عبد الله عباس
أحلامنا وعقدة المؤامرة :( كلام بيني و بينك ...لاتحچي لاحد ...!! )
هناكَ مقولة إجتماعية ليس لي علمٌ عن تأريخ ظهورها وتداولها بين الناس ولكن عرفت من صياغتها انها ليست من تراث الاجداد القدماء جداً، بل بدعة من بدع بعد عشرينات القرن الماضي بعد حصول إنهيارات متتالية في بلداننا بحضور (المحررين) من الغرب ! والمقولة يقولها صديق لاقرب صديق مؤتمن على خصوصيات الصداقة، ويبدء (كلام بيني وبينك..ها إذ سمعت نقلتها للاخرين بعد ماأطلعك على أي سر...!!) ..ولا يمرعلى إطلاعك على سر، سوى فترة قصيرة تسمعها من أكثر من مصدر، وأتذكر وأنا في مرحلة الدراسة المتوسطة وفي درس التأريخ وبعد أن شرح لنا استاذ الدرس (وكان عن تأريخ العراق الحديث، حيث الموضوع إحتلال العراق من قبل بريطانيا وإعلان الجنرال مود بأنه لم يأتي غازياً بل منقذاً للعراق وأهل العراق !) فتحدث الاستاذ عن بدايات إنتشار ظاهرة (كلام بيني وبينك و...لاتحچي لاحد) وربطها بذلك التأريخ ...! وأشار أن هذه الظاهرة كانت بداية لظهور (عقدة المؤامرة) إجتماعياً وقال : ليكون في علمكم أن من يقول لكم (كلام بيني و بينك لاتحچي لاحد ) يقصد وبدون ان تشعرإلا بعد حين أنه يريد منكم نشر الحدث أو المعلومة وهذا نوع من المؤامرة ...!! من خلال هذا الحدث سمعت كلمة (المؤامرة) وعندما وصلتُ عمراً بحيث أستطيع قراءة مايدور حولنا وكثرة سماعنا لهذه الكلمة من خلال الحديث عن السياسة، كنت اعتقد انه سيأتي يوم نصل لمرحلة النضج السياسي، عند حدوث إنعطافات مهمة، ننسى اللجوء لهذه الكلمة لتبرير إلاحباطات التي تؤدي بكل إلانعطافات يتصور منها الاكثرية أن تؤدي الى اوضاع ٍ افضل
بعد مرور أكثرمن سنة على حركة 14تموز 1958التي أدت إلى سقوط النظام الملكي في العراق التى كانت متهمة بالعمالة للانكليز ! ولم يحدث أي شىء ملموس من وعود قادة الحركة لصالح استقرار البلد، بل مشهد الفوضى كان مهيمناً على البلد، فبدء الناس يتسأل : أليس من المفروض ان نكون في وضع ٍ أحسن ؟
فكان رد مؤيدي الحركة لعدم حصول تغييرات نحو الاحسن قولهم المشهور يتذكره الكثير من العراقيين : (يا اخوان ترى نحن سقطنا نوري سعيد …بس إلانكليز بعدهم فى المنطقة يتأمرون ..لازم نصبر..!!) فكان رد الشخصية الشعبية (ملا إسماعيل) لابنه في مدينة السليمانية : (إذا ننتظر إسقاط الإنكليز في المنطقة …ومن سقوط نوري سعيد ماحصلنا غير التصفيق ..لازم ابن ..ابن …..إبنك يضحك على الورطة الي ورطتنا فيها 14تموز…..!!) وما أشبه اليوم بالبارحة في العراق كما يقول أبو المثل .!
طبعاَ حتى لايقال نحن نتحدث عن مسألة (المؤامرة) للاحداث كمطلق !، نقول نعم أنها موجودة كـ (نظرية)، ولكن لايمكن وفي حياة الشعوب الحية ان يقودها الواعين لاهداف ومصالح تلك الشعوب يسمحون ان تتحول إلى (عقدة) تَسود مستقبلهم، نعم أن(نظرية المؤامرة) محاولة لشرح السبب النهائي لحدث أو سلسلة من الأحداث (السياسية والاجتماعية أو أحداث تاريخية)على أنها أسرار، وغالباً ما يحال الأمر إلى عصبة متأمرة بشكل منظم هي وراء الأحداث، الكثير من منظمي نظريات المؤامره يدعون أن الأحداث الكبرى في التاريخ قد هيمن عليها المتآمرون وأداروا الأحداث السياسية من وراء الكواليس. ورد هذا المصطلح لأول مرة في مقالة اقتصادية عام 1920م ولكن جرى تداولها في عام 1960م، وتمت بعد ذلك إضافته إلى قاموس أكسفورد ولكن الملفت للنظر أن هذه النظرية ومنذ بداية تأسيس الكيانات في هذه المنطقة، أنتجَت بعد سقوط الدولة العثمانية وتوزيع تركتها حسب هوى المنتصرين الغربيين الإستعماريين، تحول لدى سُلطويين (حتى بعض الأطراف و التيارات السياسية خارج السلطة !) في هذه المنطقة التي نعيش فيها إلى حجة بعضهم للصعود غير الشرعي الى مواقع القرار والبعض الأخر للحفاظ على موقع وسلطة القرار،ومن الحجة تحول مع مرور الزمن إلى عقدة ! ....
1235 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع