د.سعد العبيدي
صوت طبول الحرب
نقض الأمريكان اتفاقهم النووي مع ايران وشرعوا بتفعيل العقوبات، لخنق ايران، التي اقتربت من حالة الخنق، فبدأت استنفار قدراتها لمقاومته والاستعداد للقادم والأسوأ. ومن جانبها أمريكا استمرت بالتشدد والتهديد فحركت اساطيلها وقواتها الجوية الضاربة واقتربت من ايران حداً باتت جميع الأهداف في المرمى القريب.
ان النظر نظرة أولية الى المشهد وهذه الحشود القائمة للطرفين تبين وكأن الحرب قائمة حتماً وكأن قيامها قريب جداً، خاصة وان للتحشيد كلف مالية ونفسية عالية ليس من المعقول تحملها لفترات طويلة، لكن خيار الحرب عملياً ليس من السهل اتخاذه لكلا الجانبين، فالأمريكان وخاصة الرئيس الأمريكي ترامب تاجر، يحسب هو وطاقمه الربح والخسارة بدقة، وحرب تقع مع ايران ستكون كلفها عشرات الأضعاف عن الحروب التقليدية التي حصلت من قبل، وستكون الأرباح المتأتية من قيامها، ليست ذات جدوى اقتصادية. ثم أن الرئيس الأمريكي الذي وجد في التوتر سبيلاً لابتزاز عرب المنطقة، ليس من صالحه أن يفقد سلاحاً نفسياً فعالاً، سيفقده حال نشوب الحرب. والايرانيون من جانبهم، دولة فيها مؤسسات عاقلة ومنطقية وان وجد بينهم متشددون وثوريون مثل الحرس الثوري، كما ان ألم الحرب العراقية الإيرانية لم يفارق مخيلتهم بعد، لذا سيكون من المرجح قيامهم بحساب قرار الحرب بتأني منقطع النظير، ومن المرجح السعي الى تجنبه جهد الإمكان، خاصة وانها تعرف تماماً أنها ومهما كبدت أمريكا خسائر حرب كثيرة وثمناً باهضاً للحرب فإنها ستخرج منها خاسرة وبما يفوق خسارة الامريكان، كما انها تدرك جيداً أن الحرب فيما اذا وقعت ستقع على أراضيها بعيدة عن الأرض الأمريكية، وستكون البنى التحتية لدولتها المتضرر الأكبر دون المساس بالبنى التحتية الأمريكية، خاصة وان الحرب وفي حال وقوعها ستكون حرباً هجومية عن طريق الصواريخ بعيدة المدى والقوة الجوية التي تنطلق من المياه الدولية ومن ساحات دول أخرى تحيط بها أي إيران، بعيدة جداً عن الأرض الأمريكية.
من هذا يمكن الاستنتاج أن قرار الحرب وحتى هذه اللحظة يلاقي عند الجانبين مقاومة شديدة تبعده نسبياً عن إمكانية اتخاذه في القريب، والأمر المعقول في حدود أزمته سيكون المزيد من الحصار الضاغط على الإيرانيين في حرب اقتصادية قاسية أملاً في بلوغ عتبة التمرد الداخلي على الضغوط القائمة، وسيلة حرب ناعمة يمكن أن تحقق أهداف الأمريكان والأطراف الثالثة (إسرائيل) في اثارة الفوضى والاضطرابات الداخلية التي ستضر في حال حصولها بسلطة ايران الدينية الحاكمة. ومع هذا فإن الحرب قد تقع بعيداً عن تحكم السلطات العاقلة، وقد تحصل بتأثير متغيرات ومثيرات أطراف أخرى ليست عاقلة، وهي في ساحة الحرب الممتدة من ايران مروراً بالخليج العربي والعراق حتى البحر الأبيض المتوسط واليمن كثيرة ومتعددة، الأمر الذي يجعلها ممكنة الحدوث بأسبقية ثانية، وهو الأمر الذي يفترض أن يصلي الجميع من أجل تجنبه.
1039 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع