د.منير الحبوبي
دور الفخار بحياة آباءنا واجدادنا ،التنگه والبستوگه والزير والحب والتنور الطيني ودورهم بالشرب والطبخ
امهاتنا واهالينا قديما لم يكونوا قديما يعرفون الجداري الفافون او التيفال او الطاوات او جداري الضغط للطبخ وهكذا الحال لشرب الماء فهم لا يعرفون الثلاجه والثلج ومبردات الماء في حين قديما كانوا يستخدمون الأواني الفخاريه المصنوعه من الطين والصور اعلاه تورينا البعض من هذه الأواني وخاصة للشرب كالتنگه والحب,
فيما يخص الاواني الفخاريه فأحسن مثال عليها هو صحون التاجين او الطاجين التي يستخدمها اهالينا ولحد هذه الأيام وخاصة في بلدان المغرب العربي حيث يستخدمون ما يسموه بالكسكسيه والطاجين في مطابخهم المغربيه والفخار هوَ المادة الناتجة من تحويل الطين إلى مادة صُلبة عن طريق التسخين على النار، وتُعد هذهِ الحرفة لصنع الأواني الفخاريه من أقدم الأعمال اليدويّة والحرف التي عرفها الانسان، وهُناكَ الكثير من الاستخدامات للفخار فالكثير من الناس يضعونَ فيه ماء الشُرب لأنّهُ يُحافظ على برودته، كما أنّهُ الفخار يُستخدم بكثرة للطهي وإعداد الكثير من الأطباق ، وسنتعرف هنا على فوائد الطبخ بالفخار.
فوائد الطبخ بالفخار هي لطبخ الطعام كالخضار واللحوم بشكل صحي متجنبين الجداري والطاوات المعدنيه ، وبفضل ايضا ان تغطى هذه الاواني الفخاريه بقبغات مصنوعه من الفخار ايضا وان تكون هذه الأقباغ ثقيله لكي تمنع تسرب بخار الأطعمه للخارج كحال قِدور او جدور الضغط حاليا. كذلك من اهميات الفخاريات هو الحفاظ على نكهة وطعم الخُضار بالإضافة إلى حفاظه على لون المواد الغذائيه الطبيعيه دون تغير لونها وكذلك الفخار يعمل على . احتفاظ الخُضار بشكلها وقوامها شبه المُتماسك وعدم اهترائها كما يحدُث في القدور الأخرى. ايضا من ميزات الطبخ بالوعاء الفخاري هو إعداد أطعمة صحية دون الحاجة للدهون والزيوت الإضافية في الطهي، فهيَ تعتمد على البُخار بشكلٍ كبير. كذلك من ميزات الطبخ بالفخار هو حفظ العناصر الغذائيّة المُهمة والفيتامينات الموجودة في الطعام؛ لانّها لا تحتاج إلى مُدة زمنية طويلة أثناء الطهي وكذلك على العكس من الجداري المعدنيه فالفخار لا يشارك بتفاعلات كيميائيه مع الطعام الموجود في داخله حيث ان الأسطح المعدنيه بعض الأحيان قد تفقد من ذراتها المعدنيه السامه بفعل الحراره الشديده والتي ستدخل عندها بالطعام.
فيما يتعلق بالشرب للماء فالزير مصنوع من الفخار أو الطين المحروق، يُشبه في شكله الجرّة لكن حجمه أكبر، يتّسع في وسطه، وتضيق قاعدته؛ حيث تثبته ربّة البيت بوضعه على كرسي خشبي قصير ومُربع؛ تكون نهاية الزير أو قاعه في منتصف مربّع الكرسي، ممّا يسمح ببقائه ثابتاً،
لشرب ماء الزير الذي يسمى في بعض مدن العراق بالحبانه فكانت النساء تنقل بواسطته الماء من الينابيع وعيون الماء؛ ثمّ يحتفظن به في المنازل، وكان الزير في الماضي بمثابة الثلاجة التي يشرب أفراد العائلة الماء منها، ويمتاز الزير بقدرته على تبريد الماء وجعله مُستساغاً للشرب وتأتي اهميته هذه من خلال المسامات والتعرق الذي يحصل عبر جدار المواد الفخاريه ولهذا نرى ان الحب عندنا من الناحيه الجماليه لا يزجج اي لا يتم معالجة سطحه خلال تسخين الطين لتصليبه مع الزجاج ولكننا نرى البستوگه والدن الذي هو عباره عن بستوگه حجمها أكبر وارتفاعها يصل الى متر او متر ونصف . البعض من هذه الفخاريات يتم تزجيجها وخاصة الجزء العلوي منها اي تحويل فقط الجزء العلوي منها الى سيراميك من الناحيه الجماليه ولا يتم التزجيج الكلي للأوعيه الفخاريه لأن التزجيج يمنع التعرق عبر المسامات وبالتالي لن يكون هناك عبور للهواء وجزيئات الماء عبر الجدران.
ومن فوائد ماء الزير والتنگه والحب فيعتقد الباحثون أنّ الماء يفقد نسبة كبيرة من قيمته الطبيعيّة أو طاقته الحيوية لدى مروره بالأنابيب والمواسير؛ فلا يستفيد الشارب عند تناوله مباشرة من حنفية المياه، وقد اصطلح البعض على تسميته بالماء الميّت؛ ونقصد بذلك أنّ الماء يتوفّر في الطبيعة على شكل جزيئات تتحد مع بعضها بأشكال وروابط هلاميّة وهندسيّة خاصّة، فعندما يمرّ الماء في الأنابيب فإنّ الضغط الواقع عليها يُدمّر هذه الروابط والأشكال؛ فيفقد هذه الطاقة الحيويّة،
أمّا الأوعيه الفخاريه للشرب فهذه كونها مصنوعه من مادة الفُخار التي تعدّ أقرب المواد الموجودة في الطبيعة إلى الإنسان فإنّهن يحافظن على هذه الطاقه الحيويه الموجوده بالمياه دون فقدها ، لذا يُنصح بوضع الماء المخصّص لأغراض الشرب أو الطهي داخلها؛ كي يستفيد جسم الإنسان استفادة قصوى منه.
ويستخدم البعض ماء هذه الاوعيه الفخاريه لعلاج بعض أمراض الكلى والحصوات ؛ بسبب صفائه وخلوّهِ من الشوائب، ممّا يسمح بتنظيف الجسم من السموم، وتطهير المجاري البوليّة خاصّة من يعانون من انسدادات متكرّرة فيها بفعل الرواسب والحصوات، كما يُساعد في علاج مرضى الربو، وحساسيّة الجهاز التنفسي بتخليص المجرى التنفسيّ من الشوائب والبلغم؛ خاصّة في فترات هبوب الرمال والأتربة، كما أنّ ماء الأوعيه الفخاريه يساعد في تخفيض نسبة السكر في الدم؛ لذا يلجأ إليها بعض مرضى السكري، علاوة على أنّه يوفّر الأوكسجين الضروري لطاقة الجسم وصحّة الدماغ؛ بسبب احتفاظه بالشكل ,الطبيعيّ للماء الموجود في الطبيعة.
للعلم تمّ إجراء فحص بحثيّ على الماء في الأواني البلاستيكيّة، والنحاسيّة، والزجاجية، إلى جانب الفخار ,، فظهر أنّ الفخار هو الوحيد الذي استطاع إعادة العناصر الحيويّة للماء، ومُقاومة البكتيريا الضارّة في الماء، ما يؤهّله لأنّ يكون وعاء حفظ مثاليّ ,للماء الصالح للشرب والطهي.
للعلم قديما في كثير من مدن العراق كانت النساء عندما يعملن دولمة ورق العنب فيستخدمن الثقاله المصنوعه من الفخار او السيراميك لوضعها على سطح أغذية الجدر لكي تحافظ على الدولمه من ان تنفتح وتفقد حشوتها وكذلك لتقليل الحركه للمكونات داخل الجدر وهكذا الحال في بعض مدن جنوب العراق فمثلا حينما يريدون ان يقلوا السمك فيضعون فوقه الثقاله هذه من الفخار لكي تضغط على جسم السمكه فتجعلها بأتصال مباشر مع جسم الطاوه لكي كل سطح السمكه يتعرض لنفس الكميه من الحراره اي بشكل متجانس وكذلك هذا الفخار الثقيل سيعمل على عصر جسم السمكه فيخرج الماء والزيت من داخلها وتخرج عصارتها للخارج وهي المسؤوله عن النكهه الطيبه عند اكل السمك وكذلك فأن تلامس السمكه مع الجسم الفخاري من ,الطين الطبيعي سيعطيها نكهه خاصه بها. ولكي نفهم دور الثقاله هذا يجب ان نلاحظ ان الطباخين او العمال العاملين على شواء لحم الهمبرگر فتراهم بيدهم قطعه اشبه بالچفچير يعملون بها على ضغط قطعة الهمبرگر على سطح الفرن.
وهكذا الحال نرى امهاتنا يخبزن الخبز ويشوين بعض الخضروات واللحوم بوضعها داخل التنور الطيني ومن هنا نرى اكثر مطاعم البيزا حاليا يتبعون نفس الطريقه لعمل البيزا بأستخدام الأرضيه الحجريه في الأفران والتي تعطي الفيزا هذا الطعم الخاص بها وهكذا الحال مع كل افران الصمون الحجري العراقي اي انها لا تعمل على اسطح معدنيه بل على الحجر او السيراميك وهكذا الحال في شوي اللحوم في بعض المناطق الصحراويه من البلدان العربيه كتحضير اكلة المندي التي بفعل عملها داخل التربه فتعطي اللحم مذاق خاص به حيث ان هذه الطريقه من الطبخ ينحصر بها كل ابخرة اللحم بالداخل ولا تنفقد وكذلك فأن التسخين الحراري يكون بشكل منتظم وهكذا الحال ايضا مع عمليات التعتيق او عمل الطرشي بالتخمير فكل هذا يتم بحفظ المواد داخل وعاء فخاري يسمى بالبستوگه , ونزيد اكثر فبالشمال وبالذات في محافظة نينوى ام الربيعين فأهل الموصل قديما كانوا يحفظون اللحم داخل البساتيگ لمده قد تصل الى عام كامل دون تلفه لأن الفخار يحتوي على مسامات تسمح بالتعرق والتنفيس وبالتالي عدم فساد او تغيير طعم الماء او الطعام
ولختم الموضوع وتبيان اهمية الفخار في تحضير الطعام كما كانت تفعل امهاتنا وجداتنا فأن الكثير من معامل تصنيع العدد المنزليه المستخدمه بالمطابخ بدأت تستخدم الفخار في تصنيعها لهذه الأدوات اللازمه للطبخ لأنها اثبتت اهميتها من الناحيه الصحيه علميا وطبيا.
494 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع