حوار بين الفكر السياسي والفكر العسكري د. ضرغام الدباغ / اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس

                                                   

                           د.ضرغام الدباغ

    

دراسات ـ إعلام ـ معلومات

العدد : 215
التاريخ : 2020
حوار بين الفكر السياسي والفكر العسكري د. ضرغام الدباغ / اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس

كنت قد دونت في وقت سابق ملاحظات عن مصطلحات في الفكر العسكري، يمكن أن تستخدم في الفكر السياسي وفي رؤية السياسيين لموقف يحتاج إلى رؤية عميقة. ثم أني أردت أن تكون ملاحظاتي صائبة وليست بعيدة جداً عن مناهل الفكر العسكري، حتى اهتديت اهتديت إلى استشارة صديقي وأخي اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس، وهو ليس فقط جندي محترف، بل هو من عائلة جندية عريقة، فوالدة (المغفور له) أحد ركائز الجيش العراقي، كوزير للدفاع ورئيساً لأركان الجيش. واللواء الركن علاء الدين خماس، توصل إلى امتلاك نواصي العلم العسكري، وله فيها منجزات فكرية هامة، ودرس القانون الدولي، لذلك كانت لمداخلاتنا فائدة كبيرة، رغم أنها تدور حول مصطلحات ستة فقط، ولكني أعتقد أن الأفكار الناجمة عن الحوار : سياسيا وعسكرياً، صالحة للنشر تعميماً للفائدة.
تأملت كم كان سيكون مفيداً، لو أن لقاءات، وأعمال وبحوث مشتركة بين مفكرين سياسيين وعسكريين، وعلماء جغرافيا وتاريخ، واجتماع، وعلم النفس، عدا علماء الفيزياء والكيمياء، عراقيين وعرب، تقام في الصروح الأكاديمية العراقية، وبمشاركة واسعة لدرجة إقامة فرق عمل وبحث (Workshop) أو سمينارات (Seminar) لها طابع بحثي أكاديمي عميق لبحث معضلات تنشب في الميدان. وأن لا يترك الأمر للمصادفات وللعلاقات الشخصية.
فعلى سبيل المثال، علمت أن معضلة كبيرة في إحدى الجيوش العربية جرى حلها على يد ضابط احتياط (مهندس / كهرباء) عبقري برتبة ملازم، وذلك بعمل وشيعة كهربائية تسحب بعض أنواع قذائف العدو التي تعمل بوسائط حرارية أو كهرومغناطيسية. ومن ذلك أيضا أن الضابط الذي أبتكر المدفع المائي لتفتيت خط بارليف للعدو في حرب / 1963، هو ضابط خريج كلية الهندسة / ميكانيك، وأبتدع فكرة المدفع المائي خلال اشتراكه ببناء السد العالي (أسوان) فوفر بذلك 20% من الخسائر في قطعات الصولة المظفرة العابرة لقناة السويس.
وبنت ألمانيا عقيدتها السياسية / الإستراتيجية في مرحلة بعد الحرب العالمية الأولى، بناء على أفكار (Karl Haushofer) عالم هو جغرافي أكثر منه عسكري في عنوان رئيسي " الزحف نحو الشرق " (Drangen nach Osten) ومفاد هذه النظرية (بأختصار شديد)، أن المصالح الحيوية الألماني هي في إيجاد مجال حيوي (Lebensraum) في شرقي أوربا التي تمثل المستودع الغذائي، والطاقة (البترول الروماني، والقوقاسي، والفحم البولوني والأوكراني) ويساعد على ذلك وجود عروق ألمانيا بكثافة معقولة في هذه الأرجاء.
وكذلك الاستراتيجي البريطاني ليدل هارت (Liddell Hart) الذي كان مهتماً بحكم عمله (كمراسل صحفي عسكري) بالحرب الآلية (الميكانيكية) وتكتيكاتها، وانغماسه فيها أدت لأن يكون مستشاراً لوزير الدفاع، وأحد منظري الحرب الآلية.
ولئن كانت العسكرية هي نشأة مفكر الحرب الآلية / المدرعة، الجنرال الألماني الشهير هاينز غودريان (Heinz Guderian) إلا أن هذا الضابط العبقري (المخطط ــ الاستراتيجي) أختلف دوماً مع رؤساءه (وسيظل مختلفا حتى النهاية)، منذ أن كان برتبة صغيرة (ملازم أول) وفي رتبة النقيب أختلف بشكل جذري، وبدا لبعض رؤساءه كضابط مزعج بكثرة أفكاره وتطورها السريع، إلا أن قائداً طموحاً يتطلع إلى آفاق بعيدة، كهتلر، أدرك أن العقيد غودريان هو جناحه الذي سيطير به إلى الأبعاد التي تضلل رأسه .. وغوديان الذي عملت الفرق المدرعة بذكاء على هدى أفكاره، فرومل وهو قائد عبقري آخر، كان أساساً ضابط مشاة، ولكنه طبق بذكاء خطط الحرب الآلية.
ولكن الضباط العباقرة، والشخصيات التي تمتلك فكر غير اعتيادي (سياسيين كانوا أم من العسكريين)، قد يسر القادة وجودهم والعمل معهم باعتبارهم من سيحقق لهم طموحاتهم وأحلامهم السياسية، ولكنهم من جهة أخرى ستحين لحظة إبعادهم، خشية سطوة عقولهم وأفكارهم وذكاءهم، فالسياسي في نهاية المطاف يفكر كثيراُ في موقعه في القمة ويحرص أن لا يزاحمه أحد. وأكثر من يخشاهم الحكام هم الأذكياء والعباقرة .. لذلك يندر أن يصل منهم إلى السلطة العليا ..! الفلاسفة لا يحكمون ...!
والتطورات الحديثة في وسائط النقل، والاستشعار عن بعد، والمقذوفات، ناهيك عن المعطيات الحديثة في الاقتصاد والجغرافية وعلم السياسة، والرياضيات العالية (الكوبرنيتك)، وحتى الباراسيكولوجي تجعل العمل المشترك ضرورة حتمية لا مناص منها، فالتطور مذهل على كافة الأصعدة، بحيث يصعب (أو يستحيل) أن نضع خطة واسعة، سياسية / اقتصادية / عسكرية دون مشاركة علماء من تخصصات مختلفة.
وبتقديري أن الحوار بين السياسي والعسكري ينبغي أن يكون متواصلاً، ومنظماً وممنهجاً، وأكثر من لقاءات تحكمها علاقات الصداقة، أو في البحث في موضوع بعينه، إلى كما أسلفت مؤتمرات ولقاءات، فما أحوج السياسيين، رجال دولة كانوا أو علماء، والقادة العسكريين من المراتب العليا، التوصل إلى فهم نبض بعضهما البعض، لأنهما سيشاركان سواء في التخطيط وفي العمل المشترك في الحفاظ على الأمن القومي للبلاد.
وكل هذه المحاورات الثرية (كما أقيمها) حدثت بواسطة استخدام الكومبيوتر والانترنيت، وهذا ما كان يعد من الأحلام حتى قبل عقود قليلة .. وأظن أننا، صديقي اللواء الركن خماس وأنا ، افتتحنا عصر المحاورات والندوات الفكرية والأعمال العلمية المشتركة عبر التراسل الالكتروني (أصدرنا كلانا عملاً مشتركا قبل نحو شهر عن أعمال المفرزة الجوية الألمانية في العراق أبان الحرب العراقية ــ البريطانية مايس / 1941).
أتخذ سياق الحوار بيني وبين اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس، أسلوباً، إذ أرسلت له التصريف السياسي لبعض المصطلحات العسكرية، فكانت له مداخلات مهمة جداً، في بعضها كانت تطويراً واسعاً للمفهوم ... وبمجموع الملاحظات والردود والتعليق .. كان تطويراً للمفهوم تجاوز في قيمته المراسلة الشخصية بين صديقين. وفي الواقع أن هذا كان قد حدث مرة بيني وبين صديقي في المحاورات القس العراقي لوسيان جميل، وهو شخصية ذات قدرات فكرية وثقافية رفيعة، تحاورنا في موضوعة " مداخلات في فلسفة الحق " طرحتها عليه، ثم تطورت المراسلات بيني وبينه، لدرجة ارتأينا أن ننشرها، عام 2018 وكان لها صدى ووقع طيب بين القراء.
أعتقد أن المداخلات مع الصديق اللواء الركن خماس، وهو أحد الإطارات الفكرية المهمة في جيشنا العراقي، مداخلات تتجاوز في قيمتها العلمية، المراسلات الشخصية ذات الطابع الخاص إلى مادة ربما تكون مفيدة في تعميق ثقافة قارئ أو متابع، وهذا هو الهدف الأساس للعمل الكتابي الثقافي لكلانا : اللواء الركن خماس وأنا، والله من وراء القصد.


ضرغام الدباغ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) القس لوسيان جميل يكرس نفسه للخدمة الكنسية، وللعلم في إحدى كنائس أو أديرة الموصل، أتمنى له الصحة والعافية
(*) كان يمكن أن تكون هذه المداخلات في قاعات أكاديمية، أو على شاشات التلفاز، ولكن لأسباب كثيرة واضحة هذه الإمكانية معطلة وحتى إشعار آخر

5مصطلحات ذات فهم مزدوج

في ميدان السياسة كما في ميدان الحرب
د. ضرغام الدباغ ــ اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس
في دروس التعبئة، وتسمى في كثير من الدول (التكتيك)، هناك العديد من المصطلحات التي لها مدلول سياسي أيضاً، بل وقد يكون للمصطلح مغزى سياسي عميق، أن فائدة معرفة المصطلح ووضعه نصب العين والفكر هو إبحار في عالم السياسة الذي لا ضفاف له، المصطلح يفتح نافذة جديدة ليطل منها السياسي لفهم آليات تعينه في عمله، وتوسع من أفقه.
أولاً ــ استغلال سرعة اندفاع العدو
في الدروس النظرية والعملية (التدريب) فقرة مهمة في قتال الاشتباك القريب، وهي " استغلال سرعة اندفاع العدو " وهذه النظرية مهمة جداً في فنون القتال القريب والاشتباك بالسلاح الأبيض. والفلسفة السياسية هنا تكمن في سرعة فائقة، دون حساب سائر عناصر الموقف الجانبية والاحتمالات القريبة والبعيدة، استغلال خطأ يرتكبه خصمك السياسي في اندفاعه السريع صوب (غرضه) هدفه السياسي، وفي اندفاعه السريع قد لا يسيطر بشكل كامل على أعضاء جسمه أو على عناصر فريقه فيختل توازنه بسهولة بعمل فني لا يشترط القوة أو الكثرة، بل في ذكاء القادة التعبيون في الميدان، أو القادة الاستراتيجيون، حين يتمكنون في أيجاد نقطة الضعف، المفصلية التي يستند عليها العدو وبسبب سرعة اندفاعه، تكون نقطة ارتكازه هشة، قابلة لفقدان التوازن بتدخل قد يكون بسيطاً. وهنا تنقلب الميزة المتوخاة إلى نقطة سلبية قد لا تخلو من الخطورة.
وفي العمل السياسي بوسع أجهزة كفوءة أن تستغل اندفاع طرف ما (خصم أو صديق) وتلهفه على هدف معين (سياسي / اقتصادي) وتنظم سياقات العمل السياسي على أساس الرغبة الجامحة لدى الطرف الآخر، وإمكانية أن تنال مكتسبات إضافية، وقد تكون حاجة الطرف الآخر ماسة لدرجة يبدي استعدادا للتنازل في ملفات أخرى، والمهم بدرجة كبيرة هنا، قياس حجم الضغط وطريقة ممارسته.
في تدريبات القوات الخاصة، الاشتباك القريب، المبدأ الأساسي هو استغلال سرعة اندفاع العدو، فالعدو في سرعة اندفاعه لا يحافظ على توازنه وهو ما يجب الاستفادة منه. هذا المبدأ تدربنا عليه في العراق وفي سورية.
وسؤالي هو هل يمكن تطبيق هذا المبدأ على قتالات القطعات بحجم كبير، فوج أو لواء ...؟ هل يمكن لفوج مندفع بسرعة صوب مواضع العدو أن يهمل، بسبب السرعة والاندفاع تطبيق وصايا وتعليمات ..؟ فيترك نقطة ضعف يستغلها العدو المدافع ..!
وكنت قد سمعت من ضابط عربي صديق (آمر لواء مدرع)، أن العدو أستغل سرعة اندفاع القطعات السورية في الجولان بهدف سرعة استعادتها، وهناك ربما أمر آخر، هو أن القيادة العليا السورية كانت مدركة أن المصريين سيتوقفون بعد القناة ببضعة كيلومترات، حتى قبل الممرات (متلا، الجدي، الختمية) ولذلك كانت القطعات السورية تعدو صوب طبرية عدواً، وهذا ما كان يعرضها لضربات وخسائر، لذلك كانت تسعى إلى الوصول إلى أقصى مدى من المنجزات على الأرض، قبل وقف إطلاق النار (وتلك من القرارات السياسية المؤثرة على العمل العسكري).

مداخلة اللواء الركن خماس :
هذا المبدأ فعلا أمر مهم في فنون قتال الاشتباك القريب والقتال الفردي، والقتال بالسلاح الأبيض، ( أي استغلال سرعة اندفاع الخصم) لكن محاولة عكسه بهذا المفهوم على التكتيكات العسكرية الأعلى مستوى. ليس بالامر الدقيق من وجهة نظري، وذلك لان القتال القريب أو الاشتباك القريب هو مهارة فردية يمكن إكسابها والتدريب عليها لكل الأفراد عسكريون كانوا آم مدنيون، لذا فهي ليست من ضمن مفهوم مكونات الفن العسكري، وإلا لأصبح المصارعون والملاكمون ومن يمارس فنون التايكواندو والجودو تسو والدفاع الأعزل، يعتبرون كعسكريين، بينما هم رياضيون مدنيون أو حتى إفراد مدنيين يتعلمون أساليب الدفاع الأعزل عن النفس ولاسيما في بلاد الغرب كي يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم تجاه السراق واللصوص أو من يريد أن يعتدي عليهم. من هذا المنطلق أرى أن لا تربط موضوعة سرعة اندفاع الخصم والتي هي من أهم نقاط الاشتباك اليدوي أو القتال الأعزل الفردي، بالفن العسكري بشكل عام. بل يمكن أن تشير إليه على أساس انه جزء من فنون القتال الأعزل والاشتباك القريب عموما، وليس ضمن التكتيكات العسكرية كما وصفتها. لأنك إن نظرت إلى الأمر من هذه الزاوية لتوَافَقَ شرحك له أيضا من ناحية التطبيق في السياسة.
نأتي الآن لمناقشة استغلال نقاط ضعف العدو ضمن تطبيقات فن الحرب بمستوياته المختلفة (التعبية–العمليات- الإستراتيجية) فنقول :
نعم من المحتمل للقطعات المندفعة بسرعة كبيرة صوب مواضع العدو أن تهمل تطبيق بعض الوصايا الخاصة بالحفاظ على امن القطعات أو بتجنب مناطق مدافع عنها جيدا، أو الدخول في كمائن معادية أو غيرها من الأمور غير المحسوبة بدقة من قبل مخططي العدو. ومن الطبيعي انه يجب على الجانب الآخر وهنا الجانب الصديق والذي نفترض انه المدافع، استغلال نقاط الضعف أو الأخطاء التي يرتكبها العدو. ويتجلى هذا كما سبق وبينت على حسن إدارة المعركة من قبل الجانب المدافع والمرونة في العمل وتيسر الاحتياطات الكافية لمعالجة المواقف. ولكننا نحن في أدبياتنا العسكرية العراقية آو العربية آو حتى الأجنبية التي قرأتها لم أجد مثل هذا العنوان الذي تفضلت به، ألا وهو (استغلال سرعة اندفاع العدو)، بل ما أتذكره هو وجوب استغلال (نقاط ضعف) العدو آو أخطائه في الميدان التعبوي آو العملياتي و الاستراتيجي. كما أن مثل هذه النقاط واردة بكثرة في الدراسات العسكرية للمفكرين والفلاسفة الشرقيين ومنهم (سن تسو) وما وتسي تونك وغيرهم، وكذلك كلاوس فيتز وغيره.
وبالنسبة للنقطة المتعلقة بما قاله لك صديقكم( آمر اللواء المدرع السوري) عن كيفية اندفاعهم بأقصى سرعة في حرب أكتوبر عام 1973 للوصول إلى طبرية ، فاقول:
نعم ،كلنا عرفنا فيما بعد أن هدف القوات المصرية في حرب أكتوبر عام 1973 كان الوصول إلى الممرات ومسكها، وانتظار تدخل الجهود الدبلوماسية بعد ذلك للحصول على الهدف السياسي النهائي ألا وهو تحرير سيناء ، لذلك قيل أنها كانت (حرب تحريك وليس حرب تحرير)، ونُشِرَت ملحوظات رئيسية أخرى حول كيفية التخطيط لهذه الحرب وكيفية أدارتها. فمن حيث التخطيط لها، كان التخطيط المشترك والسري بين مصر وسوريا وحرصهم على الحفاظ على الكتمان،قد منعهم من أخبار العراق مسبقا للاستفادة من قدراته البشرية والعسكرية كي يشارك بها وبذا يعزز حشودهم وإمكاناتهم قبل بدء الحرب معللين ذلك بضرورة الحفاظ على السرية من اجل مباغتته إسرائيل، وفي هذه النقطة مجال كبير للنقاش.أما من حيث إدارتها، فربما ما حدث على الجبهة المصرية بما عرف (بثغرة (الدفرسوار يوم 16/ أكتوبر، والعبور المقابل الإسرائيلي) دليل واضح على إدارة هذه الحرب، وليس المجال هنا لمناقشتها. وعلى صفحات الانترنت مواقع كثيرة ناقشتها ، لعل أهمها موقع (الويكبيديا) وبإمكان من يريد الاستزادة الرجوع إليه.
أما على الجبهة السورية حيث كانت عمليات القوات السورية وسرعة اندفاعها للوصول إلى طبرية، كما عبر لكم صديقكم (آمر اللواء المدرع السوري) الاندفاع ومن دون إبقاء احتياط لدى القيادة السورية، فيمكن القول انه كان اندفاعا شجاعا باسلا قويا ميدانيا، لكنه كان (أهوجاً) وغير محسوب بدقة على مستوى العمليات والاستراتيجية.
تقول لي لماذا؟ فأقول لك العبرة بالنتائج. لتنفيذ هجوم ناجح لابد من مراعاة مبادئ الهجوم.
من أهم مبادئ الهجوم هي
- تأمين التحشد الملائم في الوقت والمكان
- المباغته،
- إدامة زخم الهجوم،
- تنظيم الهجوم بالعمق.
ففي المثال السوري، طبقوا المبدأين الأوليين فقط أي التحشد والمباغتة، وأهملوا المبدأين الآخرين وهما إدامة الزخم، وتنظيم الهجوم بعمق. واليك وصف سريع: تمكن السوريون الشجعان الأبطال في القوات الميدانية بمستوى الكتائب والأفواج والألوية من مباغتة العدو الإسرائيلي بهجوم صاعق واندفاع سريع مصحوب بنيران ميدانية هائلة حققت ما يعرف بفعل الصدمة Shock Action على العدو الإسرائيلي المدافع في الجولان، التي وقفت قواته مذهولة من اندفاع الأرطال السورية المدرعة وهي محمية بالغطاء الجوي من الطيران السوري والعراقي فوق سماء الجولان، الأمر الذي منع القوة الجوية الإسرائيلية من تقديم الإسناد القريب للقوات البرية الإسرائيلية المدافعة في الجولان ، والتي لم تكن بكل الأحوال كثيفة العدد لأنهم لم يكونوا يتوقعون مثل هذا الهجوم السوري وبهذه الكثافة والسرعة وكما قلنا تحقق عليهم فعل الصدمة shock action فوصل السوريون إلى حافات هضبة الجولان واحتلوا جبل الشيخ ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟
انتهى زخم الهجوم فتوقف الاندفاع السوري، أي لم يتم الإيفاء بالمبدأ الثالث وربما الأهم ألا وهو مبدأ المحافظة على الزخم. ولماذا لم يتم ذلك؟ لسبب بسيط ألا وهو عدم توفر الاحتياط الكافي لدى السوريين لكي يتمكنوا من إدامة الاندفاع والاستمرار بالضغط على العدو وتدمير قواته المتبقية في ميدان المعركة وان يتقدم الاحتياط لشغل أعماق المواقع المحررة، ويكون سندا للقوات الأمامية التي وصلت إلى الأهداف الأمامية، ويكون مستعدا لرد فعل العدو المتوقع،ألا وهو الهجوم المقابل الاستراتيجي والميداني. أم هل حسب السوريون انه بمجرد وصولهم إلى حافات هضبة الجولان، واحتلالهم جبل الشيخ، أن الإسرائيليين سيقبلون بذلك ويتوقفون؟ هنا كان على المخطط الاستراتيجي السوري أن يؤمن القوات الكافية لتكون مادة لإدامة الزخم وتمكين الهجوم أن يكون هجوما بالعمق، تتمكن بموجبه القوات التي حققت أهدافها، من الصمود في تلك الأهداف، وصد الهجمات المقابلة للعدو التي لابد وانه سينفذها، وهذه من أبجديات الأمور العسكرية، لمن يعرف العسكرية، وله اطلاع على فن الحرب.
هكذا إذن على المستوى التعبوي والعملياتي لفن الحرب، نرى أن قواتنا السورية الشجاعة وصلت إلى أهدافها عند حافات الجولان، ولكن لم يكن خلفها قوات منتعشة احتياطية تمسك ظهرها، يعني زخم الهجوم انتهى. أما على المستوى الاستراتيجي فنرى إن المدة التي استغرقتها القوات الإسرائيلية لامتصاص زخم التعرض المصري في سيناء والسوري في الجولان سمحت لإسرائيل باستكمال إجراءات النفير العام واستدعاء كافة احتياطاتها من القوات والتي عند التعبئة العامة تتفوق بالعدد على مجموع القوات المصرية والسورية المهاجمة. لذا فعندما انتهى زخم الهجوم في سيناء بعبور القناة والوصول إلى ما قبل الممرات ، وبالنسبة للسوريين الوصول إلى حافات الجولان واحتلال جبل الشيخ، كان النفير (التعبئة) الإسرائيلي قد تم وأصبحت الدولة بأجمعها في حالة حرب، بدأت خطة الهجوم المقابل الإسرائيلية ، فقامت على المستوى الاستراتيجي بالمناورة بقواتها من سيناء إلى الجولان والتي تعتبرها الأكثر قيمة وخطر عليها من جبهة سيناء، فجعلت من الجولان اتجاهها الاستراتيجي الرئيسي أو محور جهدها الرئيسي، وناورت بما يعرف بالمناورة على الخطوط الداخلة فنقلت قواتها من جبهة سيناء إلى الجولان مع الاحتفاظ بما يكفي لإدامة الموقف في سيناء، علاوة على ذلك توجيه القوات المستنفرة حديثا نحو الجولان، فحققت التفوق الاستراتيجي والعددي بالبر والجو، وعندما بدأت أرتالها بالهجوم على الجولان مدعومة بالتفوق الناري الهائل، واصطدمت بالقوات السورية التي كانت طلائعها قد انتهت قبل قليل من احتلال الجولان، ووجدتها مازالت متعبة وتعاني من النقص العددي والخسائر التي أصابتها أثناء الاندفاع والتي لم يكن قد تم سدها، وكانت هذه القطعات لوحدها لأنها كل ما كان متوفرا لدي الجيش السوري، فلم يكن هناك قوات احتياطية منتعشة كي تتقدم خلف قطعات الهجوم كما قدمنا لتمسك الأرض وتنظم الدفاع عن المناطق الحيوية أو تلك التي من المتوقع إن تقوم إسرائيل بالهجوم عليها هجوما مقابلا.
وهكذا تم اختراق القوات السورية المنتصرة، وبدأت بالتراجع إلى الخلف دون أن تكون خلفها قطعات عمق تستند إليها، وهكذا تحول الهجوم السوري إلى انسحاب سوري مذل. ولولا وصول مقدمة القطعات العراقية في الوقت المناسب، ممثلة باللواء المدرع 12، لواء ابن الوليد بقيادة البطل المقدم الركن سليم شاكر الامامي ومن تحت إمرته، ومن بعده كل من الفرقة المدرعة الثالثة والفرقة المدرعة السادسة (في ملحمة تنقل لم تحدث سابقا في التاريخ العسكري) لما توقفت أرطال إسرائيل إلا في دمشق. وهذا يرينا أهمية توفر الاحتياط لدى القوات المهاجمة، فلو كان لدى سوريا ما يكفي من القوات الاحتياطية والتي لم تزج في قدمات الهجوم الأولى لما حدث ما حدث. وينطبق الشيء نفسه على احتلال جبل الشيخ ومن ثم فقدانه .
ومن الجدير بالذكر أن نفس هذه الحالات كانت تحدث دوما في حربنا مع إيران 1980-1988، حيث كان الإيرانيون في جميع هجماتهم الكبيرة اعتبارا من عام 1982 حتى نهاية 1987، يتمكنون من اختراق مواضعنا الدفاعية ويصلون إلى أعماقها. لكنهم يعجزون عن إدامة زخم هذه الهجمات، فتنتهي قوة زخم اندفاعهم عند الوصول إلى أعماق مواضعنا، حيث تكون قوات الموضع الدفاعي نفسها أو تلك التي ناورت بها القيادة العامة للقوات المسلحة من قواطع أخرى قد وصلت ويبدأ التعرض العراقي المقابل، فيطرد الإيرانيون ويعودون إلى الخطوط التي انطلقوا منها. ولنا من معارك شرق البصرة الأولى تموز 1982، ومعارك شرق البصرة الثانية شباط 1984، ومعارك اليوم العظيم وتاج المعارك 1986 خير مثال، ناهيك عن معارك نهر جاسم المشهورة.
إذن الكلمة السحرية هي الفشل في مراعاة مبدأ إدامة الزخم، والذي لا يكون ممكنا إلا بتوفر الاحتياطات الكافية، والهجوم بقدمات وبالعمق، والتهيؤ لصد الهجمات المقابلة المعادية.

ثانياً ــ محور الجهد الأساسي ومحور الجهد الثانوي
في خطة تتضمن شن هجوم شامل وعلى عدة جبهات وذلك لضمان توزيع العدو لقواه وعدم تركيزها في نقطة معينة، على خط جبهة واسعة بسبب سعة الهدف نفسه، وقد تكون نقطة اقتحام خطوط العدو أكثر من واحدة، ولكن هناك محور جهد أساسي يفضل على غيره من المحاور لمزاياه التكتيكية والإستراتيجية، وأما نقاط المحاور الاقتحام الأخرى هي محاور ثانوية لتشتيت قوى الخصم وجلب انتباهه وتركيزه، أو لحرمان العدو من قدرات وقوى معينة يريد عزلها عنه أو تدميرها.
وفي العمل السياسي يعني الانتقال من محور الجهد الأساسي إلى محور جهد آخر، على خلاف العمل العسكري الذي يلجأ إلى محور جهد آخر عندما تبرز صعوبات جديدة في التعامل معها، فوجود أكثر من خيار في حالة تعثر الخطط السياسية، أو عندما تواجه صعوبات غير متوقعة، هو خيار ضروري توفره في الخطط السياسية، وأسوء القرارات السياسية تلك التي تتخذ كخيار وحيد لا بديل لها.
وقد يرتكب العدو خطأ أو مجموعة أخطاء خلال تركيزه لقواه واندفاعه، ومن تلك اعتقاده بأن وصوله لغايته أمر شبه منجز، ويضع سائر حساباته على هذا الأساس، فيترك بقصد أو بدون قصد مراكز أخرى دون غطاء سياسي / اقتصادي كاف، وقد يكون هذا الإهمال فادحاً بحيث يؤثر على موقفه العام. وهناك من الأفكار التي تحتمل مرونة في تحديد محور الجهد الأساسي والذي ينبغي أن يكون موجها نحو الهدف الرئيسي، وهي تتضمن أن ينتقل محور الجهد الأساسي إلى محور جهد ثانوي عندما يصادف الاقتحام في هذا المحور النجاح، مع الإبقاء على الضغط على محور الجهد الأساسي الأول. ويضع المخططون في حساباتهم الانتقال المحتمل لمحور الجهد الأساسي إلى محور جهد ثانوي، ويختارون هذا الأمر بعناية ويحشدون له القدرات. الاحتياطية

مداخلة اللواء الركن خماس:
عند التخطيط للعمليات العسكرية، يتم أولا إجراء تقدير للموقف، ويتم تقدير الموقف بناء على التوجيه أو الأوامر الصادرة. وتكون نقطة البداية هي معرفة (الغاية)بوضوح، أي ما هي غاية العملية العسكرية المطلوب شنها. بعدها يتم تحديد الأهداف الضرورية لتحقيق الغاية، وهذه الأهداف تكون مختلفة في الأهمية والقيمة، والتي أن تم الحصول عليها تتحقق الغاية.ونتيجة لتقدير الموقف يتم تخصيص الواجبات لتحقيق الأهداف، فتكون الأهداف (ذات الأهمية الأكبر) ضمن (الجهد الرئيسي) للقوات المتوفرة، وتخصص الأهداف الباقة ضمن مهمات الجهد أو الجهود الثانوية. هذا باختصار شديد جداً وصف لكيفية التوصل إلى محاور الجهود. وضمن فلسفة التعرض فهل سيكون تعرضا مباشرا، أم تعرضا غير مباشراً؟ حيث في الأسلوب الثاني، ليس من الضروري مهاجمة الهدف الرئيسي مباشرة للحصول ، وهذا بل يمكن مهاجمة أهداف ثانوية أخرى يؤدي الحصول عليها إلى سقوط الهدف الرئيسي حتى بدون قتال .
وعند تنفيذ الخطط، فهناك مبادئ لابد من مراعاتها، وأهمها المرونة في التنفيذ،وهذا ما يدعى بمبدأ المرونة في العمل العسكري (المرونة هي مبدأ من مبادئ الحرب كما هو معروف). وهذا الأمر يتأتى أيضا من خلال فن إدارة المعركة، والتي تعتمد على استغلال الظروف المستجدة والتعامل معها أثناء سير المعركة، وأحيانا إجراء بعض التعديلات على الخطط الأصلية والتي ينبغي بحد ذاتها أن تكون خطط مرنه بعيدة عن الجمود، أي أن الخطط يجب أن تضم عدد من الخيارات الممكنة والقابلة للتنفيذ. وهنا أيضا لابد من التوصل إلى نقطة التوازن ما بين التمسك بالخطط الأصلية وما بين اللجوء إلى المرونة وتحوير الخطط أثناء التنفيذ، وهذا ما يسمى بفن القيادة أو المقدرة على القيادة، والتي هي كما هو معروف علم وفن، وموهبة فطرية أيضا. من التطبيقات الواضحة لمبدأ المرونة مثلا هو التحول ما بين محور الجهد الرئيسي ومحاور الجهد الثانوية ، والتي تعتمد على مبدأ تعزيز النجاح الحاصل في أحد المحاور ، فلو فرضنا أننا أثناء التنفيذ تحقق نجاح في أحد المحاور ، بينما توقفت محاور أخرى ولاقت صعوبات ، عندها يكون من المناسب ، أن يحول القائد جهده من المحاور المتوقفة إلى المحاور التي تم النجاح فيها بما يعرف بتعزيز النجاح ، وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت الخطط مرنة .

ثالثاً ــ تحميل الموقف على الخريطة
يحتاج المخططون السياسيون إلى مراجعة الخرائط (العامل الجغرافي) ودراستها كالعسكريين، وإذا كان للاستطلاع الميداني المحلي بالنسبة للعسكريين قد يغني أو يقلل من أهمية دراسة الخريطة (وخاصة في العمليات الصغرى)، إلا أن السياسي لابد له من دراسة (العامل الجغرافي) الخرائط بتفاصيلها الدقيقة. أو أن يقوم مستشارو القائد السياسي وخبراؤه بذلك، والقادة العسكريون إذ يضعون المعطيات المتوفرة (القدرات الحالية والمعتقد توفرها في المرحلة اللاحقة) عن القوى الصديقة والمعادية ويؤشروها على الخرائط بموجب المصطلحات والألوان التي تدل على قوات العدو ومواضعه وعلى قواتنا ، فإن السياسيين يهتمون بالخرائط( الجغرافيا)من حيث حقوق الدول في الأرض وفي المياه، وفي خطوط المواصلات العالمية، وبالجغرافيا الاقتصادية، وتوقع ردود الفعل المختلفة من شتى الأطراف التي يتأثر بها القرار السياسي على المصالح السياسية والاقتصادية..
ومن شروط هذا العمل هو المتابعة الدقيقة والمتواصلة لظروف العدو (الخصم) وحتى مراقبة أطراف النزاع الحاليين والمحتملين، ومعطياتهم وقدراتهم وتحميلها على خارطة الموقف السياسي، والعسكري في حال تطور الموقف، وحساب درجة احتمال تغير مواقفهم، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة، والتقديرات نزيهة والتجنب التام لأحكام الهوى.

مداخلة اللواء الركن خماس
ولئن كان تأشير الموقف العسكري على الخرائط يتم حتى منتصف القرن العشرين بأساليب يدوية وباستخدام الورق الشفاف ( calc paper)حيث يقوم ضباط الركن بتأشير الموقف عليه ويستبدلون الورق الشفاف بآخر مؤشر كلما تبدل الموقف ، للاحتفاظ بالخريطة الأصل دون تشويه، فان التقدم التكنولوجي الحديث وأرقمه ميدان المعركة ( Battlefield digitisation) ودخول الحواسيب، قد مكن ضباط الركن العسكريين من استخدام الحاسوب لتأشير الخرائط الرقمية، بل أن أجهزة الأقمار الاصطناعية والاستشعار عن بعد وال GPS ووسائط الاتصال الحديثة والتي مكنت القائد وضابط الركن من الحصول على المعلومة في لحظة وقوعها، جعلت من عملية تأشير الخرائط وتغييرها حسب الموقف المتطور أمراً فوريا واتوماتيكيا لا يتدخل فيه ضابط الركن .
( والسؤال الآن للدكتور ضرغام ؟ هل هناك مثل هذه التقنيات التي يمكن تطبيقها في الممارسات السياسية )
إجابة د.الدباغ :
نعم بالطبع، ربما ليست بحرفية العمل العسكري، ولكن من الضرورة القصوى أن يعمل القائد السياسي معتمداً في عمله على قاعدة بيانات دقيقة، تنص على المعطيات الدقيقة ومفرداتها بدون مبالغة وأحكام الهوى، فهنا تلعب هذه الملفات دور خارطة الموقف العسكري التي لا غنى للقادة من الاستناد عليها حين وضعهم الخطط.
رابعاً ــ منطقة القتل
في التاكتيكات العسكرية، تعني أن تنجح قواتنا في استدراج العدو / الخصم إلى منطقة ذات طبيعة طبوغرافية، تكون قواتنا قد أعدت كميناً (جيباً) هندسياً ونارياً محكماً مستفيدة من العوامل الطبيعية (الطبوغرافية) والموانع الصناعية التي تقيمها الهندسة العسكرية كحقول الألغام والخنادق والقنوات المائية ... الخ علاوة على انفتاح القوات على جوانب ارض القتل وترك فتحتها فارغة ما يؤدي إلى توجيه العدو نحو ارض القتل أثناء حركته، والظروف الأخرى، (شروق،غروب،طبيعة الأرض (التربة)، درجات الحرارة، شدة الريح، حركة المد والجزر الرؤية الحسنة لإسناد جوي محتمل ..الخ).
وفي العمل السياسي يجب أن لا تدع الخصم (العدو) بدرجة اليقين من أفعالك وردود أفعالك، بل ويستحسن القيام بإجراءات من شأنها تؤدي لتضليل الخصم (العدو) بشرط أن تكون تلك الإجراءات دقيقة لكي تؤدي غرضها، وإلا قد تنقلب عكسياً.وأن تحاول سحبه إلى موقف تخطط له بدقة ترغمه على إعلان موقف في غير صالحه، ويؤدي إما إلى فضح مراميه التي كان يخفيها، أو في موقف يخسر فيه مزايا كان يتمتع بها، ويخرج من مظلة حماية كان يتمتع بها ويتصرف تحتها بحرية وأمان.

مداخلة اللواء الركن خماس
منطقة القتل أو ارض القتل : هو مصطلح لوصف المكان الذي يتم استدراج العدو إليه ، ثم حصره فيها ومن ثم تدميره والقضاء عليه، إذن هي أشبه بالمصيدة أو الفخ الذي ينصبه طرف إلى طرف آخر . وفي الفن العسكري وضمن صفحات القتال المعروفة (الدفاع، الهجوم، التقدم، والانسحاب) فهي تبرز عادة في العمليات الدفاعية. وقد انتشرت فكرتها عندما تم تبني فكرة الدفاع السيار mobile defence ، بدلا من الدفاع الثابت سابقا والذي كان يستند على فكرة الثبات في الخطوط الدفاعية وعدم السماح للعدو باختراقها ، وان اخترقها بالرغم من الخطة الدفاعية عند ذلك يتم القيام بهجوم مقابل عليه لطرده من المواضع الدفاعية . أما الدفاع السيار فهو يصمم أساسا على السماح للعدو بخرق الموضع الدفاعي ، ومن ثم توجيهه نحو منطقة ضمن الموضع الدفاع وقتله فيها وهذه تسمى ارض القتل . أما كيفية أو آلية حدوث ذلك بموجب تصور المخطط الدفاعي ، فيكون أولا باختيار المنطقة الملائمة لتكون ارض القتل ، ويتم تصميم الموضع الدفاعي بموجبها ، حيث تحاط ارض القتل بالمواضع الدفاعية الحصينة ذات القوات النارية الكثيفة ، بينما تمسك الخطوط الأمامية بقشرة خفيفة من القوات التي تسمح باختراق العدو المهاجم، وتلي تلك القشرة الأمامية مواضع تسمى مواضع الحصر والصد التي تكون عادة مائلة على الجبهة ومستندة على موانع صناعية كالألغام والطبيعية كالقنوات والأنهار والأراضي غير الصالحة للمسير، كي توجه العدو الذي يصطدم بتا نحو منطقة القتل من خلال محاولاته تجنب أو الالتفاف حولها، وعندما يدخل العدو ارض القتل تتحرك قوات أخرى كانت كامنة فتقوم بغلق جميع مداخل ارض أو منطقة القتل . عندها تفتح كافة النيران الدفاعية على هذا العدو البائس وأولها نيران كافة المدفعية المتيسرة للجانب المدافع بما فيها الصواريخ الميدانية، حيث تصمم الخطة النارية بموجب ذلك. وبعد أن يتم إيقاف زخم هجوم العدو وحركته وإنهاكه وإرباكه وتشتيت صفوفه، تقوم قوات الهجوم المقابل، بشن هجمات مقابلة عليه لقتل ما تبقى من قواته وأسرها. هكذا إذن هي فكرة الدفاع السيار التي تبنى على مفهوم ارض القتل، ولكن تطبيقها يحتاج إلى قوات مرنة في كافة الجوانب، وقيادة ميدانية متيقظة، وتنفيذ سريع، وإلا قد يكون مصيرها الفشل.
أما في السياسة ، فإنني وان لم أكن سياسيا ولا معرفة لي بفنونها ، لكنني اعتقد أن ( السياسة في التنفيذ) تحتاج إلى تخطيط بموجب تقدير موقف سياسي، أو تحليل سياسي ودراسة للطرف/ الأطراف الأخرى واكتشاف نقاط قوتها وضعفها وبالتالي معرفة ما هي أساليب تصرفها، والقرار على أحسن السبل المتاحة لنا لمجابهة أو التعامل مع هذه التصرفات، ثم توضع بموجبها خطط يفهما المنفذون وتوزع عليهم أدوارهم ومهماتهم ، وبموجب ذلك فان فكرة ارض القتل يمكن أيضا أن تطبق هنا، من خلال إجبار الجانب الآخر بواسطة السياقات السياسية كالمحادثات والمفاوضات واللقاءات وكل الأساليب السياسية الأخرى إلى اتخاذ موقف في غير صالحه، أو دفعه إلى القبول بفكرة أو تنفيذ عمل غير ملائم له سياسيا، كقول أو فعل أو تصريح .. الخ . وبالتالي خدمة أهدافنا السياسية أو تحقيق مصالحنا .

خامساً ــ أختبار نوايا الخصم (العدو)
وينبغي أن تعلم كسياسي أن بعض الدول قد تعمد إلى أجراء عمليات الغرض منها التوصل إلى اختبار نوايا الخصم (العدو)، وقد يطلق عليه في الأدب السياسي(بالون اختبار)، وقد ينظم هذا الاختبار وزارة الخارجية، أو في الأجهزة الاستخبارية، وهو أشبه ما يكون بعمليات الاستطلاع التي تقوم بها قوات استطلاع في الميدان مدربة تدريباً خاصاً على هذه المهمات بمستويات مختلفة.
وتمارس وزارات الخارجية بواسطة موظفون أكفاء، اختبارات عديدة لمعرفة واقع وحقيقة أمر معين، وقد يكون ذلك على سبيل المثال اختبار "صدقية" مزاعم، أو أنباء، أو للتأكد من موقف خديعة، أو تمويه، ومن شروط هذه الاختبارات أن تتم بسرية تامة، وبأقصى درجات الدقة، وعلى أيدي موظفين أكفاء، من أجل التوصل لنتائج دقيقة.
مختصر السيرة الذاتية
علاء الدين حسين مكي خماس (لواء ركن متقاعد)

    

ــ ولد في بغداد 21/1/1937.

ــ خريج الكليات العسكرية والمدنية والمساهمات العلمية الآتية :
الكلية العسكرية العراقية 1957الاول على الدورة 33.
الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية RMA Sandhurst 1957.
كلية الأركان العراقية 1966 الأول على الدورة وبدرجة (آ) ماجستير بالعلوم العسكرية.
كلية الحرب الفرنسية العليا 1977 دكتوراه بالعلوم العسكرية.
الدراسات العسكرية العليا المشتركة في فرنسا شهادة البريفييه في العلوم العسكرية ( Brevet)
دورة الدروع المتقدمة في أمريكا (كنتاكي) 1967.
دورة التبعية المتقدمة لقادة الصنف المدرع بريطانيا.
دورات عسكرية متعددة أخرى في كل من العراق / بريطانيا/ أمريكا/ فرنسا.
كلية القانون والسياسة الجامعة المستنصرية عام 1973، بكالوريوس في القانون
كلية القانون والسياسة جامعة بغداد ماجستير قانون دولي عام 1981.
شهادة القانون الدولي الإنساني من مؤسسة نوبل – سان ريمو إيطاليا 1979
مؤتمر الإستراتيجية الدولية في لوزان سويسرا 1980
شهادة الطيران الخاص PPL طائرات ثابتة الجناح، وطائرات الهليكوبتر.
مساهم أساسي في تأسيس جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا، وكلية الحرب العراقية.
ــ تقلد مناصب تدريبية وقيادية متعددة في الجيش العراقي أهمها.
مدرس في الكلية العسكرية.
مدرس في كلية الأركان.
آمر مدرسة الدروع.
مدرس في كلية الحرب العراقية.
رئيس أركان الفيلق الثالث.
مدير التطوير القتالي بوزارة الدفاع العراقية .
رئيس جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا.

ــ تقاعد من الخدمة العسكرية عام 1989 برتبة لواء ركن.
ــ بعد التقاعد عمل كمحاضر في كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، في مواضيع الإستراتيجية والدفاع الوطني، وأشرف على بحوث طلبة الماجستير والدكتوراه في الكلية المذكورة.

ــ له العديد من المؤلفات( ثمان عشرة كتاب منشورة آخرها نشر في عمان في سبتمبر 2019) والدراسات والبحوث المنشورة في المطبوعات المحكَّمة أو في الصحف وكذلك الكثير من المواد والمواضيع غير المنشورة.

ــ شارك وساهم في إقامة العديد من المؤتمرات والندوات والأنشطة الثقافية والعسكرية في العراق.

ــ شارك في العديد من الدورات والمؤتمرات والأنشطة الدولية.

ــ له اهتمامات رياضية في مجال الطيران الرياضي والعاب الهواء.

ــ عضو اللجنة الاولمبية العراقية 1985-2000.

ــ نائب رئيس الاتحاد الجوي الدولي FAA.

ــ رئيس الاتحاد الجوي العراقي 1985-2001

ــ رئيس نادي فرناس الجوي للفترة أعلاه.

ــ مثل العراق في الجلسة الخاصة للأمم المتحدة بمناسبة ذكرى تأسيسها الستون، والقي كلمة العراق في الأمم المتحدة بهذه المناسبة عام 1996.

ــ يجيد اللغتين الإنكليزية والفرنسية، وله تراجم كثيرة من الإنكليزية إلى العربية وبالعكس، وعدد من التراجم من اللغة الفرنسية.

ــ متزوج وله ثلاثة أبناء وعدد من الأحفاد.

   

نبذة مختصرة من سيرة : د. ضرغام عبد الله الدباغ

الاسم : ضرغام عبدالله الدباغ
مكان وزمان الولادة : بغداد 6 / تموز / 1944
الجنسية : عراقي
كلية الآداب / جامعة دمشق : 1970 / 1974
دبلوم عالي/ ماجستير تاريخ معاصر: جامعة لايبزج / ألمانيا 1975 / 1977
دكتوراه / علوم سياسية : جامعة لايبزج / ألمانيا 1979 / 1982
تدريب وتأهيل في مؤسسة أكوا : برلين / ألمانيا 2003 / 2004
دورة تدريب اقتصاد العمل : برلين أكاديمية اقتصاد العمل ومواصلة التعليم / 2004


العمل والوظائف:
1975 / 1983 : مستشار / وزير مفوض في وزارة الخارجية العراقية منها:
1975 / 1979 : مستشار في سفارة الجمهورية العراقية / برلين
1986 / 2002 : مدرس في الجامعة المستنصرية / بغداد.
2003 / 2004 : مسؤول قسم الدراسات والبحوث/ المعهد الثقافي العربي / برلين.
منذ ديسمبر 2005: مدرس للعلوم السياسية في الجامعة الحرة، هولندة، لاهاي.
منذ 1986 : عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين
منذ 1986 : عضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية
اللغات : العربية، الألمانية، الإنكليزية
المنجزات : نحو 60 من الأعمال المؤلفة والمترجمة
المساهمات : عدد من المؤتمرات السياسية / العلمية والفكرية الدولية.
الحالة الاجتماعية : متزوج وله أبناء إثنين

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3152 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع