يوسف علي خان
سمعنا كثيرا وقرأنا في بطون كتب التاريخ عن صكوك الغفران التي كانت تصدرها الكنيسة الكاثولوكية في العهود الغابرة وتبيعها باسعار باهضة للمقتدرين والاغنياء عن قيمة عشرات الامتار من ارض الجنة كما كانوا يدعون يشيدون عليها قصور هم الشامخة بعد رحيل ارواحهم الى الرفيق الاعلى...
وربما اجسادهم ايضا كما كان يعتقد الفراعنة..... لذلك كانوا يحنطون اجساد ملوكهم كي تبقى محافظة على حالتها وهم احياء طيلة السنين القادمة حتى قيام الساعة وعودة الحياة اليها من جديد وحلول يوم الحساب.... وقد تبع الفراعنة المسيحيون بعد عدة قرون فاخترعت لهم كنائسهم صكوك الغفران... فقد امّنوا على انفسهم بهذه الصكوك التي تغفر لهم الاثام وتجردهم من جميع ذنوبهم إن كانت لهم ذنوب... فالقادة والزعماء والملوك لا يمكن ان تكون لهم ذنوب فهم منزهون من أي خطيئة ... وليس كباقي البشر...كل ذلك بفضل تلك الصكوك التي يكونوا قد اشتروها من وكلاء الله على الارض من القساوسة وسماسرة السماء ... وقد صدقهم للاسف الشديد الملايين من المسيحيين وتقدم الالاف مما كان مقتدر على دفع تلك المبالغ الكبيرة التي ظل غيرهم من المسيحيين الفقراء بحصرتها لانه لم يكن بمقدورهم دفع قيمة تلك الصكوك التي يحتفضون بها مختومة بختم الكنيسة ليقدموها الى مديرية التسجيل العقاري ( الشهر العقاري ) في السماء كي يثبتوا شرائهم لتلك الامتارمن ارض الجنة يبنون عليها ولو كوخ صغير... واستمر حال المسيحيين مؤمنين بتلك الخزعبلات حتى استطاع لوثر أن يثبت دجل اولاءك القساوسة وانتهى عهد تلك الصكوك الورقية التي استمرت اداة ابتزاز لعدة قرون ..ولكن إن كان قد انتهى عهد الصكوك الغفرانية المسيحية في اوربا فقد بدأ عهد الصكوك الاسلامية ولكن باشكال عدة وليس كما حدث في الديانة المسيحية على ايدي الكنائس ...فقد تعددت صور الصكوك الاسلامية فلم يقتصر الشراء على عدة امتار في الجنة كما جرى الحال في العهد الكنسي المسيحي وانما اضحى بامكان المسلم أن يشتري الجنة برمتها بحلوها ونعيمها وبسهولة ويسر ولم يقتصر ذلك على الاغنياء فقط بل غدا بامكان الفقير والمعدم كذلك أن يحصل على الجنة ويدخل من اوسع ابوابها دون الحاجة الى تلك الصكوك وباساليب متنوعة .. فإن في الاسلام فروض وطقوس معينة من التزم بها ونفذها دخل الجنة وحصل على ما يشتهيه ويحلم به من قصر منيف وحور حسان ينعم باحضانهم وهم بالمئات بل انشاء ما رغب من الاعداد.. وانهر يجري فيها الشهد وعصائر الفواكه بدلا من الماء فأهل الجنة لا يشربون الماء العكر كما تعوده على الارض الفقراء.... أما الاغنياء فهم منعمون في الارض وفي السماء فقد شربوا الماء الصافي في القناني المغلقة على الارض وسيشربون العسل من انهر الجنة .. هكذا اراد الله وتلك هي مشيئته كما يعتقدون...... أن يسعد الغني على الارض وفي السماء ويشقى الفقير على الارض ويأمل ان يسعد في السماء ..فمن ادى اركان الاسلام وهي قليلة وبسيطة حاز على الجنة لا محال وهي الصلاة لخمسة اوقات والصوم في رمضان وحج البيت من استطاع اليها سبيلا ودفع الزكاة لتدخل جيوب الدعاة ورجال الدين كي ينفقوهاعلى الفقراء والمحتاجين إن كان هناك محتاج او فقير... كما أن الرموز اولى باموال المسلمين فهم ائئمتهم ووعاضهم ومرشديهم الى الطريق المستقيم وابعادهم عن الظلال ... فالمسلمون فقرائهم واغنيائهم قادرون على اداء هذه الفروض وهي كفيلة بغسل الذنوب لمن تاب توبة نصوح .. فحتى الفقراء توفرت لهم الفرص باعفائهم من الكثير من هذه الفروض وحتى المريض او من كان مشغولا او كان على سفر فعدة من ايام اخر فالامر متيسر للجميع حتى للصوص والقتلة والمجرمين طالما هناك التوبة النصوح .. فالاسلام دين سماح بل قد تمادى في جهة الغفران فهو دين يسر وليس دين عسر فاليفعل الانسان ما يشاء طيلة حياته من نهب وسلب وقتل واجرام وسرقة اموال المسلمين وغير المسلمين فيذهب الى حج البيت فتغتسل كل الذنوب بل وحتى لو صلى ركعتين لوجه الله غفر الله له كل ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر اليس الله غفور رحيم ؟؟؟؟هكذا يوحي بعض الدعاة و رجال الدين للسذج من المسلمين..... فقد منح الفرص حتى للكفار والملحدين أن يتوبوا الى الله ويعودوا الى طريق الحق والهدى فسيغفر الله لهم لامحال ويدخلهم الجنة فهي (( باب اجغان )) مفتوحة للجميع فلا يخشى اللصوص والمجرمون جريرة ما يفعلون فعليهم بالتوبة وحج البيت الحرام فتزول عنهم سيئاتهم وتمحى كل الذنوب .. وهكذا فالمسلمون ليسوا بحاجة الى تلك الصكوك كي يشتروا الجنة بالامتار فقد وهبها الله لهم الجنة بالمجان وحصرها بهم وحجبها عن غيرهم... فالمسلمون خير امة اخرجت للناس ..فما عداهم فالى جهنم وبأس المصير... مهما كان المسلم قد ارتكب من جرائم وما فعل من موبقات فإن ادى هذه الفروض التي بيناها من صلاة وصوم وحج البيت الحرام ودفع الزكاة الى إلي الامر من الدعاة والرموز غفر الله له كل الذنوب وادخله الجنة دون ان يشتري الصكوك .. ولهذا فاننا نرى الالاف تتزاحم سنويا من اجل الحج لانهم يعلمون تماما ما فعلوا في دنياهم من موبقات فلابد لهم ان يغتسلوا من كل تلك الذنوب بماء زمزم والتبرك بزيارة قبر الرسول والطلب منه بالتوسط عند الله أن يعفوا عنهم بما ارتكبوه بحق المسلمين أما غير المسلمين فألائك هم الكفار الزنادقة الذين يستحقون كل ما فعلوه بهم فانهم لايستحقون الحياة .. فطريق الجنة في الاسلام طريق سهل وميسور أما بقية المتطلبات التي نادى بها الاسلام من قيم اخلاقية بل وظهرت الدعوة من اجلها حيث جاءت لتتمم مكارم الاخلاق فمن التزم بها فقد تزيد حسناته ولكن من لم يلتزم بها او يخالف بعضها فهي اثام صغيرة تمحى وتزول بالتوبة وبتأدية الاركان الاساسية المهمة في الاسلام .... فصلاة واحدة تغسل كل الذنوب أما حج البيت الحرام فيمحي كل ما اقترفه الانسان من جرائم مهما عظمت خلال حياته المديدة مهما طالت ..ولهذا نرى الملايين من المسلمين يتهافتون للتسابق الى مكة لزيارة قبر الرسول والتبرك بالحجر الاسود فهو باب الجنة لا محال ...ولا بأس ان يجعلها وسيلة تجارة وترزق او حتى دعاية للفرق والطوائف وهو ما ثبت فعله في مناسبات عدة فيما مضى وما كان ...والصلاة ثم الصلاة فهي واجهة التوبة والغفران .. فوقوفك فوق السجادة التي صنعها الغرب الكافر وانت ترفع يدك الى السماء طالبا الرحمة والمغفرة من الله العزيز القدير وسجودك وركوعك له سوف تغسل كل الذنوب التي قد تقترفها ما بين الصلوات الخمس من غش وتدليس وخداع ونصب واحتيال وسرقة بل حتى لو قتلت وفجرت واعتديت...... أما انت يا امراة حتى لو زنيت ففي الصلاة سوف تمحى الخيانة والفعل المشين فكوني مطمأنة وافعلي ما شئت قبل الصلاة فصلاتك هي الشفيع لك عند رب العالمين ويوم القيامة سوف تحشرين مع الائممة الصالحين فلا تخشين او تخافين فلديك درع حصين ... وهذا ما تفعله بعض الزانيات اللوالتي يزنين ثم يتوجهن بصلاتهن الى رب العالمين يطلبن المغفرة والرحمة فيصلين ركعتين تزيل عنهن كل الاثام وتغسل اجسادهن من كل د نس ... هكذا فهم المسلمون الاسلام ووظفوه لما يحقق مصالحهم وتعاملوا مع هذا الخالق العظيم كما يتعاملون مع بعضهم البعض وفاتهم بان الله جبار عظيم لن يخدع او يستغفل بهذه الاساليب البشرية الرخيصة ولن يغفر لمن يسيء ولو صلى الف صلاة وركع الف ركعة ..فطريق الجنة ليس سهل ومعبد للدجلة الساقطين ...فقد فهموا الاسلام خطأ كما فهموا الجهاد خطأ فقتلوا الناس باسمه وقد قيل في الامثال (( ايه ايتها الحرية كم باسمك تسفك الدماء )) (( فايه ايها الاسلام كم باسمك يستباح البشر وتمارس الموبقات )) فالاسلام جاء ليتمم مكارم الاخلاق لا ليسيء لها كذلك فالدين المعاملة الحسنة فهو نظام للاخلاق قبل كل شيء فالاخلاق هويته وهدفه الوحيد فالتعامل بين الناس هو طريق الجنة الاكيد او سبيله الى النار فهو ثواب وعقاب فالجنة لمن احسن والنار لمن اساء وعليه ان يتحمل جريرته ولا تفده بعد ذ لك كل الصلواة ولا الحج او الزكاة او الصيام في رمضان .. فالملايين التي تتوجه الى مكة وتدفع الملايين من الدولارات الى ابن سعود فهي شبيهة بصكوك الغفران التي كان يدفعها المسيحي كي يشتري بها الجنة ويحصل على الغفران ...ويتغافل عن كل المظالم التي ارتكبها في حياته على الارض ومع اخيه الانسان فاعتقد بان الصكوك التي كان يضحك عليه القساوسة والكهنة سوف تنجيه من كل عقاب فالله ليس بغافل عما تفعلون .. الا تؤمنون بما جاء في القران أو في الانجيل والتوراة ؟؟؟؟؟ وللاسف فاليوم يمثل نفس المشهد على مسرح الحياة بعض الدعاة من رجال الدين فيحثوا المسلمين على الصلاة والدعوة لحج البيت الحرام كي يزيدوا من اموال السعوديين فوق ما يملكوه من موارد النفط كي يتمكنوا ان ينشأوا المزيد من القنواة الفضائية والممسلسلات العاطفية او ينفقوها على طاولات الروليت في مونت كارلو ..والاخرون من المسلمين يأمون الاماكن المقدسة الاخرى ويدفعوا الاموال بسخاء كي يتبركوا بالرموز وبالائئمة الاطهار متوسلين اليهم ان يغفروا لهم الذنوب مما فعلوه من نصب واحتيال وسرقة اموال المسلمين او ما مار سوه من دعارة وزنا واغتصاب .. وهكذا تسير الحياة البعض يضحك على البعض والبعض يغش البعض والبعض يسرق البعض والبعض يقتل البعض والبعض يزني بالبعض فكلهم يأثمون وكلهم يرتكبون الكبائر وهم لا يعلمون بل الكثير منهم يعلمون .. ولكن كلها سوف تزول بمجرد اداء الفرائض حتى لو كانت من اموال السرقات فهي على اية حال هي ملاذهم الاخير لغسل الذنوب وهو امر ميسر وسهل فهي مجرد ركعات او امتناع عن تناول الطعام لعدة ساعات او الصعود في الجو بالطائرات لزيارة العتبات المقدسة خاصة عندما يكبرون ويشيخون ويصلون الى ارذل العمر ولم يعد يتمكنوا من الاستمرار بالفساد ... او يدفعوا بعض الدولارات مما سرقوه من العباد كزكاة فينتهي كل شيء فيصبحوا مؤهلين لدخول الجنة من اوسع ابوابها فكل ما ارتكبوه سوف تغسله مياء زمزم في مكة او شباك العباس او زيارة لقبر الحسين ابن علي إن كان رجل قد سرق ونهب او امراة قد دنست جسدها باجساد عشرات الرجال فان مياه زمزم أو زيارة الحضرة الشريفة سوف تزيل كل القذارات فهي اقوى فاعلية من كل صوابين الارض التي صنعها الانسان من منظفات فتخرجن اجسادهن بعد ذلك رائقة طاهرة كانهن قد خلقن من جديد... وفي النهاية فالله غفور رحيم .. أما الغش والتدليس والسرقة والاحتيال والقتل والتعذيب فهي امور ثانوية وقشور في الاسلام يمكن تجاوزها واغفالها ولا تأثير لها على عبادة المسلم ولا على مرضاة الله طالما هو يؤدي الفرائض الاساسية الخمس .. فمن يؤدي هذه الركائز وخاصة اذا اطال اللحا ولبس العمامة فقد غفر الله له وعفا عنه وتجاوز مرحلة الخطر واضحى في مأمن من أي حساب وغدا من فئات الورع والتقوى والايمان فلا خوف عليهم ولا يحزنون وسيكونون مما ذكرهم الله في كتابه الحكيم (( يا ايتها النفس المطمأنة ارجعي لربك راضية مرضية وادخلي جنتي ولا حول ولا قوة إلابالله من هذا النفاق الذي لا أول له ولن يكون الاخير ....!!!!!
924 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع