علي السوداني
إنفتح الأسبوع الفائت ، على نبأ عاجل ، زبدته تفيد بأنّ زلزالاً قوياً قد ضرب إيران . ألمدمنون على سماع نشرات الأخبار ، ابتهجوا ، ورأت كثرة منهم ، أن الأمر هو انتقام إلهي مبين . لم يفكّر أحد في منظر الفلّاح الإيراني المسكين الذي انشقّت الأرض تحت بيته ، وابتلعتْ زوجته وأطفاله وسفرة الغداء .
عندما يتواجه جنديان عدوّان ، على جانبي الحدود ، سيكون من حقّ واحدهما ، أن يفرح ويرقص لمصرع الآخر ، خاصة إذا كان الخيار المتاح ، محصوراً في إنْ لم أقتلك الآن ، ستقتلني بعد ساعة . في السياسة ، ربما كان الأمر صحيحاً وجائزاً ، لكن في الإنسانية ، سيصبح فعل الكراهية ، مرضٌ خطيرٌ ، وغلط ابن غلط ، قوته عشر درجات تامّات على مقياس ريختر القائم على تسع . في منتصف الأسبوع ، انفتحت الشاشة – أيضاً وأيضاً – على نبأ تفجير ماراثون بوسطن الأمريكية . ألواقعة قتلتْ ثلاثة أمريكان ، وجرحتْ مائة . ومثلما حدث مع زلزال بلاد فارس ، فلقد طيّر المدمنون ، رسائل ومسجات سعيدة وفرحانة ومبتهجة وشامتة . ألصحيح جداً ، هو أنّ أمريكا الوغدة ، ليست دولة عادلة ولا طيبة ولا رحيمة ، وهي سبب واضح في إسالة بحر من دموع ودماء الفقراء فوق أرض الله الواسعة ، لكن الصحيح والحقّ أيضاً ، هو أنَّ عليَّ أن أحزن وأبكي ، على منظر طفلة أمريكية حلوة حائرة ، أكل إعصار كاترينا ، عائلتها وبيتها وخرخاشتها . عليك أن تتألم وتتوجع يا ابن آدم ، قدّام هكذا مشهد ، فإن فرحتَ ، فإعلم بأنك موبوء بمرض قوته ، عشر درجات تامّات على مقياس ريختر الواقف على تسع . قنبلة الكراهية تكبر وتتدعبل ، حتى أصبحت معها الأرض كلها ، تنام وتصحو على خطر عظيم . إذا كنت تكره القميص المنسوج من سبعة ألوان ، فليس بالضرورة أن تكره صاحبك الذي يلبسهُ . إلتقيت قبل أربع صيفيّات ، شاعرة أمريكية اسمها لورا . أهدتني ديوانها المطبوع باللغة الإنكليزية ، وكان عليَّ أن أستعين بترجمان نبيه ، كي أفهم شعرها ونثرها . كانت لورا تشعر بالخزي والعار والإشمئزاز والقيء ، مما فعلته بلادها التي غزت بلادي وحطّمتها . كانت ذكية وآدمية وتلقائية ، وقلقة جداً على بلادها التي زرعت في كل فجٍّ بعيد ، عدوّاً لها . سألتني بإلحاح ولجاجة ، عن الخطر الأعظم الذي يهدد أمريكا . كانت بها رغبة قوية لقياس درجة الكراهية في داخلي . حدثتها عن شعراء ومفكرين وقصاصين وروائيين ورسامين ونحاتين وممثلين وعازفين ومغنين أمريكيين أقحاح ، أحبهم وأحترم نتاجهم الإنساني ، لكنني أكره بوش الأب وبوش الإبن ورامسفيلد ورايس وبريمر ، وأتمنى أن تتسخّم وجوههم في الدنيا قبل الآخرة . أعلمتني أنها تشبهني تماماً ، وإنها تتمنى أن تسير في شوارع الشرق ، من دون أن تشعر بوخزات العيون ، وهي تكاد تثقّب جسدها . كان الحوار سلساً ، ممتعاً مرة ، وموجعاً مرات ، وقد خرجتْ منه لورا الطيبة ، بزبدة خالصة مخلّصة ، هي أن على أمريكا أن تخشى على نفسها ، ليس من قنبلة ذرية إفتراضية ، بل من قنبلة مروّعة خطيرة ، اسمها قنبلة الكراهية .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
893 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع