علي المسعود
I, Daniel Blake فيلم ( انا دانييل بليك )
صرخة في وجه الروتين و البيروقراطية
الفيلم ( أنا دانييل بليك ) الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي لعام 2016 وكذالك جوائزالبافتا الانكليزية ,الفيلم من اخراج المخرج كينيث تشارلز لوش (ولد في 17 يونيو 1936) المعروف بأسلوبه الناقد اجتماعيا ، وهو ما يتجلى في معالجة افلامه للقضايا الاجتماعية مثل الفقر والتي برزت في اعماله ,(الفقراء البقر، 1967)، والتشرد (كاثي كومي هوم، 1966) وحقوق العمل (ريف-راف) ، 1991، و ذي نافيغاتورس، 2001)
تم تصنيف فيلمه لوش كيس (1969) كأفضل فيلم بريطاني في القرن العشرين في استطلاع أجراه معهد الفيلم البريطاني. وقد حصل اثنان من أفلامه وهما "الريح الذي يهز الشعير"(2006) وأنا دانيال بليك (2016) على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي , وهو من الفنانين الذين ساندوا القضية الفلسطينية وفي رسالة بعث بها الى الغارديان في عام 2009 دعا كين لوش الى دعم الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (باسبي) مع زملائه المنتظمين بول لافيرتي (الكاتب) وريبيكا أوبراين(منتج) .
فيلم ( أنا دانييل بليك ) يحكي قصة المواطن البريطاني دانيل بليك – يقوم بدوره الممثل ديف جونز المعروف بأدواره التليفزيونية -، وهو نجار في العقد السادس من العمر يصاب بمرض في القلب يحرمه من العمل الذي يحبه، ويجد نفسه مضطرًا للجوء للمعونة الحكومية قبل أن يكتشف أنه دخل في دوامة بيروقراطية لا ترحم، فمن جهة تماطل الهيئة الطبية المشرفة على تشخيص علاجه في إعطائه شهادة بعدم قدرته على العمل، ومن جهة أخرى تشترط هيئة المعونة عليه أن يقوم بالبحث عن عمل آخر حتى يستطيع الحصول على معونة لحين البت في حالته الصحية، أو لحين إيجاد وظيفة تناسب حالته الصحية،
يقضي الرجل أيامه في متابعة حالته الصحية في المستشفى ومحاولة الحصول لشهادة تفيد بعدم أهليته للعمل، وأيضًا في الذهاب إلى هيئة الإعانة، التي يديرها موظفون بيروقراطيون مجردين من المشاعر الانسانية ، لا يبدون تعاطفًا مع شريحة من الناس والذين قست عليهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية، يهددون الجميع بعقوبات قاسية إذا لم ينصاعوا لشروط الإعانة المرهقة والصارمة،
وعلى الجانب الاخر تبرز شخصية (كيتي ) وتقوم بتادية الدور الممثلة هايلي سكوايرز -،وهي أم شابة لطفلين والتي هي الاخرى تتعرض للقسوة و التعامل اللانساني من قبل موظفي الاعانة بسسب وصولها متاخرة عن موعدها المحدد ويندفع دانييل بليك للدفاع عن حقها وتكون النتيجة الطرد لكليهما بعد تهديدهما باستدعاء البوليس ليجدا نفسهما في النهاية معها متجولًا في الطريق بصحبة طفليها الصغيرين «ديزي» و«ديلان». وعلى الرغم من وضع دانييل بليك الصعب إلا أن روحه الجميلة التي تنزع لمساعدة الآخرين وإبداء الشفقة ناحيتهم تجعله ينسى مشاكله للحظة ويحاول طمأنة المرأة المسكينة ومساعدتها في ترميم واعداد منزلهم الذي استلموه في حالة يرثى له بعد انتقالها من لندن الى مدينة نيوكاسل . الفيلم مشحون بالمواقف المحزنة و الكئيبة ومحبط للمؤسسات
الاعانة الاجتماعية في مجتمعات ديمقراطية وكذالك يشير الى فقدان الانسان لاحساسة بالكرامة و الامان الذي يشكله ضياع فرص العمل في تلك المجتمعات , مثلا في مشهد تحاول فيه كيتي الحصول على الطعام لاولادها من احدى الجمعيات الخيرية وتسمى ( بنك الطعام ) تفتح علبة من الفاصوليا و تبدا باكلها بشراهة لانها لم تتذوق الطعام منذ ايام بعدها تنهار لآنها احست بالذل و المهانة, وفي مشهد أخر و مؤثر ويشكل رسالة المخرج وهي ايضا صرخة البطل دانييل بعد نفاذ صبره يخط على حائط مبنى دائرة المعونات باستخدام ( السبراي ) ويكتب العبارة /
أنا دانييل بليك اطالب بموعد بطلبي الالتماس قبل أن اموت جوعأ"
بعد ذالك طلبت الدائرة البوليس التي اعتقلت دانييل بليك بتهمة تشويه وتخريب جدار المؤسسة ويخرج بعد أن يأخذ البوليس تعهد منه بعدم تكرار الحالة .
و في النهاية يتعرض دانييل بليك الى ازمة قلبية ويفقد حياته اثناء المقابلة الثانية لقبول اعتراضه على قرار دائرة المعونات ويسقط ميتا في الدائرة التي سلبت كرامته واحترامه , وعند تابينه قرأت كايتي ورقة كان قد كتبها واراد أن يقرأها في أحتفال ولم يتسنى له ذالك واراد أن يعبر عن شخصيته (( انا لست زبونا اوعميلآ أو همجيأ لست متطفلا او استغلاليأ او متسولا أو لصأ ,لست سوى رقم تاميني .أديت واجباتي ولم أطلب قرشأ وأنا أفعل هذا , لست متلصلصأ بل انظر الى جيراني في اعينهم و أساعدهم أذا استطعت لا أقبل التبرعات الخيرية, أسمي دانيل بليك أنا رجل و لست كلبا وأنا أطالب بحقوقي أطالب أن تعاملوني باحترام أنا دانييل بليك, أنا مواطن لاأكثر ولا أقل )).
الفيلم الانكليزي" أنا دانييل بليك " والذي يناقش الروتين و البيروقراطية في المؤسسات الحكومية اعاد بي الذاكرة عند مشاهدتي لهذا الفيلم و بالتحديد الى مأساة الفنان العراقي الراحل ( كنعان وصفي ) هو الاخر راح ضحية الروتين و البيروقراطية في مؤسسات الدولة العراقية, بعد عودته من مصر الى العراق ليجد امامه مشكلة كبيرة اجهزت على عمره وقلبه المتعب حيث وجد هاتف شقته في مجمع الصالحية مدين للدولة بسبعة ملايين دينار كاجور اتصالات خارجية رغم انه كان في خارج القطر ولايتصل باحد في الخارج من داخل العراق.. وقد حاول ان يسوي المشكلة مع دائرة الهاتف فلم يستطع ثم التقى بوزير المواصلات ووزير الاعلام كي يحلا مشكلته لكن دون جدوى فعاش كآبة وحيرة ووحدة اصابته بجلطة في الدماغ اودت بحياته في شهر آب من عام 2000 .
علي المسعود
المملكة المتحدة
2036 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع