ترجمة : ضرغام الدباغ
القائد الكوبي الثوري خوسية أنطونيو إشيفيريا بانشي
مقدمة
في مطلع الستينات نقلت مجلة المصور المصرية أنباء عن زيارة الشاعر السوفيتي يوجين إيفتوشينكو، للقاهرة (ثم زار بعدها بيروت)، وكتب إيفتوشينكو واحدة من أجمل قصائده عن ثائر كوبي، كان رئيساً لاتحاد الطلبة الكوبيين، ومؤيداً للثورة وعاملاً في صفوف الحركة الثورية والثائر الكوبي يدعى خوسية أنطونيو إشيفيريا بانشي، وأسمه الثوري (مينسانة) .
لم تغادر فكري ما قرأته رغم مرور أكثر من نصف قرن، والثورة الكوبية بأسرها تترك انطباعات مؤثرة لا تنسى، عن كاسترو وغيفارا والثوري اشيفيريا مينسانة، والمرء ينسى أشياء كثيرة، ولكن ما يستحق منها تبقى راسخة في الفكر لا تتزحزح. والعملية الثورية التي قام بها اشيفيريا بها قوة الشباب، وعنفوان الثوريين، فقد قدر أن عملية اقتحامية لدار الإذاعة والوصول إلى ميكرفون البث وإلقاء كلمة هي عملية ممكنة، ستستغرق مدة لا تزيد عن ثلاث دقائق، ولكن مخاطرها بالطبع جسيمة، وقد يضع الإنسان حياته ثمناً لها. البطل القائد الطلابي لم يتردد، قرر أن يمنح شعبه الكوبي ثلاث دقائق من الحرية سيدفع حياته ثمناً لها.
اليوم، لنتسائل، أيهما أكثر أهمية ... أن يعيش عدد غير معروف من السنوات، أم الاستشهاد في عملية بطولية خالدة في التاريخ الثوري للعالم المناهض للاستعمار والإمبريالية والطغيان والفساد ..؟ اليوم كل شيئ مضى، ولكن الذكرى الخالدة ستبقى منارة للأجيال وللشبان، أن طريق البقاء والخلود يكمن في حب الوطن وخوض غمار النضالات الثورية ... في مثل هذه الأيام تمر الذكرى 61 للعملية الثورية البطولية...
اليوم بوسعنا أن نقرر، أن ثلاث دقائق من الحرية تعادل ألاف السنوات من حياة مملة يقضيها البعض في التسكع بلا هدف ولا معنى يستحق الذكر .. ثلاث دقائق خالدة من الحرية.. ثلاث دقائق أدخلته التاريخ، وسجلت صفحة مجيدة في تاريخ الشعب الكوبي، وفي سفر الثورات الشعبية العالمية من أجل التحرر والتقدم.
ثلا ث دقائق من الحقيقة
خطط وشارك الثائد الطلابي اشيفيريا وزملاءه في عملية هجوم علي محطة الاذاعة الوطنية الكوبية / هافانا في 13 آذار/مارس 1957، واختاروا الوقت لذلك أن يكون في فسحة البرنامج الموسيقي الذي كان معظم السكان الكوبيين يسمعونه عاده، بحيث يكون خطاب القائد الطلابي إشيفيريا الموجه للشعب الكوبي للنضال ضد طغيان عميل الاحتكارات الأمريكية باتيستا يستنهض شعبه للنضال والتضحية وسيقدم نفسه فداء لهذه الأمثولة.
وتشير التقديرات إلى أن إشيفيريا ورفاقه سيتمكنون من أن يحتلوا محطة الإذاعة لمده ثلاث دقائق فقط، ولذلك كان عليه أن يعد خطابا لا يدوم أكثر من ثلاث دقائق. وفي13 آذار/ مارس 1957 في التنفيذ نجح إشيفيريا في الانتهاء من خطابه ثلاث دقائق (180 ثانية). وتمكن من مغادره المحطة سالما وفي طريقه إلى معقله الطلابي في جامعه هافانا، وعلي بعد بضعة مبان فقط، حدث تبادل للنار مع دوريه للشرطة. وقد قتل إشيفيريا اثناء تبادل إطلاق النار علي رصيف الجانب الشمالي من الجامعة، وهناك اليوم لوحه تذكارية تخلد ذكرى العملية الثورية.
وتخليداً لذكرى هذا العمل الثوري، كتب الشاعر السوفيتي الروسي يفغيني يفتوشينكو قصيدة رائعة تخلد بطولة القائد الطلابي، بعنوان "ثلاث دقائق من الحقيقة". كما كتب الكاتب الفيتنامي فوغنغ قصه قصيرة بنفس الاسم عن خطاب إشيفيريا وقال: " قصه إشفيريا تعلمني درسا عظيما عن المهارات اللغوية. وحتى القضايا الكبرى مثل الواقع أو الحقيقة لا يمكن التعبير عنها إلا في ثلاث دقائق 180 ثانيه، شريطة أن يستخدم صاحب البلاغ حياته لدفع ثمن هذا الوقت الثمين . "
وكان خوسيه أنطونيو اتشيفيريا (1932 ــ 1957) ولد في عائلة برجوازية في كارديناس، والتحق بجامعه هافانا لدراسة الهندسة المعمارية، وخلال دراسته الجامعية، أصبح زعيما طلابياً ثوريا. ورئيساً لرابطه طلاب الجامعات (جامعه الطلبة الجامعيين)، وأسمه الثوري (مينسانه)، عضوا مؤسسا للمنبر الثوري المستقل، وهي منظمه ثورية لعبت دورا هاما في الثورة الكوبية. لتحرير كوبا من الطاغية فولجنسيو باتيستا .
بمناسبه الذكري السنوية الستون لاحداث 13 آذار/ مارس 1957 ، نشرت كوباداباتي الوصية السياسية لخوسيه أنطونيو إشيفيريا إلى الشعب الكوبي، هو اليوم الذي يكرم أولئك الذين كرسوا حياتهم لمهنه الهندسة المعمارية، والتي استعد لمده ثلاث وعشرين دقيقه في فتره ما بعد الظهر سأكون في العمل الذي المجلس الثوري لديه كل جهده معا (ج) التعهد بالمشاركة في مجموعات أخرى تكافح من أجل الحرية أيضا.
الوصية السياسية لخوسيه أنطونيو اتشيفيريا إلى شعب كوبا:
" هذا العمل ينطوي علي مخاطر كبيرة بالنسبة لنا جميعا، ونحن نعرف ذلك. أنا لا اعرف الخطر، أنا لا ابحث عنه ولكني لا أري ذلك أيضا أنا فقط أحاول أن أقوم بواجبي
والتزامنا تجاه الشعب الكوبي منصوص عليه في الميثاق المكسيكي، الذي أوصل الشباب إلى القيادة والأداء. ولكن الظروف المطلوبة لكي يفي المشارك بالدور المسند إليه لم تكن حسنة التوقيت وأجبرتنا علي تأجيل الوفاء بالتزامنا. ونعتقد أن الوقت قد حان للوفاء به. ونثق بان نقاء نيتنا سيجلب لنا خدمه الله للوصول إلى سيادة العدالة في وطننا ".
(الصورة : القائد الطلابي إشيفيريا يقود تظاهرة في هافانا " في الوسط ")
الشاعر السوفيتي يفغيني ايفتوشينكو وبطولة الثائر الكوبي خوسية انطونيا اشيفيريا" منسانة "
قصيدة يهديها للمناضل الكوبي
(الصورة : الشاعر يفتوشينكو في شبابه)
قصيدة يفتوشينكويهديها للشاعر الكوبي
" أني أخاطبك يا شبان العالم ..
إن كان هناك بلد يحكمه الكذب
وصحف لا تتوقف عن التلفيق
تذكروا أسم منسانة الكوبي ...
مثله يجب أن يحي الإنسان ..
لا يحيى للتسلية واللهو
بل أن يقبل الموت مضحياً بالراحة والطمأنينة ..".
1471 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع