علي الكاش
رفيق الحريري مؤامرة قبل وبعد إستشهاده
بعد مرور خمسة عشر عاما على مقتل الرئيس اللبناني الشهيد رفيق الحريري بتفجير إرهابي وقع بتأريخ 14/2/2005 في بيروت خلال ذهابه الى مجلس النواب، وقتل فيه (21) شخصا من حمايتة وبقية الناس المستطرقين، وجرح (226) شخصيا، مع انهيار العديد من المحلات والدور السكنية وتقدر الخسائر بمليار دولار، اطلت علينا المحكمة الدولية بقرار مفاجيء لا يختلف عن قرارات القضاء اللبناني المسيس لحزب الرئيس ميشيل عون وحزب حسن نصر الله وحزب رئيس البرلمان نبيه بري، فقد أدانت المحكمة عنصرا قياديا واحدا في حزب الله وهو (سليم عياش) وبرأت المجرمين الثلاثة المشاركين في العملية الإرهابية وهم (حسن حبيب مرعي) و(حسين حسن عنيسي) و(أسد صبرا).
بعد لغو وشرح هامشي لا قيمة له، كأن المحكمة تحكي أحداث فيلم غير مشوقة أحداثه، استمر حوالي ثلاث ساعات برتابة ومللٌ، خرج قره قوش القضاء (ديفيد راي) بمسرحية قريبة من (شاهد ماشافش حاجة)، بطلها (سليم عياش)، هذا العياش هو كاتب نص المسرحية وهو المخرج وهو الملقن، وهو مدير التصوير والديكور والموسيقى، وبطل المسرحية الوحيد، لا شريك له على خشبة المسرح.
قال القاضي" ان عياش مذنبا بما لا يقبل الشك بصفته شريكا في ارتكاب عمل ارهابي بإستخدام مادة متفجرة".
من البديهي ان نحلل قرار المحكمة، ولا نجعله يمر بمثل هذا البساطة، فنحن لا نقبل أن يُستخف بعقولنا بهذه الطريقة الساذجة من أي كان. لذا سننظر من حيت لم تنظر المحكمة في المسألة ولم تقم له اي إعتبار مع أهميته:
ـ في الحقيقة لم نسمع في القضاء عبارة (مذنبا بما لا يرقى اليه الشك) وانما نسمع بجريمة متكاملة او مدبرة أو مع سبق الإصرار والترصد. ثم هل هناك مذنب مثلا يرقى اليه الشك وآخر لا يرقى اليه الشك؟ ما هذه الخزعبلات يا قضاة.
ـ يقول القرار انه (عياش) بصفته (شريكا) ارتكب الجريمة، حسنا سنسايركم في هذا الطريق! طالما انه (شريكا)، فمن هم شركائه يا قضاة الطراطرة؟ هل يصح ان نقول ان فلان شريكا وهو بلا شركاء؟
ـ جاء في حيثيات القرار(بإستخدام مادة متفجرة) شكرا يا قضاء على هذه المعلومات المهمة، كنا نعتقد ان الشهيد الحريري قتل برصاصة طائشة، وليس بمادة متفجرة، الحمد لله انكم رفعتم عن أعيننا الغشاوة بهذه المعلومة الخطيرة التي كنا نجهلها، لكن نسألكم بدورنا لماذا لم تسموا لنا المادة المتفجرة وهي (نترات الأمونيوم) هل لانها ترمز الى أمر ما، أو الى جهة متخصصه بهذا النترات؟
ـ هل يمكن ان يكون عياش سوبرمان عصرة، بأنه وحده قام بهذا العمل الإرهابي الكبير، فهو من خطط ونفذ وجلب المواد المتفجرة وزرعها في الشاحنة، وانتظر مرور موكب الحريري، وراقبه على طول الخط، وفجر الشاحنة وانسحب، صدق القول (حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له).
ـ كانت هناك معلومات وثائقية عن اتصالات جرت بين الإرهابيين قبل تفجير الموكب، وأغلقت الهواتف بعد التفجير مباشرة، وتم التوصل الى أصحابها، فأين هذه الإتصالات وهل تم التحقيق مع أصحابها؟ الا يعتبروا هؤلاء شركاء في العمل الارهابي؟
ـ من المعروف أن حزب الله رفض الإعتراف بالمحكمة الدولية، ورفض تسليم المتهمين الأربعة الى المحكمة لغرض الإستجواب، فكيف تمت تبرأتهم، وأدين واحد، طالما ان المحكمة لم تستمع الى أقوالهم، هل إستجوبت المحكمة أشخاصا من وحي الخيال وتبنتها في الواقع؟ هل هنك قضاء يعتمد على التكهنات والتنجيم؟
ـ ماذا تم بشأن طمس معالم الجريمة في مكان الانفجار، ولمصلحة من تم تسريب شريط للجزيرة الفضائية عن الحادث من قبل (أحمد عداس) الذي سجل شريطا اعترف فيه انه قتل الحريري، وتبين انه شخصية وهمية اخترعته جهة ما للتمويه، وماذا عن الجهات الأمنية التي لم تُسمى من قبل المحكمة؟
ـ جاء في قرار المحكمة" ليس هناك دليلا على أن قيادة حزب الله كان لها دورا في الإغتيال"، إذن كان الإرهابي يعمل لحسابه الخاص، وربما كانت قيادته التي تلقى منها الأوامر هي قمقم عمليات الجان.
ـ ارسيتم يا قضاة العهر قاعدة قانونية شاذة ربما ستعتمد في محاكمة الإرهابيين مستقبلا، وهي قاعدة الغرض منها حماية قيادات التنظيمات الأرهابية، طالما ان العنصر الواحد هو المسؤول عن العمل الإرهابي وليست قيادة التنظيم أو الحزب التي ينضم اليها العنصر الارهابي، فهذا صك براءة لكافة قيادة الأحزاب والتشكيلات الارهابية عن اي عمل إرهابي يقوم به عناصرها، فأي عمل ارهابي سيكون مسؤولا عنه الفرد وليس قيادة التنظيم، وبموجب هذه القاعدة فإن قيادة تنظيم الدولة الاسلامية بريء من اي عمل ارهابي، لأن العناصر ـ وفق نظرتكم التافهة ـ التي نفذت العمل الرهابي كانوا بمعزل عن التنظيم. ويمكن للتنظيم ان يدعي ذلك، ويعتبر المقبور (ابو بكر البغدادي) برئيا من الأعمال الارهابية التي قام بها عناصر التنظيم. وعليكم أن تأخذوا به لأنها سابقة أنتم جئتم بها.
ـ ان كانت المحكمة تتعامل مع أهم عمل ارهابي أستهدف الشخصية الأولى في لبنان بهذه الطريقة المبتذلة، والإستخفاف بعقولنا، فهل يمكن الإعتماد عليها في بقية الأحكام الأقل اهمية؟
ـ لماذا أجلت المحكمة صدور القرار قبل تفجير مرفأ بيروت الى ما بعده، طلما القرار هو بهذه البساطة، وعلقت القضية بخيط مقطوع؟ هل كانت لكسب الوقت أم عقدت صفقة مع حزب الله لتمرير الحكم بهذه الطريقة الغريبة.
ـ إذا كانت تسويات المصالحة الوطنية بين الأطراف السياسية المتناحرة تتم على دماء الشهداء، فلا خير في مصالحة ملطخة بالدماء.
ـ هناك إغتيال آخر مرتبط بشكل مباشر بإغتيال الشهيد الحريري، وهو إغتيال الشهيد (وسام العيد) الذي الذي كشف الحقيقة وملابسات إغتيال الحريري، فأين الربط بين الإغتيالين؟ علما أن الجهة المنفذة واحدة.
ـ جاء في الأخبار ان سعد الحريري وعائلته رأوا أن المحكمة الدولية الخاصة بحادث إستشهاد الحريري كشفت الحقيقة، وان العائلة قبلت الحكم، مطالبة بتنفيذ العدالة.
ـ لكن عن اي عدالة يتحدث سعد الحريري. لقد طمست القضية ولم توضح تماما للرأي العام.
ـ كيف عملية إرهابية بذاك الحجم تُحمَل مسؤوليتها الى شخص واحد يا عائلة الشهيد؟
ـ هل تمت صفقة مع سعد الحريري لتمرير المسألة بهذه الطريقة المبتذلة، وهل يحق للحريري أن يساوم سياسيا على دماء والده الشهيد؟
ـ هل يعتقد الحريري أن رضاه بالحكم الهزيل، يعني رضا الشعب اللبناني به؟ هذا القرار يمثل إستخفاف بعقول اللبنانيين، ولا يجوز مروره بمثل هذه الطريقة الساذجة.
ـ لما برأت المحكمة الجانب السوري، علما ان الرئيس السوري حافظ الأسد سبق أن هدد رفيق الحريري بشهادتي حليم خدام، وغازي كنعان.
ـ هناك قاعدة مهمة في التحقيقات الجنائية وهي البحث عن الجهة المستفيدة من الجريمة؟ حسنا إفتونا يا قضاة المحكمة من هي الجهة المستفيدة من قتل الحريري؟
أقول لسعد الحريري:
ـ انا عراقي، وبعيد عن سياستكم الداخلية وتناحراتكم الحزبية، وليس لي مصلحة في القضية إلا من الناحية الإنسانية بإستشهاد رفيق الحريري، القائد الوطني الرمز، وحب لبنان بلدا وشعبا، ولكني لم أؤمن ولن اقبل بحكم المحكمة، فكيف قبلت به يا رجل؟ من لعب بعقلك؟
ـ لقد كان الوقت مناسبا لتعرية حزب الله وكشف حقيقته أمام اللبنانيين، سيما بعد فاجعة بيروت التي يتحمل وزرها حزب الله أيضا، ولكنك قدمت خدمة كبيرة للحزب بموقفك هذا، فكيف تفسره للرأي العام؟
ـ ان جاءوا بك رئيسا للحكومة اللبنانية مرة اخرى، فهذا يعني ان صفقة ما تمت في الدهاليز السياسية انعكست على المحكمة الدولية، ولا يوجد تفسير آخر.
ـ سواء سلم حزب الله المجرم عياش او لم يسلمه، فالقضية حُسمت لصالح حزب الله، قإن سلمه فهذا يؤكد انه جرت صفقة مع حسن نصر الله، وانه قد إعترف بالمحكمة الدولية التي رفض الإعتراف بها سابقا، وهذا الموقف يستوجب التوضيح. وإن لم يسلمه فهذا يعني أنه مازال مصرا على عدم الإعتراف بالمحكمة، يعني على قول إشقائنا المصريين (كأنك يا ابو زيد ما غزيت).
كلمة أخيرة للمحكمة الدولية:
لقد خذلتم الشعب اللبناني بحكمكم المسيس هذا، وصرتم محط تهكم وسخرية من قبل الشعب اللبناني والعالم، لقد فقدتم ضمائركم، وبعتم شرفكم، جعلتم المحكمة تفقد هيبتها أمام العالم، أن تتواطأوا مع سياسيين من خلال الرشاوي، ربما نتفهم الأمر، لكن أن تتواطأوا مع إرهابيين فالمسألة فيها نظر، يا عديمي النظر. محاكمكم الدولية تبين انها لا تختلف عن محاكمنا الدولية، فيا خيبتنا بهم وبكم.
1088 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع