عائلة الحاج نوري البارودي ..العائلة الرياضية الأشهَر في العراق

                                                     


               الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
                   أستاذ متمرس/ جامعة الموصل

       

عائلة الحاج نوري البارودي.. العائلة الرياضية الأشهَر في العراق

عندما نتحدث عن الإبداع العراقي، فلابد لنا أن نتوقف مليا أمام عائلة أرست دعائم الإبداع وأمتعت الجمهور العراقي على مدى عقود، وساهمت برفع اسم العراق في المحافل الدولية.. تارة نجدها على الأديم الأخضر في سوح كرة القدم، وتاره أخرى في مضمار عروس الألعاب (ألعاب الساحة والميدان). إنها عائلة الحاج نوري البارودي.. العائلة الرياضية الأشهَر في العراق، والتي قدَّمت الكثير للوطن خلال العهدين الملكي والجمهوري.

هذه العائلة الكريمة أنجبت نخبة طيبة من المبدعين، بدءا من الأب ثم أبنائه موفق، ثم مظفر ثم صباح و رياض ومن ثم أسامة. ولم يقتصر إبداع هذه العائلة على الذكور فقط؛ بل كان لشقيقتهم (إيمان نوري) مساهمة فاعلة في كسر العديد من الأرقام القياسية في سباقات الساحة والميدان. هذه المقالة تُسلط الأضواء على هذه العائلة الكريمة وفاءا لما قدمته لبلدها بعد أن تخافتت الأضواء عنها.

الحاج نوري البارودي (١٩١٢-١٩٩٠):
هو الحاج نوري بن الحاج فتحي بن الحاج حسن البارودي الحريثي الطائي. ولد في مدينة الموصل من أسرة معروفة، وانتقل إلى بغداد في العام ١٩٣١، وتزوج هناك، ومارس كرة القدم في مدارس الشرطة. ولعب لفريق اللاسلكي ومصفى الدورة، وأحرز مع الفرق التي لعب فيها عددا من الألقاب. وتوجد في أرشيفه عدة أوسمة حصل عليها من الملك غازي (1912-1939) والملك فيصل الثاني (1935- 1958) رحمهما الله.

اهتم نوري البارودي بتوجيه وتدريب أبنائه وبناته على كل الألعاب وتنمية مواهبهم الرياضية. وأدى فريضة الحج في العام ١٩٧٨ وبقي حتى أواخر أيامه قوي البنية لولا تعرضه لحادث دهس في بغداد، بعدها تراجعت حالته الصحية ثم توفي في ١٩٩٠، ودُفن في مقبرة المأمون في الموصل.

رُزق الحاج نوري البارودي بخمسة ذكور وأربع إناث، ستة منهم كانوا من كبار نجوم الرياضة العراقية، وهم:

موفق نوري، من مواليد 1944:
لاعب شمولي لعب كرة القدم والسلة والعاب القوة، مَثَّل العراق عام 1966 في سوريا في بطولة المنتخبات المدرسية، وحصل على عدة القاب، كما مَثَّل نادي آليات الشرطة ونادي مصافي الدورة.

مظفر نوري (1947-٢٠٠٧):
لاعب مهاجم ومن الأسماء اللامعة في عالم كرة القدم العراقية، ونجم المنتخب الوطني ومنتخب الجيش بكرة القدم. لعب لفريق (آليات الشرطة) في عصره الذهبي، واستطاع أن يبرز ضمن مجموعه كبيرة من النجوم الكرة العراقية، واصبح هدّافا مميزا، خطف الأضواء سريعا وتم استدعائه لتمثيل المنتخب الوطني العراقي في العام 1965.

لُقب مظفر نوري باللاعب الأوربي لسرعته الفائقة وطوله الفارع ومراوغته على الجناح اليسار، وقد اختير أفضل لاعب في العراق سنة 1969. ومثَّل المنتخب العراقي في افتتاحية ملعب الشعب الدولي أمام بنفيكا البرتغالي بنجمه الشهير (اوزبيو). وأصبح بعد ذلك النجم الأبرز في المنتخب العراقي، وكان شيخ المعلقين المرحوم مؤيد البدري (1934-2020) من أشد المعجبين به.

شارك مظفر نوري في العديد من البطولات وأحرز العديد من الأهداف، كما شارك ضمن المنتخب العراقي ضد منتخب ألمانيا الديمقراطية في أول مباراة دولية على ملعب الشعب، وشارك في مباراة العراق-لوكوموتيف السوفيتي وسجل هدف العراق الوحيد.

وفي العام 1968 خاض منتخب العراق العسكري مباراة ضد منتخب العالم العسكري وانتهت بالتعادل 1-1 وسجل الهدف العراقي مظفر نوري. كما خاض العراق لقاءا مع منتخب جورجيا وتمكن منتخبنا من الفوز بهدفين أحرز أحدهما مظفر نوري. وفي العام 1970 لعب العراق ضد درسدن الألماني في ألمانيا وسجل مظفر نوري أحد هدفي العراق. وفي العام 1971 لاعب العراق الكويت ولم تمض إلا ثوان معدودة قبل أن يفتتح مظفر نوري التسجيل بقذيفة ويسجل الهدف الأول، ثم يدرك الأشقاء التعادل، ليأتي الرد العراقي بعد دقيقتين وبهدفين لدكلص عزيز وصباح نوري.

وبعد مسيرته الطويلة مع فريق آليات الشرطة والمنتخب الوطني العراقي اتجه مظفر نوري إلى التدريب، واستطاع أن يكتف عدة نجوم منهم المرحوم أحمد راضي. ثم اتجه إلى العمل الإداري مع نادي الشرطة وأصبح أمين سر النادي وكذلك عضو الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم. وبعد الاحتلال أصبح مظفر نوري رئيسا لنادي الشرطة وتمت إعادة هيكلية النادي ومشاركته في الدوري العراقي.

     

صباح نوري، من مواليد ١٩٤٩:
لاعب مُدافع من نجوم المنتخب الوطني العراقي بكرة القدم. لعب لفريق القوة الجوية عام ١٩٦٨، كما لعب ضمن المنتخب الوطني والعسكري والأولمبي. كان يُلقب باللاعب الحُر، ولعب في بطولة كأس فلسطين التي أقيمت في بغداد وأحرز العراق المركز الثاني بعد مصر. وقد أشاد كابتن المنتخب المصري (حسن الشاذلي) بالمستوى المتميز للاعب صباح نوري. وفي العام ١٩٧٨اعتزل اللعب واتجه لتدريب شباب القوة الجوية.

رياض نوري، من مواليد ١٩٥٣:
هو ثالث الأشقاء الذين مثلوا منتخب العراق الوطني والعسكري بكرة القدم بعد شقيقيه (مظفر وصباح نوري)، وهو نجم منتخب العراق في الستينيات وبداية السبعينات.

رياض نوري لاعب وسط مشهود له على الرغم من قصر قامته، مارس كرة القدم منذ نعومة أضفاره، وشارك مع المنتخب العراقي وعمره لا يتجاوز 16 ربيعا، وهو ملك خط الوسط ومشهور بمهاراته الرائعة ومناولاته الجميلة، وما أكثر الحناجر التي هتفت باسمه في ملعب الشعب وهو يداعب الكرة.

لعب رياض نوري لمنتخب تربية الكرخ، ثم التحق بفريق آليات الشرطة ولعب للمنتخب الوطني العراقي والمنتخب الاولمبي والمنتخب العسكري من سنة ١٩٧١ إلى سنة ١٩٧٧. ولعب في الدوري العراقي من عام ١٩٧٠ ولغاية ١٩٨٥. كما لعب في دورة الخليج سنة ١٩٧٦ وأحرز فيها العراق المركز الثاني. ومن الأهداف المميزة للكابتن رياض أول هدف عراقي في تصفيات كاس العالم ضد أستراليا عام 1973.

وشهد العام 1971 حدثا رياضيا نادرا عندما لعب المنتخب الوطني العراقي في بطولة (غرب آسيا) تحت قيادة المدرب عادل بشير (1926-1978)، حيث لعب الإخوة الثلاثة مظفر وصباح ورياض مع المنتخب العراقي في المباراة ضد الفريق الكويتي، وقد سجل هدف الفوز الفتى (رياض نوري) ابن 16 ربيعا.

وفي المباراة النهائية واجه شبابنا المنتخب الكويتي المُنَظِم للتصفيات، وتمكَّن رياض نوري من وضع البطاقة العراقية الوحيدة في مرمى المنتخب الكويتي بطل خليجي 1، لينتزع منه لقب غرب آسيا على أرضه ووسط جماهيره.

وشارك رياض نوري ضمن المنتخب العسكري العراقي في تصفيات كأس العالم العسكرية وخاض مباراة ضد المنتخب الفرنسي وانتهت بفوز العراق 4-2. كما تمكن أسود الرافدين من الفوز على الكويت وساحل العاج والكونغو ليحرزوا المركز الثاني بعد إيطاليا.

واستمر تواجد رياض نوري ضمن التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني والمنتخب العسكري على الرغم من التبديلات المستمرة للمدربين بين عراقيين وأجانب. وفي العام 1982 تسيّد نادي الشرطة العراقي الأندية العربية وأحزر رياض نوري هدفا في مرمى النجمة اللبناني.

لم يحصل رياض نوري على أية بطاقة صفراء أو حمراء طيلة مشواره الكروي، ولم يتوقف عطاءه عند هذا الحد، فقام بتأسيس مدرسة كروية أسماها (أكاديمية اللاعب الدولي رياض نوري) لتكون مصنعا لنجوم الغد وترفد الفرق العراقية بالدماء الشابة.

أسامة نوري، من مواليد ١٩٥٨:
آخر العنقود من الذكور، وهو لاعب القوة الجوية والشرطة والنفط لكن يبقى دمه أزرقا. مثَّل منتخبنا الوطني خير تمثيل ولعب في جميع المراكز باستثناء حارس المرمى، وهو لاعب مبدع مشهور بسرعته وغيرته وفدائيته.

كذلك كان متميزا في ألعاب الساحة والميدان وحصل على لقب بطل الساحة عندما فاز بثلاث فعاليات: 100م و200م والقفز العالي، ولا يزال رقمه الذي سجله في العام 1973 في فعالية 100م والبالغ 11.3 ثانية مسجل باسمه.

لعب أسامة نوري لنادي القوة الجوية لمده 14 عام حصل فيها على عدة بطولات داخلية وخارجية، كما شارك في عدة دورات في هنغاريا ويوغسلافيا. وقد استدعاه المدرب اليوغسلافي (كاكا) وشيخ المدربين عمو بابا والمدرب السوفيتي يوري ميروزوف إلى تشكيلة المنتخب الوطني.

وبعد أن مثَّل أسامة نوري عدة أنديه محلية، اتجه إلى التدريب، فدرَّب منتخب ناشئة العراق ومنتخب شباب العراق بعد السقوط عام 2003. واحترف في الإمارات، كما درَّب عدة فرق في العراق وهي فرق: كركوك وأربيل والسليمانية.


العداءة الذهبية إيمان نوري، من مواليد ١٩٥٩:
بطلة العراق والعرب في سباق 100 و200 متر بالإضافة إلى القفز العريض. حازت على عدة أوسمة ذهبية وفضية وكانت نجمة ساطعة في سماء العراق في منتصف السبعينات، وهي زوجة العداء الذهبي طالب فيصل بطل أسيا في ركضة 400 موانع.

عشقت الرياضة منذ نعومة أضفارها في بيئة رياضية مُمَيَّزة، وبدأت ممارستها الفعلية في العام 1969 في متوسطة الدورة، وسطع نجمها الرياضي في (ثانوية النهضة) للبنات فشاركت بنشاطاتها الرياضية المختلفة. ثم دخلت كلية التربية الرياضية وتدربت على أيادي أساتذة متميزين صقلوا موهبتها، فأينعت ثمارها وتخرجت منها سنة ١٩٨٠.

مثَّلت إيمان نوري منتخب مدارس تربية بغداد الكرخ في ألعاب الساحة والميدان وكرة السلة والكرة الطائرة، وحصلت في سنة ١٩٧٣ على المركز الأول في سباق ١١٠م موانع والطفر العريض. كما سجلت رقما قياسيا عراقيا في القفز العالي، فنالت لقب (بطلة الساحة والميدان)، وقد قام والدها نوري البارودي بتكريمها وتسليمها الجوائز أمام الجمهور.

ومثَّلت إيمان نوري منتخب العراق النسوي في فعاليات ألعاب الساحة والميدان، كما مثَّلته في سباقات الدورة العربية السادسة بكرة المنضدة والتي أقيمت في الإسكندرية عام 1975.

وحصلت إيمان نوري على المرتبة الأولى في سباق ١٠٠م في بطولة الشباب التونسي وشاركت في لقاء دولي بين العراق وتركيا سنة ١٩٧٧ واحرزت المرتبة الأولى في سباق ١١٠م موانع. وفي العام ١٩٧٨ شاركت في بطولة جامعات العالم، كما شاركت في بطولة آسيا لألعاب القوى.

ومن الإنجازات التاريخية للبطلة إيمان نوري أن الرقم القياسي العراقي للطفر العريض المسجل باسمها لحد الآن والبالغ خمسة أمتار و ٦٧سم والذي سجلته في العام ١٩٨٠ ولم تتجاوزه أي رياضية عراقية طوال أربعة عقود.

(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان: 74).

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

814 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع