د.منير الحبوبي
اذا تلف الملح فبيش أنملح !؟
قديما قيل بأن الملح هو سر الحياة وقديما لوصف البنت الجميله فيقال عنها مملوحه اي ليست حامله للملح بجيوبها ولكنها كالطعام ان تذوقته بلا ملح فلن يكون طيبا فالفتاة الجميله بنت الأصول والشريفه وبنت العوائل والذات ان تزوجتها كل حياتك اصبحت طيبه ومملوحه وغير ماصخه كما يقال وستنجب لك اطفالا كلهم ملاح.
قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه حتى وقفت له بباب المسجد
ومن اعظم الثورات او اشهرها بالقرن العشرين للتحرر من الحكم الأستعماري البريطاني هي" ثورة او مسيرة الملح" التي قادها المهاتما غاندي ضد الأنگليز وثورته هذه او مسيرته كانت سلميه وزحفت الملايين خلفه عام 1930 احتجاجا على ضريبة الملح البريطانيه والتي أدت الى اعتقال غاندي وبالتالي استقلال الهند.
مصادر الملح بالعالم هي نوعين اما يتم استخراجها من طبقات الأرض حيث يوجد في بعض مناطق العالم اشبه ما يكون بمناجم الفحم فيوجد مناجم للملح حيث من المعروف ان الأرض قبل ملايين السنين كانت مغموره بالمياه وبتبخر المياه ترسبت املاحها على الارض وكونت ما هو اشبه بطبقه ملحيه يتجاوز سمكها الخمسة او ستة امتار بعض الأحيان وللحصول على هذا الملح فيجب حفر الأرض للوصول اليها وعموما ثلثي انتاج الملح العالمي هو من هذه الطبقات الملحيه بالأرض واحسن نوعيه منها هو ذلك المسمى ب "الملح الصخري كانوا " او ملح گيم.
اما المصدر الثاني للأملاح فهو الملح البحري حيث يتكون ويتجمع بفعل الترسبات الملحيه التي تتكون على اطراف البحيرات او البحار او من خلال عمليات صناعيه يتم تحصيل الملح منها وهي تمثل ثلث الانتاج العالمي من الاملاح وعلى هذه الشاكله نرى البدو بالعراق يستثمرون مهنة جمع الأملاح من البرك المائيه التي تتكون ايام الشتاء بالصحراء وبتبخر المياه صيفا بفعل الحراره الشديده تترسبالأملاح فيجمعها البدو.
ومن السهوله قديما اي قبل 60 عاما مثلا رؤية البدوي قديما يأتي الى المدينه ويبيع الملح المحمل على ظهر جمل حيث هذا كان يذكرني بأيام الطفوله حيث كنا نسير او نركض خلف الجمال ونضع يد فوق يد بشكل مفتوح للأعلى على اثر اقدام الجمل المتكونه على الطريق الترابي وبالفم نعمل صوت وكاننا نمص حليب الناقه الذي كان معروف بفائدته الكبيره والذي كان يسوق بشكل مألوف بالأسواق البغداديه, هذا الملح البحري او ملح البحيرات عادة يكون خشن وطيا بعض الصور تبين سيدات عراقيات يجمعن الملح قرب انقاض المنطقه الاثريه في بابل
للملح دور مهم بحياة الانسان في تخزين الطعام لفترات زمنيه طويله حيث يعمل الملح على منع تلفه السريع ولهذا نرى الباعه السماكين بالأسواق الشعبيه يضعون او يرشون من وقت لآخر الملح على الأسماك لكي لا تخرب ولا تجيف بسرعه وخاصة بفعل الحراره القويه اي ان دور التمليح هنا هو قتل البكتيريا المسؤوله عن تعفن او تلف السمك وهنا تحضرني النكته او الطريفه التي تقول ان احدهم اتى لشراء سمكه من بائع السمك وقبل ان يشتريها رفعها وبدأ يشتم رائحة السمكه ان كانت طازجه ام جايفه فضحك البائع منه وعباله انه غير عارف بأمور السمك وهاي اول مره جاي للسوق فقال له اخي اذا ردت تفحص السمچه فعليك بشمها من حلگها وليس من ذيلها فأجابه الشاري اي صحيح بس آني ردت اعرف اذا الجيفه واصله للذيل لو لا؟
وكذلك فأن أهالي المناطق الجبليه بالعراق ودول الشام كانوا يطبخون كميات كبيره من اللحم نصف طبخه ثم يتم خزنها بالصيف الى موسم الشتاء ويتم خزنها بالبساتيگ وتغلق بطبقه سميكه من الدهن ومن ثم طبقه اخرى ايضا سميكه من الملح تسمح بحفظ اللحم لموسم كامل دون ان يتلف وهكذا الحال فأن الملح له دور كبير في تحضير الطرشي
ولا ننسى دور الملح في عمليات تصنيع الأيس كريم قديما فالبائع المتجول الذي يأتي بعربته وفي وسطها اسطوانه معدنيه وبداخلها يوجد الأيس كريم او الأزبري فهذه الأسطوانه محاطه بالماء المثلج بفعل قطع كبيره من الثلج ويضاف عليها الملح حيث يعمل الأخير على تقليل درجة ذوبان او انصهار الثلج من صفر مئوي الى درجات تصل الى حوالي ناقص 5 درجه مئوي او اقل او اكثر وهكذا لا يذوب الثلج بسرعه ويقتصد باستهلاك الثلج.
وفي اوروبا نرى الدور المهم للملح المسمى" بالملح الشتائي" حيث دائما حينما تتوقع دوائر الأنواء الجويه" الميتيو " هطول ثلوج كثيره فتقوم البلديات ودوائر النقل للمركبات بتمليح كل الطرق لتسهيل انتقال المركبات بالشوارع والتقليل من فرص التزحلق والتصادم بين المركبات وهكذا حتى اصحاب البيوت ملزمين قانونيا وأخلاقيا برش هذا الملح على الرصيف او الممر امام بيوتهم لتجنب سقوط السابله اي من يمشي امام بيتهم وللعلم فدور هذا الملح هو انه يمنع من ان تتماسك جزيئات الثلج مع بعضها على الأرض اي بعبارة اخرى يعمل على ذوبانه ويمنع الماء من التجمد وتكوين طبقات ثلجيه تسبب التزحلق وبالتالي الكثير من المشاة بسقوطهم تنكسر لهم عظام الساق او الفخذ او مرفق اليدين فترى المستشفيات مكتظه بالمكسورين وكذلك نرى منتسبي الأطفائيات وسيارات الأسعاف في حالة كبيره من الأرباك والعمل المرهق لأسعاف هؤلاء الناس
وقديما قيل بأن "الملح هو سر الحياة " وللمعلومات جزيئ الملح هذا هو تركيب كيمياوي متكون من ارتباط ذرتي الكلور والصوديوم مكونا ملح الطعام بنسبة 39 بالميه صوديوم مع 61 بالميه كلوريد وللعلم طبيعيا يتواجد مع الملح اليود ولكن بنسب قليله جدا وتواجد اليود بجسم الانسان ضروري جدا للحياة ونقصه له نتائج مرضيه جدا سيئه فلهذا احدى منظمات الصحه العالميه ارتأت ضرورة اضافة اليود لملح الطعام ان كانت نسبته بالملح اقل من اللازم كما بينت ذلك في مقالتي السابقه عن اليود وأهميته من الناحيه الصحيه للأنسان
وللمعلومات زيادة استهلاك الملح بالطعام تسبب ارتفاع ضغط الدم بالجسم وهذا شيء غير مستحب لأنه ينهك دور القلب بالجسم ويجب التذكير هنا كما بينت ذلك في مقالات اخرى لي عن اليود هو ان مياه الأنهار والبحيرات والبرك ومياه الأمطار تكون نسبة اليود بها اقل من تلك للأملاح المستخرجه من طبقات الأرض ومنذ فتره ليست بالقليله بدأ يتم بيع "ملح متوازن " بالأسواق وخاصة في اوروبا حيث هذا الملح قد تم تحضيره بشكل تم تنقيص نسبة كلوريد الصوديوم منه وتم اضافة او زيادة كلوريد البوتاسيوم عليه حيث ان الأخير سيساعد على التوازن وحفظ ضغط الدم دون زيادته
حاليا في الأسواق الأوروبيه نرى بسهوله علب ملح مكتوب عليها " ملح يوده " اي مضاف لها اليود والى علب فيها تم تنقيص الصوديوم مثلا ناقص 50 بالميه وللنكته في احدى المرات اشترينا علبة ملح دون ان ننتبه انها يوده اي مضاف لها اليود وكلما نتذوق الطعام نراه غير مالح فنضيف الملح للطعام ونضيف ونكثر منه ولا نتحسس الملوحه بالطعام الا انه بعد تفحص وتمحص وصلنا الى الحقيقه والمقلب الذي وقعنا به
وعموما الملح الذي تم اضافة اليود اليه لا يعني بالضروره تقليل نسبة الملوحة فيه واحب ان اذكر الى نصائح اطباء التغذيه الذين يدعون الى عدم اكثار التمليح بالزلاطه لأن دوره في رفع ضغط الدم كبير جدا وليس كحال اضافة الملح بالأكلات المطبوخه بالجداري
وقبل ان اختم الموضوع حضرتني قصه لها بعد اجتماعي كبير جدا ولها دلالات على الحياة السياسيه والأجتماعيه في العراق حاليا حيث يقال ان رجلا يسكن مع زوجته بدار ملاصقه لجاره الذي هو شيخ المحله وهذا الشيخ هو أعرف وافضل واكرم انسان كما هو معروف عنه فهذا الرجل الجار للشيخ قبل ان يترك بيته ويسافر لعدة ايام من اجل العمل زار الشيخ وطلب منه حماية اهله وزوجته التي هي جارتهم وكما معروف عندنا بما يسمى "حق الجوره" فسافر ولما صارت الدنيا ليلا راودت الشيخ غريزته العمياء والشيطانيه بالخلو بزوجة جاره فأتى لها وطرق الباب عليها وتعجبت هذه المرأه من طلبه بالجماع بها فقالت له:
يا شيخ لي عندك لغز ان استطعت حله حللت عليك وستبغي ما تريد.
فقال لها وما هو هذا اللغز فقالت له اذا تلف الملح فبيش أنملح ؟ فصفن الشيخ المله كثيرا ولم يعرف جواب الحزوره هذه فذهب الى شخص ايام زمان كان يسمى ب "العرافه" وهو قادر على حل اي لغز فسأله الشيخ عن تفسير وجواب هذا اللغز فقال له العرافه بهذا المثل يراد ان يقال انه اذا سيد القوم كان انسانا فاسقا ونذلا فمن سيحمي ويدير اهله وعرضه وابناء قريته او محلته فأنصعق الشيخ من هذا التفسير ورجع الى بيته وأفتهم سر اللغز الذي ذكرته جارته
ومن الأمثال المتعلقه بالملح في حياتنا الأجتماعيه وبتقاليد مطبخنا العراقي الذي يكون الملح به له دور كبير جدا قيل
الخبز والملح ما يهون الا على ابن الحرام
ماكلين سوه خبز وملح
المثل بالكلام مثل الملح بالطعام
احذروا الأبيضين الملح والشكر
ما غزر بي الملح والزاد
أذا تلف الملح بيش أنملح
حطله ملح زايد حتى يغزر
فص ملح وذاب
الشوربه ناگصه ملح
الچذب ملح الرجال
أكله ماصخ مابي ملح
بيناتنه خبز وملح
نكر العشره والملح
اختم المقاله برعاية الله ويبقى بيناتنه ان شاء الله خبز وملح
971 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع