مدينة الثورة والانترنيت والمخلوقات العجيبة

                                                 

             الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي


مدينة الثورة والانترنيت والمخلوقات العجيبة

شاهدت قبل يومين فديو للقاء اجراه الاعلامي اللامع محمد السيد محسن قبل كم سنة مع الاستاذ سمير الشيخلي الذي عمل قبل الاحتلال بمراكز قيادية مهمة جدا في الدولة العراقية والذي حفزني على الاشاره الى مضمون هذا اللقاء ليس فقط الطرق العلمية التي كانت تعمل بها الدولة بل تفاني المسؤلين وحرصهم على تحدي المستحيل من اجل خدمة ابناء شعبهم وتحديدا الفقراء وما جرى من حوار مع القائد الكفوء سمير الشيخلي الذي كان امينا بحق لعاصمة الرشيد بغداد وقدم لها ولسكانها بظروف صعبة ماتعجز عن وصفها الاحرف والالسن..أجاب الامين سمير عن قصته و تجربته وعشقه مدينة الثورة وسكانها التي كانت الدراسات العلمية للجهات المختصة بالجوانب الحضرية والتطويرية قد اجمعت على صعوبة معالجة اوضاعها الامر الذي كاد ان يجعل قيادة الدولة تذهب باتجاه ترحيل سكانها الى اماكن اخرى تجهز بطريقة ممتازة لتكون مناسبة للحياة الكريمة..ولكي تتكون الصورة واضحة زارت قيادة الدولة المدينة بطولها وعرضها والناس نيام واطلعت على واقع الحال ميدانيا وخرجت بذات النتيجة وهي الترحيل... الا ان للشيخلي رأي آخر وقبل التحدي وتحمل المسؤلية وبدأ بتشكيل اللجان المتخصصة من المتخصصين بكل جوانب التغيير والتطوير الحضاري للمدينة وتواصل العمل نهارا وليلا بدون توقف الى ان انجزت المهمة الكبرى واصبحت الثورة اسما على مسمى وتوفر لابنائها كل انواع الخدمات من الماء والكهرباء والتلفونات والمجاري والمستشفيات والمدارس والشوارع الحديثة وووو...والملفت للانتباة وفقا لاحد الاصدقاء ان هذه المدينة تم تغيير اسمها دون ان تنال شيئا من التسمية الجديدة!!!

العراق والانترنيت
يعتقد كثيرين من العراقيين ان من يعملون ببعض المسؤليات كانوا يتمتعون بأمتيازات خاصة والحقيقة لمن لايعرفها كانت العكس في عام 1982 شاركت وعدد من الزملاء اعضاء في المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة العراق في ندوه للتعليم العالي في قاعة البكر في كلية الطب جامعة بغداد وكانت الحرب التي شنها النظام الايراني على العراق في أوجها وعندما انتهت الندوة اقترح علي الزميل طاهر البكاء (كنا قد انهينا دراسة البكالوريوس انا بالاعلام وهو بالتاريخ ومعدلاتنا جيدة) ان نطلب من السيد وزير التعليم العال طيب الذكرالدكتور عبدالرزاق الهاشمي ان يرشحنا للحصول على بعثات للدكتوراه خارج العراق في وقت كان يصعب ادبا وعرفا ان تطلب شئ لنفسك وفعلا تقدمنا وسلمنا على السيد الوزير وصارحناه برغبتنا ولم يتكلم كثيرا ولخصها بجملة (كيف تسمحون لانفسكم ان تطلبوا هذا الطلب وبلدكم يتعرض للحرب؟) والحقيقة لم ننبس بكلمة واحدة واللطيف في الامر انني وبحكم كوني عضو في المكتب التنفيذي كنت عضو في عديد من اللجان التي تقابل طلاب البعثات والزمالات المرشحين للدراسة خارج العراق حتى عام 1985 .
في عام 1987 حدث معي نفس الشئ بعد ان اكملت الدبلوم العال والماجستير وبمعدل تنافسي يؤهلني لاكمال الدكتوراه في الخارج الا ان الجواب كان كيف تريد دراسة الدكتوراه في الخارج وجزء من بلدك محتل؟(كانت الفاومحتله من ايران) وكان الوزير المناسب في تلك الفترة الصعبة الاستاذ سمير الشيخلي ...علما انه حتى مع ظروف الحرب التي فرضت على العراق لتعطيل تنميته الانفجارية لم تتوقف عمليات ابتعاث عشرات الالاف من الطلاب للدراسة في الخارج ، وقد تم تقنين البعثات على الاختصاصات النادرة والحديثة جدا التي لم تكن لدينا فيها دكتوراة
في عام 1988 كنت اعمل على تهيئة وجمع المعلومات والمراجع العلمية لانجاز اطروحتي في الدكتوراة التي يبدو أني بموضوعها تحديت بها نفسي لاسيما مع عدم وجود المصادر الكافية ولاني تدريسي فكان السؤال التقليدي الذي اسمعه يوميا من زملائي التدريسين (ماهي اخبار اطروحتك؟اين وصلت؟ متى تكمل؟ووو) وكنت احيانا اجيبهم بشئ من الانزعاج لاني لااجد ما يشبع رغبتي وتوجهي لتقديم اطروحة تليق بي ، وكان من بين اقرب الاصدقاء دكتور بعلم المكتبات معروف بأنه كثير المزاح حتى اننا لانفرق بين جده من مزاحه وفي احد الايام سألني هل وجدت ما تحتاجه من المراجع؟فأجبته كلا..فضحك وقال (شغلتك محلولة ) تعال الى مسكني في الوشاش الثامنه من صباح يوم غد وبدون ان ادخل بالتفاصيل مررت عليه بالوقت المحدد وفعلا خرج وركب معي وقال توجه الى الجادرية ولم اناقشه وبعد ان وصلنا الى بوابة جامعة بغداد قال لاتدخل الى الجامعة وخذ الطريق على اليسار وبعدها قال ادخل يمينا ودخلنا الى مكان كأنه من الخارج مستودع فسألته ماهذا المكان فأجاب (معليك) ونزلنا من السيارة ومشينا قليلا ثم وجدت نفسي في قاعة كبيرة جدا فيها اعداد كبيرة من الافراد كل منهم منكب على الجهاز الذي امامه ولا تسمع اي صوت ..بعد لحظات وصلنا عند احد الاشخاص سلمنا عليه وقال له صاحبي هذا فلان الذي خبرتك عنه فرحب بي كثيرا واعتذر عن تقديم الضيافه لنا لانها ممنوعة كون المكان غير مسموح لاحد الدخول اليه ..فسألني ماعنوان اطروحتك وما الموضوعات التي تحتاجها في فصولها وحقيقة اجبته وانا بين الشك واليقين ثم بدأ باستخدام الجهاز الذي امامه (الحاسوب المتطور) ثم تخرج الاوراق بعدد كبير من الطابعة المربوطة بالحاسوب حتى اصبحت كمية كبيرة فجمعها وسلمها لي وكلها باللغة الانكليزية فقلت ماذا افعل بهذه الاوراق فاجابني اذهب الى المركز الثقافي البريطاني واعطهم هذه الاوراق ليؤمنوا لك المطلوب خلال اسبوعين،واذا سألوك عن مصدرها فقل لهم جائتني من صديق خارج العراق.
ذهبنا الى المركز وعندما اطلعت موظفه الاستعلامات (الانكليزية) على الاوراق نظرت في وجهي وقالت اذهب الى مديرة المركز التي سألتني منذهشه من اين لك هذه المعلومات ؟ فقلت لها جائتني من احد الاصدقاء فحددت مبلغ معين دفعته وقالت تعال بعد اسبوعين وفعلا جائتني الملفات وهي كثيرة جدا وكلها ثرية وحديثة ساعدتني في انجاز اطروجتي وكذلك في انجاز عدد من البحوث المميزة للترقية العلمية...بعد هذه الرحلة اتعلمون ياسادة ياكرام ماهو المكان الذي زرناه وحصلنا منه على المعلومات في عام 1988 ؟ انه الانترنيت نعم لقد كان العراق من اوائل الدول في العالم الذي ادخلت الانترنيت للاغراض العلمية...ولاني اعلامي واحب ان اتعرف على الامور المخفية فقد سألت احد العاملين في سفاراتنا في الدول المتقدمة عن موضوع الانترنيت فأجابني ان الدوله العراقية وضعت مبالغ تعزز كل سنة في البنوك العالمية مخصصة لشراء كل ما هو جديد يبتكر في العالم سواء اجهزة علمية او اجهزة طبية او او او!!

نوري السعيد والمخلوقات العجيبة (السبتتنك)

اثناء دراستي للدكتوراه دفعني حب الفضول العلمي والصحفي ان اتوغل في بعض التفاصيل والموضوعات السياسية والاجتماعية والتاريخية كي افهم حيثيات جوهر بعض الاحداث وهذا ماساقني بعد جهود مضنيه لمقابلة عدد كبير جدا من ألاعلام والشخصيات السياسية والاجتماعية والاكاديمية ومنهم العلامة الكبيرد علي الوردي الذي أسرني ببعض الامور المهمة التي كان يجب ان تكشف بعد وفاته ؟!!! والحقيقة أني كلما قابلت شخصية تدفعني معلوماته الى التفتيش عن الاسماء الاخرى وهكذا تكونت عندي حصيلة معرفية ومعلوماتية ثمينة ومن الشخصيات التي كان اسمها يتردد هو السياسي المحنك المرحوم نوري السعيد ولانه توفى كان علي ان افتش عن اقرب الناس اليه والشخص الثاني بعده بالمسؤلية حينها وهو المرحوم خليل كنه ومعلوماتي انه كان يعيش في القاهرة وفي يوم وبالصدفه عرفت ان خليل كنه عاد الى العراق وقد اعطته الدولة شقة ممتازة في مجمع الصالحية وبعد جهود مضنية حصلت على تلفونه (الارضي) واتصلت به اعلنت له عن رغبتي بالسلام عليه له وتناول (استكان شاي معه) وكانت هذه طريقتي الناجحة للولوج الى الشخصيات التي لاترغب بلقاء الباحثين والصحفيين امثالي..ذهبت اليه واستقبلني بالحفاوه والتقدير العاليين وبكرم اخلاقه ودون ان ينتبه جعلته يسرد لي جزء مهم جدا من تفاصيل الاحداث التي تشاركا هو ونوري السعيد فيها او كانوا ابطالها ...ومن ضمن ما تردد على لسانه مرات ان المرحوم نوري السعيد لم يكن يحب عبدالاله الوصي على عرش العراق وكان يتفنن بذكاء كي يبتعد عن ممارسة بروتوكولات الاحترام ولتقدير للوصي وهنا سألت المرحوم خليل كنه اذا كانت السلطات بيد نوري السعيد ولا دور مهم للعائله المالكة فلماذا لم يزيحهم ويستلم الحكم بنفسه وهو المؤهل الاوفر حظا من غيره؟ فضحك خليل كنه وقال انا سألت نوري السعيد نفس سؤالك وكان جوابه (جزء مهم من الشعب العراقي مثل السبتتنك والملك هو الغطاء الذي يحكمهم لانهم يحترمون رمزية العائلة المالكة كونهم هاشميين).

للاسف بعض مكونات الشعب وربما قله منهم اثبتوا صحة مقولة نوري السعيد وتحديدا من الذين سلطتهم قوات الاحتلال على التحكم بمصير العراق بأنهم بالفعل كائنات سبتتنكية وهم لايرحمون ولا يتركوا رحمة الله تنزل على العراقيين ولانهم سبتتنكيون بأمتياز فهم لايتعلمون من الدروس بل همهم الوحيد ابقاء سيطرتهم على كراسي السلطة الفاسدة المجرمة وان اعترض عليهم الشعب فالويل كل الويل للمعترضين فعقابهم الموت والتهم جاهزة (جوكرية ،عملاء السفارات،المادة 4 ارهاب) ونسى هؤلاء القتله أو تناسو ان نفس السفارات التي يتهمون الثوار بالعماله لها هي سفارات ذات الدول التي جاءت بهم ومكنتهم من رقابنا ولو شاءت حكومات هذه الدول (امريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني) ان تزيحهم لفعلتها ولن يستغرق الامر اكثر من ساعتين (وفقا لمسؤول امريكي رفيع المستوى).وكما قال الحكيم الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه وارضاه (( الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر)).

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1426 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع