د.منير الحبوبي
مذكرات بالغربه لا انساها
لن انسى حديث حصل بين مراسله صحفيه وأحد العراقيين الراجعين من الغربه الى بغداد بعد السقوط عام 2003 وهو كان متعود على الركض يوميا بالصباح قبل الذهاب للعمل في بلاد الغربه وكان سؤالها له كيف ترى بغداد بعد هذا الغياب الطويل فأجابها بأن كل شيء حلو وهو بين اهله وناسه الا ان شيئا واحدا لا يعجبه وينغص تمرينه الرياضي بالركض فقالت له وما هذا فأجابها بأن الكثير من الشباب وهم بسياراتهم او بباص مار بالشارع فعندما يروني اركض فيطلع أحدهم راسه من شباك السياره ويبدأ يصيح عليه مخبل مخبل ,,هاها مخبل وقال لها هذا يؤلمني وما يؤلمني هو الجهل الذي تفاجئت به من هذه العقليه والتصرفات وفعلا انا ايضا تألمت كثيرا لهذا الموقف ولا أقول بأنه تخلف الى ابعد الحدود والى اي بؤس وصل بنا الحال..
خلال مشواري الجامعي حصلت لي صداقه او زماله مع احد الأساتذه في جامعتي بالمنطقه الباريسيه وتفاجأت يومها بسؤاله لي وكنت في دقائق راحه بالكافتيريا الجامعيه عن سؤاله لي كيف تقضي عطلتك الأسبوعيه حيث في اوروبا عطلة نهاية الأسبوع هي يومين وهما السبت والأحد فقلت له بتحضيري لكل ما يتعلق بعملي للأسبوع القادم والقيام بواجباتي العائليه اتجاه عائلتي فقال لي ولكني اسألك عن ماذا تعمل او ما هي الهوايه او الرياضه التي تقوم بها بالعطله وليس علاقتك بعائلتك او بالعمل فقلت له لا يوجد عندي هوايات فأستغرب من ذلك واخبرني انه رئيس لجمعيه عملها تضم حوالي اكثر من 30 شخص عندهم كلاب وخلال اجتماعهم الأسبوعي يتناقشون بكل ما يتعلق بالكلاب من مرض وفصيله ونوعيه ونفسية كلابهم وما الذي تحبه الكلاب وسباقات جمال ورياضه للكلاب وهكذا لزملاء آخرين فلكل واحد منهم هوايه خاصه وما اكثرها فوجدتني مصقوعا من قوله لأننا نحن العراقيين على العموم لا يوجد عندنا هوايات جانبيه وغالبيتنا بالغربه نصدق بالعمل بشكل رهيب ولا نعطي الراحه لأجسامنا وارواحنا لكي نتهنى بالشكل المطلوب بهذه الحياة كحال الاوربيين..
خلال 35 عام من الغربه لم اجد احدا من الفرنسيين يكلمني عن السياسه الا ما ندر وكل همومهم هو الناحيه الأقتصاديه والماليه وحينما تحصل انتخابات فالصراعات السياسيه معظمها مبنيه على برنامج او رؤى سياسيه معينه لتحسين الوضع الأقتصادي للبلد وكيف يمكن تقليل البطاله وليست سياسات عقائديه عقيمه وهذا ينطبق على كل ناشطي الأحزاب سواء كانوا من اليمين او اليسار او من اليمين المتطرف او واليسار المتطرف او من الأوروبي بميوله والوطني الذي يرغب بأستقلالية بلده عن اوروبا
كلما تعرفت على انسان عربي في بلاد الغربه اراه يتكلم طول الوقت عن السياسه وخاصة الوضع السياسي في بلداننا العربيه ودائما يتضجورون من المواقف السياسيه لفرنسا اتجاه قضايا الأمه العربيه وهذا الحال هو حال العراقيين بكل مكان وكلما احاول تجنب هذا الحوار بتغييره او بالألتفاف عليه لأغير الموضوع فتراني بالنهايه مجبرا وغير مخير بالخوض بموضوع سياسي عقيم وخاصة اتجاه العالم الغربي من القضيه الأساسيه للعرب في فلسطين والطامة الكبرى بهذا الموضوع انه حينما يترشح احد النواب او السياسيين المؤيدين للحق الفلسطيني ترى ان هؤلاء العرب الكارهين للنظام الفرنسي يتغيبون عن الأنتخابات لاسناد هذا المرشح الذي له مواقف انسانيه وجيده اتجاه الحق العربي او تراهم حتى لا يشاركون بمظاهرات لأسناد الحق العربي اي فقط اكثرهم كما نقول بالعاميه "لسانه هاطوله" ولكن وقت الحاجه لنصرة القضيه فلا تراه وحتى لا يبذل الجهد لأخراج هويه للمشاركه بالأنتخابات وتراه يقول لك هذا لا ينفع ولا فائده من الأنتخاب
من الأمور التي تضحكني وشر البلية ما يضحك هو انني حينما التقي بأخ عربي جزائري ويعرف من شكلك ولكنتك الفرنسيه انك عربي فيريد ان يحاكيني بالعربيه ولكنني اجيبه بالفرنسيه وبعد دقائق يتعصب وينكر عليك جحودك وعدم حبك للعروبه وخضوعك للعالم الغربي وهو لا يدري بأنني لا افهم ما يقول بعربيته فكلمات اي جمله او عباره يقولها هي 80 بالميه منها كلمات فرنسيه وبلكنه عربيه مغربيه قبائليه او امازيغيه ومن الصعب جدا فهم اكثر من لغه مندمجه مع بعضها فهي ليست عربيه ولا قبليه امازيغيه ولا فرنسيه ولا انگليزيه
ايضا مما يؤلم ان ترى في اغلب السجون في فرنسا فأن غالبية المسجونين فيها من الجاليات المغربيه ومن الأفارقه وحينما نقول مغاربه هنا في فرنسا فيقصد بها العرب من دول المغرب العربي اي تونس والجزائر والمغرب ومن المهاجرين غير القانونيين
وقد ترى البعض من عرب فرنسا من يدعي الأسلام ويدافع عن الأسلام وهو لا يعرف عنه اي شيئ ولا اصدمكم ان قلت لكم حينما كنت احضر لبحثي في مختبر جامعي كان معي ايضا طالب دكتورا يحضر في نفس المختبر الذي اعمل به وحينما تراه يتكلم عن الدين تقول انه احد العشره المبشرين بالجنه او من عاشر الصحابه وأنه قد يكون من اصحاب الصحاح وفي مره لا اعرف كيف سألته هل تعرف من هم الخلفاء الأربعه بعد الرسول عليه افضل الصلاة والسلام ولا اخفيكم فلم يكن يعرفهم اي سامع بيهم ولكن لا يعرفهم
معظم الفرنسيين او بصوره عامه الفرنسيين لا يتكلمون اللغه الأنكليزيه وصادف ان حصل تسمم بأصبع يدي بسبب تلوث حصل خلال تنظيفي لمجرى المغسله بالشقه بالأيام الأولى من وصولي الى فرنسا اي قبل اكثر من 35 عاما وبذهابي للمستشفى قرر الطبيب ادخالى الى صالة الطوارئ وفهمت منهم بالأنگليزيه لأنني وقتها لا اعرف الا القليل جدا من الفرنسيه بأنهم مضطرين لقطع اصبعي خوفا من تسمم اجزاء اخرى باليد فوافقت على ذلك وكان تدخلهم الجراحي مؤلم جدا وتم تضميد الأصبع وبعد عودتي باسبوع وتم فتح الرباط الملفوف حول اصبعي فوجدته غير مقطوع وأنذهلت نسبيا من الحادث وفرحت بذلك وهكذا عرفت انهم بالحقيقه حينما اجروا الجراحات اللازمه وهم يستعملون ادوات معدنيه ويدي موجوده خلف ستاره لكي لا ارى العمليه ولكني عرفت اذن انهم أنهم قد ازالوا او قلعوا اظفر الأصبع الوارم بشكل كبير جدا وهذا هو الذي جعلني اعتقد كليا انهم قطعوا اصبعي وكل سردي هذا هو لتبيان دور اللغه وكذلك مستوى اللغه الفرنسيه التي يتحدثون بها آنذاك
في ثمانينيات القرن الماضي وخلال تحضيري لأطروحة الدكتوراه كنت اخرج مساءا من المختبر حوالي الساعه السابعه مساءا والمختبر يقع في جنوب باريس لكي اصل الى سكني الموجود شمال باريس وهنا كل واحد يعرف ساعة وصول ومغادرة القطارات حيث عموما لا يتأخر او يتقدم دقيقه واحده آنذاك وكنت دائما آخذ قطاري هذا دائما بهذا الوقت ولكني لا اتذكر ما حصل ذلك اليوم فتاخرت قليلا عن اخذ هذا القطار فأنتظرت القطار الذي يأتي بعده ولكن هنا المفاجأه حيث حصل عطل بفرامل القطار قبل وصوله الى المحطه في باريس بسرعه عاليه واصطدم بالقطار المتواجد امامه وراح عدد الضحايا يزداد ووصل الى 68 قتيلا عام 1986 من غير عدد الجرحى فحمدت الله على النجاة وفعلا لا يصيبنا الا ما كتب الله لنا
وحصلت لي قصه لن انساها ابدا وهي حينما كان ابني علي بالصف الثالث متوسط فأرسلت ادارة المدرسه لي برساله تخبرني بضروة القدوم للمدرسه بخصوص امر يتعلق بابني وحينما وصلت قابلني الاستاذ المختص والذي هو مسؤول الصف الذي به ابني علي وهو مدرس اللغه الفرنسيه فأخبرني بالوضعيه السيئه لأبني وخاصة باللغه الفرنسيه والسبب الحقيقي لذلك هو انتقال سكننا وبالتالي تغيير مدرسته من شمال باريس الى جنوب باريس والمدرس شرح لي بشكل جيد وضعية ابني بالفرنسيه وما يأسف له المدرس ايضا هو ان ابني احسن طالب بالصف لكل المواد الأخرى عدى الفرنسيه وهنا تصوروا موقفي وانا اسمع هذه المعلومات السيئه
بعد ذلك سأل المدرس ابني امامي فقال له هل تعرف ما هي درجتك باللغه الفرنسيه لهذا الشهر ؟ فقال له ولدي لا فأجابه المدرس انها واحد من عشرين وهنا الاستاذ ليضخم الوضع المأساوي لأبني سأل أبني هل تعرف لم اعطيتك واحد من عشرين وليس صفر من عشرين ؟ فأجابه لا استاذ فقال له هذا ليس لجهدك بل الواحد اعطيته لك لقيمة الحبر والورقه التي اجبت عليها بالأمتحان, طبعا هذا كله آلمني كثيرا لأني اشرف على دراسة اولادي الثلاثه واتابعهم فردا فردا ولكن تمر الأيام وقبل انتهاء العام الدراسي يخبرني استاذه بضرورة حضوري الى المدرسه وهنا وخلال اصطفاف تلاميذ كل صفوف الصف الثالث المتوسط وهن اكثر من سبعة صفوف في ساحة المدرسه وبحضور عدة مدرسين ومدير المدرسه وطبعا تلاميذ هذه الصفوف عندهم خلال شهر امتحان وزاري عام فيطلب من الجميع التصفيق لعلي والسير على خطاه لأنهم بالأختبار المدرسي باللغه الفرنسيه لكل الصفوف فكانت اجابته احسن واعلى درجه من كل الطلاب وجميع الصفوف وهنا احسست بالنشوه والعز والأفتخار وكلما نجتمع عائليا نتذكر هذا الموقف ونضحك على علي امام زوجته وابنه حيث هو الأن رئيس مشروع لشركه كبيره جدا بمجال الأتصالات في باريس
من الأمور التي لا انساها ايضا هو انني كنت يوميا للذهاب الى المختبر بثمانينيات القرن الماضي اخرج من سكني حوالي الساعه السادسه صباحا لأصل الى المختبر الساعه الثامنه صباحا وكنت ابدا النقل بأخذ باص ثم قطار بالمترو وابدل الى قطار ثاني ايضا بالمترو وبعدها آخذ القطار الذي يخرج من باريس الى مختبري الجامعي جنوب باريس والرحله تستغرق حوالي ساعتين والتغييرات بين هذه الوسائط تحصل بأوقات معينه بالضبط فأنت ان فقدت احداها سوف لن تصل لمختبرك بالساعه المحدده وفي الايام الأولى من وصولي الى باريس كنت لا اعرف الأمور بشكل جيد وارى الناس تتدافع وتركض عبر مسالك المترو الباريسي الشهير فكنت انتقد تصرفاتهم وعجلتهم ولا تستحق الحياة ان نكون هكذا مستعجلين وخائفين من عدم الوصول بالوقت المحدد ومرت بي الأيام واذا بي اراجع نفسي لأرى انني تغيرت كثيرا ودخلت بهذه الدوامه الباريسيه ولا اخفيكم سرا فكنت اركض بحيث ما اخلي واحد گدامي اي انني تجاوزتهم بهذه العجله والركض لكي لا تفقد احد المتروات او القطارات بالدقيقه الفلانيه لأنك ستتأخر عن بفية وسائط النقل الأخرى وسبحان من يغير الاحوال
في عام 1988 حصلت انتخابات رئاسيه في فرنسا وكأي عراقي لا يعرف معنى الحريه والديمقراطيه آنذاك كم تمنيت ان اعيش هذه اللحظات لكي اعرف كيف تجري هذه الانتخابات ؟وهل هي مشابهه للأنتخابات عندنا بالعراق؟ ههههه وهل ديمقراطيتهم وصناديق اقتراعهم تشبه تلك لبلدي ؟ وفيها فاز للمره الثانيه والأخيره الرئيس الفرنسي فرانسوا متيران
كذلك وكأي عراقي يعيش الغربه لا استطيع ان اصف لكم لحظات سماع ومشاهدة كل الأعلام الغربي : صحافه راديو تلفزيون ومشاهدة الأخبار التي تبين وتصور آلات الحرب الضخمه المدمره تهاجم بلده الأم العراق عام 1991 وتقتل وتزرع الدمار في كل شبر منه وكان احسن علاج لي هو غلق العيون وبكم الفم وسد الآذان " صم عمي بكم "وكان العراقي المغترب كالجندي الجريح يرى رفاق دربه وابناء وطنه يذبحون بلا سبب وعن ظلم لم يقترفوه دون ان يتمكن من تضميد اخيه المضرح دما بقربه او بخندقه وتم دفع ثمن غالي لهذه المأساة المروعه ولهذه الغلطه السياسيه بأحتلال بلد عربي مسلم وآمن والتي يدفع شعب العراق لحد الآن ثمنها ولم ولن ينتهي الدفع لحد الآن.
ببداية التسعينيات من القرن الماضي وخلال عملي الجامعي والذي يتضمن تحضير تجارب من بينها معرفة ما يحصل خلال التفريغ الكهربائي بين البرق بأعلى السماء والأرض والذي تصل به فروق الجهد الكهربائي الى حوالي اكثر من مليون فولت ولسبب ما وانا احضر هذه التجربه الفيزيائيه حصل ان احدى الألكترودات وهن اثنتين ويجري التفريغ الكهربائي عبر الهواء بينهما تحركت من مكانها ومست يدي الحامله لها فبدلا من ان يحصل التفريغ الكهربائي للتيار عبر الهواء فانه بدأ يمر من يدي اليمنى لصدري وليدي الأخرى من جهه وايضا تيار آخر يسري من يدي الى جسمي والى الارض عبر الساقين ففقدت الوعي ودخلت الغيبوبه وهي لحظات بداية الموت ودخلت كما يصفه اكثر الذين يتكهربون وينجون من الموت بأنهم وخلال ثواني او اقل يرون نفقا مظلما وفي نهايته ترى نورا ساطعا وخلال مرورك بهذا النفق سترى اقرب وأعز الناس اليك بلمح البصر وهذا ما حصل لي
, اخيرا فبعد هذا الحادث الأليم الذي كاد ان يقتلني انتهى بي المطاف كحادث عمل بالمستشفى وتم علاجي بالمستشفى لحوالي عشرين يوما او اكثر وما احب ان اقوله هنا ان آلام فظيعه حصلت لي بكتفي ومنطقة الربط بين اعلى زند يدي ولوح الكتف للظهر وكلما يطلب الطبيب المعالج اخذ اشعه لهذه المنطقه لتفحص الكسور بالعظام فالأشعه لا تشير لوجود كسور ونفس الشيئ للمره الثانيه وبالمره الثالثه حيث طلب الطبيب أخد اشعه من جديد فآلمني كثيرا ان اسمع الممرضه التي تقوم بعمل الأشعه كل مره ان اتوقف عن هذه المهزله اي انني متحايل ولا اشكو من اي الم ويجب ان اوقف هذه السينما او الخدعه بالأدعاء بوجود آلام بجسمي ولكن الطبيب بالأخير يقرر اجراء عمل اشعه بجهاز الرنين وهنا أوضحت الصوره انكسار العظام والروابط التي تربط العضد بلوح الكتف والتي تطلبت عمل الجبس لكل الصدر واليد
عند منتصف التسعينيات خابرني من المانيا احد زملائي قديما بالعمل كمدرس بمعهد التكنلوجيا في بغداد وكان مبعوثا هناك بدوره تكنلوجيه وهو اكثر من اخ لي وعلاقاتي مستمره به لحد الان فسألته عن زملائنا القدامى بالمعهد وهم اكثر من عشرين مدرس فقال لي بأنهم كلهم اختفوا فمنهم من غادر العراق ومنهم من ترك التدريس ومنهم من اختفى بظروف غامضه اعتقد واگعين بنگره ومحد گدر يطلعهم !!! وكان لي كل الشوق العوده وزيارتهم والألتقاء بهم ولكن حينما اخبرني بهذه المعلومات علمت ان اغلب العراقيين اغتربوا عن الوطن ومن لم يغترب خارجه فهو مغترب داخل الوطن وهنا علمت وتيقنت ان لا جدوى من العوده فأصحابك وزملائك ومن تحب ان اردت لقائه ففتش عليه خارج وطنك الأم
من النجاحات التي افتخر بها هو نشري لحوالي سبع او ثماني ارتكلات علميه بأكثر من محفل دولي كفرنسا وانگلترا ومصر والمغرب وشهادة من رئيس مختبري بأني كنت شمعه انارت الطريق لزملائي بالمختبر للنشر العلمي وللمشاركات الدوليه التي تعطي قيمه مهمه لمختبرنا بالجامعه وبالوسط الدولي ايضا
خلال عملي الجامعي تكللت الأعمال التي قمت بها لصالح طلبة الجامعه وبالمستويات المختلفه سواءا لتحضير الليسانس او الماجستير وتكللت هذه الجهود بتكريمي بالسعفه الذهبيه التي منحت لي ولعدد من الزملاء الجامعيين من قبل رئيس الوزراء الفرنسي عام 2009
الأيام تذكرني ايضا انه خلال استقبالي لأشخاص فرنسيين دعوتهم الى سكني بالسنه الاولى من وصولي الى فرنسا عام 1983 حيث انهم تفاجئوا من تقديم الطعام على المائده كله دفعة واحده وهذا غير معتاد عندهم حيث هم يقدمون الوجبات الواحده بعد الأخرى وكل الحديث والنقاش وتبادل الآراء يتم حول المائده وهذا ما يخالف كليا عاداتنا وتقاليدنا ولكن ام علي اصرت على هذا طيلة حياتنا هنا اي ان الأكل على المائده يستمر لعدة ساعات وهم عموما يأكلون ببطئ وليس مثلنا وكأنه واحد لاحگنه
من الأمور الجميله هنا بالغربه وطيلة حياتي الا ما ندر ان يسألك وخاصة وانت بالعمل ما هي جنسيتك الأصليه ومن اي دين انت فهذه تقريبا من شبه المحرمات وبالنسبه للنساء وهذا ما تعلمناه هنا هو انه من العيب ان تسأل عن عمرهن فهذا غير لائق وايضا من العيب ان تسال احدهم كم هو راتبه وخاصة ان كانت العلاقات بين الاشخاص غير قويه وايضا لكي لا انسى فهنا على الاطلاق لا يسألك احد من اي حزب انت او لمن صوت خلال الانتخابات فهذه معلومات من العيب الخوض بها
كل محافظه بمركزها يوجد بلديه وبعض البلديات تشرف على مجله شهريه اجتماعيه تتعلق بالمواطنين الساكنين بها وهذه المجله لنشر الثقافه والتسامح العرقي والتعرف على مطبخ البلدان الأصليه لمواطنيها فهي تنشر اكلاتهم بها وهكذا كان دور ام علي فهي نشرت خلاصه عن المجتمع العراقي وحضارته وماضيه العريق وبنفس الوقت تعمل اكله تخص البلديه وتقوم الصحفيه بالأستجواب ومن ثم نشر هذا الموضوع بالمجله فما كان من ام علي الا ان تحضر الكبه العراقيه والشاي العراقي فاعجب بذلك رئيس بلدية افري السيد مانويل فالس ودعانا انا وام علي على غداء في مطعم فاقترحنا عليه زيارتنا والعشاء معنا بالبيت مع اولادي وزوجاتهم وكرمنا او شرفنا بقدومه الى بيتنا وتذوق ما لذ وطاب من الاكل العراقي وهو الذي ايضا اشرف شخصيا بمراسيم حفل ابني ياسر من زوجته ناديه عندما كان رئيس بلدية ايفري وهو بعد ذلك اصبح وزيرا للداخليه ومن ثم بعدها اصبح رئيس وزراء فرنسا ولكنه سقط بالأنتخابات الرئاسيه التي ترشح لها عام 2017 والتي فاز بها الرئيس الفرنسي الجديد الشاب امانويل ماكرون وترك السيد مانيول فالس الحياة السياسيه في فرنسا
قبل عام اي سنة 2018 ذهبت بزياره الى اسطنبول وكانت سفره رائعه وجميله وهادئه وأحببناها كثيرا وكأننا نعيش اجواء العراق من سبعينيات القرن الماضي حيث الجوامع والأسواق ووو وكل ما يذكرنا ببغداد وصادف ان صعدنا بقطار الترامواي انا وام علي وكانت العربه للترام مزدحمه نسبيا ونحن متعودين على هذا بالقطارات والمترو الباريسي واذا بشاب ينهض من مكانه ويطلب من ام علي ان تجلس مكانه وكان منظرا لم نألفه في فرنسا منذ اربعة عقود وذكرنا بايام زمان بالباصات حيث ايام الشباب فكنا ننهض لكل امرأه ورجل عجوز يصعد بالمصلحه الأمانه ولا يجد مكانا للجلوس وهذا لم يصدمني بشيء ولكن في مرة اخرى ونحن واقفين بالترامواي واذا بشابه تنهض وتعرض علي مكانها للجلوس ولا ادري ما اقول فلأول مره احس واندهش من هذا الموقف الرهيب حيث لم افكر ابدا باني فعلا استحق هذا العمل اي بعباره اخرى علمت من هذا اليوم انني تركت مرحلة من العمر ودخلت بمرحلة اخرى وما زاد الطين بله اكثر ودق اخر أسفين في نعش الحياة هو انني قبل ايام التقيت بعائله عراقيه من شاب وشابه فبدأت زوجة هذا الشاب وعمرها حوالي الثلاثين عاما بالسلام علي ولأول مره اسمع هذه الكلمه خلال سلامها علي بالقول "شلونك عمو" حيث اثبتت لي شيئا كنت لا ادري ان كنت اجهله ام اتجاهل عنه
عموما عند خروج اي زميل بالعمل على التقاعد فيتم تكريمه من قبل زملائه وبيوم تقاعدي حصلت على هدايا كثيره ومن اهمها هدية الأقامه بقصر خمس نجوم لليله واحده مع عشاء وفطور بمدينه جميله بها كل وسائل الراحه للمتقاعد وزوجته وبها ايضا يتم تعليم الضيوف على عمل وجبه فرنسيه تقليديه يعملها الشيف الذي يشرف على مطبخ الفندق وزيارة مطبخ الفندق وهذا القصر يقع بمنطقه جبليه وهي جزء من الريف الفرنسي
هذه الذكريات ارويها لكي نأخذ عبره منها وهي يجب ان نحب الحياة ونسعى بها كثيرا ولا نتوقف في حال لاقينا الصعاب والصعاب جمه وما ذكرت هو فقط للذكريات الحلوه الضروريه للتفائل ولا يفضل سرد ما هو مؤلم والذي لا فائده من روايته اتمنى من العلي القدير ان يحفظ كل العراقيين وان ينعم علينا باليمن والراحه والأستقرار وان يسعى كل فرد منا دائما لفائدة الآخرين فسعادة محبيك او من يقرأ لك او من يتابعك هي سعاده شخصيه ايضا للكاتب او الراوي لهذه الذكريات البسيطه التي الهدف منها زرع ابتسامه ولو بسيطه على شفاف الجميع
1069 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع