ضرغام الدباغ
نظرية جديدة
في الأشهر الثلاثة الأخيرة (نيسان ــ أيار ــ حزيران / 2018) تواترت أحداث معينة : تصريحات الرئيس عباس عن تعرض اليهود في أوربا للملاحقات وردود الفعل القاسية من الأنظمة الأوربية، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ثورة شعب غزة، المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان، هجمات عنصرية على اليهود في الحواضر الأوربية، ترجمتي لوثائق عن المرحلة النازية في ألمانيا والتصفيات في معتقلات الإبادة، ومن ضمنهم اليهود، ودراسات وتقارير تبحث في توسع القمع النازي في أوربا، وتعاون العديد من الأنظمة مع النازية الهتلرية، (هنغاريا، بلغاريا، رومانيا، يوغسلافيا) و وقيام أنظمة عميلة (فرنسا، النرويج، الجيك، سلوفاكيا) وغيرها.
تأملت في هذه الأحداث وفي خلفياتها الثقافية والسياسية، ووجدت أن اليهود لم يكونوا يوماً منبوذين في المجتمعات العربية والإسلامية، على الأقل بشكل عام وممنهج، ربما كانت هناك حالات فردية لا تستحق التعميم. ولكن لو تأملنا وفحصنا بدقة تامة ما تعرض له اليهود في كافة الدول الأوربية تقريباً كان أمراً يستحق وصفه بالعام، وربما الممنهج. في النظم الأوربية على اختلافها.
فهولندة التي تعتبر أول بلد أوربي نهض فيها نظام برلماني دستوري(قبل بريطانيا) قتل فيها مفكر يهودي (باروخ سبينوزا) على أيدي متعصبين، وستالين الملحد الذي لا علاقة له بالأديان كان يكره اليهود واليهودية، وفرنسا بلد الثورة والتنوير، شهدت موجات من التعصب ضد اليهود، (حادثة دريفوس)، وفي أسبانيا أستنجد اليهود بالعرب المسلمين لينقذوهم من ظلم الكنيسة الأسبانية الغارقة في الرجعية والتعصب. ولا شك أن هذه تعبيرات واضحة، ولكن إذا نقبنا في المزيد فسنجد الكثير. قديماً في التاريخ القديم والقريب، وفي الحاضر أيضاً. الأمر يستحق الدراسة أن نبحث في تاريخ اليهود في أوربا ..
بتقديري أن الغرب (أوربا وأميركا) وخلافاً لأعتقاد شائع في البلاد العربية والإسلامية، أن الغرب وجد في فلسطين أسفيناً له مآربه الكثيرة في هذا الموقع بالذات، وللأسف نجد اليوم أن ذلك (التخلص من اليهود) كان سبباً لتأسيس هذا الكيان المشوه الذي لا هوية حقيقية له، لأن أفراده ينتمون إلى مجتمعات وثقافات عديدة. ورغم مرور عقود على هذا الكيان، إلا أنه لما يزل هجين الثقافة، بل وتجد حتى عنصرية لا يمكن إخفاؤها. وأن هذا المجتمع المشوه سوف لن يتوحد قط.
بعد هذه الحسابات العقلية، نجد أن الغرب وجد (وهذا قبل الحرب العالمية الثانية وقبل الهولوكوست وهو حقيقة تعرض اليهود للتدمير على يد النازية) وجد في فلسطين (مكب نفايات) يتخلصون فيها من اليهود الأوربيين، فأوربا لم تتخلص من العنصرية والتطرف العنصري، بل ووصلت حالياً لمستويات مرتفعة، في الشارع والثقافة، وتحتل جزءاً متفاوتاً في أذهان الناس هناك على مختلف مستوياتهم السياسية والاجتماعية والثقافية.
1738 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع