د.منير الحبوبي
الشحم والليه وأبو المعلاگ
من ذكريات الصبا حيث كنت صبيا لم اكن اعرف ما الفرق بين شحم الليه والشحم العادي حيث بالحقيقه يوجد فرق كبير يين الأثنين فالشحم العادي هو كل شحم يستحصل عليه من جسم الخروف او النعجه اي ان الشحم الموجود حول او ملتصق من الخارج بالأمعاء الداخليه او المعده او الأحشاء الأخرى وعادة يكون لونه ابيض او وردي وقد يحيط ايضا بباقي اللحوم من الخارج فهذا هو ما يسمى بالشحم وهنا أحب ان اذكر ان الشحم المحيط بامعاء البقره هو الذي نسميه : الحلو لو.
اما شحم الليه فهو الشحم الموجود بلية الخروف اي بخلفيته الذي هو معيار نسبي لصحة ووزن الخروف حيث عندما نذهب للعلوه فترى الگصاب او الزبون الذي يروم شراء الخروف من الباعه والرعيان فتراه يمسك بيده خلفية او لية الخروف ويحركها بشكل معين ليتفحصها وللعلم الخرفان الأوروبيه بصوره عامه لا تملك ليه خلفها وان وجدت تكون صغيره نسبيا.
طبعا للعلم شحم الليه هذا يمكن ان نحمسه او نقليه على النار بالطاوه لوحده فيتحول الى سائل حيث بعد ذلك يتم تركه ليبرد ومن ثم يتم وضعه بالمرطبان وكل يوم تؤخذ كميه منه للطبخ حيث هكذا كانوا يعملون، لكن بالستينيات بدأت تظهر بالأسواق الدهون المهدرجه ورغم وجودها الطّبيعي في الحليب وبشكل يتراوح بين 2 إلى 5٪ من إجمالي الدّهون فهي بدأت تستحضر من الزّيوت النباتيّة كبذور القطن وعباد الشمس وبذور الكتان والذره من خلال عمليّة تسمّى الهدرجة والتي تتضمن اضافة الهيدروجين بشكل صناعي الى جزيئات الدهون النباتيه ، ممّا يجعلها اكثر استقراراً وأقلّ عرضة للإفساد اي تمنع تأكسدها الذي هو مضر جدا لصحة الانسان ان استهلكها متأكسده.
وعملية الأذابه لشحوم الليه فالبعض منا يسميها وخاصة أهل الفرات الغربي "يسلون الليه او الليه يسلوهه " وفي مناطق اخرى من العراق تسمى " تسييح الليه" اي اذابتها ..
وللعلم الكببچيه قديما او بائع المعلاگ والتكه بالشارع قديما كانوا يضعون بين كل اربع قطع من شيش المعلاگ اي الكبده يضعون قطعة شحم من شحم لية الخروف فيعطيها طعما طيبا جدا وكان البعض من الباعه للمعلاگ بالسوق يضع بين الحين والآخر عدة قطع من شحم الليه على الفحم فتبدأ تشتعل وتبعث دخان ابيض وتخرج منها رائحه طيبه تشهي الزبائن او الماره من على بعد عشرات الامتار.
البعض من الزبائن يطلب من بائع المعلاگ عدم وضع قطع ليه وسط الشيش بل يطلب مثلا خمس شياش تكه او معلاگ ومعها شيش كامل لوحده من الحميس اي فقط شيش كله من شحم الليه وهذا ما يسمى بالحميس وطبعا سعر الحميس اقل من سعر المعلاگ وهذا ايضا بدوره سعره أقل من سعر التكه اي اللحم وهنا احب ان اذكر ان اكثر باعة التكه والمعلاگ يعملون او يخدمون مساءا اي هم لا يبيعون المعلاگ او التكه ظهرا ولا اعرف السبب لحد الآن ولكن احد معارفي الأفاضل يعلل ذلك لكون العراقيين يأكلون التمن والمرگ ظهرا فلعدم او تجنب اكل نفس اللشيء عند العشاء يفضلون اكل المشويات كالتكه والكباب والمعلاگ وخاصة ان اكثر الرجال والعمال والكسبه حينما ينهون عملهم مساءا يكونون متعبين جدا وخاره قواهم فلكي يستعيدوا قوتهم وحسب العرف العام اللحم هو الأفضل.
من ذكرياتي وانا عمري لا يتجاوز العشر سنوات كان هناك بائع للمعلاگ والتكه في سوق الصدريه مقابل بوابة جامع سراج الدين بستينيات القرن الماضي اسمه جبار وبالحقيقه نهاية الخمسينيات لم يكن عنده پنكه لتحيي وتنشط اشتعال الفحم فكان يناول كل زبون المهفه او الكارتونه لكي يهفي فوق الشياش التي تعود له وبعض الاحيان يستخدمون المقوايه وفي بداية الستينيات حصل تطور رهيب الا وهو استخدامه للپنكه بدلا من المهفه او المقوايه وكان ايضا يخدم بعض الزبائن بالبصل وكان بعض الأحيان يضع گرص الخبز فوق الشياش للمنقله لتصبح حاره واطيب عند المذاق.
وللعلم لم يكن بالخمسينيات والستينيات من القرن الماضي اكل الصمون بشكل منتشر ويجب ان لا ننسى ان البعض من هؤلاء الباعه للمعلاگ واللحم يبيعون الفشافيش والتي هي لحم الرئتين للخروف والتي يكون لونها مائل بين الأبيض والوردي وسعره بديهيا ارخص من سعر لحم المعلاگ والتكه وقديما كان البعض منا حينما يريد ان يعيب احدهم يقول له او يكنه بالتسميه – أبو الفشافيش – او بقوله - دگوم ابو الفشافيش- اي انه ليس من أهل المستوى اي ان مستواه الفكري والمادي معدم جدا وأصغر من الآخرين اي انه لا يستحق الود والأحترام وللعلم ايضا ان اكثر باعة المعلاگ والتكه تراهم يفتحون او يتواجدون قرب الگهاوي وقرب البارات بالاسواق العامه او قرب گراجات السفر كگراج النهضه والعلاوي.
وللمعلومات لعمل الكباب يفضل استخدام شحم بطن الخروف وليس شحم آخر من جسمه والمرأه العارفه والسباعيه تعرف لكل اكله تعملها اي لحم وأي شحم من جسم البقره او الخروف يكون هو الأفضل فمرگة البانيه لها لحمها الخاص بها وهي لحمة العصعص للخروف حيث تكون اكثر دهينه ولمرگة البيذنجان لحم البقر او الغنم وبائع لحم التكه يستخدم لحم الفخذ للخروف ولحمة الكبه لها لحمها الخاص بها ايضا وهو لحم البقر وللكباب وأسفل الدولمه نستخدم لحم الضلوع للغنم وهكذا للشحوم والليه.
هنا احب ان اذكر ان اكثر الگصابين لا يعطون او يبيعون لحمة العصعص للناس بل يأخذوها الى بيوتهم والتي هي معروفه بطيبتها وهكذا الحال القصابين لا يعطون او يبيعون لحم زند الخروف لعامة الناس بل يخصون بها الزبائن الذين حالتهم ميسوره حيث تستعمل بتحضير لحم اكلة القوزي حيث هذا اللحم للزنود يسميه البعض بالموزات, هنا ايضا احب ان اذكر ان البعض من الناس يسمون اللحم الطيب المستخدم مثلا بتحضير اكلة التبسي بلحم نغم اي ان اكله طيب جدا ويستساغ بالفم وكأنه الموسيقى الجميله التي نعشقها خلال سماعها بالأذن .
هنا احب ان اذكر واكرر ان امهاتنا وبالأحرى جداتنا قديما كن يعملن على" تسييح الشحم " وحفظه في اوعيه خاصه لذلك فتراهن مثلا من وقت لآخر يذهبن للقصاب ويشترين مثلا عدة كيلوات من الشحم لعمل الدهن منه وهكذا يحفظن الدهون بوعاء من السيراميك كالبستوگه حيث ان دهون الشحوم الحيوانيه تكون افضل جدا من الدهون والزيوت المهدرجه المستخدمه حاليا في مطابخنا
هنا اخيرا أحب ان ابين دور المقوله او المثل الشعبي الذي يتعلق بالدهون والشحوم والذي نقوله عند تعيير أحدهم بالسوء ولوصفه بالغباء " من عابت هالراس چنه عيار ودچ " حيث الكلمه ودچ تطلق على الشحوم التي تكون هي ارخص شي بجسم الماشيه والذي يتم شراؤه من القصاب اما عيار الودچ فهنا العيار المستخدم بالميزان لوزن الشحم هو ليس العيار الحديدي التقليدي المعروف مع الميزان والمرخص به من قبل البلديه اي الكيلو او نصف او ربع الكيلو او الحگه بل هو حصوايه كبيره مجعمره يطلق عليها او تسمى بالصلبوخ اي هنا عند بيع الشحم فلا حاجة لنا لوزنه بشكل مضبوط بل نستخدم هذا النوع من العيار للوزن.
847 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع