فارس الجواري
يعتبر قطاع الطيران والنقل الجوي ركيزة اساسية لاقتصاديات الدول التي تسعى لتحقيق تنمية رصينة وناجحة بالاعتماد على اسلوب المنهج العلمي المتطور,
وهناك اختلاف واضح في مستوى تطور هذا القطاع وأهميته من دولة إلى أخرى ، لذلك برزت الجاحة الملحة للاهتمام بهذا القطاع الحيوي للدول النامية عمومًا وأقليم كردستان خصوصًا, لما لها من إبعاد اقتصادية على مجمل الاقتصاد الوطني في الاقليم , وبدون وجود قطاع نقل جوي متطور فانه سيؤدي الى اختناقات مصيرية وخطيرة للنشاط الاقتصادي يؤثر سلبا على عملية التنمية المستدامة .
لقد أمتاز المشهد الاقتصادي العراقي بصورة عامة بوجود متغيرات عديدة تحتوي على معطيات اقتصادية ومالية وسياسية يصعب التكهن باتجاهاتها ومدى تأثيرها على الأوضاع المعيشية للمواطنين, بعكس اقتصاد الاقليم الذي يشهدا قفزات متقدمة نحو اقتصاد قوي وممتميز مما يجعله يختلف عن اقتصاد حكومة المركز, ولاجل الاستمرار بهذا التقدم والوصول بالاقليم الى مصاف الدول المتقدمة في العالم أصبح واجبا على مخططي الاقتصاد الاهتمام بكيفية الارتقاء بقطاع النقل الجوي ليواكب حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في هذا العالم باعتباره الشريان الحيوي الذي يمد الاقتصاد بأسباب الديمومة والحياة من خلال تطوير سوق الطيران فيها ,كونها الواجهة الأولى للاقليم ونافذتها التي تطل منها على العالم , ولا يتم تحقيق هذا الهدف الا بظهور شركات طيران خاصة منافسة في سوق متعطش للكثير والمزيد.
لتطوير قطاع النقل الجوي بالاقليم اثارا مختلفة, منها تأثيرات على مستوى الإفراد ( الرفاهية ) وتأثيرات على المستوى الاجتماعي او السياسي او العسكري الا إننا سنركز على الآثار الاقتصادية حصرا انسجاما مع موضوع المقالة.
تعتبر الخطوط الجوية العراقية الناقل الجوي الوحيد في العراق وفي أقليم كردستان وهي من أقدم الخطوط الجوية على مستوى الشرق الأوسط وأكثرها تطورا إبان فترة السبعينيات من القرن الماضي، ولكن الحروب المتعددة التي مرت على العراق وفترة الحصار ومن ثم الأحداث التي أعقبت التغيير عام 2003، كلها أدّت إلى تراجع قطاع النقل الجوي عموما في البلاد، حتى أصبحت شركة الخطوط الجوية مثقلة بنوعيات من الطائرات القديمة وديون متراكمة جعلتها في مؤخرة الخطوط الجوية على مستوى المنطقة والعالم, واصبح التأخير وعدم الدقة في مواعيد الانطلاق لطائراتها ظاهرة يومية تشكل ضررا لسمعة الطيران العراقي في مطارات العالم اضافة الى الضرر الاقتصادي الذي لحق بالعراق وألاقليم واقتصادهما الوطني جراء هذه السلبيات. وليست طائرات الخطوط الجوية (القديمة ) هي وحدها من يعاني من التخلف إنما مطاراتنا وخاصة الموجودة في المحافظات، فهي أشبه بمسقفات كبيرة مقطعة بقواطع حديدية، بعيدة كل البعد عن مواصفات التنظيم والتكنولوجيا والخدمات الموجودة في مطارات العالم, وأيضا لاننسى الواقع المتردي لمستوى إدارة الطيران المدني الذي أصبح تأثيره واضحا على كفاءة العاملين بهذا المجال الحيوي من طيارين ومهندسين ومضيفين، وخصوصا أنهم لم يحظوا بفرص تدريب كافية وفق معايير فنية عالمية .
ولتفادي هذه الازمة بهذا المجال الحيوي والمهم يجب ان تتجه بوصلة المعنيين بمجال الطيران في أقليم كردستان الى التفكير جديا بموضوع ..... الاستثمار في سوق الطيران .... لمواكبة هذا حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم , وليحاكي عقارب الزمن للوصول سريعا،الى قطاع نقل جوي متطور أسوة بما موجود في العالم , فوجود شركات طيران جديدة منافسة يجعل من خصخصة هذا القطاع شيئاً ضرورياً، سيعود بالخير على الاقليم ، وسيقدم لشرائح مجتمعه خدمات تتسم بالجودة وتنافس في السعر,ولاجل تحقيق ذلك يجب على هؤلاء المعنيين بهذا القطاع تنفيذ الخطوات المقترحة التالية :
- الخطوة الاولى
إن قدرة القطاع الخاص على المنافسة واستحواذه على سوق النقل الجوي في الاقليم أمر ممكن، إلا أنه يفتقر إلى عوامل عدة لتحقيق معادلة " الجودة مع الربح" من خلال المنافسة والتمييز , المهم تطبيق التكنولوجيا المتطورة الخدمية والترفيهية في عالم الطيران ويتم ذلك من المباشرة بتأسيس شركة نقل جوي خاص بالاقليم " شركة كردستان للنقل الجوي" مثلا, حيث تعمل هذه الشركة إلى إبرام اتفاقيات وتحالفات مع شركات طيران عالمية ، من شأنها أن يُمكن لها من منافسة شركة الخطوط الجوية العراقية الحالية وايضا شركات الطيران العالمية العاملة في المنطقة بهذا القطاع، من شأن هذه الاندماجات الحاصلة أن تؤدي إلى تحالف هذه الشركة مع شركات الشحن، أو السياحة، ويجعل مجال الخدمات أمامها أوسع ويحقق لها التميز مع منافسيها من الشركات بالمنطقة من ناحية الأسعار أو الخدمات، أي يجعل أسعار هذه الخدمات التي تقدمها في متناول ورغبة وإمكانية كل مسافر.
- الخطوة الثانية
هي تأسيس شركات خدمات واستشارات جوية متخصصة في مجال أدارة خدمــات مجموعـــــة من الطائرات ( الهليوكوبتر , الثابتة الجناح ) , تقدم خدمات ترفيهية مثل التاكسي الجوي وكذلك خدمات اقتصادية مساندة لاجهزة حكومة الاقليم منها على سبيل المثال صيانة وتصليح ابراج نقل الطاقة الكهربائية بين محافظات الاقليم , وايضا مكافحة حرائق الغابات والاحراش, والاسعاف الجوي والبحث والانقاذ.
كما تساهم هذه الشركة بالاتشراف على أعمال الصيانة والتصليحات الخاصة لهذه الطائرات وتقديم المشورة الفنية الجوية لشركـــــــات الطيران العاملة بالاقليم الحالية والمزمع أنشاءها مستقبلا, وأيضا أعداد الدراسات والبحوث الخاصة بالتطويرات والتحويرات الفنية للطائرات ومعــــــــداتها وإقامة الدورات الفنية الهندسية الخاصة للعاملين بمجال الطيران في اقليم كردستان وهي خاصة بأعمال الصيانة للطائرات ودورات السلامة الجوية ودورات الخاصة بالعاملين في المطارات الموجودة بالاقليم وغيرها من الدورات الخاصة بعلوم الطيران , كما تتوفر لديهـــــا الإمكانيات لأجراء التفاتيش الدورية والعميقة على الطائرات والتي سوف تتطلبها الشركات العاملة مستقبلا , مما يوفر جدوى اقتصادية ممتازة وتسويق ناجح للخدمات الجوية في الاقليم .
- الخطوة الثالثة
الاستفادة من تجارب العالم في هذا المجال حيث تعمل بعض البنوك المحلية وشركات التمويل المالي والتي لديها القدرة الكافية على تمويل الشركات الخاصة في مجال الطيران وخصوصا إن كانت هناك دراسة جدوى اقتصادية مبنية على أسس سليمة وخطط مستقبلية، والاقليم بزخر بوجود البنوك الاهلية المثقلة برؤس أموال ضخمة تسعى لتمويل مشاريع ناجحة كهذه أمر ولن يتردد فيه المستثمرون وشركات التمويل أو البنوك ، حتى وإن كانت العوائد لن تتحقق على المدى القصير، ومن جهة أخرى، يمكن لهذه الشركات من الدخول في البورصة العراقية مما يضيف عليها عامل قوة مشجع وخصوصا للشركات التي لديها عجز في التمويل، وتحتاج لتطوير خدماتها، حيث إن الاستثمار في هكذا مجال مجدي للمساهمين بشكل كبير.
الخطوة الرابعة
الاعتماد على كوادر وطنية مؤهلة في التخصصات الادارية والفنية ، من خلال استقطاب الكفاءات المحلية واصحاب الخبرات بهذا المجال للعمل في قطاع النقل الجوي وتشجيع الجهات التدريبية في توفير برامج التدريب عالية المستوى لتدريب طيارين ومهندسين طيران وفنيين وهم من كوادر عراقية خبيرة بمجال علوم الطيران عملوا خلال الفترة السابقة , وبشكل متوازي بتم تدريب كـــوادر شابة جديدة من الاقليم ليكونوا المكملين والبدلاء لهم مستقبلا.
الخطوة الخامسة
رفع سقف الطلب على الخدمات المقدمة في القطاع الجوي لا سيما في المطارات الموجودة حاليا بالاقليم والتي ستنشأ لاحقا من خلال تعزيز جودة مشروعات البنية التحتية لها ، بالتعاون مع جهات متخصصة في التخطيط العمراني و غيرها من الجهات المعنية باستخدامات الأراضي و توفير الخدمات لدعم البنية التحتية , بإدخال المنافسة في مجال الخدمات الأرضية المقدمة لشركات النقل الجوي على أرضية المطارات, وايضا في مجالات المراقبة الجوية، حيث يمكن ان تستفيد أبراج المراقبة ومدرجات الهبوط من أنظمة جديدة لإنارة المدرجات وتجهيزات ذات فعالية عالية، حتى تكون مؤهلة لاستقبال طائرات كل البلدان مهما كانت متطلباتها في ما يخص سلامة العمليات الجوية.
الحل في تطور قطاع الطيران والنقل الجوي في أقليم كردستان ليواكب حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم بسيط جدا ومعمول به بكل دول العالم تقريبا وهو خصخصة هذا المجال والتحرر من هيئة الطيران المدني لحكومة المركز وبشكل صحيح وعلمي ومبرمج من خلال تأسيس شركات طيران خاصة تسهم في تعزيز قطاع النقل الجوي وتغطية احتياجه الفعلي لهذا القطاع المهم, كون ان شركات الطيران الخاصة تمتاز بانعدام الروتين الإداري وسهولة العمل وسرعة في التمويل والانجاز , وتعدد هذه الشركات سوف يتيح للاقليم حركة طيران مستمرة مع كافة دول العالم وبشكل طبيعي وكذلك تنشيط الحركة السياحية أيضا, وبخلق التنافس في تقديم الخدمات الجوية بأسعار منافسة ويزيد من حجم العوائد المادية للدولة والقطاع الجوي.
كما يمكن لشركة كوردستان للنقل الجوي ( المقترح تأسيسه) ان تعقد اتفاقيات جديدة مع شركات عالمية متخصصة بهذا المجال مثل بوينغ وايرباص، يتم بموجبها شراء طائرات جديدة، لضمها إلى الأسطول الجوي لها, واعتقد ان الموضوع المالي ليس بمشكلة وصاحب ميزانية الاقليم مع بنوك التمويل الخاصة قادرة على ان تحقق ذلك بأسطول حديث من الطائرات , وإعادة تأهيل البنى التحتية لقطاع النقل الجوي الحالي بالاقليم من حيث إنشاء مطارات جديدة وإعادة تأهيل الموجودة حاليا وتطويرها لتتناسب واحتياجات الاقليم بهذا الشان.
من هذه الخطوات المقترحة انفا والتي من الممكن أن تسفر عنها إحراز يشهدا قفزات متقدمة نحو اقتصاد قوي متطور للاقليم أسوة بأقتصاديات البلدان المتقدمة.
780 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع