عندما يبكي أعداء صدام ندماً...!!!

                                                

                             عبد الباري عطوان

موفق الربيعي الذي اشرف على عملية إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين شنقا، اعترف أن الرئيس الراحل لم يتأثر بالمشهد المروع، ولا بالهتافات الطائفية من قبل بعض الحضور، واظهر شجاعة نادرة وكان يواجه الجلاد والمشنقة بتحد كبير، والتفت اليه، أي للربيعي، وقال له وهو يمسك بحبل المشنقة 'ترى يا دكتور إنها للرجال'.

شهادة الدكتور الربيعي هذه أدلى بها الى صحيفة 'التلغراف' البريطانية بمناسبة مرور الذكرى العاشرة على احتلال العراق، وهي شهادة تتناقض مع شهادة سابقة أدلى بها وفضحها شريط مصور بكاميرا هاتف نقال، ظهر فيها الرئيس الراحل في قمة الهدوء، متقدما الى حبل المشنقة ناطقا بالشهادتين وهاتفا بسقوط أمريكا وإعلاء الأمة العربية وقضية فلسطين.
بعد أيام معدودة من دخول القوات الأمريكية الغازية لبغداد، استضافني مقدم البرامج اندرو نيل في برنامجه الشهير 'هذا الأسبوع' الذي يقدمه في قناة 'بي.بي.سي' مساء كل يوم خميس.
المستر نيل تحدث بغطرسة المنتصر وقال لي كسبنا الحرب في العراق، وأتحداك انه بعد 18 شهرا ستكون هناك ديمقراطية نموذجية وازدهار وبلد نموذجي تحتذي به دول المنطقة.
قلت للمستر نيل أن الحرب الحقيقية ستبدأ بعد الاحتلال، وان الشعب العراقي سيقاوم المحتلين ورجالهم بشجاعة وسيهزم أمريكا، ولن يكون هناك عراق مستقر او ديمقراطي بعد 18 عاما من الآن، وتحديته أن يستضيفني بعد 18 شهرا في برنامجه، لنعرف من هو الصادق ومن هو الكاذب.
عشر سنوات وأنا انتظر دعوة المستر نيل هذه، ولكنها لم تأت، ولا اعتقد إنها ستأتي حتى بعد عشرين عاما أخرى، إذا كتبت لي وله الحياة، والأكثر من ذلك إن دعوة وجهت لي للمشاركة في البرنامج نفسه جرى إلغاؤها في اللحظة الأخيرة دون إبداء الأسباب.
في كانون الأول (ديسمبر) عام 2011 غادر آخر جندي أمريكي الأراضي العراقية مهزوما على أيدي المقاومة العراقية الباسلة، ولكنه ترك خلفه دولة ممزقة، ومليون أرملة، وأربعة ملايين طفل يتيم، ولم يتحول العراق الى نموذج في الديمقراطية والازدهار الاقتصادي، بل في الفساد والقتل والطائفية وانعدام شبه كامل للخدمات الأساسية.
هذا الغزو الأمريكي الذي استهدف العراق تحت عنوان القضاء على الإرهاب، كلف الرئيس جورج بوش الابن وبلاده أكثر من ألفي مليار دولار وخمسة آلاف قتيل، وثلاثين ألف جريح، الى جانب ما يقرب من مليون شهيد عراقي.
الحرب قامت على أكذوبة أسلحة الدمار الشامل، وشاهدت بعيني صاحب هذه الأكذوبة رافد الجنابي، الذي قال للمخابرات الألمانية انه كان يعمل في معمل لإنتاج أسلحة بيولوجية (انتراكس)، وانه شاهد معامل متحركة في شاحنات تدخل وتخرج من المعمل، هذا الجاسوس أكد أمام كاميرا BBC، انه فبرك جميع هذه الأكاذيب، التي استخدمتها الإدارة الأمريكية لتبرير الحرب، وهي تعرف بعدم وجود هذه الأسلحة، وانهار باكيا عندما ذكّره المذيع بالقتل والدمار الذي تسببت به كذبته هذه.
الدكتور أياد علاوي اعترف أيضا انه قدم للمخابرات البريطانية أدلة كاذبة عن أسلحة الدمار الشامل عبر احد مساعديه استخدمها توني بلير لتبرير نيته بدخول الحرب الى جانب الأمريكان.
صدام حسين كان ديكتاتورا، لا جدال في ذلك، ولكنه كان يرأس دولة موحدة، ببنى تحتية جيدة، وخدمات عامة ممتازة لمواطنيها، وجيش قوي، والاهم من كل ذلك دولة ذات هيبة في محيطها، بينما العراق الديمقراطي الجديد بلا هوية وطنية جامعة، ولا هيبة، ولا وحدة وطنية او ترابية، وبدأنا نسمع أوصافا تؤكد ان السيد نوري المالكي رئيس الوزراء طوال السبع سنوات الماضية، أكثر ديكتاتورية من صدام.
العراقي كاظم الجبوري الذي حمل مطرقته وتوجه الى تمثال الرئيس صدام في ميدان الفردوس وبدأ في تحطيمه أمام عدسات التلفزة العالمية، قال قبل عشرة أيام في حديث لصحيفة 'الاوبزرفر' التي التقته في محله في بغداد انه نادم على فعلته هذه، فعراق اليوم أكثر سوءا، والأوضاع فيه تتدهور الى الاسوأ. وأضاف الجبوري الذي سجنه صدام 21 عاما 'في الماضي كان لدينا ديكتاتور واحد، الآن مئة ديكتاتور'. وأشار 'صدام وفر لنا الأمن والأمان، مثلما وفر لنا الماء والكهرباء والغاز، الآن لدينا سرقات وقتل واغتصاب، وعنف طائفي'.
الجبوري الذي يعمل في تصليح الدراجات الهوائية، كان على درجة كبيرة من الشجاعة والرجولة، عندما عبر عن ندمه، ولم يتردد عن قول الحقيقة، لكن السؤال هو: هل يملك اناس مثل أياد علاوي، ونوري المالكي، واحمد الجلبي، والسيد بحر العلوم، وعدنان الباجه جي، والشريف الحسين بن علي (بالمناسبة اين هو الآن) وإبراهيم الجعفري، هل يملكون الشجاعة ويعترفون مثله بالكارثة التي تسببوا بها للعراق عندما وفروا الغطاء الشرعي العراقي لغزو بلادهم؟
أندرو نيل لم يدعني لبرنامجه ثانية لأنه لا يريد أن يعترف بالحقيقة، وكذلك ما ذكرت سابقا من أسماء، ولكن ما يجري حاليا على ارض العراق من مآس هو الرد المفحم.
رافد الجنابي الذي فبرك أكذوبة أسلحة الدمار الشامل، يعمل حاليا في محل 'بيرغر كنغ' في أحدى المدن الألمانية..هذه هي نهاية من يتآمر على بلاده وشعبه

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

773 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع