د.سعد العبيدي
وداعاً توفيق الياسري
تدور عجلة الزمن لبني البشر دورتها أياماً وسنين، يتوقف المؤشر فجأة عند نقطة، تحسب عندها النهاية.
النهاية في وقع الزمن الذي نعيشه هنا والآن، عود الى البداية في عالم آخر غير عالمنا الذي ندركه ونحسه، عالم يفتكر فيه الله عباده ليكونوا قريبين منه في حياة أخرى هي البداية.
لقد أفتكر الله هذا اليوم الصديق العزيز الفريق توفيق الياسري، بعد حياة قضاها كفاحاً وسعياً لحياة أفضل.
لقد عرفت أبا علي، توفيق في الكلية العسكرية عام ١٩٦٥ طالباً مجداً جاء من الديوانية الى بغداد، ليغير من وقع حياته الى الأفضل. واستمرت معرفتنا طوال خدمة طويلة في الجيش كان خلالها ضابطاً مخلصاً منضبطاً عاملاً من أجل الخير، لم تسجل على خدمته شائبة، حتى العام ١٩٩١ الذي حصلت فيه الانتفاضة. سارع ثانية لتغيير وقع حياته بالتحاقه مع الضباط الثائرين قائداً من قادة الانتفاضة الذين حسبوا التحاقهم فرصة تغيير لنهج الحكم القائم ومساهمة بإقامة آخراً ديمقراطي أفضل.
ولما واجهوا حيطان صد ترك العراق مهاجراً، لم ينس بلده عاملاً من أجله بجد ونشاط، يعتقده سبيلاً لتصحيح المسيرة الى الأفضل.
التقيته في المهجر نهاية تسعينات القرن الماضي ثانية بعد فراق طويل، كان كما عهدته متفائلاً نشطاً صاحب مبدأ، عملنا في السياسة معاً وسهرنا معاً وعدنا الى العراق معاً متفائلين ظناً بالقدرة المتاحة لتغيير سياسي الى الأفضل.
لكننا لم نجد الأفضل، وبدلاً عنه وجدنا قطار البلد قد وضعَ على سكة غير السكة التي تؤدي الى الأفضل.
ووجدنا المصير محتوم لا يسع في مجاله الا القول بيأس مطبق: نم أبا سيوف الى جوار ربك الذي عبدته طوال عمرك بإخلاص فدنيا العراق في أيامنا هذه ليست هي الأفضل.
نم أبا علي فالحياة والمشاريع والرؤى والأفكار التي قاتلت من أجلها طويلاً قد انتهت، وانتهى معها حلم أقوله لك هذا اليوم علك تسمع: أنه كان وهماً، وإن الحياة على أرض بلادنا مع من تسيدها غفلة سوف لن تكون الأفضل.
وأقول ثانية وثالثة: يعز عليَّ الفراق بهذه السرعة، لكن أمر الله حق، وحق علينا تذكر شخصك القريب الى القلب، وتلك الأفكار التي سيطرت عليك في السعي لحياة أفضل.
رحمك الله صديقي العزيز وإنا لله وإنا اليه راجعون.
876 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع