أنقاذ الخطوط الجوية العراقية مابين الخصخصصة وأعادة الهيكلة ..أو كليهما !

                                                      

                          المهندس الاستشاري
                             فارس الجواري
                   باحث واستشاري في شؤون الطيران

أنقاذ الخطوط الجوية العراقية مابين الخصخصصة وأعادة الهيكلة .. أو كليهما !

تعرضت صناعة النقل الجوي في العراق بشقيها النقل الجوي وخدمات المطارات خلال العقود الماضية ولحد الان إلى تراجع وتدهور واضحين للعيان ولكن هذا التدهور اصبح واضح للعيان في الفترة الاخيرة وخصوصا بعد إيقاف الناقل الوطني الوحيد في البلد عن الطيران فوق أوربا والتداعيات التي تلت ذلك , وايضا نتيجة الإهمال والتقصير الذي تسببه من كان في مراكزها المهمة ومن يوازيهم في شركة الخطوط الجوية العراقية وإدارتها الفاشلة في السنوات الماضية والتي تخفي وراءها صراعا بين كبار المتنفذين في هذا القطاع للاستحواذ على المناصب فقط مما ادى الى تراجع في الأداء والمتطلبات والخدمات وتنذر بالمزيد في قادم الايام .

يعود تاريخ تأسيس مصلحة الخطوط الجوية العراقية الى اربيعينيات القرن الماضي وكانت في مقدمة شركات الطيران المدني في المنطقة التي كانت طائراتها تحلق في سماء العراق وسماء الدول المجاورة بذلك أكتسبت شهرة وسمعة جعلتها موضع ثقة واطمئنان من جميع المسافرين على متن رحلاتها , خصوصا وأن الشركة امتلكت تاريخا نظيفا في تأمين سلامة النقل الجوي بعدد من ساعات الطيران الخالية من الحوادث والكوارث , ولكن الاحداث التاريخية التي مر بها البلد والحافلة بالحروب أجبرت شركة الخطوط الجوية العراقية من أن يتراجع المخطط البياني التطوري لها وتحديدا في حرب عام 1990 ومارافق ذلك من حصار اقتصادي أدى الى توقف رحلاتها بصورة شاملة حتى عام 2009 عندما بدأت الشركة تعيد نشاطها من خلال أمتلاكها للطائرات الجديدة ومحاولة أعادة كوادرها للعمل عليها برغم قلة الاعداد وعدم التحضير لاعداد كوادر جديدة مما جعل مسيرتها عرجاء , فقد بلغ مستوى تدني الخدمة حدا اشتكى منه الرأي العام وتناولته وسائل الإعلام بالنقد الصريح للمشكلات التي طالت اسطولها والعاملين فيها دون ان تلقى أذان صاغية لهذه الانتقادات مما يعطي انطباع ان مايحصل شيء مقصود ويستهدف اضعافها والإساءة اليها بكافة الطرق للقضاء على الشركة من قبل مافيات وعصابات فساد داخل هذه المنظومة .
لذلك برزت الجاحة الملحة للاهتمام بهذا القطاع الحيوي من خلال انطلاقة كبيرة برؤية مستقبلية وفكرا متميزا وتطبيق آليات عديدة للتنفيذ بهدف النهوض بهذا القطاع فى فترة وجيزة لتصبح في مصاف قطاعات الطيران في العالم من خلال إرساء أسس البـــنية التحتية السلــيمة والأنظمة وتحقيق قفزات نوعية تساعد على اختصار الزمن بالعمل على توسع ونمو قطاع النقل الجوي , وهذه المتطلبات تقع على عاتق اصحاب القرار للعمل على التخطيط المركزي لتطبيق عدد من الخطط والبرامج طويلة المدى لاعادة بناء وتطوير قطاع النقل الجوي من خلال الناقل الوطني الخطوط الجوية العراقية بالتنسيق مع أستراتيجية الدولة.
وهذه الاستراتيجية حسب رؤيتنا يجب أن تسعى لإنشاء آلية تهدف لإحداث تغيير جذري في بنية الناقل الوطني الوحيد لنا ( شركة الخطوط الجوية العراقية) أما باعادة هيكلة الشركة أو بخصخصتها وهذا ماسنتطرق له في المقالة , أحدى هذه الخطتين أو كليهما يجب ان تنفذ سريعا ودون تردد بسب التدني الحالي والواضح لمسارالشركة وايضا لمواكبة الحاجيات المتزايدة في مجال خدمات النقل الجوي العراقي والبدء بعملية القضاء على الرؤوس الفاسدة التي تتحكم بالقرارات التي تخص الشركة وتستنزف أموالها بعقود فاسدة وصولا لإنهاء هذا الوضع المتردي للشركة .
نضع اولا تصورنا للحل بخطة إعادة الهيكلة والتي تهدف الى عملية تغيير مدروس للعلاقات الرسمية بين الوحدات الإدارية في الشركة من خلال مجموعة من العمليات التي تصمم لزيادة كفاءة وتحسين الأداء للشركة وإزالة المعوقات التي تحد من انتاجيتها وذلك بإحداث تغييرات فاعلة في الأساليب والمفاهيم الإدارية السائدة الى اساليب حديثة تتميز بالتطوير والابتكار بما يحقق الكفاءة القصوى في الأداء، لكي يعود الناقل الوطني الى صورته الحقيقية في تقديم خدمات جوية متطورة وانتظام وانضباط في المواعيد مع التركيز على الخدمات الربحية كمراكز الصيانة والشحن والتموين التي يصب عائدها المالي لصالح التطوير والتحديث من خلال الخطوات ادناه وبواسطة تشكيلة ادارية شبابية جديدة متخصصة في علوم الادارة والطيران :
- تطوير الهيكل التنظيمي للشركة بإلغاء أو دمج أقسام أو مديريات حالية واستحداث أخرى جديدة، لاحداث تغييرات جذرية في الكيان الإداري للشركة لتحقق نتائج فاعلة.

- الابقاء على التنظيمات الإدارية القادرة على ممارسة الوظائف الإدارية الحيوية في الشركة ، وفي مقدمها وظائف التخطيط الاستراتيجي ، المتابعة وتقييم الأداء، التطوير والتنمية للأفراد والنظم والأساليب.
- إعادة دراسة سياسات قسم الموارد البشرية للبدء بالخفض التدريجي الطبيعي لقوة العمل من خلال وضع ضوابط حاكمة وحاسمة للتضخم الوظيفي في الجهاز الإداري والعمل على إعادة توزيع القوى العاملة، سواء بالنقل، أم التشجيع على التقاعد المبكر وتشكيل هيكل تنظيمي جديد يتضمن تعيين عدد من الموظفين التنفيذين التخصصين وفق خطة شاملة تتزامن مع تغييرات على المستويات الإدارية والتقنية في الخطوط.
- أعادة استراتيجيات التسويق لزيادة الفعالية التسويقية للشركة من خلالها أطلاق رحلات الى وجهات جديدة للسفر والعمل على تحسين الخدمات المقدمة للمسافرين على الخطوط الجوية العراقية بمستوى يوازي ماموجود في شركات الطيران العالمية
- تحديد الأهداف العامة والنتائج الدقيقة لرؤية تطويرية واضحة لمجموعة الأنظمة واللوائح والقواعد المؤثرة في أوضاع وعمليات الشركة، وبحيث يكون تجديدها أو تحديثها متوافقاً مع إمكانات التطبيق , للوصول الى هدف زيادة المبيعات وخفض التكاليف الثابتة والقضاء على المشاكل الفنية للشركة .
لانجاح عملية إعادة الهيكلة للشركة يجب معالجة الخلل في جزئية الموارد البشرية للشركة هذا الخلل الذي سببه استقطاب اشخاص غير مؤهلين لتولي القيادة والادارة والتخطيط في الشركة , بذلك تكون المعالجة باجراء تغيير شامل لهذه الكوادر المنتمية لجهات واشخاص فاسدة همها الوحيد منفعتها الشخصية على حساب اسم وسمعة الشركة وتبديلهم بأشخاص كفؤيين ومتجردين من كل انتماء وبدعم حكومي قوي يمكن من خلالهم ان نشهد نجاح هذه الخطة .
أما اللجوء الى خطة خصخصة الشركة تاتي كبديل للتدخل الحكومي المباشر أو لتقليل دور القطاع العام في تسيير شركة الخطوط الجوية العراقية وهي ناجحة في حالة وجود قانون منفذ ومحمي حيث يتم من خلاله تجاوز الروتين الحكومي المعقد وشبهات الفساد الاداري الذي اصبح متفشيا في أغلب مفاصل الدولة العراقية , والعمل على عصرنة شركة الخطوط الجوية العراقية و تطوير عملها وتحسين خدماتها لتكون في مستوى التطلعات والاحترافية , ولاجل تحقيق ذلك يجب على المعنيين بهذا القطاع تنفيذ الخطوات المقترحة التالية :
- عرض الشركة للاكتتاب العام ودخولها سوق الاوراق المالية (البورصة ) لتتحول الى شركة مساهمة مختلطة بغرض زيادة رأسمالها من خلال ضخ المساهمون أموالا في الشركة مقابل حصولهم على أسهم فيها سيتم من خلاله توفير السيولة وخصوصا إن الشركة تستطيع تحقيق أرباح مستقبلا في ضوء توفير هذه السيولة ، على ان تحافظ الشركة على ملكية الجزء الأكبر (51%) وبالتالي على قراراتها , بهذا الهدف نحصل على مزايا مهمة جدا وهي :
1. إعادة تقييم اصول الشركة كلها أو بعض منها بما يعكس قيمتها السوقية ، وذلك ببيع الأصول القليلة أو المنعدمة القيمة تتضمن الطائرات القديمة وموادها الاحتياطية الجديدة, المعدات الجوية والارضية القديمة , وايضا بيع وإعادة استئجار بعض الأصول الثانوية.
2. هيكلة ديون الشركة السابقة ومبادلة المديونية بالملكية في هذه الحالة يتم تحويل كل أو جزء من الديون الحالية إلى مساهمات في رأس مال الشركة عن طريق إصدار أسهم ملكية بما يعادل قيمة هذه الديون. .
3. تقيّم الشركة لادائها دوريا من خلال مراقبة سعر السهم في البورصة وإقبال المستثمرين عليه, فالإقبال الكثيف على السهم يعني ان الأداء جيّد للشركة، وبالمقابل تراجع سعر السهم يكون انعكاسا للأداء السيئ لها .
4. أدارة المال المستحصل من بيع الاسهم للمستثمرين يجب ان يصب في اتجاه تنفيذ خطة اعادة الهيكلة المالية وزيادة التدفقات النقدية الداخلة وتخفيض مدفوعاتها النقدية أو تأجيل بعضها لتحقيق التطوير والتحديث المطلوب لأسطول الشركة من الطائرات ومعداتها والمنتسبين .
ان عملية اعادة الهيكلة والخصخصة هما حلين متكاملين لوضع خطة انقاذ شركة الخطوط الجوية العراقية فتحقيق الاستراتچيات والخطط والبرامج والسياسات تهدف الى تحسين كفاءة واداء الشركة من خلال سرعة في التمويل لزيادة رأس المال وسرعة الانجاز بعد ان يتم الاعتماد على الكفاءات المتخصصة في تقديم الخدمات المناسبة والمنافسة والتي تعمل في اجواء تنعدم فيه أجراءات الروتين الإداري والحكومي .
كل ذلك يعمل على إحداث تغيير حقيقي جذري في أنظمة والنشاطات الادارية والفنية لشركة الخطوط الجوية العراقية و تطوير عملها وتحسين خدماتها لتكون في مستوى التطلعات والاحترافية , على نحو يكفل القضاء على كل مظاهر ضعف الأداء وإزالة كل أشكال التعقيد والتداخل الذي يعوق عمل الشركة في الوقت الحالي ، الذي تسبب في ضياع الوقت والجهد من دون إنتاج حقيقي .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1547 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع