د. صبحي ناظم توفيق
عميد ركــن متقاعد.. دكتوراه في التأريخ
الإنسحاب الأمريكي من سوريا وتداعياته على العراق
على غير عادتي سأختصر التداعيات ضمن النقاط الآتية:-
• الدولة العراقية فوجئت بالقرار الأمريكي، كما يبدو في الظاهر.
• ربما أصاب الساسة العراقيّين الموالون لإيران فرح غامر بإبتعاد القوات الأمريكية عن أنظارهم، وسيتصوّرون أنهم سيُقحِمون فصائلهم المسلّحة دعماً لحكومة "دمشق" ومسلّحي حزب الله اللبناني والأجانب الآخرين المتوائمين مع "طهران"، فينسّقون معهم عملياتهم للإجهاز على بقايا تنظيم الدولة (د.ا.ع.ش) بالعمق الشرقي من الأرض السورية.
• الأكراد القوميّون أصابتهم خيبة أمل كبيرة وتبخّرت أحلامهم في إنبثاق دويلة أو كيان كرديّ بدعم أمريكيّ في الشمال الشرقي من "سوريا"، تشكّل إمتداداً لإقليم "كردستان العراق" شبه المستقل عن "بغداد"، في حين أنهم يعتقدون -بعد هذا القرار- في قرارة ذواتهم أن "واشنطن" قد تسحب البساط من تحت أقدامهم في قادم الأعوام رغم الوشائج المعمّقة بينهما منذ نصف قرن مضى.
• يفترض على حكومتَي "أربيل والسليمانية" الإستحضار لإيواء آلاف العوائل الكردية السورية والتي قد تلتجئ إليهما في حالة إقدام "تركيا" أو القوات السورية النظامية والمتآلفون معها على عملية عسكرية -طال إنتظارها- نحو شمال "سوريا" وشمالي شرقيّها.
• وينطبق الحال على الحكومات المحلية وأهالي محافظتَي "نينوى، صلاح الدين" وبالأخص "محافظة الأنبار"، حيث تتداخل أبناء العمومة والأخوال عشائرياً وعوائلياً بين طرفَي الحدود مع المحافظات السورية الثلاث "الحسكة، الرقة، دير الزور".
• بين عشيّة وضحاها ومن دون إستحضارات مُسبقة أضحت وحدات قيادة قوات الحدود والجيش العراقي والحشد الشعبي العراقية المنتشرة على مخافر الحدود العراقية-السورية على تماس أنكى مع بقاع واسعة تشوبها الضبابية جراء فلتان الأمور في ما يقارب 30% من الأرض السورية المتاخمة للعراق وعلى إمتداد (600) كلم بدءاً من إلتقاء الحدود التركية- العراقية- السورية "فيشخابور" ولغاية "التَنَف" حيث المثلّث العراقي- السوري- الأردني في أقصى الجنوب، حيث تبدو مهمّة مسك الحدود صعبة للغاية.
• يجب أن تتوقّع حكومتا "بغداد وأربيل" تلقّي ضربات جوية تركية متتابعة تستهدف مقرات حزب العمال الكردستاني (PKK) في شماليّ "العراق" وبعض أعماقه بعدما أتاحت "واشنطن" لـ"أنقرة" حرية إتخاذ القرارات السياسية والعسكرية وتركت الساحة لها.
• تناقلت الأنباء صباح اليوم خبر تلَقّي الرئيس "برهم صالح" ورئيس الوزراء "عادل عبدالمهدي" مهاتفة من وزير الخارجية الأمريكية "مايك بومبَيو" يطلب منهما توغّل قوات عراقية بعمق (70) كلم في البرّ السوري لملئ الفراغ الذي سيتركه إنسحاب القوات الأمريكية.
ورغم نفي "قيادة العمليات المشتركة العراقية" ذلك -ببيان مطّاطيّ يقبل أكثر من تأويل- وإقتراب السيد "عادل عبدالمهدي" من شبه النفي... إلاّ أن ((لا دخان بلا نار))، ولذلك لدي المداخلة الآتية:-
# مسؤولو السلطة التنفيذيّة العراقيون ينفّذون الطلبات الأمريكية بلا مناقشة حتى لو كانت قواتهم المسلّحة ليست مُهَيّأة.
# يُفترَض أن تكون الوحدات المفرزة لهذه المهمّة من تشكيلات الجيش العراقي النظامي والبعض من فصائل الحشد العشائري الأنباري حصراً.
# ولربما تُفرَز إلى جانبها وحدات من البيشمركة الكردية النظامية لمسك البقاع ذات الأغلبية الكردية وسط محافظة "الحسكة" قبالة قضاء "سنجار" العراقي.
# لا أعتقد أن توافق "واشنطن" على إشراك الحشد الشعبي الذي سيبقى ماسكاً لمخافر الحدود العراقية.
# يحتمل أن تنتشر البيشمركة في "تل خميس، سبع صكور، الشدّادي"، بينما تمسك وحدات الجيش والحشد العشائري مواقع القوات الأمريكية المسحوبة على إمتداد حوض نهرَيّ "الخابور السوري والفرات" أمثال "الشيخ حمد، ألبوكمال"، فضلاً عن قاعدتهم الكبيرة في "التنف".
# المهمة ليست سهلة، ولكن الأوامر الأمريكية لا تُرَدّ.
وفي هذه الأيام أستذكر سحب "الشاهنشاه محمد رضا بهلوي" البساط من تحت أقدام أكراد العراق وقتما أمضى مع "صدام حسين" "إتفاقية الجزائر" مساء (6/مارت/1975)... فهذا مصير الذي يضع كلّ بيضه في سلال الأجنبي، وبالأخص "واشنطن" التي يشهد التأريخ لها بإدارة ظهر المجن لأصدق أصدقائها.
681 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع