبناء الشعب الكردي وبعد قتل الجنود القيام بحرق جثثهم مما ينم عن حقد وكره المجرمين القتلة ولا يتحلون بأي صفة من صفات الأديان السماوية التي تحرم التمثيل بجثة القتيل مهما كانت الأسباب لحرمة جثة القتيل عند الله .

تغمد الله شهداء الجيش العراقي برحمته الواسعة و أسكنهم فسيح جناته في عليين مع الشهداء والصديقين وحسن أولائك رفيقا .


اللواء المتقاعد فوزي البرزنجي
3 آيلول 2021

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1182 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع