بقلم : علي المسعود
فيلم ( بعد الصورة ) أو افتر إيماج للمخرج أندريه فايدا أدانة للنظم الشمولية
فيلم ( بعد الصورة ) أو افتر إيماج هو اخر افلام المخرج البولوني الشهير اندرية فايدا والذي اكملت إخراجه زوجته (المخرجة غازيتا فيبورسيز) بعد وفاته في أكتوبر 2016
يعتبر فايدا من اشهر المخرجين في تاريخ السينما البولندية وفاز بالعديد من الجوائز السينمائية , فاز بجائزة السعفة الذهبية في عام 1981 عن فيلم الرجل الحديدي وعام 1983 فاز بجائزة سيزار لأفضل مخرج عن فيلم "دانتون" في فرنسا. يعتبر فايداهو المؤرخ السينمائي لتاريخ بلاده عبر أربعين عاما. لقد عاصر الحرب العالمية الثانية، لكنه أصبح فيما بعد من أشد نقاد النظام الذي كان يزعم أنه قام على النظرية الماركسية، بعد أن تناقضت رؤية الفنان الذي يبحث دائما عن الحريّة بلا حدود، ضد الدولة أو السلطة التي تريد من الفنان الانصياع لتوجهاتها الفكرية دون التوقف أمام تساؤلات نظرية وفلسفية، وهو مارفضه فايدا ونجح دائما في صنع الأفلام التي يرضى هو عنها، الأمر الذي ساعد عددا كبيرا من المخرجين البولنديين الذين ظهروا بعده إلى اتّباع الطريق نفسه . في فيلم ( بعد الصورة ) أفتر إيماج» وهو الفيلم التاسع والأربعون للمخرج أندريه فايدا الذي يغوص المخرج البولوني أندريه فايدا في حدث مظلم في تاريخ بلده الأم. ويركّز على الرسام الرائد فلاديسلاف سترزيمينسكي ، الذي فقد ذراعاً وساقاً في الحرب العالمية الأولى، ولكنه يواصل مسيرته ليصبح رساماً تجريدياً محبوباً ومدرساً يواجه التعليمات الصارمة للنظام الستاليني في الحقبة الاشتراكية. يعاني من الفقر، ولسخرية القدر . يقدم هذا الفيلم الذي يفيض بعاطفة فايدا ورؤيته المعروفة، لمحة ساحرة عن التاريخ البولوني , وبهدا اراد فايدا ان يعبر عن تلك الفترة التي كان فيها المبدع أمام خيارين أما التنازل لصالح النظام وبهذا يخسر فنه او يقاوم لصالح فنه و كبريائه كفنان.
الشخصية التي اختارتها أندريه فايدا هي شخصية حقيقية وهو الرسام البولندي فلادسلاف ستريمنسكي (1893 - 1952) الذي كان أحد الفنانين الطليعيين في العشرينات والثلاثينات،والذي حافظ على منهاجه حتى من بعد تحوّل بولندا إلى الشيوعية بعد الحرب ,في فيلم «أفترإيماج» أو بعد الصورة والعنوان مقتبس عن محاضرات نظرية قدّمها الرسام ( سترسمنسكي) ويقدّم لنا صورة فنان تشابه صورة أي فنان عاش تلك الحقبة من التاريخ، وحاول الحفاظ على نسبة من حريته الشخصية وكبريائه كفنان. . ليس هناك الكثير مما يذكره التاريخ حول كيف وقف ستريمنسكي في وجه النظام رافضًا أن يطوّع فنه ليخدم تيار الواقعية الاشتراكية التي كانت النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية تؤثرها على باقي مناهج التعبير في السينما والرسم والأدب، لكن فايدا المبدع غاص بحثًا عن تفاصيل تلك العلاقة المتوترة بين الفنان والدولة وخرج بفيلم مؤثر وعظيم. وكان البرفسور ستريمنسكي (قام بالدور و بأقتدار الممثل بوغوسلاف ليندا ) صاحب رؤية و فلسفة خاصة في الفن بالاضافة الى رفضه التشريعات التي صدرت بعد الحرب العالمية الثانية في بولندا والتي كان الهدف منها توحيد كل الفون و الاداب و مناهج التعبير في خدمة النظام وهذه هي ازمة الفنان مع الدولة او السلطة وهي ذاتها معاناة و ازمة المخرج اندريه فايدا مع السلطة في الانصياع و الامتثال لها, وفي حديث البرفسور ديسلاف ستريمنسكي مع طلابه يطرح رؤيته للفن حين يخاطبهم :
(في الفن والحب يمكنك أن تعطي ماعندك , نتوقع من الفنانين ان تكون لوحاتهم واقعية للغاية أنا أعتدت ايضا على الاعتقاد بان الغرض الوحيد من الفن هو خدمة التغيرات الاجتماعية , اعتقد عندما ترسم يجب أن تكون في وئام مع نفسك ).
2174 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع