سيدنا العزيز بشار وردة الجزيل الاحترام فذلكتكم الغامضة تحتاج الى فتاح فال

                                                  

                       القس لوسيان جميل

سيدنا العزيز بشار وردة الجزيل الاحترام

فذلكتكم الغامضة تحتاج الى فتاح فال منطوق تلك الفذلكة

الانطلاقة هي: لم اطلب انا الوجود ولم اسأل احدا ان اكون، انا وعيت لوجودي ومع هذا الوعي سؤال:: لماذا انا موجود اذا لم اطلب انا الوجود. الذي سمح لي بالوجود يريدني ان اكون وهو يطلب مني ما هو المهم له. فالوجود صار من اجل خدمة من اوجدني وهو بحاجة لي ولست بحاجة له ( انتهى ).

ملاحظة مهمة من قبل المحاور: اود ان اقول لقراء مقالتي بأن تفنيدي لفلسفة سيدنا بشار وردة رئيس اساقفة اربيل لا يأتي بسبب خلاف لي مع سيادته، لآن سيدنا بشار وردة قد تعرفت عليه منذ ان عاد الى العراق وبقي فترة في الموصل يشارك في اجتماعات الأبرشية بحسب اختصاصه الذي كنت اقدره عاليا. ثم انتقل الى بغداد وهناك بدأ يخطوا خطوات شبه سياسية لم تعجبني لما شكل ما كان قد سماه اعيان بغداد. ومع هذا فان حواري معه يريد ان يكون حوارا فكريا لا يأتي بسبب خلاف او حتى اختلاف. واليكم قرائي الأعزاء هذا الحوار.

هذا وللنكتة اقول: في احد الأيام بعد الاحتلال كنت قريبا من مزار بوخت سهدا، برجل خشن وطويل وعريض يقف امامي ويعرف نفسه لي بقوله: انا من اعيان تلكيف. فقلت له: من عملك من اعيان تلكيف؟ فلم ينبس ببنت شفة ثم تركته ودخلت المزار.

---------------

+ سيدنا العزيز! قرأت كيف تنطلقون لكي تصلوا الى الحقائق الالهية حسب ادعائكم من اجل تفنيد انطلاقتي العلمية التي استخدمها لكي اصل الى قراءة صحيحة للكتب المقدسة ولبعض امور الانسان الحضارية الروحية. ولذلك اود اولا ان اوجه اليكم بعض الأسئلة، اذا تكرمتم. فأولا كم مضى عليكم من زمن بعد تخرجكم من ارلاندا؟ وما الفرق بين عملكم بعد ان عدتم من ارلاندا وشاركتم في لقاءات نظمتها الكنيسة للشابات والشباب وما تعملونه اليوم في ابرشيتكم؟ ثم اسألكم: ترى هل انتم لا زلتم تستخدمون منهجيتكم الارلندية في ابرشية اربيل؟ واسألكم ايضا واقول: ترى كم من الأساقفة تترأس انت في ابرشية اربيل؟ طبعا ولا واحد. واذن انت خاضع للتقليد والتراث مثل غبطة البطريرك المولع بالتراث بشكل غير مبرر، بدلالة تقويمه الذي فيه يعتقد ان الله والقديسين لا زالوا يجترحون المعجزات كما كانوا يفعلون في زمن جاهليتنا، حيث كانوا ينسبون كل شيء الى الله ويحسبون ان الروايات الشعبية حقيقة تاريخية. ومع ذلك لم تفكر سيادتم بنقد الكنيسة التراثية الفارغة والتي تتشيث بأمور تراثية وحضارية بائدة وامور اخرى جغرافية، مثل رئيس اساقفة اربيل ثم رئيس اساقفة كشكر التي حسب ظني لم تعد قائمة حتى ولا على شكل اطلال، ثم رئيس اساقفة كركوك ( حدياب وغيرها )، في حين يًحسب مطران الموصل مجرد مطران لأن الموصل لم يكن لها تاريخ مثل حدياب وكشكر وغيرها، مع ان الموصل كأبرشية كانت تحوي اكثر المسيحيين وكان نشاطها اغزر من نشاط كل الأبرشيات في العراق، وحتى اغزر من نشاط بغداد. يشهد بذلك سيدنا البطريرك نفسه. هذا مع العلم ان سيدنا البطريرك قد لا يعلم ان العلم اكتشف حقيقة بعض المعجزات البارا سيكولوجية وتفسيراتها. هذا في حين بدأنا نحن نميز بين ما هو تاريخ وما هو شبيه بالتاريخ ولا ندمج بينهما، وبين ظاهر اي نص واية رواية وبين معانيها الرمزية الداخلية، ونعرف ايضا ان معرفة هذه الأشياء تتطلب علوما وفلسفات كثيرة وسيدنا البطريرك، ولربما سيادتكم انتم ايضا، لستم مهتمين بها ولم تدرسوا مثل هذه التغييرات، لا بل قد تعدون تلك الهرطقات كما تسمونها، هرطقات علمانية وحتى الحادا احيانا. اليس كذلك؟ واسأل ايضا هل تسألون عن حقيقة ماهية السماء وماهية الباري الذي تتكلمون عنه بلغة ذاك الذي... وهل تدخلون علم الكون في حساباتكم، هذا الكون الذي يكاد يكون بلا نهاية؟ وهل تعرفون ان الانسان ليست له نفس مضافة الى كينونته بحيث اذا مات الانسان تذهب نفسه الى السماء او الى جهنم؟ وهل تعرفون ما معنى الايمان، ومعنى ان الانسان كينونة واحدة فيها البنية التحتية الجسدية الحياتية وفيها البنية العليا والتي تشرف على مشاعر الحب والكراهية كما تشرف على معرفة مقدسات الانسان ورموزه، وليس الله التقليدي، ذاك الذي تتكلم سيادتكم عنه، فضلا عن البطريرك، ... وهل سمعت ما عمله مطران السريان الجديد وهو من خريجي مهجومة كلية الايمان الحبرية عندما اخرج الأب بيوس عفاص من غرفته واخرج كل كتبه واغراضه خارج الغرفة، وهو الآن يسكن في فندق؟ وهل تعلم ان بطريركك كان قد هدد احد الشمامسة في كنيسة المشرق بقوله له اذا لم تقبل ان تأتي الى بغداد عندي عندما تصير قسيسا سوف اخابر كليتك فيحجبون شهادتك وتًضيع كل امتيازاتها التي اخذتها من معهد يمكننا ان نقول نحن عنه انه معهد قمع الايمان ومعهد خصي طلابه ايمانيا وبتره. لكن الشماس رفض ذلك التهديد في سره، وهو لربما كان قد تذكر متل الثعلب والحمامة، حيث كان الثعلب يأتي وويهدد الحمامة بقوله لها اذا لم تلقي لي فراخك سوف اصعد اليك واكلك وآكل فراخك، حتى قالت له الحمامة يوما: اذا كنت تستطيع ان تصعد فتعال وكلني مع فراخي. علما بأن ذاك الرفض كان من حق ذلك الشماس، لأن ذلك الشماس كان قد دخل المعهد الكهنوتي على ملاك ابرشية الموصل. وشخصيا كنت اعرف ان نقل كاهن او شماس يقتضي موافقة من يأخذه عنده ويقتضي موافقة مسؤول ابرشيته واخيرا وخاصة موافقة من يراد نقله. فما هذا العنف والاستبداد يا ترى؟ ومع هذا انا متيقن والشماس كذلك ان غبطة البطريرك لم يكن يستطيع ان ينفذ تهديده لأسباب لا اذكرها، صونا لكرامة بطريركنا.

+ والآن نأتي الى بيت القصيد وابدأ قولي بسؤال: ترى هل تستخدم تعليمك الذي اخذته من معهد قسسي في ايرلاندا في تعاملك مع مختلف فئات الشعب المسيحي وغير المسيحي ام انك تبقى ضمن اطار وافكار من هم حواليك؟ وهل تستخدم المبدأ عينه في خدمة ذاك الذي يدعوك الى خدمته من اجل ذاته، في تعاملك مع غبطة البطريرك؟ وهل تستخدم المبدأ الذي كتبته بداية في التعامل الجدي والحقيقي مع علماء ولاهوتيين معاصرين وواضحين ومقنعين من اجل ان تكون محققا رضى ذاك الذي يدعوك الى خدمته، اي في خدمة الهك المفترض،ام انك تستخدم دراستك لأجل ان تهذب نفسك انسانيا وليس من اجل استفادة هي في ظنك ارضاء ذاك الذي يطلب منك ما هو المهم بالنسبة له، اي الهك المزعوم..واذن انت تتعامل مع الاله المزعوم من اجل ان تأخذ وتكون مقبولا عند هذا الاله، وليس من اجل ان تحقق كينونتك To Be مما يعني ان خدمتك ليست مجانية ومن باب عمل الخير فقط، لآن خدمتك هي بحسب مبدئك من اجل ربح رضى الهك عنك، وليس من اجل ان تكون انت راضيا عن نفسك وتحاول ان تزيد هذا الرضى عن نفسك بالتدريج فتحقق مقولة الراهب الارلاندي وهي ان علاقتك مع الله والقديسين هي من اجل كينونتك، وليست في ان تأخذ شيئا . اي بالانكليزية To Be not To haveهنا فقط بين قوسين اود ان انبهك الى ان البشر القدماء جدا كانوا يعتقدون بأن دعوة الالهة الصغار كانت تكمن في ان يخدموا الالهة الكبار. ( كما في اسطورة انما اليش ). افما تعمل انت كذلك؟ وهنا مرة اخرى اسألك ترى من هو الهك الذي تتكلم عنه، واين هو واين هي سماؤه، هل هي الخيمة الزرقاء – فوقها؟ ام تحتها؟ ومرة اخرى اقول ما هي النفس بحسب تفكيرك؟ هل فكرت في ذلك؟

نعم يا سيدنا ان الانسان ليس مدعوا من احد ولا يعمل من اجل احد. ان الانسان، يرى ذاته تلقائيا وغريزيا مدعوا الى خدمة كيانه الانساني من اول ما يولد. فبشكل غريزي يعي الانسان ذاته بالتدريج كطفل وكصبي او صبية، وكمراهق ومراهقة وككهل بالغ او امرأة بالغة، وكانسان بلغ مرحلة الشيخوخة التي تفضي اخيرا الى الموت والى انتهاء الانسان، وليس الى اي خلود في العالم الآخر، بل ربما كنوع من الخلود عند الأحباب وعند غير الأحباب عندما يكون الانسان المتوفى عنده ما يعطيه الى الأباعد في اجزاء من العالم او حتى في العالم كله. غير ان خدمة الانسان لكيانه كفرد فريد لا يضاهيه فرد آخر في الدنيا هي خدمة تلقائية، هذا في حين ان الحيوان يخدم ذاته غريزيا كما يخدم انثاه وصغاره حتى يستطيعوا ان يستقلوا بذاتهم. لذلك فان ذات الانسان المستقلة، عادة ما لا تكتفي بمصالحها الفردية الأنانية فقط، بل تتوجه الى خدمة كل من تستطيع ان تصل اليهم، لتعمل حوارا انسانيا معهم بحيث تتحقق الكرامة للجميع وتتحقق الحقوق للجميع بحسب حضارة كل زمان، هذه الخدمة التي غالبا ما ينظمها المجتمع الانساني بطرق معينة وهي طريق الأجرة وتأجير الخدمة للدولة ام للأفراد. غير ان خدمة الآخرين تأتي بشكل مجاني في ظروف معينة من اجل انقاذ الأخرين من العوز والموت والفاقة والمرض وفي حالة احتلال بلد من قبل بلد آخر اقوى منه كثيرا.الخ... طبعا هذا هدف غير اناني لا يصل اليه البشر الا بصعوبة. ويصير هذا الهدف سجية عند بعض الناس الذين يملكون عمقا انسانيا وروحيا فريدا بدون صعوبة تذكر، حيث يصير الصلاح عندهم فضيلة وكأنها مغروزة في طبيعتهم (Habitus ). اما الاهتمام بالعائلة بعد الزواج فتصبح خدمة الزجين لبعضهما البعض امرا مطلوبا وليس فقط امرا محببا. هذه المسألة تحتاج مقالا كاملا.

+ واذن يا سيدنا املي انك تستعمل الشوكة الرنانة التي يستخدمها الموسيقيون من اجل الحصول على نغمة LA لموازنة ارتفاع او انخفاض السلم الذي يستخدمونه في الغناء الصوتي خاصة. فسيادتك مدعو الى معرفة المنطلقات الأساسية ( القاعدة ) التي يسير عليها المفكر حين يعلن فكره العلمي. فالقس لوسيان يقول بأننا ليس بيدنا اي برهان، لا بل اقل دليل على وجود التخاطب بين السماء وبين عالم الاله من جهة وبين الانسان وبين الهه ( ذاك الذي ... تكلمت عنه ). يعني ان عالم الاله صامت تماما من الاتجاهين. ثم هاك ملاحظة اخرى تعينك على اتباع المنهجية العلمية والابتعاد عن المهجية التقليدية المبنية على وهم حضاري. هذه المنهجية تقول: لا يمكن استخدام كلمة الايمان والغيبيات لتبرير وجود علاقة الله بالانسان وامكانية اتصال الله بالانسان. فاذا حصل هذا التبرير باستخدام كلمة الايمان فانه سيعني القبول وتصديق ما لا يجب ولا يجوز تبريره وقبوله. فالفلسفة الانسانية تقول: ان معرفة الانسان للأمور الموضوعية الشيئية لا يمكن ان تحصل الا عن طريق العقل، في حين ان الايمان هو شيء آخر تماما. طبعا ان عقول البشر ليست متساوية في قدراتها، كما ان عقول البشر تتفاوت في قدراتها بحسب الزمان والمكان. الأمر الذي يسبب كثيرا من المشاكل ويتطلب من البشر كثيرا من التواضع من اجل المقابسة من ناحية وكثيرا من التعاون من ناحية اخرى، بحيث يستطيع من عنده اكثر ان يفيد من عنده اقل. وتستطيع اجيال ان تتجاوز ما جاء لها من الأجيال التي سبقتها. فالانسان بالحقيقة ليس جزيرة معزولة وانما هو اواني مستطرقة يكون الماء فيها على ارتفاع واحد، مع اختلاف قدرة استيعاب كل اناء عن الآخر. وبذا يتم التقدم البشري. اما بقاء البشر في عزلة تامة عن الآخرين فهذا يعني التأخر والتناحر. كما ان اهمال قدرات العلماء العقلية يعني الحكم على الذات بالفقر الحضاري وحتى الفقر الروحي والانساني. وكذلك القول بالنسبة للعلاقة بين المادة والروح فيما يخص الأفراد وما يخص المجتمعات، اذ اننا لو نفينا هذه العلاقة لبقيت المادة على حالها البدائي وبقي الروح على حاله البدائي ايضا، واصبح الانسان كائنا متوحشا كالانسان القديم الذي يرينا علماء الاحاثة صوره او ال Planétologues علما بأن كل هذا يعود اساسا الى العقل بشكل اساسي. وهنا نقول بصراحة ربما استجابة لمشاكلك الفكرية وفلسفتك الارلاندية التي تستخدمها لكي تبقى في مستوى التعليم الذي اخذته في ايرلاندا، مع انك، على ما اعتقد لا اظن انك تعلم ماذا حصل مع تعليمك الذي كنت قد اخذته من معهد تئشئة القسس في ارلاندا منذ زمن طويل، فهل يعقل ان تبقى ارلاندا كما كنت قد عرفتها منذ زمن طويل، في حين يخضع كل شيء للتقدم الحضاري والفكري واللاهوتي ايضا. انا نفسي سألت يوما رئيس الرهبان الدومنيكان عن قوة تعليم توما الاكويني ( القرن الثالث عشر ) فاجابني بصراحة انهم لا زالوا يعلمون توما الاكويني لكنهم لا يستطيعون ان يفرضوه على طلابهم الشباب. اما اذا سألتم عن دليلي فيما اقول اجيبك بان دليلي يعتمد على عدم وجود برهان او دليل على امكانية التراسل بين الأرض والسماء المزعومة عندك وعند اي شخص آخر. فأقول وهنا اضيف مثلا عن نفسي. فانا لم اسكت ابدا على الاحتلال وعلى الذين ساهموا في تدمير العراق، وانما كتبت اكثر من ثمانين مقالا رائعا شجبت في تلك المقالات المحتل والذين تعاونوا معه ، ولم اتوقف عن الكتابة عندما اغلقت مدونة كتاب عراقيون من اجل الحرية، بل توقفت عن الكتابة حين تم تهجيري مع الآخرين الى دهوك، حيث بدأت اكتب مقالات تخص كنيسة المشرق بجميع مكوناتها.

+ ماذا يقول القدماء؟ ان القدماء كانوا ينسبون كل شيء الى الههم، ويكفرون الآخرين عندما يسمعونهم لا يقبلون افتراضاتهم الوهمية. اما عندما يكون بعضنا قد تجاوز مرحلة الوهم الحضاري، كما يحدث لبعضنا اليوم ومنذ زمن لا بأس به، فان الأمر يختلف تماما، لأن من تجاوزوا الوهم الحضاري لا يكفرون احدا اذا لم يصدق ان الله يخاطب البشر. فاليوم نرى بشرا كثيرين يعتقدون بأن الله يعمل لهم كل شيء استنادا الى عقائد هم لا يعرفون انهم بفكرهم يبقون في الضلال عندما يكفرون الآخرين الذين لا يتبعونهم، كما حصل للقس لوسيان مع بطريركين هما البطريرك العقائدي بيداويذ الذي الغى مؤتمره البطريركي لمجرد عرف ان اسم القس لوسيان كان موجودا في ورقة الايمان المجمعية. وهكذا قل بشأن البطريرك لويس ساكو. كما نرى علمانيين كثيرين جهلة ومتعلمين، مسيحيين ومسلمين، يكفرون كل من لا يقبل بخياراتهم السلفية. علما بأن البطريرك بيداويذ كان قد ارسل المطران كوركيس كرمو ليمنع القس لوسيان من اية مشاركة حقيقية في امور الكنيسة، لكي يفرض معتقداته او عقائده على الكتيسة باجمعها. البطريرك لويس ساكو لم يكن بعين المستوى لكنه فعلا ابعد القس لوسيان من نشر افكاره. مرة اعطيت له مادة ممتازة وهو نفسه اعترف بأن تلك المادة كانت جيدة جدا وكانت تحوي بعدا روحيا. فانتهزت الفرصة لأجربه وقلت له: اذن سيدنا ضعها على مدونتك. بعد قليل اجابني: لقد اعطيت هذه المادة للسكرتير فاجاب انه فات وقتها وانها تذكر اسماء عديدة، في حين انها لم تكن موجهة الا الى صديق قسيس كان لي عنوانه. وهكذا بكذبة بسيطة امتنع البطريرك من وضع مقالتي على موقع البطريركية، استجابة لمركز عقائد الايمان التعسفي الكريه والمسيطر على كنيستنا وعلى حرية المسيحيين، وفي حين نعلم ان تلك العقائد كانت صادرة عن مجمع باشارة من الامبراطور من اجل تعزيز قبضته على مسيحيي امبراطوريته. ومهما يكن فان تلك العقائد ادت الى جرائم بحق من كان يخالفها من مختلف البشر حتى صارت ضحايا تلك العقائد ما يقرب من 17 الف ضحية بين القرن الثاني عشر والسادس عشر. ( معلوماتي شفهية وناتجة عن قراءات سابقة ). اما اليوم فان رؤساءنا الكنسيين الذين اختلسوا مهمتهم البطريركية فانهم لم يعد باستطاعتهم قتل المجددين لكنهم كانوا ولا زالوا يحاولون ان يقتلونهم معنويا. هل نجحوا؟ وهل كان يمكن ان ينجحوا الا مؤقتا؟ ! ! ومع ذلك اذا عدنا قليلا الى الوراء سنرى كنيستنا منكوبة بحسها الايماني والحضاري، وهي الى حد هذا اليوم على حالها الأول تقريبا. الا ان تدخل البابا فرنسيس في مسألة العقائد، ومؤخرا جدا في مسألة الصوم وتقليله من قيمة الصوم واعطاء اهمية كبرى لفضائل ذكرها بالاسم لا نقول هو قصم ظهر البطريرك السلفي المعادي لشعبنا المسيحي وتقدمه، لكن نقول ان البابا فرنسيس قصم عناد غبطة البطريرك ساكو وتمسكه باعادة المسيحيين الى عهد التأخر الحضاري.

هذا مع العلم اني كان يمكنني ان اسرد امورا كثيرة بشأن ما نحن بصدده، الا اني امتنع هنا عن ذكرها لكي لا اطيل ولا اجرح احدا بكلام خادش يستحقونه. . ولكن اقول فقط ان خيار البطريرك في التعامل مع عقائد الايمان من خلال كلمة الايمان التكفيرية هو خيار يعني قبول وفرض ما لا يصدقه العقل ولا يقبله، وهذا الأمر ينطبق على الأمور الشيئية المنظورة الموضوعية في عالمنا كما ينطبق على امور موضوعية شيئية غير منظورة في العالم الأخر مثل الله ومريم ويسوع والقديسين، ومثل الأقانيم الثلاثة ومثل كل قانون الايمان الذي ليس فيه من الايمان بقدر حبة خردل. ولذلك ما كان يجب على اي رجل دين ان يتفوه بهذه الأمور لآن مثل هذه الأمور تسلب حقوق الانسان باكراهه على قبول ما لا يمكن ولا يصح قبوله، لأنه يتناقض مع عقل الانسان بالفرنسية يقال: Absurde. هذا مع العلم ان البابا فرنسيس يقول بأنه يريد ان يحرر الكنيسة من عقائد يلجأ اليها البعض حاسبين انها تطمئن حياتهم. غير ان البابا لا يجرم ايضا من يحب ان يصوم شرط ان لا يفرض هذا الصوم على العائلة كلها.

فهل ترى يا سيدنا بأني من خلال توجيهي الكلام الى سيادتك، انت الذي تتكلم عن ذلك الذي يريدك ان تكون To Be not To Haveانما اقصدك انت بالذات مباشرة واقصد بعض او كل رؤسائنا الآخرين ايضا، وذلك بحسب المثل الشعبي الذي يقول: انه يتكلم مع الحائط لكي يسمع من هم فوق السطوح. ( هناك اسطورة بهذا المعنى ايضا.

اما الآن فأسألك واقول: من قال لك من هو ذلك الذي يريدك ان تكون ما يحتاجه ان تكون الى آخره، وكيف عرفت انت ما يريده؟ وكيف عرفت بوجود عالمه في حين ليس لك اي دليل عقلي غير تكفيري، على وجوده، وفي حين ان ما تسميه الايمان في هذه الأمور ليس اكثر من تكفير من لا يصدقك، حيث يقال ان التكفير هو سلاح من لا برهان له.

+ هذا مع العلم اني لا اعرف اذا كان التعليم في معهدك قد بقي على افكاره الى حد هذا اليوم. اما مسألة وجود العلة الأولى ويكون عالمنا وانساننا العلة الثانية فهي مسألة لا نخوض فيها وهي كما تعلم مسألة ارسطوية بعد ان كانت تسود عالمنا الأفلاطونية الطوبائية، الأمر الذي لا يمنع من ان يكون الله موجودا وفي نفس الوقت لا يستطيع او لا يريد ان يخالف طبعه في التدخل في حياة الانسان ويحفظ للانسان كل حريته وكل مسؤوليته عن عالمه، بما يفيد الانسان، وان يكون العلماء والفلاسفة والتكنولوجيين مسؤولين مسؤولية مباشرة واخلاقية عن العالم بتضامن مطلوب بين هؤلاء العلماء والفلاسفة وكل البشر الحسني النية والطوية. وهكذا يمكننا ان نستنتج نحن ان الله بعدم تدخله في حياتنا بشكل مباشر او غير مباشر يظهر لنا محبته وديمقراطيته الكاملة بحفاظه على حقوقنا الانسانية ومنها الكرامة لكل انسان. ولكن مع هذا اقول ان الاله كعلة ارسطوية وتوماوية ( توما الاكويني ) ربما اساسا لا يستطيع ان يكون اكثر من ذلك وبالتالي يكون من الطبيعي ان لا يكون علاقة مع البشر ولا يستطيع البشر ان يكونوا علاقة معه. ونقول: ترى الا يحق لنا ان نستخدم عقلنا ونستخدم ظاهرة صمت السماء تجاهنا كدليل على استنتاجات اخرى تفند السلفية البطريركية وسلفية كثير من الأساقفة والقسس وتعليمهم الموغل في الاعتماد على التقليد بحجة انهم لا يريدون تشكيك الضعفاء والجهلاء؟

ومن هنا ايضا يا سيدنا يكون على السلفية ايضا، ومنها بطاركتنا واساقفتنا وقسسنا ان يفهموا بأنه لا يجب عليهم ان يتنكروا لهذه الحرية والكرامة التي فهمناها من وثوقنا الفلسفي بالاله كعلة اولى Cause première. علما بأن الفلسفة هنا هي عمل عقلاني ولا علاقة لها بالايمان بمعناه الذي ينظر الفيلسوف اليه كشيء من الأشياء الموضوعية. ولهذا ننفي هنا وجود ما كان الأقدمون يسمونه فلسفة مسيحية كانت تفرض على الناس باسم الايمان. هذا هو دور العقل، انه دور رائع، سواء قبل البطاركة والأساقفة السلفيون ام لم يقبلوا، وسواء تساهلوا مع المجددين ام امعنوا في اضطهادهم، لأنهم يحسبون، سواء من باب الوهم الحضاري ام من باب الرياء بأن المجددين خارجين عن الايمان القويم، هذا في حين ان استنتاجاتنا العلمية تقول ان التراثيين والسلفيين هم الذين يصيرون خارج الايمان القويم وعليهم ان يقروا بذنوبهم وخطاياهم تجاه الحقائق الدامغة التي تقودها عقول سليمة، حيث لا مجال للمراوغة معهم والزامهم بقبول انصاف الحقائق حفاضا على مصالح الروْساء المشبوهة بأنواعها المختلفة ولاسيما بعد احتلال العراق الاجرامي ومجاملة المحتلين بذريعة الحصول على مساعدة اقطاب الاحتلال للمسيحيين. ان غاية مساعدة المسيحيين لا يجوز لا يجب ان تبرر الوسيلة السيئة مثل الخيانة الوطنية، كما رأيناها بشكل معلن عندما سأل الصحفي غبطة البطريركي بقوله له: ولكن يا سيدنا المعروف هو انكم انتم المسيحيين كنتم موجبين عند صدام حسنين: فأجاب غبطة البطريرك جوابا اظهر فيه كل حقده على صدام حسين والعراق الحر حيث قال: لا ... هم هو عمل حروبا كثيرة، وتناسى الحقيقة التي تقول ان صدام عًملت عليه حروب كثيرة ومنها احتلاله للكويت عندما رأى ان الكويت زحفت حدودها عدة كيلومترات في الأراضي العراقية النفطية. وهكذا كانت الحرب مع ايران مفروضة على صدام حسين بارادة وتدبير امريكي انتقاما من صدام على تأميم نفطه. هكذا اذن رأينا غبطة البطريرك انسانا ميكيافليا يبرر الوسيلة من خلال ادعائه حسن النية عند تبريره مؤامرة اغتيال صدام حسين بحروبه الكثيرة. وهنا اتساءل عما سيفعلة سيدنا ساكو وغيره اذا صح الكلام الذي يقوله البعض من ان الذي اعدم لم يكن صدام حسين، وانما كان شبيها له، وان صدام حسين لا زال حيا يرزق تحت حراسة من يحرسه ربما الأمريكان. ويقال ايضا ان الأمريكان اعدموا البديل.

+ هذا ويقينا يا سيدنا انك لم تقبل ان تجاري سيدنا لويس ساكو في تبريره لعملية اغتيال صدام حسين، لكنني اقول لحضرتك: انت من الذين يعرفون الحقيقة ولا يتجاسرون ان يعلنوها في مسائل عديدة وليس في المسائل السياسية حسب. فمثلا على الأكثر انت كنت تعرف ان ما طرحه القس لوسيان في مسألة معرفة حقائق الكتاب المقدس ونصوصه ابتداء من العلم، وليس ابتداء من التقاليد غير العلمية هو شيء صحيح، وعرفت ان القس لوسيان على حق المدعوم بخبرة معمقة بكثير من الأمور الكنسية لكنك يبدو انك ليست لك الشجاعة في اعلان رأيك بتأييد القس لوسيان، في حين تعرف ان يسوع قال عند ذمه اليهود الذين اعتدوا عليه ما ياتي: بما انكم تقولون انكم تعرفون الحق فان خطيئتكم ثابتة. يسوع كان قد قال على الصليب: يا ابتاه اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يعملون. يسوع لم يكن يريد ان يجرم ابناء امته وابناء جلدته. لكنه اجبر على ذلك عندما كان في الحياة. هنا فقط جاءت على بالي قضية اود ان اذكرها، بحسب القاعدة التي تقول الشيء بالشيء يذكر. ففي احد الأيام ذهبت عند صاحب الجملة الذي يبيع السفن والفانتا. فطلبت منه صندوقا واحدا نصفه سفن ونصفه فانتا. فرفض وقال لي خذ صندوقين. في الطرف المقابل من شارع فرعي غير عريض كان بائع آخر يلاحظ ويسمع ما قاله لي بائع الجملة الأول. فاشار لي بالتقرب منه وقال لي: يا ابونا لا عليك: ان من لا يعرفك يجهلك. مرة اخرى تعال عندي واطلب ما تحتاجه. هنا فقط اركز على كلام البائع الثاني: لا عليك ان من لا يعرفك يجهلك. البائع الثاني بالتأكيد كان يعرف مكانة القس لوسيان عند اهالي تلكيف مسيحيين ومسلمين، ولذلك قال لي: ان من لا يعرفك يجهلك. فمثل من انت يا سيدنا عندما اراك تراوغ لكي لا تعترف بأن طرح القس لوسيان جميل العلمي هو الصحيح ويجب على الكنيسة ان تعمل به. اما سيدنا نجيب ميخائيل فان قضيته معي معقدة وسابقى احترمه، حتى لو كانت له بعض التحفظات على اسلوبي الحدي مع غبطة البطريرك والبطاركة الآخرين، مع اعترافي بأن سيدنا نجيب ميخائيل مطران الموصل وعقرة لم يهتم بما سيقوله البطريرك عندما كرمه بعمل كارتات تمجد اعمال القس لوسيان مع الشعب المسيحي في رقعة كبيرة من ابرشية الموصل مثل تلكيف بالدرجة الأولى ومثل خورنات الموصل وبعض الخورنات في الأبرشية ولمجموعات كبيرة من فئات مسيحية، دونن ان يستثني خورنة برطلة الكاثوليكية السريانية وخورنة قره قوش – بغديده – السريانية. كما ان سيدنا لم يتردد، على ما اعتقد عندما عندما كتب لي قائلا: ان السيد كلود كليريت والأب عالم الاحاثة الكبير تيار ده شاردان وحضرة الأب المفكر لوسيان جميل، كل منهم يبدع في مجال بحوثه وعلمه وروحانيته. انهم يتحدثون عن البنية التحتية والبنية الفوقية وعلاقتهما مع البعض بوسع فكرهم وابداعات خبراتهم.

هذا، وبالمناسبة اليوم البابا فرنسيس اهدى لنا هدية الصوم ومعانيه بقوله ليس الصوم هو المطلوب، لكن المطلوب هو عشرة فضائل ثم عددها. البابا فرنسيس ضرب عناد البطريرك الذي وضع في تقويمه الكنسي صوما جائرا سواء في الباعوثا او ما يسمى الصوم الكبير. شخصيا كنت قد جادلت اختي واخي حول عدم شرعية وضع البطريرك مثل هذه الأصوام التي لا معنى لها، سيما وان طقسنا يقول ايضا ان الصوم من الأكل لا معنى له بدون الصوم من الخطايا. فهل سوف يعتذر غبطته على سلفيته ونيته في اخضاع شعبنا المسيحي لارادته؟ وهل سيتمكن سيدنا بشار في ابرشيته وسيدنا ميخائيل نجيب في ابرشيته ايضا ان يعلنوا عن ان واجب الصوم القسري قد انتهى زمانه؟ سوف نرى ان شاء الله.علما ان محاربة الصوم القسري من قبل البابا فرنسيس قد سبقه القس لوسيان هنا بين عائلته كما سبق للقس لوسيان ان عمل نظاما لمعيشة القسس من خلال رواتب مناسبة لكي يعيش القسيس بشكل كريم ولا يعتمد على الحسنات،و لكي يتفادى شكوك وجود قوائم اجور الأسرار، الأمر الذي اوصى به البابا فرنسيس بعد حوالي السنتين.

تحياتي لك يا سيدنا بشار رئيس اساقفة ابرشية اربيل ومعذرة على صراحتي الودية معك.

القس لوسيان جميل.

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

813 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع