الطاف عبدالحميد
على شاشة فضائية عراقية ( البصرة تسعى لتكوين إقليم )، سعاد محمد في الخامسة والسبعين ، البصرة تعني لها الكثير ،
حركت ساكنا راكدا يغفو إغفاءات قليلة في رحلة الارق المستديمة المؤطرة بالالم ، ألم ألام الثكلى ، الذي لاتطويه الحياة الملازمة للحياة ، بإنتظار هيمنة الزمن ألاتي من قريب ليحيل كل حي الى ذكرى إنسان ،متكفنا بمأسيه محتضنا لها في لحده المنقذ من ألالم العراقي المسيج بعقود من ألاتراح وضياع الليالي الملاح ، سعاد تسأل ، مالها البصرة ؟ تجيبها إبنتها سناء ، ماما البصرة تريد تشكيل إقليم مثل الاكراد ، سعاد تسأل : يعني إستقلال ، لا ياأمي كيان إقليم يشبه الاستقلال ، سعاد تستذكر شيئا ، هناك تغيير في ملامح الوجه جلية لرائيها ، تنساب الدموع على وجنتيها ، تحاول إخفاء الحسرة والالم البادي عليها واضحا ، هي قرأت ما في وجوه الحاضرين وأدركت أن دموعها وحزنها كان باديان للجميع كما بدت لها البصرة عندما نطق المذيع الفضائي على الفضائية ، نية البصرة إقامة إقليمها الهدف ،قالت بألم واضح ، يعني سيكون قبر هيثم في دولتين ، أدرك الجميع السبب المبكي والجالب للنكد لجميع الحاضرين ، ساد وجوم كامل على العائلة بأكملها ، وأستمطرت الام مزيدا من الدموع وأصبح البكاء مسموعا ، وغطت وجنات الاخرين قطرات دمع تتواصل تحكي مأساة غائرة في أعماقهم ، سناء هلا تفضلتي ، وقلت لنا ماأبكى أمك وأبكاكم ، أشارت الى أمها ، وطلبت التريث ، وأنتظرت أكثر من ساعة ، حتى نحينا الحديث عمدا الى حديث مغاير علنا نطوي ساعة ألم باكية حزينة ، قولي بالله عليك ياسناء ، هل بكت أمك من أجل الفدرالية ، فدرالية البصرة ، وهل تدرك ذلك وهي الامية ، قالت سأحكي لك ، هي تدرك فعلا ماتعني الفدرالية ، تعني التجزئة ، الانفصال ، الاستقلال ، كان والدي يصحبها الى شمال العراق كل عام ، شقلاوة ، صلاح الدين ، بيخال ، شلال كلي بيك ، جنديان ، وأدركت ألان أن الامور أصبحت لاتستقيم كما كانت سابقا ، لاعليك لم يكن هذا ماأبكاها بالضبط ، ألم تسمع عندما ذكرت سيكون قبر هيثم في دولتين ، أخي الملازم هيثم ضابط من صنف المدفغية ، تخرج من الكلية العسكرية في 6كانون الثاني 1982 ، ، أخبره أمر الكتيبة بأنه مجاز مع بقية ضباط الكتيبة ،يوم 5 كانون الثاني 1985، أي قبل يوم واحد من ترقيته الى رتبة ملازم أول ، الملازم هيثم إلتمس من أمر وحدته تأخير إجازته يوم واحد وتعويضه عنه ، لأنه أراد أن يأتي إلينا وهو برتبته الجديدة (رتبة ملازم أول) ، وافق ألامر على طلبه ، في المساء سقطت قذيفة مدفع إيرانية في موضع البطرية ، على بعد متر واحد منه ، وأدى ذلك إلى إستشهاده في الحال ، قلت لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، الان أدركت سبب بكاء الوالدة بإستذكارها البصرة ، قالت سناء ، ليس هذا كل شيء ، ألم تسمع ، قولها (بأن قبر هيثم سيكون في دولتين ) قلت فعلا ماذا تعني بالدولتين ، لم أذكر لك بأن شهادة الوفاة التي أرسلت الينا مع الجثة ، مدون فيها ان سبب الوفاة هو ( فقدان النصف السفلي من الجسم ) أي أن نصف جسده تشضى الى قطع صغيرة في البصرة ، والنصف العلوي هو الذي وصلنا ودفناه في مقبرة عائلتنا في الموصل ، قلت يإإلاهي ، لقد إستذكرت والدتك كل هذه الاحداث وأستلتها من كلمة البصرة ، هو فعلا مدفون في محافظتين في عراق واحد ، ترى كيف سيكون الحال لشهيد مدفون في دولتين ، رحم الله شهيدكم سيدتي ، هم فعلا يريدون قتل الشهداء مجددا ، أكملت سناء : ولكي يكون كلامي مترابطا ، ربما ستقول كيف عرفتم تفاصيل الحادث ، كلفت زوجي ، بمراجعة وحدته وتبين ماحدث ، ومارويته لك رواه أمر وحدته لزوجي .
2931 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع