دكتور محمد السقا عيد
استشارى طب وجراحة العيون
تفوق العين البشرية علي أحدث الكاميرات الرقمية
لماذا لا نستطيع التقاط صور لكل شيء نراه بأعيننا؟
هذا التساؤل كثيراً ما يواجهه المصورون خاصة، وهو سؤال قد يكون بسيطاً، لكن الجواب عليه يحتاج إلى معرفة طريقة عمل الكاميرا وكذلك عين الانسان.
باستطاعة عين الانسان أن ترى شيئاً وفي نفس الوقت تنظم نفسها بحسب طبيعة هذا الشيء وحالته، لكن الكاميرا تستطيع أن تلتقط صورة بحالة واحدة من هذا الشيء. هذا الاختلاف الجوهري هو العامل الرئيسي لتفوق عين الانسان على الكاميرا.
كي يتضح الموضوع أكثر نضرب مثالاً على ما ذكر: تستطيع عين الانسان أن تقوم بتنظيم درجة الإضاءة لجسم ما بشكل تلقائي وبمجرد التركيز عليه، يمكن تجربة هذا الموضوع بشكل عملي، يكفي ان تغلقوا الأضواء كلها في الليل لتروا أن العين تبدأ بتعويض الإضاءة القليلة وتبدأ الأجسام بالاتضاح حتى في الضوء القليل جداً.
باستطاعة العين أيضاً أن تتحرك إلى الجوانب وتوسع من زاوية الرؤية، أو أن تركز على جسم معين بفواصل مختلفة.
بشكل مختصر فعين الإنسان تشبه عمل كاميرا الفيديو وليس كاميرا التصوير، حيث يقوم عقل الانسان بتجميع الصور المشابهة ثم يحللها وينظمها ليستخرج الصورة النهائية.
فكل ما نراه هو في الحقيقة تصوير معالج بواسطة العقل بحسب ما التقط من صور بواسطة العين.
ولهذا السبب فعين الانسان منقطعة النظير، فهي بعكس الكاميرا لا تلتقط الصور جراء انعكاس الضوء على الأجسام فقط وإنما تقوم بمعالجتها لتستخرج صورة نهائية.
مواصفات أقوى كاميرا في العالم:
-تحتوي على عدستين.
-عدد 2مجسّمات .
-لا تصدر أي صوت عند الإلتقاط أو التحضير للفلاش لايت.
-تلتقط صور وتُسجّل فيديو في ذاكرة متجدّدة لا تنتهي.
- بطارية لا تحتاج للشحن.
- تحمي نفسها من الغبار بشكل أوتوماتيكي.
- جميع الصور يتم التقاطها بخاصية 3D
هذه الكاميرا ليست للبيع لأنها لا تُقدّر بثمن ولكنك تملكها بالفعل ... إنها عيناك !
جميعنا يحلم بامتلاك كاميرا رقمية فائقة الدقة والتى تصل فى بعض الأنواع الى 50 ميجا بيكسل،(البيكسل " Pixel " هو وحدة بناء الضوء و الميجا بيكسل " Mega Pixel"تساوى 1000000 بيكسل).
ان أقوي كاميرا صنعها الانسان 40 ميجا بيكسل.
هل تعلم أن دقة العين البشرية تبلغ 576 ميجا بكسل .
و لكنك ستندهش اذا علمت أنك تمتلكها بالفعل! فلتتعرف علي دقة عينك التى تمتلك زوجا منها اذا ما قورنت بكاميرا رقمية.
اختلف الكثير من العلماء و متخصصى العدسات والكاميرات فى امكانية تقدير دقة العين مقارنة بالكاميرا لصعوبة نوع المقارنة بين آلة و جهاز حيوى معقد التركيب كالعين.
وفى النهاية قدر العلماء دقة العين البشرية بأنها تصل الى 575 ميجا بيكسل مقسمة على العينين اذا كان البصر حادا، وتتغير باختلاف حدة البصر ووضوح الرؤية.
فهل فكرت في مقارنة أحدث و أكثر الكاميرات تعقيدا وأغلاها ثمنا بالعين البشرية ؟.
تعتبر كرة العين التي تزن حوالى 20جرام من أروع غرف التصوير الفنية حيث يمكن تشبيه الكاميرا بالعين ( مع الفارق الكبير) وهذا لمجرد التقريب والفهم.
فالكاميرا أو جهاز التصوير يتكون أساساً من :
صندوق مظلم : يقابله في العين الجزء الذي يطلق عليه اسم (الصلبة) ولا يستطيع الضوء النفاذ خلال جدران هذا الصندوق ولكنه يدخل فقط خلال فتحة محددة من الأمام.
عدسة الكاميرا : يقابلها في العين القرنية والعدسة الشفافة. وتقوم القرنية والعدسة بتجميع الضوء المنعكس من المرئيات لتكون صورة واضحة مقلوبة على الشبكية.
الفيلم الحساس في الكاميرا : في فيلم الكاميرا طبقة حساسة تتأثر بالضوء ويقابلها في العين الشبكية التي توجد بها الأقماع والعصيات التي تحتوى على قرمز الإبصار الذي يتأثر بالضوء ، وتتكون على الفيلم الحساس صورة عكسية (نيجاتيف) يعاد طبعها على ورق حساس لتبدو الصورة الطبيعية. أما على الشبكية... فإن الصورة تكون مقلوبة عكسية ، وفى المخ يعاد وضعها لتصبح معتدلة.
من كل ذلك تبدو قدرة الخالق وعظمته إذ أن شبكية العين عبارة عن فيلم متجدد إلى مالا نهاية... إنه مستمر ولا يحتاج إلى تبديل كما هو الحال في فيلم الكاميرا.
وفى العين وتُرى صورة متحركة وملونة مما يدعونا إلى تشبيه العين - مع الفارق - بآلة التصوير التليفزيونية ؟
أما أعصاب العين فهى الكابلات الموصلة من كاميرا التليفزيون إلى (المونتير) الذى يعدل من وضع الصورة كما يحدث فى مخ الإنسان.
ومرة أخرى... نجد هنا أن فيلم التليفزيون له طول محدد ومدة محددة، بينما نجد أن شبكية العين عبارة عن فيلم متجدد دائماً.... فسبحان الله!
ثم نجد أن الإنسان ينتقل بصره من منظر إلى آخر دون أن يحدث أي اضطراب فى العين، مع توادر المناظر واختلافها واختلاف شدة الضوء.
كل ذلك يوضح إلى أي مدى تتفوق العين على آلة التصوير التليفزيوني... أيضاً تتجلى عظمة الخالق ، فبالرغم من هذا التفوق نجد أن حجم آلة التصوير التليفزيوني بالأجهزة الضخمة المعقدة الملحقة بها تقوم بجزء بسيط من عمل هذه العين المحددة الحجم ذات الصورة الرائعة.
تفوق العين على (الكاميرا) :
تتفوق العين من جهات مختلفة على الكاميرا حتى أنه لا يمكن مقارنتها حتى بأعقد وأحدث أجهزة التصوير. ويشبه ا لعلماء العين عادة بآلة التصوير (الكاميرا)، حيث أنها تلتقط الصور من عدستها الدقيقة، بدلاً من أن تعكسها على اللوح الحساس (الفيلم) كما تفعل الكاميرا، تعكس الصور على شبكية العين، ومن ثمّ تنتقل عن طريق الأعصاب البصرية إلى الدماغ.
الا أن آلة التصوير الدقيقة الظريفة هذه قد تلتقط يومياً ملايين الصور، غير أنّها من جهات مختلفة لا يمكن مقارنتها حتى بأعقد وأحدث أجهزة التصوير، للآتي:
1) العين حساسة ومعقدة في تركيبها وأكبر حكمة وتعقلا من آلة التصوير.
2) آلة التصوير تصور من حين لآخر وفقا لقرارنا، أما عيوننا فهي “تصور” طيلة الوقت بدون أي قرار من طرفنا .
3) في آلة التصوير يجب تغيير شريط التصوير (الفيلم) مرارا، أما الشبكية فتلتقط صورا طول العمر .
4) فتحة تنظيم النور (ديافراغم) في جهاز العين، وهو بؤبؤ العين، يعمل بشكل تلقائي أمام تغيير النور، فيتقلص أمام النور القوي، ويتسع أمام النور الضعيف، بينما أجهزة التصوير بحاجة إلى تنظيم بيد المصور.
5) تتغير عدسة العين خلافاً لأنواع عدسات أجهزة التصوير بتغير بعد الصورة عنها، فيكون قطرها حيناً 5،1 ملم، ويصل أحياناً إلى 8 ملم، وهذا التغيير يتمّ بواسطة عضلات تتقلص وتنبسط حسب بُعد الصورة المرئية، فعدسة العين تستطيع أن تعمل ما تعمله مئات العدسات الزجاجية.
6) تستطيع العين أن تتحرك في الجهات الأربع بمساعدة العضلات وتلتقط الصور في الأنحاء المختلفة.
7) أجهزة التصوير مصنعة من مواد قويّة جدّاً، لكن جهاز العين لطيف وظريف إلى درجة كبيرة، لذلك وضع في محفظة عظيمة مستحكمة، والعين مع ظرافتها ولطافتها أكثر دواماً بكثير من الحديد والفولاذ.
8) مسألة تنظيم النور ذات أهمية فائقة للمصورين، وقد يطول الزمن بالمصور كي يستطيع تنظيم إضاءة الصورة، بينما تستطيع العين في جميع ظروف النور القوي والمتوسط والضعيف بل حتى في الظلام شريطة وجود بصيص من النور أن تلتقط الصور، وهذا من عجائب العين.
9) حين ننتقل فجأة من النور إلى الظلمة، أو حين تنطفيء مصابيح الغرفة في الليل، لا تستطيع أعيننا في البرهة الاُولى أن ترى شيئاً، ثمّ بالتدريج تعتاد العين على الظرف الجديد فترى ما حولها، وهذا التعوّد هو تعبير بسيط عن التحول المعقد الذي يحدث في العين، ويؤدي خلال لحظات بسيطة إلى الإنسجام بين العين والظروف الجديدة.
وعكس ذلك يحدث عندما ننتقل من الظلام إلى النور، فالعين في البداية لا تتحمل النور القوي، ولكن بعد لحظات تتواءم مع الظرف الجديد، ومثل هذه الخصائص لا توجد اطلاقاً في أجهزة التصوير.
10 ) أجهزة التصوير تستطيع أن تصور زاوية محدودة ممّا يقع أمامها، بينما عين الإنسان تستطيع أن تلتقط كلّ ما في نصف الدائرة الاُفقية أيامها بزاوية مقدارها 180 درجة تقريباً.
11) من عجائب العينين أنّهما تلتقطان الصورة لتعكساها معاً في نقطة واحدة، وإذا اختل هذه التنظيم تصاب العين بالحول ويرى الفرد الشيء الواحد شيئين.
12) ومن الطريف أن صورة الأجسام تنعكس على الشبكية مقلوبة، بينما لا نرى نحن الأشياء مقلوبة.
عمليات عدة مثل ( تحديد المجال " scope " ، تحديدة بؤرة التركيز "focus " ، تركيز العدسة على المشهد ، عمق المشهد " depth of field " تباين الألوان " contrast" ، الإضاءة light ) والكثير الكثير من العمليات المعقدة والتي تحتاج الى وقت واعدادات مسبقة ويمكن لأي رقم أو نسبة من الإعدادات أن تفسد المشهد كله !
يتم هذا كله أوتوماتيكا وعلى أكمل وأجمل وجه من خلال عدستين هما الأكمل والأروع في عالم التصوير خلال جزء من الثانية دون أي اعداد مسبق ! انها العين البشرية !
بعد أن عرفنا قيمة و قدرة العين التى تصل دقتها الى أكثر من عشرة أضعاف أحدث الكاميرات الرقمية... فما لنا ألا أن نحمد الله على هذه النعمة و الاعجاز الالهى الذى لا يتجاوز قُطره عدة سنتيميترات ويمتلكه الغنى والفقير.
1061 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع