د.منير الحبوبي
رابية السمان الباريسيه
في احد الأيام احببت ان ازور حي قديم في باريس اسمه رابية السمان وهو حي قديم جدا من احياء مدينة باريس وهو معروف عالميا كالحي اللاتيني في باريس حيث توجد الكنيسه التي كان يخدم بها أحدب نوتردام والتي تعرضت لحريق هائل قبل عدة اشهر ,.
يتميز حي رابية السمان هذا بكون المسبح فيه مياهه غير معامله بالكلور كبقية المسابح الباريسيه والفرنسيه بأجمعها وهي بالآلاف ويكون ماؤه حار نسبيا ومستخرج من باطن الأرض عن طريق بئر محفور هناك على بعد عميق جدا واكثر الذين يسبحون ويستحمون بهذا المسبح هم اناس عندهم حساسيه من الكلور فتراهم يأتون من احياء باريسيه اخرى للسباحة به وكذلك في ساحة المدينه قد تم نصب عدة حنفيات ماء يتم اخذ الماء منها بدون ثمن من ناس يأتون من احياء اخرى من غير حيهم فترى هذا المشهد لسيدات ورجال يأتون بدراجاتهم ومعهم العديد من البطاله الفارغه فيملؤهها بالماء ليشربوه علما انه يحتوي على مياه معدنيه معروفه صحيا وطبيا بأهميتها.
وأختياري لهذا الحي لم يكن اعتباطا فهو مشهور بكون جدران معظم بيوته وبناياته عليها رسوم قد تم رسمها من قبل فنانين يحبون الرسم على الجدران فأندهشت من طبيعة الرسوم الجماليه هذه وهذه الحاله مسموح بها فقط بهذا الحي حيث الرسم على الجدران بصوره عامه تشويه للمناظر ومحرم قانونيا, وبالصدفه وانا اتجول بين درابين هذا الحي تعرفت على امرأه مسنه جالسه على حافة الطريق وهي ترسم وعمرها تجاوز الثمانين عاما فأقتربت منها وبدأت احاورها وتعجبت كثيرا من وضعيتها وسألتها عن اسمها لأنها اخبرتني انها معروفه لكثير من الفنانين ومن اهالي الحي والسينمائيين ولأنها فرحت بأعجابنا بالعمل الذي تقوم به اهدتنا انا وقريب لي نسخ مصوره من لوحات هي كانت قد رسمتها قديما ولكنها لم تعطيني اسمها وعندما رجعت للبيت وذهبت للبحث عن هذه الفنانه عن طريق عمنه الفاضل گوگل عرفت من هي هذه السيده الفاضله والفنانه ذات الأحساس الرفيه واسمها هو سيمون ونسيت اسم عائلتها.
خلال تجوالي بالحي وهو مملوء بالقهاوي والبارات وعموما لياليه تكون صاخبه حاولت البحث عن تمثال مشهور بالحي يمجد او يتكلم عن ذكرى هبوط اول مركبه فضائيه مأهوله في هذا الحي كانت قد هبطت بهذا الحي الباريسي فلم اجدها وبعد تردد كثير وتفتيشي لأكثر من فرع وجاده بالحي ارتأيت ان اسأل فتاة شابه رشيقه ولكنها لم تكن بالجمال الذي في بالنا وقلت لها بأني افتش عن تمثال يمجد هذه الحكايه فتعجبت من سؤالي واخبرتني بأنها تعيش بهذا الحي منذ اكثر من عشرة اعوام ولم تسمع بهذا النصب وفعلا حاولت هي ان تصل اليه من خلال الخريطه التي احملها فلم ننجح وبعدها قررت الأستنجاد بالموبايل مالتها وعن تطبيق معين متبعة خريطته ولم تصل لهذا النصب وتحيرت ولكن بعد فتره انحلت المشكله وضحكنا كثيرا معا فالتمثال كان صغيرا ولا يزداد ارتفاعه عن متر واحد وحيث كان حوله امرأتان كبيرتان بالسن فلم نكن نراه الا بعد ان تركتا مكانهما وكالعاده كان مكانا تلتجأ اليه الكلاب لتتبول فكان منظرا مزريا ومضحكا وفرحت هذه الفتاة بأنها عرفت اجمل وأحسن مكان في حيها!!!.
طبعا من جهتي كنت قرأت مسبقا اي قبل زيارتي للحي قصة هذا النصب وهي ان رجلين صنعا اول منطاد لهما وغادرا به من مدينة فرساي في اطراف باريس وقطعا بالجو حوالي 15 كيلومتر طبعا مستعملين الحطب لحرق النار بالمنطاد وتكوين هواء حار يساعد برفع المنطاد للأعلى وقد نجحا فعلا بالطيران وكانت الناس في استقبالهما بهذا المكان ومن هنا التسميه مركبه مؤهوله في حين انني تصورت بقرائتي للموضوع قبل ان اقوم بالزياره لهذا الحي فكنت اتصور كما بمسلسلات حرب النجوم وحروب الفضاء ومسلسل ستار ترك بسبعينيات القرن الماضي بأنه فعلا هي مركبه فضائيه قد هبطت هنا كحال الصحون الفضائيه الطائره التي نسمع بها من حين لآخر.
اخيرا وبعد هذه الزياره الأستكشافيه أسترحت مع معارفي الى قهوه جميله بهذا الحي وحينها تناقشنا عن سر التسميه لهذا الحي بحي رابية السمان وبعد تفحيص وتمحيص توصلنا للمعلومات التاليه وهي ان الفلاحين الذين كانوا يزرعون الأرض بهذا المكان قديما اي قبل حوالي قرنين من الزمان قد لاحظوا تودد وتردد طيور السمان عليه كثيرا من دون الطيور الأخرى فلهذا سمي هذا الحي بحي السمان.
والسمان للمعلومات العامه يعتبر من فصيلة طيور الدجاج وهو الوحيد منها الذي يطير ويهاجر من مكان لآخر وهذا الطير يگضي حياته بالصيف في اوروبا ثم يهاجر الى افريقيا بالشتاء, ومن فوائد اكل لحم طير السمان هو قلة نسبة الدهون بلحمه نسبة للطيور الاخرى اي ان لحمه قليل الكوليستيرول لذلك فهو مناسب للمرضى الذين يعانون كثيرا من تصاعد او زيادة كميته بدمهم وان لحم هذا الطير يمتاز بطعم ومذاق مميز نتيجة طراوة ونعومة لحمه كما يقولون والله اعلم.
ختاما هذه التسميه السمان تذكرني بقصه رائعه لنجيب محفوظ اسمها السمان والخريف حيث تتناول القصه حكاية موظف حكومي وعضو في حزب الوفد، كان قريبا من التعيين في منصب كبير، وقريبا من الزواج من بنت أحد الباشاوات. تقوم الثورة في مصر فتتغير حياته. يفصل من وظيفته وتفسخ خطوبته، ويمسي عاطل عن العمل ا. يسافر إلى الأسكندريه، وهناك يلتقي ببائعة الهوى "ريري"، التي تعيش معه حتى يعلم أنها حامل فيطردها. يتزوج من فتاة عاقر مطلقة ذات ثروة. يعاني من الملل واليأس ويندفع نحو القمار. يرى بالمصادفة "ريري" ومعها بنت صغيرة هي ابنته. في النهاية يجلس في الظلام إلى تمثال سعد زغلول فإذا بشاب قوي الجسم يحمل وردة يتحدث إليه ثم يمضي، فيمضي بطل القصه في طريق الشاب تاركا وراءه الوحدة والظلام.
ربي تمر هذه المحنه على شعبنا وعراقنا الحبيب ويأتي الربيع وتنتهي هذه الأيام البغيضه من هذا الخريف البارد ربي رحمتك بامتنا وشعبنا وليهدي الله الناس الى المحبه ونترك الغيض بيننا وتتسامر القلوب ويقود بلدنا شباب مؤمن حر وأبي ويتعقل الكبار ويتخذون القرار الحق دفعا للدماء ربي رحمتك ورضوانك ويا رب نرى بالقريب العاجل زهور الربيع.
اكرر شكري استاذ جلال ربي يجعلك ذخرا للكلمه الطيبه في عصرنا هذا..
941 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع