الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ مُتمرِّس/ جامعة الموصل
موفق عبد المجيد.. من عمالقة حُرّاس المرمى العراقي
لحارس المرمى Goalkeeper مكانة خاصة في لعبة كرة القدم، فهو الحارس الأمين وحامي العرين الذي يذود عن المرمى ببسالة ويحاول جاهدا منع أي كرة من الدخول في مرماه.
لقد ذاد عن عرين أسود الرافدين عبر تاريخه العديد من الأسود الشجعان والنجوم الفرسان الذين كانت هتافات الجماهير تصدح لهم، وتركوا بصماتهم على الكرة العراقية بعد أن ذادوا بكل بسالة عن المرمى العراقي. فبقت أسمائهم يشار إليها بالبنان، ولا تزال ذكرياتهم في الوجدان وتعشعش في الأذهان.
العراق وكرة القدم وأشهر حراس المرمى:
يعدُ العراق واحداً من البلدان المهتمة بلعبة كرة القدم منذ دخول اللعبة مع دخول الجيش البريطاني إلى العراق مطلع القرن العشرين. وقد أنجبت الساحات والملاعب الكروية العراقية العديد من نجوم اللعبة أمثال جمولي وعمو بابا ومظفر نوري وفلاح حسن وحسين سعيد وأحمد راضي وحارس محمد.
كما أنجبت الملاعب العراقية مجموعة رائعة من حراس المرمى الذين مثلوا المنتخبات العراقية وذادوا عن مرماهم بشجاعة وبسالة وإقدام حتى ذاع صيتهم، وعلا شأنهم في البطولات الدولية والاقليمية والعربية، فرفعوا اسم العراق عالياً في الساحات الدولية.
ومن الأسماء اللامعة في حراسة مرمى المنتخبات العراقية:
• عادل كامل: أول حارس مرمى لعب للمنتخب رسمياً عام 1951.
• حمزة قاسم: حارس مرمى العراق والبصرة في أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات.
• موفق عبد المجيد: حارس مرمى منتخب العراق العسكري والوطني ولعب لفريق القوة الجوية، كونه ضابطاً في الجيش. لعب في أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات، وهو من الحراس المشهود لهم في العصر الذهبي لحراس المرمى.
• حامد فوزي: لعب لفريق القوة الجوية ومثَّل المنتخب العسكري والوطني حتى اعتزاله عام 1968.
• القط الأسود محمد ثامر: لعب لفريق (مصلحة نقل الركاب) وللمنتخب الوطني في نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات.
• لطيف شندل: لاعب فريق الشرطة والمنتخب العراقي الفائز بكأس العرب، ظهر في بداية الستينيات واعتزل اللعب عام 1973.
• إحسان بهيَّة: لاعب القوة الجوية عام 1968، استدعي لتمثيل المنتخب العراقي والعسكري ولعب حتى نهاية 1975.
• أنور مراد: حارس مرمى فريق (الفرقة الثالثة) ولعب للمنتخب الوطني في حقبة الستينيات.
• جلال عبد الرحمن: لعب لفريق السكك ومثَّل المنتخب الوطني، واشتهر في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، وكان بديلاً له الحارس شيت جاسم.
• ستار خلف: من أبرز حراس مرمى نادي الشرطة عام1967، مثَّل العراق في تصفيات كأس العالم في سدني 1973.
• فتاح نصيف: مثّل المنتخب العسكري والوطني وساهم في إحراز كأس الخليج عام 1984. كما مثَّل العراق في كأس العالم المكسيك عام 1986 واعتزل اللعب عام 1988.
• كاظم شبيب: لاعب القوة الجوية لعب لشباب العراق عام 1975 ومثَّل المنتخب العسكري والوطني واعتزل عام 1978.
• رعد حمودي: مثَّل فريق الشرطة ولعب للمنتخب الوطني العراقي وذاد عن مرماه ببسالة عالية. برز في حقبة السبعينيات واشتهر ببطولات الخليج، ويشغل حالياً منصب رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية.
• سهيل صابر: مثل الفريق العراقي وشارك في كأس الخليج 1986.
• عماد هاشم: مثّل منتخب الشباب في بطولة كأس العالم للشباب 1989 واختير أفضل حارس في البطولة. لعب مع الفريق العراقي حتى عام 1996 في بطولة أمم آسيا التي اقيمت في الإمارات.
• نور صبري: ساهم مع المنتخب الاولمبي والوطني في احراز بطولة أمم اسيا عام 2007.
موفق عبد المجيد حليم (1933-2020):
الكابتن العميد موفق عبد المجيد حليم رمز من رموز الرياضة العراقية، وأسطورة دولية بكرة القدم، وواحد من أفضل حراس المرمى الذين أنجبتهم الكرة العراقية. وهو من الشخصيات العسكرية المرموقة التي خدمت العراق بكل أمانة وإخلاص في المجال الوظيفي فضلا عن المجال الرياضي.
ولد موفق عبد المجيد في محلة (الشيخ محمد) في الموصل سنة 1933، وسطع نجمه الكروي في قلعة الرياضة الموصلية الإعدادية الشرقية التي كان مُدرس الرياضة فيها مُكتشف المواهب الأستاذ الكبير محمود يونس (أبو ليلى) (1919-2006) والذي يُعدّ بحق مدرسة كروية تخرج على يديها اثنان من أشهر مدربي العراق هما المرحوم عادل بشير وعبد الإله محمد حسن، فضلا عن العديد من الرياضيين البارزين، فاحتضنه وطوره وجعله حارس مرمى الإعدادية الشرقية، وفي العام 1951 أصبح موفق عبد المجيد حارس مرمى منتخب المعارف (التربية) ومنتخب الموصل وعمره لم يتجاوز 18 سنة.
دخل موفق عبد المجيد الكلية العسكرية وأصبح حارس مرمى لها. وبعد تخرجه من الكلية العسكرية، أصبح على مِلاك القوة الجوية، وأضحى حارسا لمرمى فريق القوة الجوية الذي يُعد أقدم أندية كرة القدم الاحترافية العراقية وأعرقها.
شهد العام 1954 سطوع نجومية الكابتن موفق عبد المجيد ليكون حارسا لعرين المنتخبات العراقية الوطنية والعسكرية بكرة القدم. وقد زامل أشهر اللاعبين العراقيين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي أمثال عمو سمسم وعمو بابا وأديسون وجليل شهاب وفخري أبو ليلى ورحومي جاسم وحامد فوزي وسعدي عبد الكريم وسالم أحمد وناصر جكو وجميل عباس (جمولي) وغيرهم.
شارك موفق عبد المجيد مع المنتخب العسكري العراقي عام 1954 في بطولة آسيا في طهران وأحرز العراق المركز الثاني بعد منتخب تركيا. وفي العام 1955 شارك العراق في بطولة الدول العربية التي أقيمت في حلب بسوريا وأحرز المركز الثاني أيضا.
وشهد العام 1955 زيارة قام بها فريق تاج الإيراني (الذي صار يعرف اليوم باسم الاستقلال) إلى العراق وتقابل في الثامن من آذار/مارس مع المنتخب العسكري العراقي وقد فاز المنتخب العسكري العراقي 2-صفر.
وفي العام 1955إشترك العراق في تصفيات كاس العالم العسكرية، وقد اوقعتنا القرعة مع المنتخب المصري الذي كان من أقوى الفرق عربيا واقليميا. وقد خاض منتخبنا لقاءا تاريخيا مع نظيره المصري في ملعب الكشافة في بغداد في أول مباراة يظهر فيها اللاعب الناشئ عمو بابا (20 سنة) مرتديا القميص الدولي العسكري للعراق بجوار ناصر جكو وعادل عبد الله وموفق عبد المجيد وجليل شهاب وجميل عباس (جمولي) ولطفي عبد القادر. وبعد مباراة مثيرة خسر منتخبنا العسكري (2-3) بعد أن نجح عادل عبد الله في هز شباك المصريين مرتين إلى جانب تألق نجوم المنتخب العراقي ليحملهم الجمهور على الاكتاف بعد انتهاء المباراة رغم الخسارة، وقد قاد الفريق العراقي المدرب الفلسطيني دنس نصراوي.
وفي العام 1959 شدَّ المنتخب العسكري الرحال إلى القارة الصفراء بإشراف المدرب عزيز الحجية، في رحلة هي الأولى من نوعها. وزار المنتخب العسكري، الذي اعتبرت مبارياته في تلك الرحلة بمثابة مباريات للمنتخب العراقي الأول، خلال شهر آب/أغسطس، ثلاثة بلدان آسيوية من دول الكتلة الشرقية، وخاض ثمانية مباريات، منها تعادله بهدف مع منتخب شنغهاي، وتعادله بثلاثية مع منتخب الجيش الصيني، وقد أشادت الصحف الصينية بالكابتن موفق عبد المجيد بوصفه أفضل حارس مرمى شهادته الملاعب الصينية. ثم حط المنتخب العسكري الرحال في كوريا الشمالية ليحقق الفوز على منتخب الجيش الكوري. ثم توجه إلى فيتنام وحقق فوزين على منتخب هانوي وعلى فريق المواصلات الفيتنامي وبنتيجة واحدة 4-2.
واصل موفق عبد المجيد مشواره مع المنتخب العراقي ولعب العديد من المباريات منها مع سوريا ومع روسيا في موسكو. وفي سنة 1961 تعرض إلى كسر لعظم الترقوه بالكتف أثناء مباراة المنتخب العراقي مع المنتخب الإيراني في إيران. وبعد هذا التاريخ لعب مباراة أو اثنين في بغداد ثم ترك ساحات كرة القدم واعتزل وأنهى مسيرته الرياضية الزاهية مبكرا، وقد جاء بعده الحارس حامد فوزي لحراسة عرين أسود الرافدين.
وقد استمر موفق عبد المجيد في خدمته في الجيش العراقي الباسل لغاية إحالته على التقاعد في سنة ١٩٨٨ وهو برتبة (عميد) لبلوغه السن القانونية.
تكريمه:
تسلَّم الكابتن موفق عبد المجيد العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته الرياضية، وتبقى أهمها أول جائزة استلمها من المرحوم الملك فيصل الثاني بعد المباراة التي خاضها مع المنتخب المصري في بغداد في ساحة الكشافة، حيث أهدى الملك فيصل ساعته الشخصية إليه. كما تم تكريمه شخصيا من قِيل رئيس الوزراء الزعيم عبدالكريم قاسم.
لقد شاء الله تعالى أن يغادر عالمنا الكابتن موفق عبد المجيد هذه السنة في ليلة السبت 18 يوليو/تموز 2020 وبرحيله انطوت صفحة من صفحات الخير. نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه، ويسكنه فسيح جنانه على ما قدَّم لبلده وإخلاصه في عمله.
1165 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع