المهندس الاستشاري
فارس الجواري
باحث واستشاري في شؤون الطيران
مطار كركوك المرتقب وتأثيراته في التنمية الاقتصادية والبشرية
إن مقياس تطور المدن يعتمد على عدة عوامل أهمها تطوير سوق الطيران فيها , فالمدن الحديثة تتميز بوجود مطارات كبيرة ومتطورة تقدم خدماتها لشركات طيران متعددة بهدف مواكبة النمو الحاصل في مجال النقل الجوي من تزايد لحركة الناس وتنقلاتهم بغرض العمل أوالسياحة اوالاستثمار,وكذلك يمكن اعتبار المطار الواجهة الأولى للمدينة ونافذتها التي تطل منها على الدولة والعالم , والمطارات تعتبر عامل جذب للانشطة الاقتصادية والاستثمارية إلى المدن المقام عليها من خلال الاسهام الفعال فى تطوير وتنمية البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية لها والاهم هو اهتمامها بالمورد البشري لتلك المدن مما يعكس ايجابا وبشكل كبير في مجمل ناتج الاقتصاد الوطني على نحو أكثر فعالية وكفاءة .
هناك تأثيرات اقتصادية عديدة للمطارات المنشأ حديثا ، منها تأثيرات مباشر يتمثل في خلق فرص عمل ووظائف مختلفة نتيجة تشغيل المطار، وتأثيرات غير مباشر فى أنشاء أنشطة استثمارية وتجارية تعمل على تنمية وتطوير المدينة المقام عليها المطار والمدن المحيطة والقريبة منها المهم ان تتمتع بوجود البنى التحتية ومعايير الجودة التي يمكن تحويلها إلى مطاردولي وهذا ماينطبق على مطار كركوك الدولي ( قاعدة الحرية الجوية سابقا ) موضوع مقالتي لهذا الاسبوع .
تعتبر مدينة كركوك النفطية واحدة من أهم المدن العراقية التي لها اهمية كبيرة في قطاع الطاقة نتيجة احتوائها على مخزون نفطي هائل يجعله شريان تطوير اقتصادي حيوي ويؤهلها لأن تكون ضمن المدن التجارية المنافسة على صعيد المنطقة ككل مما يشجع شركات الاستثمار العالمية والمحلية مستقبلا على إنشاء المزيد من المشاريع الاستثمارية والاستراتيجية وخصوصا في مجال صناعة النفط والخدمات والاعمار , بالاضافة الى موقعها الاستراتيجي والاقتصادي المهم بأعتبارها نقطة التقاء بين جنوب ووسط وشمال العراق مما يجعلها مركزا رئيسا للنقل وتنشيط الحركة التجارية والعمرانية في المحافظة لكل هذه الاسباب برزت الحاجة الى أنشاء مطار مدني يخدم نحو مليون ونصف المليون نسمة من اهالي المحافظة و3 مليون نسمة من سكنة المحافظات القريبة منها (صلاح الدين وديالى وجنوب الموصل) مما يسهل حركة المسافرين في هذه المحافظات لاغراض السياحة وأداء مناسك الحج والعمرة وايضا المسافرين لاغراض العلاج الطبي خارج العراق بكل يسر وسهولة وتخفيف أعباء كانوا يواجهونها بصعوبة في الوصول الى مطارات المحافظات الاخرى مثل بغداد واربيل للسفر , فضلا عن زيادة الواردات المالية للمحافظة , وتوفير فرص عمل لاعداد كبيرة من العمالة المؤهلة والغير مؤهلة من ابناء المحافظة , وتشغيل شركات المقاولات المحلية وايضا شركات توريد الموارد والمنتجات التي يحتاجها المطار لاحقا.
أن تشغيل أي مطار هو نظام لإدارة عمليات متكاملة تدعم وتحسن من خدمات المطار على المستويين الأرضي والجوي بالتخطيط التشغيلي القوي والفعال وتوفير بنية تحتية جيدة تواكب مراحل التطور الذي يهدف الى زيادة الكفاءة للخدمات المقدمة في المطار , لذلك يستوجب أختيار شركات متخصصة في هذا المجال تدير البناء والتشغيل لمدة متفق عليها وفق خطة مدروسة واستراتيجية محددة وبأشراف وتدقيق فني مباشر من سلطة الطيران المدني العراقي , لذا كان أختيار الشركة العراقية الوحيدة في هذا التخصص الدقيق شركة ((قمم أزمر لخدمات المطارات والتدريب )) هو الانسب لهكذا مشروع استراتيجي كونها صاحبة تجربة عملية ناجحة في أنشاء وتطوير مرافق مطار السليمانية الدولي وتقديم الخدمات الارضية لها وامتلاكها لسجل تاريخي نظيف من الحوادث التي تحصل في المطارات خلال تقديمها الاعمال الفنية المتخصصة , والشركة أي (( قمم أزمر )) بدت كمنافس قوي لباقي للشركات الاجنبية المتخصصة ببناء المطارات بأمتلاكها الامكانيات والكفائات الفنية المدربة والتي تعمل باحترافية عالية في هذا المجال من خلال شراكاتها مع العديد من الشركات العالمية المتخصصة في تجهيز المعدات والاجهزة الملاحية للمطارات مكنها من أمتلاك المعدات المتخصصة ذات التقنية العالية لخدمات المطارات , كما تمتاز الشركة بامتلاكها لشهادتين عالميتين مهمتين هي شهادة (ISAGO) برنامج الأياتا لتدقيق و سلامة العمليات الأرضية , وشهادة التأمين على المطارات ومعداته من أبرز شركة تأمين عالمية , حيث تعمل هذه الشركة وفق نظام BOT الذي من شأن هذه النظام ان يخلق فرص عمل جديدة لمواطني محافظة كركوك وتشغيل المؤسسات المحلية في المحافظة خلال فترة الانشاء مثل المؤسسات الخاصة بالمقاولات والأعمال المعمارية وكذلك في فترة ما بعد الإنشاء حيث يتم تشغيل المؤسسات الخاصة بتوريد الموارد والمنتجات التي يحتاجها المطار.
يؤكد الاقتصاديون المتخصصون في صناعة الطيران والنقل الجوي أن إنشاء المطارات مكلف اقتصاديا نظراً للتطور التكنولوجى الهائل الذى يشهده العالم وارتفاع تكاليف المطارات والبنية الأساسية لاستقبال الطائرات الجديدة وكذلك ارتفاع تكاليف الدراسات البيئية وإدخال أنظمة تكنولوجيا المعلومات وضخامة المصروفات الأمنية مما يضع أعباء مالية على كاهل الحكومة المحلية ولذلك كان لابد من أشراك القطاع الخاص في تمويل هكذا مشروعات وفق طريقة الاستثمار والتشغيل المشترك , حيث يترتب على ذلك آثار اقتصادية ايجابية على الموازنة العامة للمحافظة , إلى جانب تشغيل عدد كبير من العمالة من ابناء المحافظة وجذب الشركات العالمية ذات الكفاءة لإنشاء المطار يساعد على نقل التكنولوجيا المتقدمة وتدريب العاملين.
2957 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع