لطيف عبد سالم
إيجابية أثر التكنولوجيا في بيئة الحياة
لَعلنا لا نبعد عن الواقع أو نبالغ إذا قلنا إنَّ الزيادةَ في متطلبات الحياة المعاصرة، كانت من بين أبرز العوامل التي ساهمت في تحفيز المجتمع الإنساني على استثمار العقل البشري، وتوظيف ما شهده من تطورات في مهمة تحديث ما متاح من السُبل التي بوسعِها تغطية احتياجاته ومعاونته على تسهيل أمور حياته وجعلها أكثر سرعة وتطوراً. وهو الأمر الذي فرض على الإنسان الشروع في تكييف التقنيات الحديثة والمثابرة في تطوير آلياتها بما يحقق معالجة ما يظهر من مشكلات، بالإضافة إلى ضمان اليسر في ممارسة حياته اليومية. وتدعيمًا لما ذكر آنفاً فإنَّ من المناسب الإشارة إلى اعتماد المجتمع في عالم اليوم عَلى التكنولوجيا بشكلٍ كبير ودائم، حيث أصبحت مضامين هذه الظاهرة الحضارية تستخدم في جميع نواحي الحياة، ما يعني أنَّها تشكل الآن جزءٌ لا يتجزأ من الحياة البشرية.
يمكن الجزم بأنَّ التطوراتَ المتسارعة في ميدان التكنولوجيا، كانت من العوامل الداعمة بشكل فاعل لجملة البرامج المعنية بسلامة البشرية بفضل دورها الإيجابي في المساهمة باستراتيجية الحفاظ على بيئة الحياة، لكن اللافت للنظر أنَّ طبيعةَ التعامل مع الكثير من التقنيات الحديثة انعكس في الوقت ذاته بآثارٍ سلبية، ومدمرة في بعض الأحوال على مقومات التوازن البيئي؛ بالنظر لخطورة الملوثات التي خلفتها النشاطات البشرية.
تُعَدّ عملية إعادة تدوير المخلفات التي تستهدف إعادة استخدام المواد التالفة بشكلٍ آمن لتصنيع مواد مهمة أخرى جديدة أو من أجل استغلالها في إنتاج مصادر الطاقة، من أبرز الأدوار الإيجابية التي قدمتها التكنولوجيا للمجتمع الإنساني، بفضل مساهمتها في تعزيز السُبل المعتمدة بعملية الحفاظ على البيئة. ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أنَّ أغلبَ دول العالم المتحضرة - المتقدمة والنامية - شرعت في ظل التطورات الصناعية والتقنية المتلاحقة بتشجيع المسار الخاص بعملية تحويل المخلفات إلى منتجات جديدة بفضل ما تحققه من فوائد اقتصادية ومزايا بيئية، حيث أنَّ تراكم النفايات يؤدي إلى تهديد صحة الإنسان، بالإضافة إلى تعريض البيئة التي يعيش فيها إلى ما تباين من الأضرار.
المثيرُ للاهتمام هو أنَّ الإداراتَ البلدية في مختلف بلدان العالم، تعتمد بشكلٍ أساس في مهمة إعداد الإجراءات الخاصة بعملية إعادة التدوير على تقدم الدولة ودرجة تطورها، فعلى سبيل المثال لا الحصر تشير البيانات المعتمدة إلى أنَّ صناعاتَ التدوير في دول الاتحاد الأوروبي تشكل نحو (50%) من الإجمالي العالمي لتلك الفعالية، والتي ساهمت أيضاً في امتصاص نسبة مؤثرة من معدلات البطالة؛ إذ يتواجد في تلك الدول أكثر من (60) ألف مصنع لإعادة التدوير، والتي يعمل فيها نحو نصف مليون موظف. وأدهى من ذلك أنَّ دولَ القارة العجوز تعيد تصنيع نحو (39 %) من مخلفاتها في المتوسط، مع العرض أنَّ هذه النسبة قد تصل إلى ما يقرب من (65%).
في أمان الله.
1288 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع