أ.د. ضياء نافع
عود على صندوق الترجمة من الروسية الى العربية بموسكو
المشروع الكبير يحتاج الى جهود كبيرة والى روح الاستمرارية والمتابعة الدائمة . وانطلاقا من هذه البديهيات البسيطة والعميقة في آن واحد , توجهت مع مندوب معهد الترجمة في موسكو الى السيد بوغدانوف – وكيل وزير الخارجية في روسيا الاتحادية والحائز على جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي – الروسي , وذلك أثناء مراسيم منحه تلك الجائزة في سفارة حمهورية العراق بموسكو , وشرحت له بايجاز مشروعي حول تأسيس صندوق الترجمة من الروسية الى العربية في معهد الترجمة بموسكو ( انظر مقالتنا بعنوان – نحو تأسيس صندوق للترجمة من الروسية الى العربية بموسكو), وطلبنا – مندوب معهد الترجمة وأنا- منه ان يستمع الى تفصيلات هذا المشروع الكبير والمهم من وجهة نظرنا , وقد رحب السيد بوغدانوف بهذه الفكرة , واعطانا رقم هاتف مكتبه لتحقيق هذا اللقاء , والاستماع الى تفصيلات هذا المقترح , وقد اتصل مندوب معهد الترجمة فعلا بمكتبه وتم تحديد موعد اللقاء , وهكذا ذهبنا – مندوب المعهد وأنا- الى بناية وزارة الخارجية الروسية بموسكو , حيث أستقبلنا – وبكل ود وترحاب- السيد مورغونوف , سفير روسيا الاتحادية السابق في بغداد , والذي كان حاضرا ضمن المدعوين في احتفالية تسليم جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي- الروسي في السفارة العراقية بموسكو, واستمع مع زملاء له الى تفصيلات مقترحي حول الموضوع , حيث شرحت له تصوراتي بشأن ذلك , والتي يمكن تلخيصها بتقديم رجاء الى شركات النفط الروسية , التي تعمل في العراق , بتخصيص سنت واحد فقط لا غير من سعر كل برميل نفط عراقي يجري استخراجه وتسويقه من قبلهم يوميا لهذا المشروع , ووفق القوانين والتعليمات المالية الرسمية السائدة في روسيا الاتحادية , وتسجيلها ايرادا لهذ الصندوق , الذي سيكون في معهد الترجمة في موسكو , وتخضع هذه العملية الى رقابة مالية صارمة , ويقوم هذا الصندوق بتمويل ترجمة مكتبة روسية متكاملة من الروسية الى العربية , ويتم الاشارة في تلك الكتب الى انها ممولة من تلك الشركات النفطية العاملة في العراق , وان تلك العملية ستجلب فائدة كبرى للعلاقات الثقافية العربية – الروسية , لانها ستنشر الادب والثقافة الروسية بين القراء العرب , وهذا بدوره يؤدي الى تعميق التفاهم المتبادل بين روسيا والعالم العربي , اضافة الى ان الشركات النفطية الروسية لن يكلفها هذا السنت الواحد من قيمة كل برميل نفط شيئا كبيرا , بل بالعكس , سيؤدي تخصيص هذا السنت الواحد الى تعزيز مكانتها في العالم العربي , اذ ان ذلك يعني , انها سوف تلعب دورا في تنشيط العلاقات الثقافية بين الجانبين العربي والروسي . وتحدثت ايضا عن امكانية المشاركة الفعالة لكافة المترجمين العرب في عالمنا العربي في هذا المشروع الحيوي الكبير في حالة تحقيقه . استفسر السيد مورغونوف ايضا من مندوب معهد الترجمة في موسكو السيد ايغر سيد عن امكانية هذا المعهد بالمشاركة في تنفيذ هذه الافكار , فشرح مندوب المعهد امكانيات هذه المؤسسة بترجمة مكتبة روسية باللغة الانكليزية , ونجاحاتهم في هذا المجال , وكذلك بشأن ترجمة مكتبة روسية الى اللغة الصينية ايضا , وانهم طرحوا في مؤتمرهم الخامس الذي انعقد في موسكو قبل فترة ( انظر مقالتنا بعنوان – المؤتمر العالمي الخامس لمترجمي الادب الروسي بموسكو) الابتداء بترجمة مكتبة روسية الى اللغة البولونية , اضافة الى ان المعهد قد ساهم بدعم ترجمة عدة كتب روسية الى اللغة العربية ايضا , ولكن ضمن نطاق محصور وضيّق , وأشار مندوب المعهد الى استعدادهم التام للقيام بهذه المهمة العلمية والثقافية الكبيرة.
لقد استمع السيد مورغونوف الى ما ذكرناه بكل اهتمام ودقّة وانتباه, وتم تسجيل ذلك , ووجدنا من الجانب الروسي تجاوبا تاما وتفهّما عميقا لمقترحاتنا , لدرجة , ان السيد مورغونوف أضاف مقترحا تكميليا لمقترحنا , اذ انه قال , ان العاملين في قسم اللغة الروسية في جامعة بغداد غالبا ما كانوا يطرحون عليه مشكلة عدم كفاية الكتب المنهجية لتعليم اللغة الروسية للطلبة العرب , وانه يرجو , في حالة تنفيذ هذا المقترح , ان نأخذ هذا الجانب بنظر الاعتبار ايضا , وقد وافقنا وبكل سرور طبعا على هذه الاضافة المهمة لمشروعنا , وتحدثنا ايضا عن دور النشر السوفيتية آنذاك ومساهمتها في اغناء المكتبة العربية حول الادب الروسي , واهمية ذلك الدور الرائد لتلك الدور في حينه , وضرورة دراسة هذا التراث ورعايته وتطويره , بما فيها , دراسة امكانية اعادة طبع بعض تلك الاصدارات ايضا ضمن هذا المشروع الثقافي الكبير .
اتفقنا في نهاية هذا الاجتماع على متابعة الموضوع , وضرورة متابعته من قبل معهد الترجمة في موسكو بالذات , والتنسيق بينه وبين الخارجية الروسية , وذلك ليتسنى لها ( للخارجية ) مفاتحة شركات النفط الروسية العاملة في العراق لدعم هذا المشروع الثفافي الحيوي للجانبين , وعبّر السيد مورغونوف عن أمله الكبير باستجابة تلك الشركات لهذه الافكار , خدمة لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين.
قدّمت للسيد مورغونوف في نهاية اللقاء جزيل شكري وامتناني على هذا الموقف الايجابي تجاه مقترحاتنا حول دعم التعاون الثقافي بين الجانبين , و سألته مبتسما – هل يمكن لي ان انشر ما دار بيننا في هذا الاجتماع ؟ فأجاب رأسا ودون اي تردد – نعم , نعم , بلا شك , اذ لا توجد هنا اي اسرار ...
805 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع