ثريا الشهري
يقول الخبر إن الممثلة الأميركية آنجلينا جولي خضعت للفحوص الجينية الدقيقة التي عينت تحديداً مدى احتمال إصابتها بسرطان الثدي، وعادة ما توصى المرأة بإجراء مثل تلك الفحوص منذ سن الـ40.
فماذا كانت نتيجة جولي؟ احتمال إصابتها بسرطان الثدي مستقبلياً بنسبة تصل إلى 87 في المئة، وبسرطان المبيض إلى 50 في المئة. وعلى ضوء النتائج كان قرار جولي الجريء باستئصال الثديَين أولاً، ومن ثم استئصال المبيض لاحقاً. وهذا ما حدث، فاستؤصل الثديان لتتقلص نسبة الإصابة بالسرطان إلى 5 في المئة، ويحتفظ الأولاد بأمهم في عالم الأحياء فلا يفقدونها كما فقدت الممثلة والدتها وجدتها وخالتها بسبب المرض نفسه. ولولا أن الممثل براد بيت وأب أبنائهما الثلاثة شجعها وساندها في الإقدام على خطوتها لربما كانت ترددت شيئاً قليلاً، ولا أقول أحجمت، فمن الجلي أن جولي سيدة تفكيرِها المستقل، وهي قادرة على اتخاذ قرارها وحدها، ولكن المعنى أن وجود الرجل والحبيب بجانبها وبثها كلماته وقبوله لها غير المشروط من أهم المشاعر التي ترفع من معنويات المرأة وتجعلها على ثقة بنفسها مهما كانت ومهما صارت.
الأهم في خطوة جولي أن بعض النساء ما إن سمعن بهذا الاستئصال الشهير حتى هرعن إلى إجراء الفحوص، غير أن الجهاز الذي فحص جولي لا تملكه الدول العربية للأسف، ولست بطبيبة، ولكن هذا ما قيل لي عند استفساري لكتابة المقالة، وهو جهاز لا يقف على فحص سرطان الثدي وحسب، وإنما بإمكانه التعرف على أي تغيّر في طاقة الجسم، والتي من خلالها يستطيع التنبؤ بدرجة دقيقة جداً بالأمراض المحتملة للشخص الخاضع للفحص، غير تعرّفه على ما يعانيه منه اليوم وقد لا يدري بوجوده. يعني بكل أموالنا لا نملك مثل تلك الأجهزة المتطورة في بلادنا ونحن الشعوب المبتلية بالأمراض والعلل كافة، ومن يملك المال الكافي فليتجه إلى أوروبا أو أميركا أو حتى روسيا لفحص نفسه بأجهزتهم، أمّا نحن فاكتشاف المرض بعد ظهوره. ونحن وحظنا إن كان في مراحله الأولى أو المتأخرة، فحتى سرطان الثدي الذي تُشن الحملات وتُجرى المقابلات للكشف المبكر عنه، ما هو إلاّ اكتشاف لبعض التكتّل، وبفحصه يتم التعرّف إن كان حميداً أم خبيثاً، ما يعني أن الورم يكون قد تشكّل. صغيراً كان أم كبيراً ليس هذا المطلوب، ولا هو آخر ابتكار العلم المستجد الذي يكشف احتمال الإصابة بالمرض قبل تكوّنه، وهو بالضبط الإنجاز الذي نحتاجه.
آنجلينا جولي انسانة مشهورة ولها جمهورها، ولذلك تستعين المنظمات والحملات العابرة للقارات باستثمار الفضاء الواسع لجولي وغيرها من الشخصيات المعروفة في إيصال الرسائل المهمة، فكم من سيدة اليوم ستقلِّد جولي وتحذو حذوها في فحص طاقتها وتغيّرات جيناتها لتنقذ نفسها لو كان في الأمر ما يستدعي الإنقاذ فعلاً! وكم من سيدة ستُحرم من هذه النعمة وتعوقها المادة، وإن توافرت لديها النية لخوض الفحوص، فكما قلنا وحدها من تملك المال يمكنها السفر على أول طائرة إلى البلاد المتقدمة. وبالمناسبة ففحص الجينات الذي خضعت له جولي كلفته في أميركا وحدها حوالى 3 آلاف دولار. وحتى جولي أعربت عن أسفها لارتفاع كلفته إلى هذا الرقم، ما يحد نساء كثيرات عن الاقتراب منه، فإن كانت الـ3 آلاف دولار مكلفة لهن، فهي أكثر لنا، فهناك تذاكر السفر والإقامة والمرافقة والموافقة إلى آخر القائمة، ومما سمعته في هذا الجانب أن مصر ستمتلك مثل تلك الأجهزة في القريب العاجل - والكلام على ذمة الراوي -، أمّا ثمن الفحص فلم يُحدد بعد، هذا طبعاً إن صدق الراوي ولم يبالغ في تفاؤله.
وعلى فرض أن دول الخليج تمتلك مثل تلك الأجهزة المتطورة لقياس احتمال الأمراض المستقبلية للإنسان وتشخصيها بدقة متناهية على حساب حصولنا عليها، وقد قيل إن شركة «مرياد» الأميركية هي الرائدة فيها، فعلى من يعلم بوجودها اليوم التبليغ عن هذا الوجود ومكانه لتعم الفائدة وتصل إلى المهتمين بسلامتهم، فالصحة أغلى عطايا السماء مهما كابر المرء وعاند.
863 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع