أيوب عيسى أوغنا
أنا وشبهي بالمغني الذي سمى نفسه أنجيلبرت همبردينك , وأحداث مثيرة ذات صلة
( Englebert Humperdinck )
أقول سمى نفسه ( أو من قبل مدير أعماله الذي كان أيضا مديرا لأعمال المغني توم جونز) ) لأن أسمه الحقيقي أرنولد جورج دورسي مولود في الهند بريطاني من أصول جزيرة مالطة في البحر الأبيض المتوسط , وكان هذا في ستينات القرن الماضي عندما ظهر أسمه كمغني لأغاني الحب و الغرام وأشتهر لأحساسه الرقيق في أداء تلك الأغاني ومظهره وشخصيته الشرق الأوسطية بين الجنس اللطيف خاصة . وأنجيلبرت همبردينك الأصلي هو موسيقار ألماني مشهور في القرن التاسع عشر وهو مؤلف الأوبرا المشهورة ( هنسيل و جريتيل ) التي وضع موسيقاها الموسيقار الخالد ريجارد فاجنر والمحبب لأدولف هيتلر .
أول حدث لعملية التشبيه , و رؤية صورته كان في أحدى مقاهي مدينة مانجستر سنة 1964 , عندما كنت في زيارة لبعض الأصدقاء العراقيين , بعد قبولي في فرع الهندسة المعمارية في جامعة ليفربول , لأنني سبق و أن درست مرحلة ( الجي سي ئي) لسنتين في كلية ستريتفورد , بالقرب من مانجستر , عندما لاحظت نظرات بعض الفتيات تتجه نحوي بشيء من الفضول الزائد , لأنني كنت متعود على نظرات بعض المعجبات في سنوات دراستي سواء في الكلية أو خارجها , لأن الفتيات في ذلك الزمن كانوا يحبذون السحنة الشرق الأوسطية والشعر الأسود على نظراؤهم الأنكليز البيض ذو العيون الزرق و الشعر الأشقر , لأن مرحلة الستينات كانت تعتبر مرحلة بداية التحررالجنسي و الحريات الشخصية للشباب و الشابات من القيود التقليدية و العادات الأجتماعية السائدة . ولكن في البداية لم أعتبر تلك النظرات خارج عن العادة , ولكن بعد أن لاحظت بأن بعض الشبان أيضا يتجهون بنظراتهم نحوي , أستغربت من ذلك الأهتمام بشخصي لم أتعوده ولكن بعد أن لفت نظري الى صورة كبيرة للمغني على الحائط , عرفت السبب , وأيضا أنا أستغربت من التشابه بيني و بينه , وأصبحت الصورة واضحة , لأنني سبق وأن سمعت به في برنامج للمواهب الجديدة على قناة بي بي سي وطبعا كان التلفزيون بلأسود والأبيض والشاشة الصغيرة , ولم أنتبه الى شكله و أنما أسمه الألماني الغريب على السمع (وتبين أن أعطاؤه هذا الأسم كان لجلب الأهتمام وربما الشهرة له) , ولكن الصورة على الحائط كانت ملونة وكبيرة الحجم وكان الشبه واضحا فيها , وبدأت أشعر بشيء من الرضى لذلك الأهتمام الزائد , حتى أن أصدقائي العراقيين أيضا بدأوا يرمونني بتعليقاتهم بالرغم من أن أسم الشهرة للمغني كان صعبا للفظ وغريبا بين أسماء المغنين والمطربين الأنكليز , ولم أتردد بقبول تلك التعليقات منهم برحابة صدر . وهذه كانت البداية .
وأعترف أنني منذ تلك اللحظة بدأت أصفف شعري وخاصة أطالة الزلف ( السوالف تحت الأذن) ) ولبس وردة العنق ( البو تاي) , وبعد أن تعرفت على عدد من محترفي رياضة كمال الأجسام و رفع الأثقال في أحدى النوادي الرياضية , دعوتهم للتدريب في النادي الرياضي الجديد في جامعة ليفربول حيث تتوفر أحسن المعدات , ويدخلون مجانا كضيوفي , وكنت أيضا أتمرن بين فترة وأخرى ولكن كهاوي لتلك الرياضة منذ سنوات المراهقة في كركوك . وكان هؤلاء يعملون كحراس أمن في بعض النوادي الليلية والتي تشتهر بها ليفربول في تلك المرحلة التي كانت تعتبر الحقبة الذهبية للمدينة , ومن أشهر تلك النوادي ( ذي كافيرن) الذي كان فريق البيتلس يؤدون فيه حفلاتهم الموسيقية في بداية شهرتهم .The Cavern , The Beatles
وكانت ليفربول وخاصة في منتصف ستينات القرن الماضي ملتقى للفنانين و الموسيقيين و الكتاب ومصممي الأزياء والرياضيين , وكان فريق ليفربول لكرة القدم ( ليفربول فوتبول كلاب ) في أوج عظمته و حائزعلى بطولة الدوري الأنكليزي و بطولة أندية أوروبا عدة مرات تحت أدارة المدير الأسطورة بيل شانكلي , ولا ننسى الفريق المنافس أيفيرتون في المدينة ولكن لم يتمكن من منافسة النادي ليفربول لكرة القدم . وكنت ولا أزال من مشجعي ليفربول , وكنت أتردد على العديد من المباريات على مدرجات ( ذي كوب )
Liverpool Football Club, Legendary Manager Bill Shankley , The KOP Terraces, وأشاركهم في غناء الأغنية
You never walk alone , Sang by Gerry & The Pacemakers المشهورة لمشجعي النادي ( يو نيفير ووك ألون ) التي في الأصل قام بغناؤها فرقة ( جيري أند ذي بيس ماكيرز) . وتطورت صداقتي بهؤلاء الرياضيين و كنت مرحبا به لدخول تلك النوادي مجانا , وكانت العديد من أصدقائي يطلبون مني أن أرافقهم للدخول معي وحتى مع صديقاتهم , هكذا كانت تلك الأيام والتي غنى عنها بول مكارتني ( من فرقة البيتلس) في أغنيته المشهورة من تأليفه و غناؤه المنفرد ( ذوس وير ذي دايز ماي فريند , وي ثوت ذي نيفر
Paul Mccartney song , Those were the days my friend , we thought they never end
أيند) , ولكن تلك الأيام أنتهت وأصبحت ذكريات الماضي , والذي أنني هنا أحاول كتابة ذكرياتها وألقاء الضوء على تلك الحقبة المزدهرة والمشهورة عالميا لمدينة ليفربول . وأن شبهي بالمغني أنجيلبرت لم يمر مرور الكرام , حيث في العديد من المرات كان يتم الأعلان وخاصة في نادي ( ذي بيراميدز / الأهرام) حيث توثقت صداقتي برئيس النادي و عائلته , فكان يحب عمل النكات ( براكتيكال جوكس) ويعلن على مكبر الصوت بأن المغني أنجلبرت هنا أيها الفتيات !!.. وبسرعة البرق كانوا يهرعون الى صالة الدخول ويطلب منهن الأصطفاف ( الكيو) للحصول على توقيعه ( توقيعي) , وهن يصدقون بأنني هو بلحمه و شحمه وخاصة عندما كنت في ملابس السهرة , وما كان علي سوى أداء الدور وأبدأ بالتوقيع الواحدة بعد الأخرى وكل منهن يحصل غلى توقيع مختلف لأنني لم أعرف كتابة الأسم وأحاول أن أتذكر الحروف المناسبة للكتابة كتوقيع ( الأوتوجراف) , وفي مناسبات أخرى كنت أوقع بتوقيعي الخاص بي لأثبت أنها عملية تمثيل ليس ألا وعدم أتهامي بتقلص شخصيته الحقيقية أذا بدأت الشكوك ومعرفة الحقيقة . والحمد لله لم تكن آنئذ أجهزة النقال ووساؤل التواصل الأجتماعي , وحتى التلفزيون الأسود والأبيض لم ينتشر في كل بيت , لذا صورته لم تكن واضحة لديهم .
ولكن عملية التشبيه بدأت تأخذ منعطفا آخر أكثر جدية , وخاصة بعد حيازتي سيارة سبورت مشهورة كأحدى السيارات المصنوعة باليد Peerless GT. وحصلت عليها من البرفيسور كوينتون هيوز الذي كان يدرسنا تاريخ الفن و العمارة في الجامعة والسيارة الأخرى المصنوعة باليد كانت أستون مارتن , وكان قد دعانا الى بيته الريفي ولاحظت السيارة مكسوة بالغبار في أحدى زوايا الجراج بين سياراته , ونظرا لأنه لم يستعملها منذ سنوات , وتمكنت من أقناع زوجته بأن السيارة لاتلاؤمه وكيف لها أن تقبل أن تبدي أحدى المعجبات بساؤقها , وهو في شتاء عمره , ونجحت الفكرة في أقناعها له بالتخلص من السيارة وبيعها لي بثمن زهيد . وكانت السيارة الوحيدة من نوعها في المدينة , وقمت بصبغها بااللون الفضي اللامع الجديد في تلك الفترة ( ميتاليك) , وكانت السيارة تفضح تحركاتي في أماكن وقوفها , ويتعرف أصدقائي بأنني أحد الحاضرين في ذلك المكان سواء خاص أو عام . وأن الثمن الزهيد = 300 باون أسترليني , كان ثمنا كثروة طائلة في وقتها لطالب بعثة يحصل على مبلغ شهري مقطوع لكل شيء = 45 باون أسترليني , سبق وأن جمعتها لقيامي بأعمال أثناء العطلات الصيفية , وأحدى تلك الأعمال كان في مصنع كادبيريز للبسكويت والشكولاته , وحتى في ذلك المصنع بين العمال و خاصة العاملات كان شبهي بالمغني حاضرا على الدوام , فعندما كانت أغنية المغني تذاع على المذياع و التي أصبح مشهورا بها ( بليس ريليس مني , ليت مي جو , كوس آي دونت لوف يو أني مور ) , كان العمل يتوقف وهم يستمعون ويرددون كلمات تلك الأغنية , والعاملات ينظرون ألي ويلوحون بأيديهم وبالقبلات على الهواء .Please release me let me go , cause I don’t love you any more.Top of the Charts 1965 sold Millions
وكان من طبيعتي أن أتأقلم و بسهولة مع البيئة التي أجد نفسي فيها , وخاصة مع طبقة العمال الكادحين , وتعرفت على بعضهم عن قرب لأنني كنت أتردد على محلات البيع بالمزاد , وأسواق أيام الأحد الشعبية وخاصة السوق المشهور في شارع أسكوتلندة ( باديز ماركيت) Paddy~s Market , Scotland Road حيث كانت تباع فيها التحف و المقتنيات الشخصية المتنوعة والأثاث وحتى الملابس , فكنت منذ وجودي في بريطانيا مشغوفا بشراء ما أحتاجه بأسعار زهيدة وجميعها كانت مستعملة , فمثلا قمت بأيجار شقة كبيرة مطلة على Sefton Park, & Rowing boats in the lake بحيرة وحدائق أشهر بارك في ليفربول ( سيفتون بارك) وغير مؤثثة , و قمت بتأثيث الغرف من تلك الأسواق و تأجيرها للطلاب و الطالبات من الجامعة , وأحصل على مورد أضافي لأعيش برفاهية وحياة مترفة. وكانت غرفتي الكبيرة تشبه المتحف من المقتنيات , ومنها مثلا , درع جلدي ورماح أصلية من أفريقيا لقبيلة الزولو , مع رؤوس محنطة لغزلان بقرون تشبه أغصان الأشجار ورأس نمر معلقة على الحائط , و عدد من الأسلحة القديمة البدائية وبندقية صيد والتماثيل من العاج والخشب , وجيتار كهربائي , ونسخ ملونة لبوسترات من الغرب الأمريكي للمطلوبين حيا أو ميتا لمشاهيرقطاع الطرق والقتلة الكاوبويز( كبيلي ذي كيد) , وجهاز راديو و تلفزيون أسود وأبيض , كان أصدقائي يحضرون لمشاهدة برامج خاصة . هكذا كانت الحياة ممتعة , وبلأضافة الى سيارتي الرياضية سبورت , كانت لي سيارة فان قديمة طبعا ومن مزاد بيع السيارات , أنقل فيها قطع الأثاث والمعدات الثقيلة من تلك المحلات . وهكذا تمكنت ولو بصعوبة وبنجاح مرحلتي الدراسية ل 6 سنوات في الجامعة , وأقول 6 بدلا من 5 لدراسة البكالوريوس في الهندسة المعمارية , لأنني أضطررت لأعادة السنة الثالثة , بعد أن تم تهديدي بالطرد من الجامعة ليس بسبب الرسوب ولكن بسبب عدم الحضور للمحاضرات , بالرغم من أنني كنت أطلب من صديقي نزار عثمان أحمد , وسمر الكيلاني بوضع أشارة حضور على القائمة في غيابي , ولولا تقديم ألتماس الى رئيس الجامعة لكنت مطرودا وخسارتي للبعثة العلمية من الدولة ودفع مبالغ الكفالة , حيث كان مسموحا للطلاب أعادة سنة واحدة فقط قبل فصلهم من البعثة . ولذا كانت لتلك الحياة في اللهو وسهر الليالي في النوادي و الحفلات لها ثمنها , وأنني سأتقبل الثمن مجددا لو تم أختياري بين تلك الحياة و حياة الطلاب العادية في سهر الليالي بالدراسة و التحصيل العلمي فقط . خسرت سنة ولكن تم أضافتها الى سنوات المرح و اللهو !!..
وكانت سنوات 66 و 67 و 68 و 69 , هي أحلى سنوات العمر وأجمل الذكريات والأحداث المثيرة في حياتي , ولم أتردد من نيل ما أتمكن من الفائدة القصوى سواء برفاهية العيش وما كان متوفرا لي و الفرص السانحة أمامي أو حتى الأستفادة من التشبه بالمشاهير. وكان طلاب الجامعة يتمتعون بالأحترام والتقدير في المدينة من الجميع وخاصة الذي كان في أوساط الطبقة العاملة , الذين كونت معهم صداقات شخصية وكنت مرحب به في بيوتهم المتواضعة وأنا أشاركهم في مسراتهم ومضراتهم و أحاول أن أكون واحدا منهم ويفرحون بوجودي بينهم . فعندما كنت في ضيافتهم ألبس ملابس رثة وعندما كنت في نادي ليلي ألبس ملابس السهرة المناسبة , ويتم الترحيب بي أيضا كواحد من الطبقة المتوسطة وحتى الغنية , ودون أن يكلفني شيئا وخاصة وأن بطاقة الدخول بالنسبة لي كانت مجانا و بطاقة الأشتراك في تلك النوادي لا يمكن لطالب جامعي عدا الأغنياء من تحمل نفقاتها . و عدة مرات كنت أذهب الى لندن بسيارتي وفي الطريق تلفت السيارة أنتباه بعض السواق و خاصة وأنني كنت ألبس ربطة البوتاي الملونة حتى مع ملابسي العادية , لأن البوتاي في ملابس السهرة عادة تكون سوداء أو حمراء , ولكن المشكلة كانت مع ركاب باصات النقل الكبيرة , حيث كان التنقل فيها بين المدن شائعا لرخص كلفتها , فعندما كنت أصادف مروري خلف أحدى تلك الباصات أو أمر بجانبها , كانت الأنظار تتجه نحوي وتقترب الوجوه من نوافذ الباص و تنتقل الفتيات وخاصة الصغار الى مؤخرة الباص وهم يلوحون فرحين برؤية مغنيهم المشهور و ينقلوا الخبر لصديقاتهم , ولكن المشكلة لم تكن في الطريق وأنما عندما أتوقف في أحدى المقاهي على الطريق , ويبدأ الهرج والمرج وأينتابني شعور بالخطر المحدق لوجودي بينهم عن قرب وفي ضوء النهار ومن أكتشاف حقيقة الأمر , وتتقدم بعض الفتيات نحوي و بيدهم دفتر أو ورقة للحصول على الأوتوجراف , فكيف لي أن أخيب ظنهم وخاصة الأطفال , وكنت متأكد بأن وسائل الأعلام لم تكن واسعة الأنتشار لتتابع أخبار المغني و تحركاته و صوره وصورة توقيعه الشخصي , أوالأهتمام الذي يبديه معجبوه ذكورا و أناث , وخاصة وأن الجو الفني كان مكتضا بالفنانين و المغنين وخاصة فرقة البيتلس (الخنافس) و ألفيس بريسلي وغيرهم , لذا كنت أعتبر أكتشاف حقيقة أمري نادر الحدوث , وخاصة أصبحت أوقع بتوقيعي بلأنكليزية بدون حروف . وحدث أن تم دعوتي لقضاء أيام عيد الميلاد (الكريسمس ) في لندن وطلب مني مصاحبة 3 فتيات لزيارة والدهم في المستشفى , ولم أكن متهيأ للأستقبال الذي لقيته عند دخولي الى بهو المستشفى , عندما تقدمت نحوي كبيرة الممرضات بأبتسامة كبيرة , وأخذت الحيطة والحذر من التورط في موقف لايحمد عقباه , و بادرتها بالقول بجملة واحدة , أنني لست هو ( آي أم نوت هيم) , وجاوبتني , آي نو ( أنا أعرف) , ولكنها طلبت مني طلبا شخصيا أن أمثل الدور للظهور ولو من بعيد في ردهة الأطفال الذين يعانون من السرطان , وأدخال فرحة العيد في قلوبهم , فقبل أن أتفوه ببنت شفة , وضعت في يدي باقة الورود التي كان بنات المريض تحملها لوالدهم , وطلبت منا أن نتبعها , وما كان من المرضى الأطفال سوى النهوض من سرائرهم و هم يلوحون مبتهجين بتلك المفاجأة الغير المتوقعة للمغني المشهور , ولكنني لم أتمكن من الأقتراب وبدأت عواطفي تنال من رباطة جأشي وبدأت بالبكاء وبعد ألقاء تحية وبقبلة في الهواء رجعت , والممرضة تتشبث بيدي لتهدأة خاطري وتقول لي شكرا لنجاح المهمة !!..
فما كان مني أن أخلع سترتي و ربطة عنقي و أنهاء الزيارة بسلام لوالد الفتيات الذين تأثروا أيضا برؤية هؤلاء الأطفال المرضى بأمراض خطيرة وهم في سنوات حياتهم الأولى , و شكروا الرب بأن والدهم كان في فترة نقاهة من عملية أستئصال قرحة في المعدة وهكذا مرت أيام العيد بسلام , وكنت حذرا من التشبه بالمغني ونحن في لندن مدينته و بين معجبيه الحقيقيين , وحمدالله لم يكن أي من الصحفيين حاضرا في المستشفى , لربما أدى ذلك الى نتائج سلبية وربما الى مساؤلة الممرضة من عمل متهور لو تم كشف الزيف و ألحاق الأذى بلأطفال لخيبة ظنهم , ولكن والحمد لله مرت الحادثة بسلام بأنني قمت بعمل خيري أدخل الفرحة بقلوب هؤلاء الأطفال .
وكلما بدأ نجم المغني بالصعود كلما بدأ تشبيهي به بالنزول , وخاصة بعد أن ظهر على الملأ في وسائل الأعلام و التلفزيون الملون والظهور في حفلات خاصة أقامها في معظم أنحاء بريطانيا , فلم أجرأ على تمثيل الدور السابق وأن كان محدودا للهزل والضحك على الذقون . وكنت في آخر سنوات دراستي فبدأت بتنظيم أوقات الفراغ للدراسة والأبتعاد عن النوادي الليلية قدر الأمكان . والحمد لله تخرجت من الجامعة وبدأت مرحلة العمل , وقمت بدفع مستحقات الكفالة بعد أن تم تقسيطها علي والأستفادة من أسعار الصرف التي كانت في صالحي لأن مبلغ الكفالة كان الدفع بالدينار العراقي . وفي سنة 1973 بدأت العمل بوظيفة كبير المهندسين في شركة مقاولات عالمية هي ( تايلور وودرو) ذو العلامة التجارية التي أشتهرت بها وهي 4 عمال يجرون الحبل كفريق واحد . وكان أول مشروع هو بناء أول مدينة عصرية , مدينة ( السلطان) قابوس , ومشاريع أخرى منها ترميم و توسعات في قلعة ميراني التاريخية التي بناها البرتغاليين في منتصف القرن السادس عشر , وأيضا بيت (قصر) البركة , وأقتبست فكرة تصميم المدخل للقصرمن بحيرة أصطناعية بواسطة قارب ( ريفا ) المصنوع من خشب الروزوود , والواسع الأنتشار في قنوات فينيسيا الأيطالية ( البندقية) بجانب قوارب الجندولا المشهورة , والأقتباس كان من الفيلا الخاصة لمالك مجلة ( البلايبوي) هيو هيفنر ولكن المدخل فيه كان من بوابة تحت الماء .
وفي مسقط / سلطنة عمان , كانت الأوضاع المعيشية صعبة في بداية سبعينات القرن الماضي , وعدم توفر السكن اللائق مع الخدمات للكهرباء و الماء و المجاري , لأن البلد في عهد السلطان سعيد بن تيمور كانت تعيش بما يشبه القرون الوسطى , ولكن تم أزالة السلطان بأنقلاب و تم تولي السلطة السلطان الشاب قابوس من والده , وبدأ ببناء و تطوير البلد على أسس حديثة و كان للشركة التي أعمل بها نصيب الأسد من تلك المشاريع , بدأت عمان تظهر على الساحة الأقليمية والدولية و أتاحة الفرص للأستثمارات الأجنبية .
ولكن في سنة 1978 , تم دعوتي مع زوجتي الأنكليزية لحفلة عشاء في السفارة البريطانية , وشاؤت الصدف أن نجلس على طاولة القنصل الأول في السفارة مع زوجته الجميلة . ولم تتردد بأمعان النظر ألي ببعض الفضول , بحيث بدأت زوجتي بلأمساك بيدي لعدم التجاوب مع نظراتها , ولكن تبين من حديث زوجها بأنها أبنة أخت المغني الشهير أنجلبيرت و أفصح بأن سر أهتمام زوجته كان لربما شبهي بخالها والذي كان في أوج شهرته وخاصة بعد أنتقاله للعيش في أمريكا . وهذا ما جعل الحاضرين ينظرون الي ( بدون الزلف و بدون البوتاي ) , ويعترفون بأن شبها ما بين الأثنين , مما زاد من رصيدي ليس فقط لدى زوجته وأنما بعض النساء حول الطاولة .
وفي الحقيقة كانت زوجته جميلة جدا وذات شعر أسود وعيون واسعة وملامح وراثية شرق أوسطية , أشتهر بها خالها المشهور , ونظرا لأن مسقط كان فيها عدد 2 من الفنادق الراقية , وعدد محدود من المطاعم الفاخرة و عدد محدود من العائلات الأجنبية , لذا كانت الحفلات في السفارات وخاصة البريطانية تجمع هؤلاء في مناسبات عديدة , ولم تتردد زوجته في دعوتي حتى الى حفلة ميلاد أبنتها الصغيرة , مما أدى الى أمتعاض الزوج وأظهار بعض البرود تجاهي , وهذا مما جعلني أقترب أكثر من زوجته , وكانت تشكو من العزلة و حتى الملل في العيش في مسقط , وأصبحت سببا في خلافاتهم الداخلية , بحيث طالب القنصل لطلب النقل الى بلد آخر بعيدا عن الجو الغير المريح , وخاصة بدأت ألسن تهمز الى شيء ما في الخفاء بيني و بين زوجته , وبعد سفرها تم أنزال الستار من آخر مشهد من تاريخي الحافل كشبيه و الآن ذو علاقة مباشرة بأبنة أخته , ولو أستمرت لربما أدت الى فضيحة في السلك الدبلوماسي البريطاني ؟؟..
ولم يبقى لي سوى أن أردد كلمات بول مكارتني من فرقة البيتلس :-
Those were the days my friend , we thought they never end .
أيوب عيسى أوغنا
معماري و خبير ومحكم دولي و خليجي معتمد
مسقط / سلطنة عمان
2140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع