لطيف عبد سالم
بطالة الشباب أزمة عالمية متصاعدة
يُعَدُّ إخفاق القيادات الإدارية في مهمة إيجاد فرص عمل مشروعة لمن توافرت لهم القدرة على العمل والرغبة فيه، أبرز العوامل المساهمة في توسيع دائرة البطالة التي أصبحت في عالم اليوم من أكبر المشكلات التِي تعاني من تداعياتها أغلب الحكومات في مختلف أرجاء المعمورة؛ بالنظر لارتباطها بعوامل موضوعية يعود الجزء الأكبر منها إلى أسبابٍ هيكلية مردُّها إلى طبيعة نمو الاقتصادات الوطنية النامية التي تتسم بمعاناتها من اختلالات هيكلية داخلية وخارجية كالاختلال في قانون الموازنة العامة للدولة. وهو الأمر الذي أفضى إلى إخفاق نسبةٍ كبيرة من الأفراد القادرين عَلَى العمل، والباحثين عنه فِي الحصولِ على فرصة، بوسعها المساهمة في تحقيق الدّخل الذي يساعدهم على توفير لقمة العيش، إلى جانب تغطية حاجاتهم الأساسية المتعلقة بمصاريف السكن والملبس وغيرها مِن الالتزاماتِ الأخرى، بصرف النظر عن مناسبة العمل لطالبه فِي بعض الأحيان.
لا رَيْبَ أَنَّ ارتفاعَ معدلات البطالة لدى فئات الشباب، من شأنه التسبب في تعريض القوى التي يعوّل عليها في إرساء الأسس السليمة لبناء البلدان إلى الشعور باليأس التام من المستقبل؛ لأنَّ تلك القوى - المفترض أن تكون فاعلة ومؤثرة في صياغة مستقبل بلدانها - تجد نفسها أمام تحديات خطيرة، حيث تبدأ حياتها بالإحباط والشعور بالغبن، ثم لا تلبث أن تجد نفسها بعد سنوات من الجهد والتعب والدراسة وسهر الليالي من دون أمل في الحياة!.
لأهمية النتائج المترتبة على بطالة الشباب، فضلًا عما تشكله من خطورة على المجتمع الإنساني، أجد من المناسب والمهم أيضا الإشارة هنا إلى بعض العوامل الأخرى المساهمة في تنمية مشكلة البطالة التي تُعَدّ من أهم القضايا الأساسية المقلقة لأغلب المجتمعات في الحياة المعاصرة، مع العرض أنَّها لم تحظَ بنقاش جاد في أغلب المجتمعات، على الرغم من أنَّها توصف بحسب المتخصصين قنبلة موقوتة تهدد مصير الكثير من بلدان العالم. ولعلّ من بين تلك الأسباب: زيادة معدل النمو السكاني، بطء النمو الاقتصادي، التقلص المتنامي لدور القيادات الإدارية والقطاع العام في مهمة توفير فرص عمل جديدة من شأنها المساعدة على امتصاص نسبة فاعلة الأثر من التضخم المستمر في أعداد الخريجين الذين يضخون كل عام إلى سوق العمل، تحميل القطاع الخاص مهمة توفير فرص عمل جديدة من دون معاونته بتوفير مقومات نهوضه وتطويره، والتي في طليعتها التشريعات القانونية الداعمة لتطوير الأداء وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى عدم الالتزام بتقديم الضمان الاجتماعي لعمال القطاع الخاص. ويضاف إلى ذلك تواضع معدلات زيادة انتاجية العمل، وخيبة إدارة الاستثمار في إيجاد البيئة المحلية الملائمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، فضلًا عن الانخفاض المستمر في الطلب على العمالة؛ نتيجة للتحديثات التي أفرزتها معطيات التقدم التقني المتسارع.
تأسيسًا لما تقدم، فإنَّ القياداتَ الإدارية في مختلف بلدان العالم، ملزمة ببذل أقصى الجهود من أجل إيجاد معالجات مناسبة لمشكلة بطالة الشباب.
في أمان الله.
1679 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع