د. سعد ناجي جواد*
نداء الى الرئيس عبد الفتاح السيسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمح لي يا سيادة الرئيس بان أخاطبك كإنسان قومي عربي محب لمصر ولشعب مصر ولتاريخ مصر وحريص على يبقى هذا البلد العربي الحبيب منارا ومرشدا لكل الوطن العربي. وأرجو ان لا تعتبر هذا النداء تدخلًا في الأمور التي تخص الحكم أو صلاحياتك، حاشى لله، لان غرضي الأول والأخير مما سأكتب هو انساني بالدرجة الأولى وينبع بالدرجة الثانية من الأخلاق والقيم التي تربى عليها جيلنا، والتي حاولنا قدر المستطاع كمربين، كما تحاول سيادتك، ان نزرعها في ابناءنا وطلابنا. وثالثا وأخيرا فان غرضي مدفوع بواجب الوفاء والمحبة التي هدانا لها ديننا الإسلامي الحنيف، دين المحبة والسلام والعفو عند المقدرة. وأرجو ان يتسع صدرك لما أقول، بل وأرجو اكثر ان يلقى كلامي لديك قبولًا حسنًا ان شاء الله. خاصة وان من اكتب لك بشأنه هو الأستاذ الدكتور حسن نافعة، صاحب العلم والخلق الحسن.
لقد تعرفت على الاخ العزيز د. حسن نافعة من خلال الجمعية العربية للعلوم السياسية التي شكلناها في قبرص عام 1987، وبمبادرة من الاخ الكبير الدكتور خير الدين حسيب، رئيس مركز دراسات الوحدة العربية آنذاك، (امد الله في عمره)، بعد ان عجزنا عن ان نجد عاصمة عربية تأوينا وتسمح لنا بان نتحدث فيها كأكاديميين بالحرية المطلوبة. ثم اثبتت الجمعية بعد ذلك التاريخ بانها جمعية مهنية محترمة وموضوعية وليس لديها اي غرض سوى خدمة الجامعات ومراكز البحوث العربية وعلماء وأساتذة وباحثي العلوم السياسية، وتقديم الرأي الوطني لأولي الامر كل ما كان ذلك ممكنا. ونتيجة للطريقة المهنية والوطنية التي تصرف بها مؤسسي وقادة الجمعية الأوائل أمثال الدكتور وميض نظمي والدكتور محمد المجذوب رحمهما الله، والأخوة الدكتور علي الدين هلال والدكتور اسامة الغزالي حرب، اطال الله في عمرهما، استطاعت الجمعية ان تثبت بانها مؤسسة علمية أكاديمية مهنية لا غنى للوطن العربي عنها وتستحق كل الاحترام والتقدير. وهكذا فتحت عواصم وطننا العربي ابوابها لكي تحتضن نشاطاتها ومؤتمراتها. وتفتخر الجمعية اليوم بانها استطاعت ان تقيم فعالياتها في كل العواصم العربية تقريبا.
وفي هذه المسيرة كان للأخ الدكتور حسن نافعة دورًا بارزًا فيها، بعد ان تم انتخابه أمينًا عامًا لها في احدى دوراتها اعترافا من زملاءه الأساتذة بانجازاته في مجال العلوم السياسية. كما تسنم مناصب مشابهة في مراكز بحوث عربية أخرى. ومنذ ان تعرفت عليه وجدته نموذجً اللعالم المتجرد والإنسان الطيب. نعم لقد اختلفنا معه في مرات قليلة، ثم اكتشفنا ان سبب الخلاف هو صراحته الفطرية ولم يكن بسبب نوازع شريرة. كما اننا بالتأكيد لم نختلف مع وطنيته وعلميته وحرصه على عروبته وعلى محبته الكبيرة لمصر وللوطن العربي. كما اننا لم نجد في داخله أية نوازع للايذاء او للتخريب او للإضرار بالمصلحة الوطنية العامة، وبالتأكيد فاننا لم نجد فيه اي استعداد للعمالة والعمل ضد أمته العربية. وأصدقك القول بان صراحته التي يعتبرها البعض من منتقديه بانها مثلبة، اجد فيها انا شخصيا ميزة يجب ان يتسم بها كل باحث في الشأن السياسي، لان عكس ذلك يعني نفاقا، او اذا اردنا ان نحسن النية فان ذلك يعتبر سكوتا عن الحق.
سيادة الرئيس المحترم كما قلت في بداية حديثي انا لا اريد بل ولا يمكن ان اسمح لنفسي ان أتدخل في اي امر يهم الحكم والأمن الوطني، ولكني اتمنى ان تسمح لي ان أتجرأ على التدخل لأسباب إنسانية وأخوية، فلقد علمت مؤخرا ان صحة الاخ الدكتور حسن نافعة في تدهور مستمر، وانه نقل الى المستشفى بسبب ذلك، وأتمنى عليك، وأكرر لأسباب إنسانية بحته، ان تنظر لحالته من هذا المنظار، وان تشمله بعفو يستحقه، وانت قادر عليه ان شاء الله، والعفو عند المقدرة من شيمة الرجال الكبار قبل ان يكون من شيمة القادة الذين نجحوا في بناء اوطانهم وفي ارساء أسس متينة ثابتة لمجتمعاتهم. لقد اثبتت مصر بانها كانت ولا تزال موطن التسامح والدماثة في التعامل مع الرأي الآخر ونسيان الإساءة وخاصة تلك التي تكون غير مقصودة، وفوق كل ذلك بلد الخير والمحبة الذي يحرص على ضم جميع ابناءه الطيبين تحت جناحيه آمنين مطمئنين.
اسمح لي سيادتكم اخيرا ان اختتم بالقول ان عالِما جليلا بلغ السبعين من عمره بل تجاوز ذلك، لا يملك سوى قلمه وعلمه وموضوعيته وحبه الكبير لمصر وللامة العربية لا يمكن ان يشكل خطرا على احد، ويستحق في هذا العمر والحالة الصحية المتدهورة ان يكون في بيته وبين أهله ليعتنوا به، ووسط كتبه وأبحاثه لكي ينشغل بهم. وكلي أمل ان يجد هذا النداء ردًا إيجابيًا لدى سيادتك. حفظ الله مصر الحبيبة وشعبها الغالي من كل سوء.
أكاديمي عراقي
*الرئيس الفخري للجمعية العربية للعلوم السياسية
1440 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع