لَطيف عَبد سالم
مارد الجامعة العربية يستيقظ من سباته
" يوم عظيم لإسرائيل "، عبارة غرد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فِي حسابِه الرسمي بقناةِ التواصل الاجتماعي " تويتر "، لمناسبةِ تدشين مقر السفارة الأمريكية الجديد الَّذِي افتتح صباح يوم أمس الأحد فِي مدينةِ " القدس ". وَأَدْهَى مِنْ ذلك توقيت هذا الحدث بالتزامنِ مع ذكرى نكبة فلسطين، وإعلان قيام دولة " إسرائيل ". ويبدو أنَّ إعلانَ ترامب نهاية العام الماضي اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لـ " إسرائيل " ونقل سفارة واشنطن مِنْ تل أبيب إليها، كان يحظى بمباركةٍ خفية لأغلبِ القيادات العربية، وَلاسيَّما الحكومات الَّتِي لاهم لها سوى تصفية حساباتها مع بلدانٍ عربية أخرى لأسبابٍ طائفية تتوافق بمخرجاتها مع مصالحِ البلدان الامبريالية فِي المنطقة، وَالَّتِي قدر لها أنْ تظلَ ملتهبة عَلَى الدوامِ بفضلِ حنكة قادتها.
مِنْ المعلومِ أنَّ قرارَ ترامب نقل مقر سفارة بلاده، أثارً غضباً شعبياً فلسطينياً غير مسبوق، فضلاً عَنْ تنديدٍ " عربي " ودولي واسع النطاق، واللافت أنَّ الغضبَ الفلسطيني انعكس بانتفاضةٍ عارمة استخدم فِيها المقاوم الفلسطيني المتاح مِنْ أدواتِ الموجهة، والمتمثلة بشكلٍ رئيس فِي الحجارةِ والزجاجات الحارقة، فِيما أخفقت القيادات العربية المتهالكة فِي ترجمةِ ما صدر عنها مِنْ شجبٍ وتنديد واستنكار خلال الأشهر الماضية، ولو بحدودٍ خجولة مِن الجهدِ الدبلوماسي؛ نتيجة هزالة إداراتها، وإذعانها لرغباتِ اللاعبين الدوليين الكبار.
عَلَى الرغمِ مِنْ أنَّ الجامعةُ العربية عودتنا عَلَى تسويقِ خطابات إداراتها الخائبة، وَالَّتِي تجري كتابة ديباجاتها فِي عواصمِ المال العربي، إلا أنَّها استشاطت يوم أمس غيظاً بسببِ جدية ترامب فِي تنفيذِ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ووصل الأمر إلى حدِ تجاوز الخطوط الحمراء والمغامرة بإيقاظ أمينها العام الَّذِي أثبتت الوقائع أنَّه - كأسلافه - غير مؤتمن عَلَى حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية المشروعة ولا عَلَى مصالح الشعوب العربية، وكانت المفاجأة الَّتِي أذهلت العدو قبل الصديق؛ إذ انتفض مارد العرب وأمين جامعتها العام أحمد أبو الغيط، ولم يطل النقاش مع مِنْ حوله؛ لأجلِ كسب الوقت، فعقد العزم عَلَى إطلاقِ صرخة مدوية، أعلن فِيها للعالم ما أعاد للعربِ كرامتهم " المَهْضُومَة " حين قال " إن افتتاح السفارة الاميركية في القدس خطوة بالغة الخطورة ".
الحكومات العربية الَّتِي أقامت الدنيا ولم تقعدها بسببِ إطلاق صاروخ يمني عَلَى الأراضي السعودية وسط حربٍ مستعرة، لم تأبه بالنداءاتِ العاجلة الَّتِي وجهتها السلطة الفلسطينية إلى جميعِ دول العالم ومنظماته الَّتِي تتغنى وتدعم حقوق الإنسان؛ بغية العمل عَلَى إيقافِ المجزرة " الإسرائيلية " ضد المتظاهرين الفلسطينيين شرقي قطاع غزة والوقوف بشكلٍ جدي لحماية المدنيين العزل؛ إذ لا موقف لها سوى اضطرار أجهزتها الإعلامية بمختلفِ وسائلها إلى إعدادِ التقارير الخبرية عَنْ " مسيرة العودة الكبرى " الَّتِي حفلت بتوافدِ أعدادٍ كبيرة مِن الفلسطينيين إلى المناطقِ الحدودية لقطاعِ غزة؛ تعبيراً عَنْ تحدي الاحتلال " الاسرائيلي " وتأكيد حق العودة.
فِي أمَانِ الله.
939 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع